الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أدلة اعتبار الإقرار:
قامت الأدلة من الكتاب والسنة، وإجماع العلماء على اعتبار الإقرار وسيلة من وسائل إثبات الحقوق وغيرها.
فمن القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} ، فقد أمره الله عز وجل بالإملال، فلو لم يقبل إقراره لما كان للإملال معنى، وقوله تبارك وتعالى:{كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} .
ومعنى {قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} مواظبين على العدل مجدين في إقامته، ومعنى {شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} ، أي: تقيمون شهادتكم لوجه الله تبارك وتعالى ولو على أنفسكم، بأن تقروا عليها.
ومن السنة، أخبار، كخبر الصحيحين أن رجلا من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أنشدك1 الله إلا قضيت لي بكتاب الله،
1 أنشدك -بفتح الهمزة وضم الشين- أسألك رافعا نشيدي أي: صوتي، قال ابن حجر العسقلاني: ضمن أنشدك معنى أذكرك فحذف الباء: أي: أذكرك الله رافعا نشيدي أي: صوتي. سبل السلام، ج4، ص3.
فقال الخصم الآخر وهو أفقه منه1: نعم فاقض بيننا بكتاب الله، وائذن لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قل"، قال: إن ابني كان عسيفا2 عند هذا فزنى بامرأته، وإني أخبرت أن على ابني الرجم، فافتديت منه بمائة شاة ووليدة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابن جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله، الوليد والغنم رد 3، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد 4 يا أنيس 5 إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها"، فغدا عليها، فاعترفت، فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت6.
وقد أجمع العلماء على أن الإقرار وسيلة من وسائل الإثبات.
1 قال الصنعاني: كأن الراوي يعرف أنه أفقه منه، أو من كونه سأل أهل الفقه.
2 أي: أجيرا.
3 أي: مردودة، ومعناه يجب ردها إليك، والوليدة هي الجارية الصغيرة.
4 واغد يا أنيس أي: انطلق.
5 صحابي مشهور، وهو أنيس بن الضحاك الأسلمي، والمرأة أيضًا أسلمية، وأنيس تصغير أنس قال الصنعاني: رجل من الصحابة لا ذكر له إلا في هذا الحديث. سبل السلام للصنعاني ج4، ص3.
6 صحيح مسلم بشرح النووي، ج11، ص205، قال الصنعاني:"واعلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يبعث إلى المرأة لأجل إثبات الحد عليها، فإنه صلى الله عليه وسلم قد أمر باستتار من أتى بفاحشة وبالستر عليه، ونهى عن التجسس، وإنما ذلك لأنه لما قذفت المرأة بالزنا بعث إليها صلى الله عليه وسلم لتنكر فتطالب بحد القذف، أو تقر بالزنا فيسقط عنه، فكان منها الإقرار فأوجبت على نفسها الحد" سبل السلام، للصنعاني، ج4، ص4.