الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أركان الإقرار، وشروط المقر
…
أركان الإقرار:
للإقرار أربعة أركان:
1-
مقر.
1-
مقر له.
3-
مقر به.
4-
صيغة.
شروط المقر:
اشترط العلماء في المقر ثلاثة شروط:
الشرط الأول: البلوغ، فلا يصح إقرار الصبي ولو كان مراهقا أي: قارب البلوغ؛ لأن أقوال الصبي وأفعاله لاغية، إلا في العبادة من الصبي المميز، كالصلاة والحج فإنها صحيحة.
ولا يؤخذ الصبي بعد بلوغه بشيء أقر به حال صباه إلا إذا أقرب به ثانيا بعد بلوغه. وصرح العلماء بأن الصبي لا يصح إقراره حتى لو أذن له وليه في الإقرار.
ويرى فقهاء الحنفية أن الصبي إذا أذن له وليه في التجارة صح إقراره بالمال، وعللوا هذا بأنه من ضرورات التجارة؛ لأنه لو لم يصح إقراره لا يعامله أحد.
وقالوا إنه يدخل في الإذن كل ما كان طريقه التجارة، كالدين، والوديعة، والعارية، والمضاربة، والغصب، فيصح إقراره بها، فيلحق الصبي المأذون له بالتجارة بالبالغ في هذه الأمور؛ لأن الإذن يدل على عقله، فلو لم يكن عاقلا لما أذن له وليه، بخلاف ما ليس من باب التجارة، كالمهر، والجناية، والكفالة، فلا يصح إقراره بها؛ لأن التجارة مبادلة المال بالمال، والمهر مبادلة مال بغير مال، والجناية ليست بمبادلة شيء، والكفالة تبرع ابتداء فلا تدخل تحت الإذن1.
الشرط الثاني: من شروط الإقرار: العقل، فلا يصح الإقرار من المجنون، والمغمى عليه، والذي زال عقله بعذر، كشرب دواء لم يكن يعلم أنه مسكر، أو أكره على شرب الخمر.
1 تكملة حاشية ابن عابدين، ج8، ص103.
إقرار السكران المتعدي بسكره:
واختلف العلماء في إقرار السكران الذي تعدي بسكره على رأيين:
الرأي الأول: يرى جمهور فقهاء الشافعية أنه يصح الإقرار منه، حتى لو كان السكر طافحًا عليه بحيث يسقط كالمغمى عليه، مع أنه عندهم غير مكلف في هذه الحالة، فالإقرار منه صحيح عندهم كبقية تصرفاته له وعليه.
وقد عللوا رأيه هذا بالتغليظ عليه؛ لأنه ارتكب معصية بإزالة عقلة، فجعل كأنه لم يزل1.
الرأي الثاني: يرى فريق آخر من العلماء أنه لا يصح الإقرار من السكران، وهذا الرأي يراه الإمام أحمد بن حنبل في قوله الأخير، بعد أن كان يفتي بنفوذ طلاقه، ويراه من الحنفية الطحاوي، والكرخي، وحكي عن أبي يوسف، وزفر، ويراه من الشافعية المزني، وابن سريح، وجماعة ممن اتبعهما، واختاره الجويني، ويرى ابن قيم الجوزية أن الصحيح أنه لا عبرة بأقوال السكران، من طلاق، ولا عتاق، ولا بيع، ولا هبة، ولا وقف، ولا إسلام، ولا ردة، ولا إقرار، وقد استدل لهذا الرأي بعدة أدلة منها:
أولا: قول الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} .
1 مغني المحتاج، ج3، ص279، وحاشية الباجوري على شرح ابن قاسم مبحث الإقرار، ص204.
ثانيا: أمر النبي صلى الله عليه وسلم باستنكاه1 ماعز لما أقر بالزنا بين يديه.
ثالثا: فتوى عثمان، وابن عباس بأن السكران لا يقع طلاقه، ولم يخالفهما أحد من الصحابة.
رابعا: القياس على من زال عقله بدواء، أو بنج، أو مسكر بعذر.
خامسا: السكران لا قصد له، فهو أولى بعدم المؤاخذة ممن جرى اللفظ على لسانه من غير قصد له2.
الشرط الثالث من شروط الإقرار: الاختيار، فلا يصح إقرار المكره بما أكره عليه، قال تبارك وتعالى:{إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} فقد جعل الله عز وجل الإكراه مسقطا لحكم الكفر، فيكون ما عداه أولى.
لكن لو أقر المكره بغير ما أكره عليه فإقراره صحيح؛ لأنه حينئذ غير مكره.
صورة إقرار المكره:
صورة إقرار المكره أن يسأله القاضي أو الحاكم عن المدعى به فيجيب بالنفي، فيضرب ليقر، فإذا أقر حينئذ فإن إقراره غير صحيح.
وأما لو سئل المدعى عليه عن المدعى به فسكت ولم يجب بشيء لا إثباتا ولا نفيا، أي: لم يقل: نعم عندي، ولا ليس عندي، فضرب بأمر القاضي ليصدق في
1 أي: شم ريح فمه.
2 إعلام الموقعين، لابن قيم الجوزية، ج4، ص47.
القضية ويأتي بأحد الشيئين: أي: عندي، أو ليس عندي، فمتى أجاب بشيء ولو نفيا لم يتعرض له، فإن بعض فقهاء الشافعية يرى أنه لو أقر حينئذ صح إقراره، وعلل لهذا الرأي بأنه حينئذ ليس مكرها؛ لأن المكره من أكره على شيء واحد، وهذا إنما ضرب لكي يصدق، أي: يقول الصدق، بأن يقول: نعم عندي أو يقول: ليس عندي، والصدق ليس منحصرا في الإقرار.
لكن مع هذا فإن صاحب هذا الرأي يرى كراهة إلزامه بالإقرار الذي حدث منه، حتى يراجع ويقر ثانيا.
وواضح للقارئ أن فرض المسألة أن المضروب لو أجاب ولو بنفي ما ادعي به عليه ترك وشأنه، وهذا هو فرض المسألة، لكن من المستبعد أن يكون ما يحدث هو هذه الصورة، وإنما الذي يحدث عادة هو أنه يضرب المتهم ليقر بالحق، ويريد من يضربونه بذلك أن يقر بما ادعاه خصمه عليه، قال الأذرعي أحد فقهاء الشافعية: الصواب فيما لو ضرب ليقر بالحق ويراد بذلك الإقرار بما ادعاه خصمه أنه إكراه، سواء أقر في حال ضربه أو بعده، وعلم أنه لو لم يقر لضرب ثانيا.
وقد صرح بعض الفقهاء بأن الضرب في الصورتين السابقتين حرام، أي: سواء أكان قد ضرب ليصدق في القضية فمتى أجاب بشيء ولو نفيا لم يتعرض له، أم كان قد ضرب ليقر بما ادعاه خصمه عليه، فيحرم ضربه في الصورتين خلافا لم توهم من الفقهاء أنه حلال إذا ضرب ليصدق في القضية، وصرح بعض العلماء بأن الضرب حرام حتى لو كان ضربا خفيفًا1.
لو ادعى بعد الإقرار أنه كان مكرها:
لو أقر المدعى عليه لكنه ادعى بعد الإقرار أنه كان مكرها ساعة الإقرار، فإما أن يكون هناك قرينة دالة على صدقه في دعواه الإكراه أم لا، فإن كان هناك قرينة تدل على صدقه كما لو كان قد حبس قبل الإقرار، فإنه يصدق بيمينه، فإذا حلف على ما ادعاه من الإكراه سقط الإقرار، وأما إذا لم تكن هناك قرينة تدل على صدقه فلا اعتبار بادعائه الإكراه في إقراره.
لو تعارض الشهود في إكراهه واختياره:
لو شهد شهود أنه أكره في إقراره، وشهد آخرون أنه كان مختارا فيه، قدمت شهادة من يشهد بالإكراه؛ لأن الذي يشهد بالإكراه معه زيادة علم.
1 حاشية الجمل على شرح المنهج لزكريا الأنصاري، ج3، ص430، وحاشية الباجوري على شرح ابن قاسم، بحث الإقرار، ص205.