الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القرمشي الأتابكي
ألطنبغا بن عبد الله القرمشي الظاهري الأتابكي، الأمير علاء الدين. هو من مماليك الملك الظاهر برقوق، وتقلب مع الأمير شيخ المحمودي بالبلاد الشامية في أيام تلك الفتن، وصار من جملة أمراء دمشق لما ولى نيابتها الأمير شيخ المذكور ثم صار حاجب الحجاب بحلب لما وليها أيضاً الأمير شيخ، واستمر ملازماً للأمير شيخ إلى أن تسلطن ولقب بالملك المؤيد جعله أمير مائة ومقدم ألف بالديار المصرية، ثم ولاه الأمير آخورية، بعد انتقال الأمير قاني باي المحمدي منها إلى نيابة دمشق، فاستمر على ذلك مدة إلى أن استقر أتابك العساكر بالديار المصرية، بعد الأمير ألطنبغا العثماني، بحكم انتقال العثماني إلى نيابة دمشق، بعد خروج نائبها قانباي المحمدي عن الطاعة، وذلك في سنة عشرين وثمانمائة.
وعظم ألطنبغا القرمشي هذا في الدولة، وضخم، وصار له حرمة وافرة وأبهة زائدة، وأقام على ذلك إلى سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة، ندبه الملك المؤيد إلى التوجه إلى البلاد الشامية، مقدماً على العساكر المجردين إليها؛ فخرج من القاهرة في عدة من الأمراء مقدمي الألوف، وهم:
الأمير طوغان أمير آخور، والأمير ألطنبغا من عبد الواحد رأس نوبة النوب المعروفة بالصغير، والأمير أزدمر الناصري، والأمير جلبان، الذي هو الآن نائب دمشق، والأمير سودن اللكاشي.
وأسر المؤيد إلى الأمير ألطنبغا بالقبض على الأمير يشبك اليوسفي نائب حلب، عند وصوله إلى حلب - على ما قيل - وتوجهت العساكر إلى حيث قصدهم، ودخلوا حلب في سنة أربع وعشرين، وأقاموا بها، فاستوحش الأمير يشبك نائب حلب منهم في الباطن، ولم يجسروا عليه. فبينما هم كذلك، إذ ورد عليهم الخبر بموت الملك المؤيد، واضطربت الأمراء المجردون؛ فعزم الأمير الكبير ألطنبغا القرمشي على العود إلى الديار المصرية، وبرز بمن معه إلى ظاهر حلب، وخرجوا من باب المقام، وبلغ ذلك يشبك نائب حلب - وكان لم
يخرج لتوديعهم - فلبس آلة الحرب، وركب في إثرهم بعسكره، فأدركهم بالسعدي.
فلما رآه الأمراء المصريون، رجعوا عليه، وتقاتلوا معه ساعة، فانكسر يشبك، وقطع رأسه في الوقت، وعاد الأمير ألطنبغا القرمشي بمن معه من الأمراء إلى حلب، ونزل بدار السعادة. ومن غريب ما اتفق أن الأمير يشبك المذكور، كان قد أخر سماط الغذاء حتى يعود من قتاله ويأكله، فقتل ودخل القرمشي بمن معه، ومد السماط بين أيديهم، فأكلوه.
واستمر القرمشي بحلب إلى أن ولى نيابة حلب للأمير ألطنبغا الصغير وعاد إلى دمشق، واتفق مع الأمير جقمق الأرغون شاوي نائب دمشق على قتال الأمراء المصريين؛ لمخالفتهم لما أوصى به الملك المؤيد قبل موته. وكانت وصية المؤيد: أن يكون ابنه المظفر أحمد سلطاناً، وأن يكون الأمير ألطنبغا القرمشي هذا هو المتحدث في المملكة، فخالف ذلك الأمير ططر، وصار هو المتحدث، وأخذ وأعطى،
وأخرج إقطاعات الأمراء المجردين صحبة الأمير ألطنبغا القرمشي، وتجرد بالملك المظفر إلى جهة البلاد الشامية، ثم وقع بين القرمشي وبين جقمق نائب الشام وحشة، ولبس كل منهما وتقاتلا ساعة، وانكسر جقمق، وتوجه منهزماً إلى قلعة صرخد، ودام القرمشي بدمشق، إلى أن قارب الأمير ططر، والسلطان الملك المظفر دمشق خرج القرمشي إلى لقاء السلطان وخلع عليه وعاد في خدمة السلطان إلى دمشق، ودخلوها في شهر جمادى الأولى من سنة أربع وعشرين وثمانمائة، وطلع الأمراء صحبة السلطان إلى قلعة دمشق؛ فعند ذلك أمر الأمير ططر بالقبض على الأمير ألطنبغا القرمشي صاحب الترجمة؛ فقبض عليه وعلى جماعة من الأمراء ممن كان مع القرمشي، وكان ذلك آخر العهد به، وقتل في الشهر المذكور، وصلى عليه، ودفن بتربة الأمير ألطنبغا الجوباني - المتقدم ذكره - في باب المصلى. وكان أميراً جليلاً محترماً، وقوراً ساكناً، عاقلاً، مقرباً عند الملك المؤيد شيخ إلى الغاية، وكان يسلك في أتابكيته طريق السلف من