الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلاوون، ودام على ذلك إلى أن عاد الملك الناصر محمد إلى الملك ثانياً، فر مع من فر من الأمراء إلى غازان - ووقع ما سنذكره إن شاء الله تعالى في غير هذا الموضع -؛ فأقام هناك مدة، ثم قدم إلى الديار المصرية، وصار بها من جملة الأمراء إلى أن توفى بها سنة ثلاث وسبعمائة رحمه الله تعالى.
الركني
بكتمر بن عبد الله الركني، الأمير سيف الدين.
أنشأه الملك الظاهر برقوق، وأنعم عليه بإمرة عشرة، ثم طبلخاناه، ثم صار في الدولة الناصرية فرج أمير مائة ومقدم ألف، ثم نقل إلى إمرة مجلس، ثم إلى إمرة سلاح، ثم خلع في شوال سنة خمس وثمانمائة باستقراره رأس نوبة الأمراء - وهذه الوظيفة مفقودة الآن - واستقر عوضه في إمرة سلاح الأمير تمراز الناصري. واستمر على ذلك مدة، ثم أغطت رتبته، وتولى نيابة صفد عوضاً عن الأمير بكتمر
شلق
- الآتي ذكره - بعد انتقاله إلى نيابة طرابلس؛
وذلك في ذي الحجة سنة سبع وثمانمائة، وأظنه مات بها بعد ذلك بيسير، والله أعلم.
شلق
بكتمر بن عبد الله الظاهري، المعروف بكتمر شلق، الأمير سيف الدين.
أصله من مماليك الملك الظاهر برقوق ومن خاصكيته، ثم أنعم عليه بإمرة عشرة، ثم طبلخاناه إلى أن مات الظاهر برقوق، صار في دولة ابنه الملك الناصر فرج أمير مائة ومقدم ألف بديار مصر، ثم ولى نيابة صفد؛ فتوجه إليها وباشر نيابتها، ووقع له فيها أمور ووقائع مع الأمير شيخ المحمودي، ثم اصطلحا وتحالفا على الخروج عن طاعة الناصر فرج، وذلك في يوم الاثنين الحادي والعشرين من شهر رمضان سنة سبع وثمانمائة.
فكانت مدة الحرب بينهما اثنين وعشرين يوماً، وقتل بينهما خلائق.
واستمر بكتمر المذكور على نيابة صفد على طاعة السلطان إلى أن توجه
الأمير شيخ المذكور والأتابك يشبك الشعباني وقرا يوسف وغيرهم من الأمراء إلى الديار المصرية - وهي وقعة السعيدية -؛ فطرقه أيضاً الأمير يشبك بصفد، وحصل بينهما قتال شديد، ثم عاد يشبك عن صفد بغير طائل.
ولما حصل للأمراء ما حصل، وتشتت شملهم بعد وقعة السعيدية، نقل بكتمر هذا إلى نيابة طرابلس - عوضاً عن الأمير شيخ السليماني - وولى عوضه صفد الأمير بكتمر الركني - المقدم ذكره -؛ فدخلها، وباشر نيابتها إلى شهر جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانمائة قصده الأمير شيخ المحمودي والأمير نوروز الحافظي، وهو نازل على حمص؛ ففر بكتمر منهما؛ فتوجها إلى طرابلس، واستوليا عليها.
فلما كان الصلح بين الناصر فرج وبين أمرائه، استقر الأمير شيخ في نيابة دمشق، وأنعم بطرابلس على الأمير جكم مضافاً إلى حلب. وكتب إلى الأمير نوروز بالتوجه إلى القدس بطالاً، ورسم للأمير بكتمر شلق هذا بأن يكون أتابك دمشق؛ فدام في أتابكية دمشق إلى أن فر الأمير نوروز، نقل إلى نيابة صفد ثانياً بأمر الأمير جكم من عوض نائب حلب، بعد أن تسلطن جكم بحلب، وسمى نفسه بالملك العادل، وذلك في رابع شوال سنة تسع وثمانمائة، فلم يقم فيها إلا مدة يسيرة، وقدم عليه الأمير شيخ المحمودي فاراً من الأمير نوروز، وأخذ مدينة صفد منه؛ فتوجه بكتمر المذكور إلى القاهرة،
فأنعم عليه السلطان بإمرة مائة وتقدمة ألف بها.
ولما توجه الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية كان الأمير بكتمر هذا صحبته، وولاه نيابة طرابلس ثانياً، وجعله نائب الغيبة بدمشق إلى أن يعود إليها نائبها الأمير نوروز الحافظي؛ فطرقه الأمير شيخ المحمودي بغتة ومعه الأمير يشبك الشعباني والأمير جاركس القاسمي المصارع، وأجلاه عن دمشق؛ فتوجه بكتمر إلى بعلبك؛ فوافاه الأمير نوروز ببعلبك؛ فقوى أمر بكتمر. وكان قد خرج في إثر بكتمر من دمشق الأمير يشبك والأمير جركس؛ فلما ورد خبرهما على بكتمر خرج إليهما الأمير نوروز بمن معه، والتقى معهما؛ فكان بينهم وقعة قتل فيها الأتابك يشبك الشعباني وجاركس القاسمي المصارع - حسبما سنذكره في ترجمتهما إن شاء الله تعالى -.
ثم توجه بكتمر إلى طرابلس وتولى يشبك بن أزدمر نيابة حماة.
ودام بكتمر في نيابة طرابلس إلى أن اصطلح الأمير نوروز الحافظي مع الأمير شيخ المحمودي على القبض على بكتمر المذكور، وقبض عليه، وقيد؛ وتوجه به إلى قلعة دمشق؛ فسجن بها في يوم الخميس سابع شهر رجب سنة عشرة وثمانمائة، ثم أفرج عنه لما اصطلح السلطان مع الأمير شيخ، وأعاده إلى نيابة دمشق، وأخلع على بكتمر المذكور أيضاً بإعادته إلى نيابة طرابلس؛
فباشر نيابتها مدة، ووقع بينه وبين نوروز الحافظي وقعة عند توجهه إلى مدينة صفد، ثم سار الأمير بكتمر وصحبته الأمير جانم إلى غزة، ونزح عنها الأمير سودون تلي المحمدي - وكان بها من قبل نوروز - ثم عاد إلى محل كفالته، واستمر إلى أن توجه الملك الناصر فرج إلى البلاد الشامية، ووصل إلى دمشق، وقدم عليه الأمير بكتمر هذا، وأخلع عليه الملك الناصر، واستقر به في نيابة دمشق، عوضاً عن الأمير شيخ المحمودي، وذلك في عشرين شهر ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وثمانمائة.
ثم توجه السلطان في أثر الأمراء إلى أن وصل إلى قلعة صرخد وحصرهم بها، ثم اصطلحا على أن يكون بكتمر في نيابة دمشق، والأمير شيخ في نيابة طرابلس. وعاد السلطان إلى دمشق، وعقد بكتمر على ابنته بحضرته وحضرة أعيان الدولة؛ فعظم بكتمر بصهارة الملك الناصر.
ثم سار السلطان يريد القاهرة، واستمر بكتمر في نيابة دمشق إلى شهر جمادى الأولى من السنة؛ طرقه الأمير شيخ، واستولى على دمشق، وفر بكتمر إلى صفد، ثم إلى القاهرة، وصحبته من الأمراء الأمير بردبك نائب حماة، والأمير نكباي حاجب حجاب دمشق، والأمير ألطنبغا العثماني، والأمير يشبك الموساوي الأفقم نائب غزة؛ فخرج الملك الناصر إلى تلقيهم، ودخل بهم من باب النصر، وشق القاهرة، وأنعم على الأمير بكتمر بإمرة مائة وتقدمة ألف، وجعله رأس الميسرة، ودام بالقاهرة إلى أن زفت إليه بنت السلطان الملك الناصر فرج في المحرم سنة ثلاث عشرة وثمانمائة.
ثم توجه الملك الناصر إلى البلاد الشامية، وأخلع عليه أيضاً بنيابة دمشق ثانياً، وحصر السلطان الأمراء بالكرك، وطال الأمر في ذلك إلى أن مشى القوم في الصلح؛ فطلب الأمراء من الملك الناصر عدم ولاية بكتمر لدمشق وقالوا: لا يكون بكتمر في نيابة دمشق ونحن في غيرها؛ فإن كان ولا بد؛ فيكون الأمير الكبير تغري بردى - يعني والدي -. فاستقر والدي في نيابة دمشق على كره منه، واستقر الأمير شيخ في نيابة حلب، والأمير نوروز في نيابة طرابلس.
وعاد السلطان إلى القاهرة ومعه الأمير بكتمر المذكور، ودام بها إلى أن تجرد السلطان إلى البلاد الشامية في سنة أربع عشرة وثمانمائة، وجعل بكتمر المذكور جاليشاً، وصحبته عدة من أعيان الأمراء. فلما وصلوا إلى دمشق توجهوا الجميع - يعني بكتمر ورفقته - إلى جهة الأميرين نوروز وشيخ، واستمروا من حزبهما إلى أن انكسر الملك الناصر فرج وقتل، وصار الأمر للخليفة ومدبر المماليك الأمير شيخ المحمودي؛ فكان بكتمر هذا معه كالقسيم في تدبير الممالك؛ فلم تطل أيامه بالقاهرة، ومات بعد مرض طويل في ثامن جمادى الآخرة سنة خمس عشرة وثمانمائة، وخلا الجو بموته للأمير شيخ، وتسلطن بعد ذلك بمدة.