الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال أبو عبد اللَّه ابن البيع: نقول وباللَّه التوفيق: إن الصواب قول ابن جرير -يعني: له سماع-، فقد صحت له روايات ذكر فيها سماعه من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فهذا كما ترى لم يختلف أحد عن ذكره في الصحابة، ومنهم من صرح بها، واللَّه أعلم.
وفي كتاب "النوادر" لأبي جعفر البرجلاني: عن علي ابن أبي حملة، قال: أصاب الناس قحط والضحاك بن قيس على دمشق، فخرج بالناس، فقال: أين يزيد بن الأسود الجرشي؛ فلم يجبه أحد ثلاثًا، فقال: عزمت عليه إن كان يسمع كلامي إلا قام، فقام وعليه برنس، فاستسقى، فما انصرف الناس إلا وَهُم يخوضون في الماء، فقال يزيد: اللهم إنه قد شهرني فأرحني منه. قال: فلم يلبث الضحاك أن قُتل.
ومن غرائب الاتفاقات ما ذكره ابن حبان في "الثقات":
2717 - الضحاك بن قيس الفهري
(1)
يروي عن عمر بن الخطاب، روى عنه محمد بن المنتشر والمسعودي، قتل في سنة سبع وعشرين ومائة، وذلك أنه لم يبايع مروان بن محمد الحمار، فاجتمع إليه جلة الناس، والْتَقى هو ومروان، فقالوا للضحاك: واللَّه ما اجتمع إلى داعٍ ادعى هذا الرأي منذ كان الإسلام ما اجتمع معك، فتأخر وقدم خيلك ورجلك، وتلقى هذه الطاغية، فقال: دله عليَّ إن رأيته أن أحمل عليه حتى يحكم اللَّه بيني وبينه، وعليَّ من الدَّين سبعة دراهم، وفي كمي منها ثلاثة، ثم اقتتلوا، فقُتل رحمه الله في المعركة، كذا نسبه فهريًّا. وأما ابن قتيبة فنسبه في "المعارف": شيبانيًّا:
أما الصواب الذي أسلفته
…
لا ما أتيت به أبا الحجاج
2718 - (ع) الضحاك بن مخلد بن الضحاك بن مسلم أبو عاصم الشيباني النبيل البصري، ويقال: هو مولى بني شيبان، وقيل: مولى بني ذهل
(2)
(1)
انظر: تهذيب الكمال 2/ 617، تهذيب التهذيب 4/ 448، تقريب التهذيب 1/ 373، خلاصة تهذيب الكمال 2/ 4، الكاشف 2/ 36، تاريخ البخاري الكبير 4/ 332، تاريخ البخاري الصغير 1/ 108، 113، أسد الغابة 3/ 49، تجريد أسماء الصحابة 1/ 270، الإصابة 3/ 478، الاستيعاب 2/ 744، الوافي بالوفيات 16/ 351، الثقات 3/ 199، أسماء الصحابة الرواة ت 831.
(2)
انظر: تهذيب الكمال 2/ 617، تهذيب التهذيب 4/ 450، تهذيب التهذيب 1/ 373، خلاصة تهذيب الكمال 412، الكاشف 2/ 36، تاريخ البخاري الكبير 4/ 336، تاريخ البخاري الصغير 1/ 322، 324، الجرح والتعديل 4/ 2042، ميزان الاعتدال 2/ 325.
كذا ذكره المزي وفيه نظر؛ لأن ذهلا الأصغر هو: ابن شيبان بن ثعلبة ابن أخي ذهل الأكبر، قال الأجئي
(1)
: [البسيط]
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي
…
بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
وليس لقائل أن يقول: لعله أراد: الأكبر، إذ لو أراده وعرفه كَتَبه؛ لأن السكوت في مثل هذا المكان لا يجوز، واللَّه تعالى أعلم.
وذكره ابن حبان في جملة الثقات، قال: ومات ليلة الخميس لأربع عشرة.
وفي "تاريخ المنتجيلي": قال عباس بن محمد: أبو عاصم نيف على التسعين وما رُئي أذكى منه. وقال أبو زيد الأنصاري: كان أبو عاصم في حداثته ضعيف العقل، وكان يطلب العربية والأدب، فيقال له: كيف تصغر الضحاك -يعني: اسمه-؟ فيقول: ضحيكيك، ثم نبل فكان هو يزري هو على غيره. وقال يزيد بن سنان: كان أبو عاصم يلزم زفرًا أيضًا، وكان رث الحال، فاستأذن أبو عاصم يومًا على زفر، فقالت له الخادمة: أبو عاصم بالباب، فقال: ويحك أيهما؛ قالت: ذاك النبيل، فأذن له وقال: قد سمّتك هذه باسم ما أراه يفارقك حتى تموت.
وقال ابن قتيبة: مات وله تسعون سنة وأربعة أشهر.
وفي قول المزي: قال البخاري: مات سنة أربع عشرة ومائتين في آخرها. نظر، وذلك أن الذي في "تاريخ البخاري الكبير"، و"الأوسط"، و"الصغير": مات أبو عاصم سنة ثنتي عشرة ومائتين في آخرها، وكذا نقله عنه أبو نصر الكلاباذي، وأبو الوليد الباجي، وأبو يعقوب القراب، وغيرهم، فلا أدري من أين سرى للمزي هذا القول الشنيع؟ ومن عادته اتباع صاحب "الكمال" في غالب نقله، وهنا خالفه؛ لأنه نقل عن البخاري كما في "تواريخه"، وكتاب المزي لم يخالفه.
وفي "العقد": قيل لأبي عاصم: إن يحيى بن سعيد يحسدك وربما قرَّضك، فأنشأ يقول
(2)
:
فلمست بحيٍّ ولا ميت
…
إذا لم تُعاد أو لم تُحسد
وقال الخليلي: متفق عليه، يروي عنه البخاري ويفتخر، وقال: منذ عقلت أن الغيبة
(1)
انظر: المثل السائر 1/ 94، خزانة الأدب 7/ 413، شرح ديوان الحماسة 1/ 1، صبح الأعشى 1/ 334، التذكرة السعدية 1/ 2، الزهرة 1/ 206، مجالس ثعلب 1/ 80، مقامات القرني 5/ 26.
(2)
انظر: العقد الفريد 1/ 195.
حرام ما اغتبت أحدًا، وفي موضع آخر: إمام متفق عليه، زهدًا وعلمًا، وديانة وإثباتًا.
وقال ابن قانع في "تاريخه": ثقة مأمون. وفي كتاب "الزهد": مات سنة أربع عشرة، وروى عنه البخاري خمسة وأربعين حديثًا، ثم روى عن جماعة من شيوخه عنه.
وفي كتاب أبي أحمد ابن عدي: سُمي النبيل لبيانه؛ كذا رأيته، ويؤيده ما ذكره في "المحكم": النبل، الذكاء، والنجابة. وذكره مسلم، وقبله علي بن المديني في الطبقة السابعة من أصحاب شعبة. وقال أبو عمر في كتاب "الاستغناء": أجمعوا على أنه صدوق ثقة.
وفي تقييد الجياني: عن ابن أبي عاصم: سُمي النبيل؛ لأنه دخل المهدي أمير المؤمنين البصرة، فدخل عليه الناس، وكان أبو عاصم فيهم، ثم استأذن ثانية، فقال: الإذن إن أبا عصام بالباب، وكان رجل هاشمي قصير يكنى بأبي عاصم، فقال المهدي: النبيل أم القصير؟ فقال: النبيل.
وفي كتاب "الكامل" لأبي العباس الثمالي: وزعم التوزي أن النبل من الأضداد، يكون للجليل وللحقير، واحتج بقوله
(1)
:
أغبط أن أرزأ الكرام وأن
…
أورث ذودًا شصائصًا نبلا
قال: والشصائص: الحقيرات.
وفي "تاريخ دمشق": كان أبو عاصم يبيع الحرير، وقال: رأيت أبا حنيفة في المسجد الحرام يفتي، وقد اجتمع الناس عليه يؤذونه، فقال: ما هنا أحد يأتينا بشُرطي؛ فدَنَوت منه، فقلت: أتريد شرطيًّا؟ قال: نعم. قلت: اقرأ عليَّ هذه الأحاديث التي معك، فلما قرأها قمت عنه ووقفت بحذائه، فقال لي: أين الشرطي؟ فقلت له: إنما قلت: تريد، ولم أقل: أجيء لك به، فقال: انظروا؛ أنا أحتال للناس أمرهم منذ كذا وكذا، وقد احتال علي هذا الصبي.
وقال إسحاق بن يسار: قال لي أبو عاصم: كان سفيان يسألني أن أفيده، فإذا أفدته قال: ليس بشيء. وكان أبو عاصم يقول: أقلّ حالات المدلس عندي، أن يدخل في حديث النبي صلى الله عليه وسلم:"المتشبع بما لم يُعط كلابِسِ ثَوْبَي زُور"، وكان الكديمي إذا حدث عنه يقول: ثنا الكيس.
وسُئل يحيى بن معين: أي أصحاب الثوري أثبت؟ فقال: ابن القطان، ووكيع، وابن
(1)
انظر: الكامل في اللغة والأدب 1/ 95.