الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبركة هذا خلاف بركة خان الخوارزمي، أحد ملوك الخوارزمية، الذي قتل في المعركة التي كانت بينه وبين الملك المنصور صاحب حمص، ولؤلؤ نائب السلطنة بحلب. وحمل رأسه إلى حلب في سنة أربع وأربعين وستمائة، ولم نذكر بركة هذا؛ لأن وفاته تقدمت على شرط تاريخنا، رحمه الله تعالى وعفا عنه.
رفيق برقوق
بركة بن عبد الله الجوباني اليلبغاوي، الأمير زين الدين، رفيق الملك الظاهر برقوق وجخداشه ثم غريمه.
كان تركي الجنس، جلبه خواجا جوبان من بلاده إلى الديار المصرية، فاشتراه الأمير يلبغا الخاصكي العمري، وجعله من جملة مماليكه إلى أن قتل وشتت مماليكه.
كان بركة هذا هو برقوق ممن أخرج إلى الشام، ووقع لهما خطوب إلى أن ضرب الدهر ضرباته، وصار بركة أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر بعد قتل الملك الأشرف شعبان بن حسين، ثم صار أمير مجلس بعد فرار أينبك البدري. ثم اتفق مع برقوق على قبض الأمير طشتمر الدوادار، وصارا من بعده هما صاحبا العقد والحل في الديار المصرية.
وتولى برقو الأتابكية، وبركة هذا رأس نوبة الأمراء - وهذه الوظيفة مفقودة الآن من الديار المصرية، وكانت هذه الوظيفة تعادل الأتابكية، وليها الأمير الكبير أيتمش البجاسي في سلطنة برقو الثانية مدة سنين، ثم وليها في الدولة الناصرية فرج الأمير نوروز الحافظي، ثم الأمير أقباي الحاجب مدة يسيرة، ومن ثم هي شاغرة إلى يومنا هذا -.
ولما استقر برقوق أتابكاً، وسكن الحدرة بباب السلسلة من الإصطبل السلطاني، وسكن بركة ببيت الأمير الكبير تجاه باب السلسلة. وعظم أمرهما، وداما على ذلك مدة طويلة إلى أن أمر الأمير بركة في سنة إحدى وثمانين
وسبعمائة بأن يعمل على قنطرة فم الخور، وقنطرة موردة الجبس سلاسل تمنع دخول المراكب إلى بركة الرطلي، ثم أرسل في أثناء السنة المذكورة الأمير سودون باشا إلى مكة؛ لإجراء الماء إلى عرفة، فقال بعض الشعراء في ذلك:
يا سادة فعلهم جميل
…
رمالهم في الورى وحاشه
سلسلتم البحر لا لذنب
…
وأرسلتم للحجاز باشه
قلت: لم يحصل للشاعر في آخر البيت الثاني تورية في باشه؛ لأن صوابه باشا بتفخيم الباء الموحدة، وبعدها ألف وشين معجمة مفتوحة والألف، بخلاف باشه، انتهى.
ودام الأمير بركة بالديار المصرية إلى أن وقع بينه وبين برقوق فتنة، أوجبت قتالهما، واستظهار برقوق على بركة، والقبض عليه، وإرساله إلى حبس الإسكندرية في سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة، ثم حسن ببال برقوق قتل بركة،
وعلم أنه ما دام بركة حياً لا يتم له ما يريده؛ فأرسل مرسوماً إلى نائب الإسكندرية غرس الدين خليل بن عرام بقتل بركة؛ فقتله في شهر رجب سنة اثنتين وثمانين وسبعمائة بالإسكندرية، ثم أرسل محضراً مكتتباً بأنه وجد ميتاً أو مات حتف أنفه وورد الخبر بذلك؛ فتحقق إخوة بركة ومماليكه ومماليكه أن المحضر محال، ولبسوا آلة الحرب، وركبوا على الأتابك برقوق بسوق الخيل - من تحت القلعة -؛ فأرسل برقوق يسألهم ما سبب ركوبهم؟ فقالوا: قتلك لبركة؛ فأنكر، وقال: ما قتله إلا ابن عرام، وأنكر كونه أرسل إليه مرسوماً. ثم أرسل برقوق الأمير يونس النوروزي - الذي صار بعد ذلك دواداراً - إلى ابن عرام يطلب منه المرسوم؛ فجد يونس في السير حتى سبق القاصد الذي توجه يطلبه ابن عرام؛ فأعطاه له، ثم جاءه الطلب، فقام من وقته، وسافر حتى وصل إلى القاهرة.
فلما وصل إلى البحر، ركبت مماليك بركة بسوق الخيل بآلة الحرب حتى وصل ابن عرام. فلما وقع بصرهم عليه، أخذته السيوف من كل جانب حتى صار منثراً بسوق الخيل، وذهب أثره، وسكنت الغوغاء، ومن ثم صار مثلاً بأفواه العامة خمول ابن عرام.
وكان الأمير بركة أميراً شجاعاً، مقداماً، مهاباً، كريماً، سليم الفطرة،