الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شروط صحة الحكم في الدعوى
الشرط الأول: عند بعض العلماء حضور الخصم المدعي عليه
آراء العلماء في القضاء على الغائب
…
شروط صحة الحكم في الدعوى:
يشترط لصحة الحكم في الدعوى عدة شروط:
الشرط الأول: عند بعض العلماء - حضور الخصم المدعى عليه
يرى فريق من العلماء أنه يشترط لصحة الحكم في الدعوى حضور الخصم المدعى عليه، والخصم المدعى عليه إما أن يكون أصيلا أي: هو بذاته، أو وكيلا عن الأصيل، أو وصيا، أو وليا، أو وارثا، أو من بينه وبين الغائب اتصال في المدعى به، كما لو كفل شخص شخصا آخر في دين، فالخصم هنا هو المدين المكفول عنه، وقد ناب عنه الكفيل لما بينهما من الاتصال في الدين المدعى به عليه بحكم الكفالة.
فلا يصح القضاء على الغائب عند فريق من العلماء، فإذا ادعى شخص حقا على شخص آخر غائب في بلد آخر بعيد وطلب من الحاكم سماع البينة والحكم بها عليه، فلا يصح القضاء على هذا الغائب، وهذه مسألة مختلف فيها بين العلماء، وإليك بيانا لما يراه العلماء فيه.
آراء العلماء في القضاء على الغائب:
اختلف العلماء في القضاء على الغائب على رأيين:
الرأي الأول: أنه لا يصح القضاء بشيء على الغائب، وهذا ما يراه أبو حنيفة، وابن الماجشون من المالكية، ونقل عن أحمد بن حنبل، وابن أبي ليلى، والثوري هذا الرأي أيضًا.
الرأي الثاني: يصح القضاء على الغائب في حقوق الآدميين، ولا يقضى
عليه في حدود الله تعالى، وهو ما يراه الشافعي، والظاهرية وجمهور العلماء1.
وقبل أن نبين أدلة كل فريق نحب أن نبين عدة صور اتفق عليها أبو حنيفة والشافعي فقد اتفقا على أنه:
أ- لو ادعى رجل على وارث مالا، كان له على أبيه وللميت ورثة غائبون وأقام المدعي بينة على دعواه، فإنه يحكم القاضي بالبينة على الحاضر والغائب وعلى الميت.
ب- لو ثبت عند القاضي على شخص أنه مفقود، ولهذا الشخص مال مودع عند رجل، فإن القاضي يحكم للزوجة والأولاد بنفقتهم، ويصح أيضًا أن يباع عقاره لذلك.
ج- لو لحق المرتد بدار الحرب2 فجاءت زوجته تطلب الحكم بالتفريق بينهما، فإنه يحكم القاضي لها بالبينونة إذا أقامت بذلك بينة.
د- لو كان الشخص غائبًا عن المجلس لكنه حاضر في البلد لا يجوز القضاء عليه؛ لأنه يمكن للقاضي أن يحضره3.
هذه بعض صور متفق على حكمها في الفقه الحنفي والشافعي، وننتقل بعد ذلك إلى بيان أدلة الفريقين:
1 صحيح مسلم بشرح النووي، ج12، ص8، المطبعة المصرية، وقوانين الأحكام الشرعية لمحمد بن جزي، ص306، ومغني المحتاج لمحمد الشربيني الخطيب، ج4، ص414، والشرح الصغير للدردير، ج5، ص25، مطبعة المدني، والمغني ج11، ص412، 485، والمحلى على المنهاج، ج4، 308، والمحلى لابن حزم، ج9، ص366، ونتائج الأفكار "تكملة فتح القدير"، ج8، ص153، ووسائل الشيعة للحر العاملي، ج8، ص216.
2 دار الحرب أو دار الكفر بمعنى واحد، وهو دولة الكفر وما يتبعها كذلك من أرض تخضع لسيادتها.
3 أدب القاضي، لأحمد بن أبي أحمد، المعروف بابن القاص، ج2، ص360-362.