الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زيادة العدد في إحدى البينتين أو زيادة العدالة:
المذهب عند الشافعية أن البينتين تتساويان حتى لو كانت إحداهما تزيد في العدد عن الأخرى، فإذا كان مع كل من المدعيين شهود، لكن شهود أحدهما أكثر عددا من شهود الآخر، فلا ترجيح للشهود الأكثر، بل قال الشافعية أيضًا لا ترجيح حتى لو زاد وصف شهود أحد المدعيين من الورع أو غيره عن وصف شهود المدعي الآخى، بل البينتان متعارضتان لكمال الحجة من الطرفين.
ويوجد قول للشافعي -رضي الله تعالى عنه- أن الشهود الأكثر عددا يرجحون على الشهود الأقل1.
وكذلك يرى أبو حنيفة، والحنابلة أنه لا ترجيح بكثرة العدد ولا اشتهار العدالة2، وأما المالكية فيرون أنه ترجح إحدى البينتين بزيادة العدالة، لكن لا ترجح بزيادة العدد -في المشهور في فقههم- ولو كثر إلا إذا أفادت الكثرة
1 مغني المحتاج، ج4، ص482.
2 المغني، ج9، ص282.
العلم1.
ويرى الأوزاعي أنه عند تعارض البينتين تقسم العين بحسب عدد الشهود فإذا شهد شاهدان لأحدهما، وشهد للآخر أربعة قسمت العين المتنازع عليها أثلاثا. فأما القائلون بالترجيح بكثرة العدد أو اشتهار العدالة فقد علل لرأيهم بما يأتي:
أولا: القياس على الرواية في الحديث، فلو تعارض حديثان فأحد الحديثين يرجح بذلك، فكذلك الشهادة؛ لأن كلا منها خبر.
ثانيا: أن الشهادة إنما شرعت؛ لأنها تحقق غلبة الظن بالمشهود به، وإذا كثر العدد أو قويت العدالة كان الظن أقوى.
وأما الأوزاعي، فقد علل لما يراه بأن الشهادة سببب الاستحقاق فيوزع الحق عليها.
وأما القائلون بأنه لا ترجيح بكثرة العدد، ولا اشتهار العدالة فقد علل لرأيهم بأن الشهادة مقدرة بالشرع فلها نصاب معين، فلا تختلف بالزيادة، وأما الرواية فلا ضبط فيها، ولذلك كان العمل فيها بأرجح الظنين فيصح فيها الترجيح بالزيادة2.
لو شهد لأحد المدعيين رجلان وشهد للآخر رجل وامرأتان:
لو كان لأحد المدعيين شاهدان رجلان، وللمدعي الآخر رجل وامرأتان في قضايا الأموال فيرى المالكية ترجيح جانب الشاهدين الرجلين3.
والمذهب في الفقه الشافعي أنه لا ترجيح للجانب الذي يشهد له الرجلان لقيام الحجة بكل من البينتين.
ويوجد قول للشافعي يرجح الجانب الذي يشهد له الرجلان، وعلل لهذا الرأي بزيادة الوثوق بشهادة الرجلين، ولذلك يثبت بشهادة رجلين أمور لا تثبت برجل وامرأتين.
وصرح ابن قدامة أيضًا من فقهاء الحنابلة بأنه لا ترجح شهادة الرجلين على شهادة الرجل والمرأتين في الأموال؛ لأن كل واحد من البينتين حجة في الأموال فإذا اجتمعتا تعارضتا4.
1 الشرح الصغير للدردير، مع حاشية الصاوي، ج4، ص306.
2 تبصرة الحكام، ج1، ص309. والمغني ج9، ص282، 283.
3 الشرح الصغير، ج4، ص306، وتبصرة الحكام، ج1، ص310.
4 مغني المحتاج، ج4، ص482، والمغني ج9، ص283.