الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن رجع الشهود في الطلاق البائن وما ماثله:
إذا شهد شاهدان بطلاق بائن، سواء أكان بعوض "خلعا" أم بثلاث، أم قبل الدخول، وشهدا بالرضاع الذي يثبت تحريم الزواج، أو شهدا باللعان، أو نحو ذلك مما يترتب عليه البينونة كالتفريق بين الزوجين بالعيوب1، وفرق القاضي بين الزوجين بناء على شهادة الشهود، ثم رجع الشاهدان عن شهادتهما فإن الشافعية يرون نفاذ الفراق، وعللوا لهذا بأن قول الشاهدين في الرجوع محتمل للصدق والكذب، فلا يرد الحكم بقول محتمل للصدق والكذب.
ويلزم الشهود الراجعون عن الشهادة بمهر المثل للزوج2، حتى لو كان الفراق قبل الوطء، ويوجد قول آخر للإمام الشافعي بأنه إذا كان القاضي حكم بالفراق قبل الوطء، وجب على الشهود الراجعين نصف مهر المثل؛ لأن نصف
1 يرى جمهور العلماء حق التفريق بين الزوجين بالعيوب فإذا كان الزوج مثلا لا يعلم بأن الزوجة مجنونة أو مجذومة أو برصاء، أو رتقاء أو قرناء، ثم عقد عليها ولم يحدث منه رضا بالعيب فله حق التفريق ولا يتحمل نصف المهر قبل الدخول.
2 مهر المثل هو المهر الذي يدفع عادة لمثل هذه الزوجة.
المهر فقط هو الذي فات على الزوج.
وأما الرأي الأول -وهو الأقوى عند الشافعية- فقد نظر إلى بدل ما فوته الشهود على الزوج؛ لأن النظر في الإتلاف إلى الشيء الذي أتلف1.
إذا رجع الشهود ضمنوا المال:
إذا شهد شاهدان بمال، فقضى به القاضي، وأخذه المدعي، ثم رجع الشاهدان في شهادتهما، ضمناه للمشهود عليه، لوجوب التسبب على وجه التعدي وهذا يوجب الضمان.
فإن رجع أحد الشاهدين فقط ضمن نصف المال المحكوم به، ولو كان الشهود ثلاثة فرجع واحد منهم فقط فلا شيء عليه؛ لأن شهادة الاثنين الباقيين على شهادتهما يثبت بها جميع الحق، فإن رجع واحد آخر ضمنا نصف المال.
وإن كان الشهود رجلا وامرأتين فرجعت واحدة فعليها ربع المال، وإن
1 هنا يمن أن يعترض على الشافعية بأنهم قالوا في مسألة مشابهة بحكم مخالف للرأي القوي عندهم في مسألة رجوع الشهود في الطلاق البائن وما ماثله، فلو كان رجل متزوجا من امرأة بالغة وعقد أيضا على طفلة صغيرة في سن الرضاع، فإن هذا العقد صحيح لكن لا يتمتع بها إلا إذا بلغت سنا تصلح فيه للاستمتاع، فلو حدث أن أرضعت زوجته الكبيرة زوجته الصغيرة فإنه يلزم الكبيرة نصف مهر المثل فقط، فلماذا لم يقل الشافعية بأن الأصح في مسألة رجوع الشهود وجوب نصف مهر المثل فقط وليس مهر المثل كاملا؟
وقد أجاب الشافعية عن هذا الاعتراض بأن فرقة الرضاع حقيقة، فلا توجب إلا النصف كالمفارقة بالطلاق، أما في مسألة رجوع الشهود فإن الزواج باق في رأي الزوج والشهود، لكن الشهود بشهادتهم قد حالوا بين الزوج والبضع، فلزم أن يغرموا قيمته، كالغاصب الذي حال بين المالك والشيء المغصوب.
مغني المحتاج، ج4، ص458.