الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثاني: إطلاقه روايته عن ثوبان، المشعرة عنده بالاتصال، مردود بما في "تاريخ البخاري الكبير": سمع جُعيلا، وعن ثوبان روى عنه يزيد ابن أبي داود.
وفي كتاب "الإخوة" لأبي داود سليمان بن الأشعث: وهو أخو عمران ومسلم، وكانوا ستة: اثنان شيعيَّان، واثنان مرجئان، واثنان خارجيان، وقال قوم أيضًا: سوادة بن الجعد. وهشيم يقول: ابن الجعد.
وذكره ابن خلفون في "الثقات". وخرج ابن حبان حديثه في "صحيحه"، وكذلك الحاكم النيسابوري.
3021 - (ع) عبد اللَّه بن جعفر بن أبي طالب أبو جعفر الهاشمي المدني
(1)
ذكر أبو زكريا ابن منده أن النبي صلى الله عليه وسلم أردفه وأسرَّ إليه حديثًا. قال ابن حبان: كان يصفِّر لحيته، وهو الذي يقال له: قطب السخاء، وكان يوم توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ابن عشر.
وقال ابن السكن: يقال: كان سخيًّا، لا يُعطى شيئًا إلا فرقه من ساعته، فلما مات معاوية وابنه يزيد، جفاه من بعدهما فدعا، فما أتت عليه إلا أيام حتى مات، أدركه أبو الزياد، ويقال: توفي سنة اثنتين وثمانين.
وقال أبو نعيم الحافظ: بايع النبي صلى الله عليه وسلم هو وابن الزبير وهو ابن سبع سنين. وقال المدائني وخليفة بن خياط: توفي سنة أربع وثمانين، زاد خليفة: ويقال: سنة اثنتين، وكان يخضب بالحناء. وقال ابن نمير: توفي سنة ست وثمانين.
وقال ابن عبد البر: توفي سنة خمس وثمانين، وكان جوادًا كريمًا، طريفًا حليمًا عفيفًا، ولا يرى بسماع الغناء بأسًا، ويقولون: إن أجواد العرب في الإسلام عشرة: ابن جعفر، وعبيد اللَّه بن العباس، وسعيد بن العاص، وعتاب بن ورقاء، وأسماء بن خارجة، وعكرمة الفياض، وابن معمر، وطلحة الطلحات، وابن أبي بكرة، وخالد بن عبد اللَّه بن خالد بن أسيد، وليس فيهم كلهم أجود من ابن جعفر، لم يكن مسلم يبلغ مبلغه
(1)
انظر: تهذيب الكمال 2/ 670، تهذيب التهذيب 5/ 170، 294، تقريب التهذيب 1/ 406، 228، خلاصة تهذيب الكمال 2/ 46، الكاشف 2/ 77، تاريخ البخاري الكبير 3/ 7، 5/ 7، الجرح والتعديل 5/ 21، أسد الغابة 3/ 198، تجريد أسماء الصحابة 1/ 302، الإصابة 4/ 40، الإصابة 3/ 880، الوافي بالوفيات 17/ 107، طبقات ابن سعد 5/ 124، 145، الثقات 3/ 207، أسماء الصحابة الرواة ت 103.
في الجُود.
وفي كتاب ابن الأثير عن الأصمعي، قال: حدثني العمري أو غيره: أن عبد اللَّه بن جعفر أسلف الزبير بن العوم ألف ألف درهم، فلما قُتل الزبير، قال عبد اللَّه بن الزبير لابن جعفر: إني وجدت في كتب أبي أن له عليك ألف ألف درهم. قال: هو صادق، فاقبضها إذا شئت، ثم لقيه فقال: وَهمت يا أبا جعفر؛ المال لك أنت عليه، فاختر إن شئت فهو له، وإن كرهت ذلك فله فيه نظرة ما شئت، وإن لم تر ذلك فبعني من ماله ما شئت، فقال: أبيعك، ولكني أقوم فقوم الأموال، ثم أتاه فقال: أحب ألا يحضرني وإياك أحد. قال: فانطلقا وأعطاه ابن الزبير مكانًا خرابًا وشيئًا لا عمارة فيه، وقوّمه عليه، حتى إذا فرغ قال ابن جعفر لغلامه: ألق لي في هذا الموضع مصلى، فألقى له في أغلظ موضع من تلك مصلى، فصلى ركعتيْن وسجد يدعو، فلما فرغ قال لغلامه: احفر موضع سجودي، فحفر فإذا عين قد أنبطها، فقال ابن الزبير: أقلني. قال: أما دعائي الذي أجابه اللَّه تعالى فلا أقيلك، فصار ما أخذ ابن جعفر أعمر مما في يد ابن الزبير، ولما توفي حمله أبان، فما فارقه حتى وضعه بالبقيع، وإن دموعه لتسيل على خديْه وهو يقول: كنت واللَّه خيرًا لا شر فيك، وكنت واللَّه شريفًا واصلا برًّا، ورُئي على قبره مكتوب، وأجمع أهل الحجاز، والبصرة، والكوفة، أنهم لم يسمعوا بيتيْن أحسن منهما، وَهُمَا:[الطويل]
مقيم إلى أن يبعث اللَّه خلقه
…
لقاؤك لا يُرجى وأنت قريب
تزيد بلى في كل يوم وليلة
…
وتُنسى كما تبلى وأنت حبيب
وقيل: توفي سنة خمس وثمانين، وقيل: كان عمره إحدى -وقيل: اثنتان- وتسعون سنة.
وذكر الأصبهاني: أنه أول من اتخذ الغلمان والمماليك للغناء وعلمهم إياه. وفي كتاب الكلاباذي: يقال: أنه عند وفاته صلى الله عليه وسلم بلغ العشرين.
وفي كتاب ابن سعد: من ولده: جعفر، وعلي، وعون الأكبر، ومحمد، وعباس، وحسين، وعون الأصغر، وأبو بكر، ومحمد، وصالح، ويحيى، وهارون، وموسى، وجعفر، وحميد، والحسين، وجعفر، وأبو سعيد، وإسحاق، وإسماعيل، ومعاوية، وقثم، وعباس. ودعا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لعبد اللَّه حين رآه يساوم بشاة، فقال:"اللهم بارك له في صفقته"، وفي لفظ:"في تجارته"؛ قال عبد اللَّه: فما بعت شيئًا ولا اشتريت إلا بُورك لي فيه؛ وكان يتختم في يمينه، وكان فوهه قد خرب وسقطت أسنانه، فكان يُعمل له الثريد والشيء اللين فيأكله.
وفي كتاب العسكري: توفي وله سبعون، قاله مصعب، وقال بعضهم: ابن ثمانين. قال أبو أحمد: وهذا أشبه من قول مصعب؛ لأن عام الجحاف سنة ثمانين لا شك فيه، وقال ابن عبد ربه: كان كاتبًا لعلي بن أبي طالب.
وقال المرزباني في "المعجم": له كنيتان: أبو جعفر، وأبو إسحاق، وكان أجود الناس كفًّا وأسخاهم، وهو القائل لما كثر اللوم عليه في إنفاقه ماله:[المديد]
لست أخشى خلة العدم
…
ما نهمت اللَّه في كرم
كلما أنفقت يخلفه لي
…
رب واسع النعم
وهو القائل في رواية عمر بن شبة: [البسيط]
ولا أقول نعم يومًا فأتبعها
…
بلا ولو ذهبت بالمال والولد
ولا ائتُمنت على سرٍّ فبُحت به
…
ولا مددت إلى غير الجميل يدي
وفي "تاريخ دمشق": كنيته أبو محمد، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "جعفر أشبه خَلقي وخلُقي، وأنت يا عبد اللَّه أشبه خلق اللَّه تعالى بأبيك
(1)
"، وقال له أيضًا: "هنيئًا لك خُلقت من طينتي". وقال عبد الملك بن مروان: سمعت أبي يقول: سمعت معاوية يقول: رجل بني هاشم عبد اللَّه بن جعفر، ولكل شرف، لا واللَّه ما سابقه أحد إلى شرف إلا سبقه، وإنه لمن مشكاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، واللَّه لكأن المجد نازلا منزلا لا يبلغه أحد وعبد اللَّه نازل وسطه.
وذكروا أن أعرابيًّا وقف على مروان بن الحكم أيام الموسم بالمدينة، فسأله فقال: يا أعرابي؛ ما عندنا ما نصلك به، ولكن عليك بابن جعفر؛ فأتى الأعرابي باب عبد اللَّه، فإذا ثقله قد سار نحو مكة، وراحلته بالباب عليها متاعها وسيف معلق، فلما رأى الأعرابي عبد اللَّه أنشأ يقول:[الطويل]
أبو جعفر من أهل بيت نبوة
…
صلاتهم للمسلمين طهور
أبا جعفر إن الحجيج ترحلوا
…
وليس لرحلي فاعلمن بعير
أبا جعفر ظن الأمير بمالِه
…
وأنت على ما في يديك أمير
أبا جعفر يا ابن الشهيد الذي
…
له جناحان في أعلى الجنان يطير
أبا جعفر ما مثلك اليوم أرتجي
…
فلا تتركني بالفلاة أدور
(1)
أخرجه العقيلي في الضعفاء 4/ 155، ترجمة 1725، وابن عساكر 27/ 261.
فقال: يا أعرابي؛ سار الثقل فعليك بالراحلة وما عليها، وإياك أن تخدع عن السيف، فإني أخذته بألف دينار، فقال الأعرابي:[الطويل]
حباني عبد اللَّه نفسي فداؤه
…
بأعيس موار سباط مشافره
وأبيض من ماء الحديد كأنه
…
شهاب بدا والليل داج عساكره
فكل امرئ يرجو نوال ابن جعفر
…
سيجزي له باليمن واليسر طائره
فيا خير خلق اللَّه نفشا ووالدًا
…
وأكرمه للجار حين يجاوره
سأثني بما أوليتني يا ابن جعفر
…
وما شاكر عرفًا كمن هو كافره
وذكر ابن ظفر في كتاب "نجباء الأبناء": أن سفيان بن حرب دخل على أم حبيبة زوج النبي، فوجد عندها عبد اللَّه بن جعفر، فقال لها: أي بنية، من هذا الغلام الذي يتواضع كرمًا، ويتألق شرفًا، ويتمنع حياء؟ فقالت: من بطنة يا أبه. فقال: أما الشمائل بهاشمية؟ فقالت: نعم، هو هاشمي من بطنة من بني هاشم؛ فتأمله ثم قال: إن لم يكن ولده جعفر، فلست بسداد البطحاء. فقالت: هو ابن جعفر. فقال أبو سفيان: أما إن قابلت من خلف مثل هذا.
وقيل: إن أبا بكر جاءه مال، فقسم لأبناء المهاجرين وبدأ بأهل البيت، وأراد أعرابي أن يدخل معهم إلى أبي بكر فمُنع، وجاء عبد اللَّه بن جعفر وهو صبي، فلما رآه أبو بكر بالباب قال: مرحبًا بابن الطيار ادخل، فسمعها الأعرابي فقبض على يد ابن جعفر وهو لا يعرفه، إنما سمع كلمة الصديق فعلم أنه ممكن عنده، وأنشأ يقول:
ألا هل أتى الطيار أني مسجلا
…
عن الورد والصديق يراد يسمع
وما صران لم يأته ذاك فإنه
…
نهوض تعب الخيار ندب سميدع
فقال له ابن جعفر: كن بمكانك، ودخل فأعطاه الصديق ألف درهم، فخرج فأعطاها للأعرابي.
وقال يعقوب بن سفيان: أمَّره علي بن أبي طالب يوم صفين، وكان الحسين بن علي يقول: عَلَّمنا ابن جعفر السخاء، وكتب إليه رجل رقعة، ثم جعلها في ثني وسادته التي يتكئ عليها، فلما قلب عبد اللَّه الوسادة وبصر بالرقعة، قرأها وردها في موضعها وجعل مكانها خمسة آلاف دينار، فجاء الرجل فقيل له: اقلب الرقعة وانظر ما تحتها فخذه؛ فأخذ الرجل المال وقال: [الرمل]
زاد معروفك عندي عِظَمًا
…
أنه عندك مستور حقير