المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشرط الثالث عشر: عند بعض العلماء - النظام القضائي في الفقه الإسلامي

[محمد رأفت عثمان]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌تقديم البحث

- ‌التعريف بالقضاء:

- ‌مشروعية القضاء:

- ‌حكم قبول القضاء

- ‌مدخل

- ‌حكم طلب القضاء:

- ‌القضاء عند العرب قبل الإسلام:

- ‌حكام اشتهروا في الجاهلية:

- ‌القضاء في عصر الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌مدخل

- ‌الدليل على أن الرسول كان يقضي في القضايا بنفسه:

- ‌كان منصب القضاء في عهد الرسول، يضاف إلى منصب الولاية العامة:

- ‌مرجع من يقوم بالقضاء:

- ‌القضاء في عصر الخلفاء الراشدين

- ‌مدخل

- ‌عمر أول من أنشأ بيت مال المسلمين:

- ‌الدائرة القضائية للقضاة أيام الخلفاء الراشدين:

- ‌طريقة اختيار القضاة:

- ‌مرجع القاضي في أحكامه:

- ‌اختيار القضاة، ووظيفة قاضي القضاة

- ‌مدخل

- ‌اختصاصات القاضي:

- ‌التحكيم:

- ‌رجوع أحد الخصمين عن التحكيم:

- ‌ما يجوز التحكيم فيه وما لا يجوز:

- ‌التحكيم في حد القذف والقصاص:

- ‌التحكيم بحل مشكلة المسلمين في البلاد غير الإسلامية

- ‌حكم الهدية للقاضي:

- ‌جعل أجر للقاضي من الخزانة العامة للدولة:

- ‌حق التقاضي مكفول للجميع:

- ‌الفصل الأول: شروط الصلاحية للقضاء وعزل القاضي وانعزاله

- ‌المبحث الأول: شروط الصلاحية للقضاء

- ‌الشرط الأول: الإسلام

- ‌الشرط الثاني: البلوغ

- ‌الشرط الثالث: من شروط القاضي العقل

- ‌الشرط الرابع: الحرية

- ‌الشرط الخامس: الذكورة

- ‌مدخل

- ‌مدى توافق رأي الحنفية في قضاء المرأة مع رأيهم في أثر النهي:

- ‌رأي ابن جرير الطبري:

- ‌تحديد الآراء:

- ‌الشرط السادس من شروط القاضي: العدالة

- ‌توضيح معنى العدالة عند العلماء

- ‌معنى التقوى:

- ‌الشرط السابع من شروط القاضي السمع:

- ‌الشرط الثامن البصر:

- ‌الشرط التاسع النطق:

- ‌الشرط العاشر الكفاية:

- ‌الشرط الحادي عشر الاجتهاد:

- ‌الشرط الثاني عشر: عند بعض العلماء

- ‌الشرط الثالث عشر: عند بعض العلماء

- ‌المبحث الثاني: عزل القاضي وانعزاله

- ‌مدخل

- ‌ما يراه العلماء فيما إذا كانت صفة العدالة تتوافر في القاضي ثم ارتكب ما يخل بالعدالة، وتوجيه كل رأي:

- ‌عزل رئيس الدولة للقضاة:

- ‌الفصل الثاني: الدعوى ونظام الفصل فيها

- ‌بيان معنى الدعوى، والفرق بينها وبين الإقرار والشهادة

- ‌مدخل

- ‌معنى المدعي والمدعى عليه:

- ‌حكم الدعوى:

- ‌شروط صحة الحكم في الدعوى

- ‌الشرط الأول: عند بعض العلماء حضور الخصم المدعي عليه

- ‌آراء العلماء في القضاء على الغائب

- ‌أدلة القائلين بجواز الحكم على الغائب:

- ‌أدلة المانعين للحكم على الغائب:

- ‌اضطراب فقهاء الحنفية في مسائل الحكم على الغائب:

- ‌شروط القضاء على الغائب عند القائلين به:

- ‌الشرط الثاني من شروط صحة الحكم في الدعوى:

- ‌الشرط الثالث من شروط صحة الحكم في الدعوى:

- ‌الشرط الرابع عند بعض الحنفية:

- ‌الشرط الخامس من شروط صحة الحكم في الدعوى:

- ‌الشرط السادس، الشرط السابع، الشرطب الثامن: كونها ملزمة: أن تكون في مجلس القضاء: أن تكون بلسان المدعي أو وكيله

- ‌الشرط التاسع، الشرط العاشر، الشرط الحادي عشر: الشرط الثاني عشر: أن لا تكون بنذر لمخلوق: تعيين المدعي عليه: أن لا يكون المدعي أو المدعي عليه حربيا أن تكون الدعوى محققة

- ‌الشرط الثالث عشر: أن تكون الدعوى محققة

- ‌حكم الوكالة في الدعوى: تجوز بعوض وبغير عوض

- ‌اختلاف العلماء فيما لو اتفقا على أجرة إذا كسب القضية

- ‌هل يسقط الحق بتقادم الزمان

- ‌نظام الفصل في الدعوى

- ‌خطاب عمر لأبي موسى الأشعري

- ‌أدلة الأراء

- ‌مدخل

- ‌يكفي في اليمين الحلف بالله، أو صفة من صفاته:

- ‌تغليظ الحلف بالمكان والزمان:

- ‌أقسام حقوق الآدميين:

- ‌الفصل الثالث: وسائل الإثبات

- ‌مدخل

- ‌الوسيلة الأولى: الإقرار

- ‌معنى الإقرار

- ‌الفر ق بين الإقرار والشهادة والدعوى

- ‌أدلة اعتبار الإقرار:

- ‌أركان الإقرار، وشروط المقر

- ‌ما يراه ابن تيمية وابن القيم في ضرب المتهم أو حبسه حتى يقر:

- ‌شروط المقر له:

- ‌شرط المقر به

- ‌هل يشتطر أن يكون المقر به معلوما

- ‌الرجوع عن الإقرار:

- ‌هروب المقر أثناء تنفيذ الحد:

- ‌الفرق في الرجوع بين حق الله وحق الإنسان:

- ‌الوسيلة الثانية من وسائل الإثبات: البينة

- ‌مدخل

- ‌تعريف الشهادة عند الفقهاء

- ‌مدخل

- ‌حكم الشهادة:

- ‌هل يشترط لفظ الشهادة عند الأداء:

- ‌شهادة غير المسلمين بعضهم على بعض:

- ‌شهادة غير المسلمين على المسلمين في الوصية حال السفر:

- ‌الخلاف في شهادة الصبيان على بعض في الجراحات التي تحدث بينهم

- ‌مدخل

- ‌معنى العدل باطنا وظاهرا:

- ‌هل لا بد من التفسير في الجرح:

- ‌لا يقبل جرح الشهود من الخصم، رأي الحنفية في اشتراط عدالة الشاهد

- ‌هل تقبل شهادة الفاسق إذا تاب

- ‌شهادة الأب لابنه والعكس، شهادة أحد الزوجين للأخر

- ‌شهادة الأخ لأخيه:

- ‌شهادة العدو على عدوه:

- ‌هل يشترط البصر في أداء الشهادة:

- ‌مراتب الشهادة:

- ‌رأي المالكية في شهادة النساء بعضهن على بعض في الأعراس ومساكن الطالبات، ونحو ذلك:

- ‌هل يشترط العدد في انفراد النساء بالشهادة:

- ‌رجوع الشهود عن الشهادة

- ‌مدخل

- ‌إن رجع الشهود في الطلاق البائن وما ماثله:

- ‌تعارض البينتين من شخصين:

- ‌زيادة العدد في إحدى البينتين أو زيادة العدالة:

- ‌لو كان لأحد المدعيين شاهدان وللآخر شاهد ويمين:

- ‌الوسيلة الثالثة من وسائل الإثبات: نكول المدعى عليه عن اليمين:

- ‌الويسيلة الرابعة: يمين المدعي مع الشاهد

- ‌الوسيلة الخامسة من وسائل الإثبات: يمين المدعي إذا نكل المدعى عليه

- ‌الوسيلة السادسة: القسامة

- ‌تعريف القسامة عند العلماء

- ‌مدخل

- ‌ما يجب بالقسامة، من يبدأ بالحلف في القسامة

- ‌متى تجب القسامة

- ‌الوسيلة السابعة من وسائل الإثبات: القافة

- ‌الوسيلة الثامنة من وسائل الإثبات: القرينة القاطعة عند الجمهور

- ‌مدخل

- ‌تعريف القرينة:

- ‌أقسام القرينة من حيث دلالتها:

- ‌أقسام القرينة عند القانونيين:

- ‌آراء الفقهاء في حجية القرائن

- ‌مدخل

- ‌الرأي الراجح:

- ‌ما يشترط للعمل بالقرينة:

- ‌مجال القضاء بالقرائن:

- ‌آراء الفقهاء في العمل بالقرينة في الحدود:

- ‌آراء الفقهاء في العمل بالقرينة في القصاص:

- ‌عمل فقهاء المذاهب الأربعة بالحكم بالقرائن:

- ‌الوسيلة التاسعة من وسائل الإثبات: القرعة

- ‌الوسيلة العاشرة: فضاء القاضي بعلمه أو بخلاف علمه

- ‌الفصل الرابع: أصول في القضاء

- ‌الأصل الأول: العدل بين الخصمين

- ‌الأصل الثاني: البينة على المدعي واليمن على من انكر، الأصل الثالث: حكم القاضي لا يجرم حلالا ولا يحل حراما

- ‌الأصل الرابع: لا يقضي القاضي وهو غضبان

- ‌الأصل الخامس: لا يقبل القاضي هدية ممن له خصومة في الحال

- ‌الأصل السادس: لا يقضي القاضي لنفسه ولمن لا تقبل شهادته له

- ‌الأصل السابع: الحكم بالاجتهاد الثاني للقاضي

- ‌الأصل الثامن: جواز الطعن في الأحكام في بعض الأحوال

- ‌باب الفهارس:

الفصل: ‌الشرط الثالث عشر: عند بعض العلماء

‌الشرط الثالث عشر: عند بعض العلماء

أن لا يكون ميا لا يكتب:

يرى بعض العلماء أنه يشترط في القاضي أن يكون كاتبا. وهذا أحد الشروط المختلف فيها، فيرى بعض العلماء اشتراطه، فلا يصح أن يولى القضاء الأمي الذي لا يكتب وإن كان عالما عدلا، ويرى البعض الآخر أنه يصح أن يكون القاضي أميا لا يكتب.

دليل الرأي المجوز:

أما الرأي القائل بجواز أن يكون القاضي أميا، فقد علل ذلك بأنه مع كونه أميا فهو من أهل الاجتهاد والعدالة، وفقد الكتابة لا يؤثر فيه.

ص: 198

وأيضًا فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يكتب، وهو إمام الأئمة، وحاكم الحكام.

دليل الرأي المانع:

وأما الرأي القائل بعدم صحة تولية الأمي القضاء، فقد علل ذلك بأنه يحتاج إلى أن تقرأ عليه المحاضر والسجلات، ويقف على ما يكتب كاتبه، فإذا لم يكن كاتبا فربما غير عليه القارئ أو الكاتب.

وقد أجاب أصحاب هذا الرأي على قياس القاضي على النبي صلى الله عليه وسلم، بأن القياس لا يصح، لوجود الفارق بينهما، فإن عدم كون النبي صلى الله عليه وسلم كاتبا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، لكي يثبت أن القرآن العظيم الذي تحدى به الإنس والجن هو من عند الله تبارك وتعالى، وهو صلى الله عليه وسلم معصوم ولا يتحقق لغيره هذه الصفة.

وأيضًا فإن أصحابه -رضي الله تعالى عنهم- كانوا يتصفون بالعدالة والخيانة منهم مأمونة في الكتابة له، بل حتى لو فرضنا أنه كان يمكن لأحدهم أن يخون، فإن الله تبارك وتعالى يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك1.

هل يشترط أن يكون القاضي واحدا؟

صرح بعض العلماء بأنه يجب أن يكون القاضي واحدا، بمعنى أن لا يتولى القضاء قاضيان فأكثر على وجه الاشتراك، بحيث لا يكون من حق أحدهما أن ينفرد بالنظر في قضية ولا قبول بينة، ولا أن ينفرد بإنفاذ حكم، وعبر أحد العلماء عن هذا الحكم بقوله: لا يجوز أن يكون الحاكم نصف حاكم.

1 المنتقى شرح موطأ مالك، للباجي، ج5، ص184، وتكملة المجموع للمطيعي، ج19، ص117.

ص: 199

فعلى هذا لا يجتمع اثنان بحيث يكونان جميعا حاكما في قضية واحدة، وأما أن يتعدد القضاة في البلد الواحد بحيث ينفرد كل واحد منهم بالنظر في القضايا التي ترفع إليه، فذلك أمر جائز لا شيء فيه.

وقد استدل لهذا بأن المذاهب الفقهية مختلفة، والأغراض متباينة، ولا يصح أن يتفق رجلان في كل شيء حتى لا يرى أحدهما خلاف ما يراه الآخر، وإذا أشرك بين القاضيين فإن ذلك يكون داعيا إلى أن يختلفا في القضية التي ينظرانها، ويوقف نفوذهما كتعدد رئيس الدولة في القطر الواحد. وبين أصحاب هذا الرأي أنه لا يعترض على هذا الرأي بتعدد الحكم عند حدوث الشقاق بين الزوجين1، وبتعدد الحكم في جزاء قتل الصيد في الحرم؛ لأن الحكمين في الشقاق الحادث بين الزوجين، أو الحكمين في تقدير جزاء قتل الصيد في الحرم، إنما يحكمان في قضية واحدة وليس لهما ولاية القضاء، فإن اتفق حكمهما نفذ حكمهما وإن اختلفا لم ينفذ حكمهما، وأسند الحكم إلى غيرهما فلا يحدث من ذلك أي ضرر، وهذا يتنافى مع الولاية والقضاء ولاية؛ لأن من تولى القضاء لا يمكن الاستبدال به عند الخلاف في الرأي؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن تتوقف الأحكام ويمتنع تنفيذها2.

ونرى أنه لا مانع من تعدد القاضي في نظر قضية واحدة، ولربما كان التعدد أدعى إلى الحيطة في الحكم، وعند الاختلاف يرجح الحكم الذي قال به الأكثر، ويحتاط في ذلك بأن يكون عدد القضاة عددا وتريا، بأن يكونوا ثلاثة، أو خمسة مثلا، والقوانين الوضعية راعت هذا الاحتياط في تشكيل المحكمة المختصة بنظر

-

1 عند حدوث الشقاق بين الزوجين أوصى الشرع بتدخل حكمين ليصلحا بين الزوجين، أحدهما من أهل الزوج والثاني من أهل الزوجة، في قول الله تبارك وتعالى:{وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} .

2 المنتقى شرح الموطأ، ج5، ص182.

ص: 200

الدعوى، فمع أن القانون ينص على أن تشكل المحكمة الجزئية من قاض واحد من قضاة المحكمة الابتدائية التابعة لها المحكمة الجزئية، فإنه نص على أن تشكل محكمة الجنح والمخالفات المستأنفة من ثلاثة قضاة من المحكمة الابتدائية، وأن تشكل محكمة الجنايات من ثلاثة من مستشاري محكمة الاستئناف، وأن تشكل محكمة النقض من خمسة من مستشاريها، كما جاء في المواد رقم3، 4، 7، 9، 11، من قانون السلطة القضائية والمادة رقم 366 من قانون الإجراءات الجنائية، فإذا صدر الحكم من إحدى هذه المحاكم دون أن يتحقق العدد المنصوص عليه قانونًا كان الحكم باطلا1.

هل يشترط علم من له سلطة تعيين القضاة بتحقق الشروط في الشخص:

بعد أن بينا فيما سبق الشروط التي قال بها العلماء من القاضي حتى تصح توليته، نحب أن نبين هنا هل يكتفى بمجرد ظن من له سلطة تولية القضاة أن هذه الشروط موجودة فيمن سيوليه، أم لا بد أن يعلم تحقق هذه الشروط ولا يكتفى بمجرد الظن؟

أجاب عن هذا السؤال بعض الفقهاء بأن المدار في هذه الشروط على ما في نفس الأمر، لا على ما في ظن المكلف، وذلك بأن يكون عالما بوجود هذه الشروط في هذا الشخص الذي سيوليه القضاء، أو يعتمد على شهادة عدلين عارفين بوجود هذه الشروط في هذا الشخص، ويندب له اختباره حتى يزداد بصيرة، لكن لو

1 دروس الإجراءات الجنائية، الحكم ونظرية الطعن فيه، دار المطبوعات الجامعية بالإسكندرية، ص6، وفريضة القضاء بين الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي للدكتور محمود الزيني، ص31، 32.

ص: 201

ولى رئيس الدولة، أو من له سلطة تولية القضاة شخصًا لا يعلم فيه هذه الشروط، ثم بعد التولية تبين أنها موجودة في هذا الشخص الذي ولاه القضاء فإن توليته تصح1.

ومعنى هذا أنه نظرا لسمو هذا المنصب وخطورته، فإنه يجب على رئيس الدولة أو من له سلطة تولية القضاة أن يتحرى عن الأشخاص الذين يمكن توليتهم هذا المنصب، ولا يكتفي بمجرد الظن، بل لا بد من التأكد التام من توفر الشروط فيه، إما بعلمه هو شخصيا بوجود الشروط في الشخص، أو أن يشهد عدلان بوجود هذه الشروط فيه.

صفات مستحبة في القاضي:

بيّن علماؤنا رضي الله عنهم أن هناك أمورا من المستحب أن تكون موجودة فيمن يتولى القضاء، بجانب الشروط التي لا بد من توافرها فيه، ومن هذه الأمور:

أولا: أن يكون حليما.

ثانيا: أن يكون عالما بلغات المتقاضين أمامه، ولا يحتاج إلى مترجم.

ثالثا: أن يكون جامعا للعفاف، بعيدا عن الطمع.

رابعا: أن يكون لينا في الكلام.

خامسا: أن يكون ذا سكينة ووقار.

سادسا: أن لا يكون جبارا متكبرا؛ لأن ذلك يمنع الخصم من أن يستوفي حجته.

1 نهاية المحتاج، ج8، ص239.

ص: 202

سابعا: أن لا يكون ضعيفا مهينا؛ لأنه إذا كان بهذه الصفة تجرأ الخصمان أمامه بالشتائم وذكر السخف، بل ربما تجرآ عليه توقحا واستخفافا، فيستحب أن يكون شديدا من غير عنف، لينا من غير ضعف1.

وبعد، فنحب في ختام الكلام عن شروط القاضي أن نذكر ما قاله أبو علي الكرابيسي صاحب الشافعي في كتاب "آداب القضاء" له2، وهو بيان لمتى يستحق الشخص أن يكون قاضيا، قال الكرابيسي: "لا أعلم بين العلماء ممن سلف خلافا أن أحق الناس أن يقضي بين المسلمين من بان فضله وصدقه، وعلمه، وورعه، قارئا لكتاب الله، عالما بأكثر أحكامه، عالما بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم حافظا لأكثرها، وكذا أقوال الصحابة، عالما بالوفاق والخلاف، وأقوال فقهاء التابعين، يعرف الصحيح من السقيم، يتبع في النوازل الكتاب، فإن لم يجد فالسنن، فإن لم يجد عمل بما اتفق عليه الصحابة، فإن اختلفوا فما وجده أشبه بالقرآن، ثم بالسنة، ثم بفتوى أكابر الصحابة

عمل به، ويكون كثير المذاكرة مع أهل العلم، والمشاورة لهم، مع فضل وورع، ويكون حافظا للسانه، وبطنه وفرجه، فهما بكلام الخصوم، ثم لا بد أن يكون عاقلا مائلا عن الهوى"، ثم قال الكرابيسي: "وهذا وإن كنا نعلم أنه ليس على وجه الأرض أحد يجمع هذه الصفات، ولكن يجب أن يطلب من أهل كل زمان أكملهم وأفضلهم".

1 نهاية المحتاج، ج8، ص244.

2 نقلا عن فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، ج13، ص156.

ص: 203