الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكره ابن حبان في "الثقات"، كذا ذكره المزي وقد أغفل منه: الجُذامي؛ وكان حافظًا، وهو الذي روى عن عاصم بن محمد بن زيد بن عبد اللَّه بن عمر، عن عامر بن السمط، عن معاوية بن إسحاق بن طلحة، عن عطاء بن يسار، عن ابن مسعود؛ حديث الخلفاء.
وخرج الحاكم حديثه في "المستدرك". وذكره أبو حفص ابن شاهين في جملة الثقات، وعرّفه بصاحب العريف، قال: وعن يحيى بن سعيد: هو ثقة ثبت.
2824 - (ع) عامر بن شراحيل، وقيل: ابن عبد اللَّه بن فراحيل، وقيل: ابن شراحيل بن عبد الشعبي أبو عمرو الكوفي، من شعب همدان
(1)
كذا قاله المزي تابعًا صاحب "الكمال" الذي يهذبه، والذي ذكره الكلبي، والهمداني المعروف بـ (ابن الدمنة)، وبعدهما الرشاطي، وغيره: أن الشعبي منسوب إلى شعبان، واسمه حسان بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث بن حَيْدان بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن هميسع بن حمير بن سبأ؛ لا ذكر لهمدان في نسبه.
قال الجوهري: شعب: جبل باليمن، نزله حسان بن عمرو الحميري وولده، فنسبوا إليه منهم عامر الشعبي، وكذا ذكره ابن قتيبة، والقزاز، وقبلهم ابن حبيب في "المحبّر" وغيره.
وقال ابن السمعاني: وُلد سنة عشرين، وقيل: سنة إحدى وثلاثين، مات سنة تسع ومائة. وقال ابن سعد: هو من حمير، وكان ضئيلا نحيفًا، فقيل له: يا أبا عمرو؛ ما لنا نراك ضئيلا؟ قال: إني زوحمت في الرحم، وكان ؤلد هو وأخ توأمًا في بطن.
وذكر ابن حزم أن مولده كان بعد قتل عمر، وأن عمار بن ياسر لم يكن الشعبي يعقل رميه. وذكر الحصري في "زهر الآداب": أن قائل ذاك له عبد الملك بن مروان.
ذكر ابن سعد عنه، قالوا: وُلد سنة جلولاء، يعني: سنة تسع عشرة، وكان له ديوان يعزو عليه، وكان شيعيًّا، فرأى منهم أمورًا وسمع إفراطهم، فترك رأيهم وكان يعيبهم.
(1)
انظر: تهذيب الكمال 2/ 643، تهذيب التهذيب 5/ 65، 110، تقريب التهذيب 1/ 378، 46، خلاصة تهذيب الكمال 2/ 22، الكاشف 2/ 54، تاريخ البخاري الكبير 6/ 455، تاريخ البخاري الصغير 1/ 243، 253، الجرح والتعديل 6/ 1802، الوافي بالوفيات 16/ 587 والحاشية الحلية 4/ 315، سير الأعلام 4/ 294 والحاشية، طبقات ابن سعد 5/ 341، 6/ 179، 257، 247، 252، 9/ 93 والفهرس، الثقات 5/ 185.
وقال: ما كَتبت سوداء في بيضاء قط، وما حدثني أحد بحديث فأحببت أن يعيده عليَّ.
وسُئل عن شيء يومًا فلم يكن عنده فيه شيء، فقيل له: قل برأيك. قال: ما تصنع برأيي بُل على رأيي. وسأل إبراهيم رجل عن شيء فقال: لا أدري؛ والشعبي مار، فقال: اذهب فاسأل ذلك الشيخ، وارجع فأخبرني. فرجع إليه فقال: قال: لا أدري. فقال إبراهيم: هذا واللَّه الفِقه.
ثنا عارم، ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن عطية السراج، قال: مررت مع الشعبي على مسجد من مساجد جهينة، فقال: أشهد على كذا وكذا من أهل هذا المسجد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مائة، فذكر عنهم شيئًا من أفعالهم، وكان الشعبي يصبغ بالحمرة، وتوفي فجأة.
وفي "الزيادات" للرشاطي: وُلد لست سنين من خلافة عثمان، وقيل: وُلد سنة إحدى وعشرين. وفي "العقد": لما سأله النخعي عن مسألة، قال: لا أدري. فقال إبراهيم: هذا واللَّه هو العالم، سُئل عما لا يدري فقال: لا أدري.
وفي "تاريخ أبي الفرج الأصبهاني": قال الشعبي: لما قدم بشر بن مروان الكوفة كتب على مظالمه.
وقال الآجري: سمعت أبا داود يقول: مات الشعبي فجأة، جاء وهو راكب ثم خر، فصاحوا عليه، قلت: مات وهو قاض. قال: هو كان اعتزل القضاء وسمع من أم سلمة وعائشة. قال: ومرسل الشعبي أحب إلي من مراسيل النخعي، وسمع من المقدام أبي كريمة. قلت: إن قومًا يزعمون أنه كان يتشيع. قال: معاذ اللَّه، هو القائل: لو كانت الشيعة من الطير لكانت رخمًا.
وفي كتاب "فضل الكتاب" للجاحظ: كان الشعبي مع تفقهه ونبله كاتب. وفي "الوشاح" لابن دريد: قيل للشعبي: من أنت؟ قال: أنا فلان ابن فلان ابن ذي نسرين.
وذكر المزي روايته عن أسامة بن زيد، والفضل بن العباس، وعبد اللَّه بن عمر بن الخطاب، وأبي سعيد، وأبي جبيرة، وعائشة، وأم سلمة، ومسروق، وأم هانئ بنت أبي طالب، وعلي بن أبي طالب، وزيد بن ثابت الرواية المشعرة عنده بالاتصال.
وفي كتاب أبي أحمد العسكري: الشعبي عن أبي جبيرة مرسل. وفي "تاريخ نيسابور" سُئل يحيى بن يحيى: الشعبي أدرك أُمّ سلمة؟ فكأنه قال: لا.
وفي "جامع بيان العلم": قال النخعي: الشعبي يحدث عن مسروق! وواللَّه ما سمع منه شيئًا قط.
وفي "علوم الحديث" للحاكم: لم يسمع الشعبي من عائشة، ولا من ابن مسعود، ولا من أسامة بن زيد، ولا من علي بن أبي طالب، إنما رآه رؤية، ولا من معاذ بن جبل، ولا من زيد بن ثابت.
وفي "العلل الكبرى" لابن المديني: الشعبي لم يسمع من زيد بن ثابت. حدث عن قبيصة عنه، ولم يلق أبا سعيد الخدري، ولم يلق أُم سلمة. وفي "سؤالات حمزة": الشعبي لم يسمع من ابن مسعود، إنما رآه رؤية.
وفي "العلل الكبير" للترمذي: قال محمد: لا أعرف للشعبي سماعًا من أم هانئ. وفي "علل أبي الحسن الدارقطني": لم يسمع الشعبي من علي.
وقال ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام": منهم من يدخل بينه وبيْن علي: عبد الرحمن ابن أبي ليلى، وَسِنّه محتملة لإدراك علي، وذكر ما قيل في سِنّه ثم قال: لكن إن صحَّ أنه مات ابن سبعين، فقد صغرت سِنّه عن سنِّ من يتحمل، فعلى هذا يكون سماعه من علي مختلفًا فيه.
ولما ذكر ابن حزم حديثه عن علي في الحيض احتج به، وعادته لا يحتج إلا بصحيح من شرط الصحة بالاتصال.
وأما البخاري، فإنه لما ذكر هذا الأمر، مرّضه بقوله: ويذكر عن علي؛ فكأنه لمح الانقطاع، وإلا فالسند صحيح لا موضع للنظر فيه إلا في هذا، ثم نقض هذا، فقال في (كتاب الرجم): ثنا آدم، ثنا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن الشعبي، عن علي حين رجم المرأة يوم الجمعة، قال: (قد رجمتها بسُنَّة النبي صلى الله عليه وسلم. فهذا ينقض الأول، واللَّه تعالى أعلم.
وفي "المراسيل": قال ابن معين: ما روى الشعبي عن عائشة مرسل، قال: وسألت أبي عن حديثيْن رواهما همام، عن قتادة، عن عزرة، عن الشعبي: أن أسامة بن زيد حدّثه: "أنه كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم عشية عرفة
(1)
". هل أدرك الشعبي أسامة؛ قال: لا، يمكن أن يكون سمع من أسامة، ولا أدرك الفضل بن عباس.
سمعت أبي يقول: لم يسمع الشعبي من ابن مسعود، والشعبي عن عائشة مرسل،
(1)
أخرجه الطيالسي ص 87، رقم 624، وأحمد 5/ 210، رقم 21882، والحميدي 1/ 248، رقم 543، والبخاري 2/ 600، رقم 1583، ومسلم 2/ 936، رقم 1286، والدارمي 2/ 80، رقم 1880، وأبو داود 2/ 191، رقم 1923، والنسائي 5/ 258، رقم 3023، وابن ماجه 2/ 1004، رقم 3017، وابن خزيمة 4/ 266، رقم 2845، والطحاوي 2/ 223.
إنما يحدث عن مسروق عن عائشة، وقال أبو زرعة: الشعبي عن معاذ مرسل، وسمعت أبي يقول: الشعبي لم يسمع من ابن عمر.
وفي "تاريخ البخاري الأوسط" و"الكبير": ثنا عمرو بن مروان، ثنا شعبة، عن منصور بن عبد الرحمن، عن الشعبي، قال: أدرك خمس مائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو أكثر. وفي كتاب "الفرائض": هو أول من صنف في علم الفرائض وحسابه.
وذكر أبو الفرج الأموي في "تاريخه الكبير" حكاية فيها نظر، وهي: ثنا الجوهري، ثنا عمر بن شبة، ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، ثنا عمر ابن أبي زائدة، عن الشعبي، قال: ذكر الشعر عندهم عمر بن الخطاب، فقال: من أشعر الناس؛ قلنا: أنت أعلم يا أمير المؤمنين. قال: فمن الذي يقول
(1)
: [البسيط]
إلا سليمان إذ قال الإله له
…
قم في البرية فاحددها عن الفند
قلنا: النابغة، فهو أشعر الناس.
ولما ذكره ابن حبان في "الثقات" قال: كان فقيهًا شاعرًا، مولده سنة عشرين، ومات سنة تسع ومائة على دعابة فيه، وقد نيف على الثمانين.
وذكر ابن السمعاني في كتابه "ذيل تاريخ بغداد": أن الشعبي دخل على بعض أمراء الكوفة فوجده يتمثل بيتي الشعبي، ثم رفع رأسه فرأى الشعبي، فاستحى وسكت، فقال له الشعبي
(2)
: [مجزوء الرمل]
فُتن الشعبي لمَّا
…
رفع الطرف إليها
فَتَنَتْه حين ولَّت
…
ثم هزَّت منكبيْها
وهي أبيات طويلة منها:
فتنته بقوام
…
وبخطَّي حاجبيها
وبنان كالمداري
…
وبحسن معصميْها
من فتاةٍ حين قامت
…
رفعت مأمتيها
فقضى جورًا على الخصـ
…
ـم يقض عليها
(1)
انظر: شرح نهج البلاغة 20/ 109، الأغاني 11/ 6، الحيوان 6/ 223، المعلقات العشر 6/ 2، جمهرة أشعار العرب 1/ 2، خزانة الأدب 3/ 374، ديوان النابغة الذبياني 1/ 20.
(2)
انظر: شرح نهج البلاغة 17/ 66، العقد الفريد 1/ 26، المستطرف 1/ 223، بهجة المجالس 1/ 178، نهاية الأرب 41/ 11، نثر الدر 2/ 110.
كيف لو أبصر منها
…
نحرها أو ساعديها
لصبا حتى تراه
…
ساجدًا بين يديها
بنت عيسى بن جراد
…
ظلم الخصم لديها
قال للجواز قرِّبـ
…
ـها وأحضِر شاهدَيها
قال ابن السمعاني: وهذه الأبيات تنسب للبارقي الشاعر، وكانت بنت عيسى زوجه، فقال له الشعبي: إنما قضيت بالحق، فإن كنت كاذبًا فأعمى اللَّه بصرك. قال: فعمي الرجل.
وفي "الجمهرة" للكلبي: هو لهذل الأشجعي. وقال ابن قتيبة، والجيشاري في كتابه" الوزراء والكتاب": كان الشعبي كاتب عبد اللَّه بن مطيع العدوي، وكاتب عبد اللَّه بن يزيد الخطمي عامل ابن الزبير على الكوفة، وكان مَزاحًا.
وفي كتاب "البصائر والذخائر" لأبي حيان الوحيدي: قال الحجاج للحسن والشعبي: ما تقولان في علي بن أبي طالب؛ فأثنى عليه الحسن، وقال فيه الشعبي، فوصل الحجاج الحسن وأكرمه وحرم الشعبي، فقال الشعبي: يا أبا سعيد؛ قلت الحق فلم يضرك، وقلت الباطل فلم ينفعني.
وفي "الأنساب" لأبي محمد الرشاطي: مولده سنة تسع عشرة، ومات أول سنة ست ومائة. وقال الحاكم في تاريخ بلده: تواترت عنه الروايات أنه لقي أربع مائة من الصحابة، ودخل على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال أبو العباس عبد اللَّه بن طاهر: كان الناس أربعة: ابن عباس في زمانه، والشعبي في زمانه، والقاسم بن معن في زمانه، وأبو عبيد بن سلام في زمانه.
وقال قتيبة بن مسلم -يعني: الأمير-: العجب من الشعبي يحدّثني عن النعمان، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحلال بيِّن والحرام بيِّن وبينهما أمور مشتبهات، فمن وقع في الشبهات وقع في الحرام
(1)
". ثم يسألني أن أقسم على الجند جعلا يأخذه عند العطاء، قال: يحتمل ذاك للشعبي لفقهه وأدبه، وما رأيت أكمل منه.
ثنا أبو العباس السياري، ثنا عيسى بن محمد، ثنا العباس بن مصعب، ثنا أحمد بن
(1)
أخرجه أحمد 4/ 270، رقم 18398، والبخاري 1/ 28، رقم 52، ومسلم 3/ 1219، رقم 1599، وأبو داود 3/ 243، رقم 3329، رقم 3330، والترمذي 3/ 511، رقم 1205 وقال: حسن صحيح. والنسائي 7/ 241، رقم 4453، وابن ماجه 2/ 1318، رقم 3984، وأخرجه أيضًا: الدارمي 2/ 319، رقم 2531، والبيهقي 5/ 264، رقم 10180.
يحيى بن بشير الباهلي، حدثني علي بن الحسين بن واقد، ثنا أبي، قال: رأيت الشعبي، يعني: في نيسابور، دخل المسجد الذي على باب المدينة، وعليه قلنسوة نمور وقباء ثعالب، فقال الناس: هذا فقيه أهل العراق.
وفي "تاريخ الخطيب" عن أبي إسحاق: الشعبي أكبر مني بسنة أو سنتين. وقال الزهري: العلماء أربعة: ابن المسيب بالمدينة، والشعبي بالكوفة، والحسن بالبصرة، ومكحول بالشام.
وقال أبو أسامة: كان عمر بن الخطاب في زمانه رأس الناس وهو جامع، وبعده ابن عباس، وبعد ابن عباس الشعبي، وبعده الثوري. وقال محمد ابن سيرين للهذلي: يا أبا بكر؛ إذا دخلت الكوفة فاستكثر من حديث الشعبي، فإنه كان يسأل وإن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لأحياء.
وعن الشعبي، قال: لقد نسيت من العلم ما لو حفظه رجل لكان به عالمًا، وما سمعت منذ عشرين سنة من يحدث بحديث، إلا وأنا أعلم به منه وما أروي شيئًا أقل من الشِّعر، ولو شئت أنشدتكم شهرًا لا أعيد، ولما قيل له: كم أتى عليك يا أبا عمرو، قال
(1)
:
نفسي تشكي إلى الموت مرجفة
…
وقد حملتك سبعًا بعد سبعينا
إن تحدثي أملا يا نفس كاذبة
…
إن الثلاثة توفين الثمانينا
وفي "مسند البزار": عند الشعبي من الصحابة ما بين رجل وامرأة نحو من خمسين، أو نحو ذلك.
وفي كتاب "أنساب العجم" لأبي عبيدة معمر بن المثنى: قال الشعبي: كان لكسرى اثنا عشر ألف وصيفة، وكانت أُمّي منهنَّ.
وقال الطبري في "طبقات الفقهاء": كان ذا أدب وفقه وعلم، وكان يقول: ما مات ذو قرابة لي وعليه دَيْن إلا قضيته عنه، ولا حللت حبوتي إلى شيء ممَّا ينظر الناس إليه، ولا ضربت مملوكًا لي قط.
وعند التاريخي: لما هلك الشعبي قال الحسن: إن موته في الإسلام ثلمة. وفي كتاب الداني: أخذ القراءة عن أبي عبد الرحمن السلمي وعلقمة. وفي كتاب الصريفيني: مكث في بطن أُمّه سنتيْن.
(1)
انظر: خزانة الأدب 2/ 220، المعمرون والوصايا 1/ 25.
وفي "تاريخ ابن أبي خيثمة": عن أبي حصين، قال: ما رأيت أحدًا أعلم من الشعبي، فقال له أبو بكر ابن عياش: ولا شريح. فقال: تريدني أكذب، ما رأيت أعلم من الشعبي.
وفي كتاب المنتجيلي: وُلد لسنتين مضتَا من خلافة عمر، وكان يقول: لولا أني زوحمت في الرحم، ما قامت لأحد معي قائمة. وقيل له عند الموت: ما تأمرنا؟ فقال: ما أنا بعالم وما تركت عالمًا. وما اجتمع إبراهيم والشعبي، إلا سكت إبراهيم.
وعن ابن عون، قال: كان الشعبي عريفًا، وعن عبيد بن عبد الملك، قال: دخلت على الشعبي وهو جالس على جلد سبع، فسألته عن شيء فأجابني، فلما ذهبت أخرج، قالت لي امرأة في البيت: ليس كما قال لك، إنما هو كذا وكذا، فرجعت فأعدت عليه المسألة، فقال كما قالت، وإذا هي أُم ولده.
وقال سفيان: خرج الشعبي إلى المدينة خرجة، فجاء وقد رجع عن عامة قول الكوفيين، فقال له إبراهيم: ما كان أغنانا عن خرجتك هذه. وقيل للشعبي: أين كتبك التي حفظت بها هذا العلم؟ فقال: ما كتبت منها واوًا ولا ألفًا، قيل: فكيف حفظت، قال: كان لي لسان نطوق وقلب وعَّاء. وقال أبو إسحاق الحبال في "أسماء رجال الشيخيْن": كان واحد زمانه في فنون العلم.
وقال ابن يونس: بلغ عبد العزيز بن مروان براعته وعقله، وطيب مجالسته، فكتب إلى أخيه عبد الملك أن يرسل الشعبي ففعل، وكتب إليه: إني آثرتك به على نفسي، فلا يمكث عندك إلا شهرًا أو نحو شهر.
وفي كتاب "من دخل مصر من الشعراء" للصولي: كان الشعبي يخرج من عند عبد العزيز، فلا يسأله أحد من أهل مصر عن شيء، فقال لهم يومًا: يا أهل مصر، إما أن تكونوا أعلم الناس فقد استغنيتم عني، أو أجهل الناس فما لكم حاجة إلى مثلي.
وفي "الكامل" للمبرد: لما وَجَّهه عبد الملك بن مروان إلى صاحب الروم فكلمه، قال له صاحب الروم بعد انقضاء ما بينهما: أمن أهل بيت المملكة أنت؟ قال: قلت: لا، ولكني من العرب، فبعث معي رقعة وقال: إذا أديت جواب ما جئت له، فأذ هذه الرقعة إلى صاحبك، فلما رجعت إلى الخليفة، وأعطيته جواب كتابه، وخبرته ما دار بيننا، نهضت ثم ذكرت الرقعة، فرجعت ودفعتها إليه، فلما ولّيت دعاني، فقال: أتدري ما في هذه الرقعة؟ قلت: لا. قال فيها: العجب لقوم فيهم مثل هذا، كيف ولُّوا أمرهم غيره. قال: أتدري ما أراد بهذا؟ قلت: لا. قال: حسدني عليك، فأراد أن أقتلك. قال: فقلت: