الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اختصاصات القاضي:
بين الماوردي الأمور التي من حق القاضي ذي الولاية العامة أن يباشرها وهي عشرة أمور:
أولا: الفصل في المنازعات وقطع التشاجر والخصومات، إما صلحا عن تراض بين الطرفين وهذا جائز، وإما إجبارًا بحكم بات من القاضي، وتنفيذه حينئذ واجب.
ثانيا: استيفاء الحقوق ممن مطل بها، وإيصالها إلى من يستحقها، بعد ثبوت الاستحقاق بالإقرار أو البينة أو غيرهما من وسائل الإثبات.
ثالثا: ثبوت الولاية على من كان ممنوعًا من التصرف لعدم أهليته بجنون، أو صغر، والحجر على من يرى الحجر عليه لسفه1، أو فلس، حتى يحفظ الأموال على مستحقيها، ويصحح أحكام العقود فيها.
رابعا: النظر في الأوقاف، بحفظ أصولها، وتنمية فروعها، وقبض غلتها وصرفها في سبلها.
خامسًا: تنفيذ الوصايا طبقا لما اشترطه الموصي فيما أباحه الشرع ولم يحظره، فإن كانت لمعينين كان تنفيذها بالإقباض، وإن كان في موصوفين كان تنفيذها أن يتعين مستحقوها بالاجتهاد ويملكوا بالإقباض.
سادسًا: تزويج المرأة التي لا ولي لها بالرجل الكفء، ولا يرى أبو حنيفة هذا الأمر من حقوق ولاية القاضي في شأن كل امرأة لا ولي لها، بل في شأن الصغيرة فقط التي لا ولي لها؛ لأنه يجوز عنده أن تنفرد المرأة البالغة بعقد الزواج، أي: تتولاه بنفسها لنفسها ولغيرها.
سابعًا: إقامة الحدود على مستحقيها، فإن كانت من حقوق الله تعالى تفرد باستيفائها من غير أن يطالب بها أحد، إذا ثبتت هذه الحدود بالإقرار أو البينة، وإن كان من حقوق الآدميين كان استيفاؤها موقوفًا على طلب من مستحقها، ويرى أبو حنيفة أن كلا النوعين: حقوق الله وحقوق
1 السفيه هو المبذر لماله.
الآدميين لا تستوفى إلا بخصم مطالب.
ثامنًا: النظر في مصالح عمله، من الكف عن التعدي في الطرقات، والأفنية، وإخراج ما لا يستحق من الأجنحة والأبنية، وله أن ينفرد بالنظر فيها وإن لم يحضره خصم، ويرى أبو حنيفة أنه لا يجوز للقاضي أن ينظر فيها إلا بحضور خصم مستعد.
قال الماوردي: "وهي من حقوق الله تعالى التي يستوي فيها المستعدي وغير المستعدي، فكان تفرد الولاية بها أخص".
تاسعًا: تصفح شهوده وأمنائه، واختيار النائبين عنه من خلفائه.
عاشرًا: التسوية في الحكم بين القوي والضعيف، والعدل في القضاء بين المشروف والشريف1.
وواضح أن الأخير من واجبات القاضي التي لا يجوز له تركها فلا يظهر عد الماوردي هذا الأمر من حقوق ولاية القاضي.
هذا واختصاصات القاضي يمكن أن تحدد في مجال قضايا معينة كالجنايات، وكذلك يمكن أن يخصص له مكان معين لا يتعداه إلى غيره؛ لأن هذه أمور تخضع للمصلحة، وما يكون مناسبا لعصر قد لا يكون مناسبا لعصر آخر، فكل عصر ينظم القضاء بما يتلاءم مع ظروفه والمستجدات التي قد تتطلب نوعا من النظام لم يكن مطبقا في عصور سابقة، ويوضح ابن تيمية أن صلاحيات القاضي لا تتعين من جهة الشرع، وإنما بموجب ألفاظ التولية والأحوال والعرف2.
1 الأحكام السلطانية للماوردي، ص78.
2 الاختيارات الفقهية، ص332.