الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قام بالقاهرة إلى أن توفى بعد مرض يسير في شهر صفر سنة اثنتين وخمسين وثمانمائة، وسنه نيف على السبعين، وخلف مالاً جزيلاً وعدة أملاك.
وكان تركي الجنس، متوسط القد، خفيف اللحية، مسيكاً، إلا أنه كان عفيفاً عن القاذورات، ويشارك في بعض مسائل، ويذاكر بالتاريخ مذاكرة هينة، رحمه الله تعالى.
الأفرم، نائب الشام
آقوش بن عبد الله الدواداري المنصوري، الأمير جمال الدين، المعروف بالأفرم - وهو غير الأفرم صاحب الرباط والأموال -.
قال الشيخ صلاح الدين: نقل الأفرم من مصر إلى الشام أميراً بها قبل النيابة،
وأقام بها مدة في لهو وأنس وطرب. فلما كانت أيام العادل كتبغا، وتقدم لاجين وصار نائب مصر، اشتد عضد الأفرم به؛ لأنهما كانا ابني خالة، وكانا جراكسة، ثم قال: أخبرني القاضي شهاب الدين بن فضل الله، قال: الأفرم من مماليك المنصور قلاوون، جركسي الأصل، وكان من السلاحدارية. وهو من أكابر البرجية، وكان مغرى بالنشاب والعلاج والصراع واللكام والثقاف.
وتأمر وهو على هذا. وكان محباً للصيد لا يكاد يصبر عنه، وكان واسع السماط، قليل العطاء، وكان فقيرا أكثر ما ملك سبعة آلاف دينار. انتهى كلام الشيخ صلاح الدين الصفدي باختصار.
وكان في نيابته بدمشق يسكن بقصرها الأبلق، وأنشأ بدمشق
- بالصالحية - جامعه المشهور، وجدد ما خرب من جامع العقيبة. وله بدمشق محاسن ومآثر.
وكان عنده ظرف وأدب، وكان ينادم الشيخ صدر الدين بن الوكيل، والشيخ بدر الدين بن العطار، والملك الكامل، وكان قد عظم في نيابته بدمشق لا سيما في دولة الملك بيبرس الجاشنكير، حتى إنه كان يكتب تواقيع بوظائف وإقطاعات ويبعثها إلى ديار مصر؛ ليعلم السلطان عليها، وأشياء من هذا النمط، وأقام على ذلك إلى أن عاد الملك الناصر محمد بن قلاوون، قبض عليه وبعثه إلى صرخد بطالاً، فكتب إليه الشيخ صدر الدين بن الوكيل أبياتاً منها:
أيا جيرةً بالقصر كان لهم مغنىً
…
رحلتم فعاد القصر لفظاً بلا معنى
وأظلم لما غاب نور جماله
…
وقد كان من شمس الضحى نوره أسنى
وبعث صحبة الرسول حامل الأبيات حلوى وفاكهة، وكان خارجاً للصيد، فقال للخازندار: كم معك؟ فقال: ألف درهم، فقال: ما تكفى الشيخ يا صبيان، أقرضوني حوائصكم فأخذها - وهي عشرون حياصة ذهباً - وجهزها قرين الدراهم. ثم ولاه الملك الناصر نيابة طرابلس في سنة إحدى عشرة وسبعمائة، فأقام بها ستة أشهر، وخاف من الملك الناصر؛ فتسحب هو والأمير قراسنقر المنصوري نائب حلب، ولما اتفق مع قراسنقر وخرجا بمن مهما جهة المشرق بكى الأفرم، وأنشد قوله:
سيذكرني قومي إذا جد جدهم
…
وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
فقال له قراسنقر: امش بلا فشار، تبكي عليهم ولا يبكون عليك فقال الأفرم: والله ما بي إلا فراق ابني موسى فقال له قراسنقر: أي بغاية بصقت في رحمها جاء منه موسى وإبراهيم وعدد أسماء كثيرة، وتوجها فلحقا بخرابند ابن أرغون بن أبغا بن هولاكو ملك التتار، فتلقاهما بالإكرام، وصرف كل منهما في جهة من بلاده. وطالت مدتهما في تلك البلاد سنين، وأقطعه خرابند همذان إلى أن توفى بالفالج في سنة عشرين وسبعمائة، وقيل في سنة ست عشرة وسبعمائة.
وتوفيت زوجته بنت الأمير أيدمر الزرد كاش بعده بمدة يسيرة رحمه الله.
قال الصفدي: وكان أميراً شجاعاً، جواداً سخياً، ذا رأي وتدبير، محباً لأهل العلم يحب مجالستهم، حسن المحاضرة، يحب الأدب، مدحه جماعة من شعراء عصره بغرر القصائد، وكان يجيز عليها بالجوائز السنية، وكان منقاداً للشريعة، له آثار حسنة.