الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: نعم".
وقال محمد بن عمر الواقدي، فيما ذكره كاتبه: ليس له عقب، وكان يكتب في الجاهلية، واستخلفه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين خرج إلى غزوة بدر الموعد، وبعثه سرية في ثلاثين راكبًا إلى أسير بن رازم اليهودي، وبعثه خارصًا فلم يزل يخرص عليهم إلى أن مات، رحمه اللَّه تعالى.
وقال يعقوب بن سفيان الفسوي: عبد اللَّه بن رواحة بن مالك بن امرئ القيس من بلحارث بن الخزرج، ثم من بني امرئ القيس بن ثعلبة نقيب بني الحارث بن الخزرج.
وفي كتاب أبي نعيم: امرئ القيس بن ثعلبة بن عبد عمرو بن امرئ القيس، له في الإسلام المناقب المذكورة والأيام المشهورة. . . .، زاد ابن إسحاق: ابن ثعلبة، وتبعهما الطبراني. وذكر أبو عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله بكتاب إلى زرعة بن سيف بن ذي يزن.
وفي كتاب ابن عساكر: قُتل يوم أُحد، قال ابن منده: نسبه ابن إسحاق وابن أبي خيثمة، وقال غيرهما: قُتل يوم مؤتة. وفي جزء أبي هريرة مرفوعًا: "نعم الرجل عبد اللَّه بن رواحة".
وفي "أنساب الخزرج" لشيخنا الحافظ التوني: وكان ثابت بن قيس بن شماس أخاه لأمه، وأخته محبة بنت واقد ابن أبي الدرداء، وعقبه الآن موجود بالشام ومصر، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "قل شِعرًا تقتضيه الساعة وأنا انظر إليك. فانبعث مكانه يقول: [البسيط]
إني تفرَّست فيك الخير أعرفه
…
واللَّه يعلم أن ما خانني البصر
أنت النبي ومن يُحرم شفاعته
…
يوم الحساب فقد أزرى به القدر
فثبَّت اللَّه ما آتاك من حسن
…
تثبيت موسى ونصرًا كالذي نُصروا
فقال له عليه الصلاة والسلام: وأنت فثبتك اللَّه يا ابن رواحة". وكان فارسًا، شاعرًا، شريفًا، في الجاهلية والإسلام، مجتهدًا في العبادة.
3102 - (ع) عبد اللَّه بن الزبير بن العوام أبو بكر، ويقال: أبو خبيب
(1)
(1)
انظر: تهذيب الكمال 2/ 682، تهذيب التهذيب 5/ 213، 371، تقريب التهذيب 1/ 415 ، 304، خلاصة تهذيب الكمال 2/ 56، الكاشف 2/ 86، تاريخ البخاري الكبير 3/ 6، تاريخ البخاري الصغير 1/ 159، 164، الجرح والتعديل 5/ 56، أسد الغابة 3/ 242، الحلية 1/ 329، 337، =
ذكر أبو هلال العسكري في كتاب "الأوائل": أنه رأى أباه يختلف إلى أُمّه وهو صغير، فأخذ سيفًا وقال: إني لا يحسن بي أن تكون لي أم تُوطأ، ولئن عدت إليها لأخالطنك السيف، وذكر ابن ظفر أن عمر بن الخطاب مرَّ به وهو صبي يعلب مع الصبيان، ففرُّوا ووقف عبد اللَّه، فقال: ما لك لم تفزع مع أصحابك؟ قال: يا أمير المؤمنين؛ لم أجرم فأخافك، ولم تكن الطريق ضيقة فأوسع لك.
وكان أول ما عُلم من أمره، أنه كان ذات يوم يلعب مع الصبيان وهو صبي، فمرَّ رجل فصاح عليهم ففرُّوا، ومشى ابن الزبير القهقرى، وقال: يا صبيان؛ اجعلوني أميركم وأشد بكم عليه.
وذكر أبو عبيدة معمر أنه كان ينحل ويقول: إنما بطني شبر في شبر، وذكر أشياء اللَّه أعلم بصحتها.
وقال بلال بن جرير يمدحه:
مدَّ الزبير أبوك إذ يبني العلا
…
كَفَّيْك حتى طالت العيُّوقا
ولو أن عبد اللَّه فاضل من مشى
…
فضل البرية عزَّة ومسوقا
قومٌ إذا ما كان يوم نفورةٍ
…
جمع الزبير عليك والصّدّيقا
لو شئت ما فاتوك إذ حاربتهم
…
ولكنت بالسبق المبر حقيقا
لكن أتيت مصليًّا برًّا بهم
…
ولقد ترى ونرى لديك طريقا
وقال أبو نعيم: كان صوَّامًا قوامًا، بالحق قوالا، وللرحم وصالا، شديدًا على الفجرة، ذليلا على الأتقياء، له جمة طويلة مفروقة.
وكناه الحاكم: أبا بكر. قال: وقيل: أبو بكر بُعثت رأسه إلى خراسان فدُفنت بها، وقال عبد اللَّه بن أحمد بن حنبل: بقباء.
وفي كتاب الزبير: سمَّاه النبي صلى الله عليه وسلم: عبد اللَّه. وقال: سميته بجبريل عليه السلام، وأول شيء دخل بطنه ريق النبي صلى الله عليه وسلم، وكانت ولادته في شوال، وأذن أبو بكر في أُذنه بأمره صلى الله عليه وسلم. وقال مصعب: سمعت أصحابنا يقولون: وُلد سنة الهجرة، وضعفه، قال: فلما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم
= البداية والنهاية 8/ 283، تجريد أسماء الصحابة 1/ 311، الإصابة 4/ 89، الاستيعاب 3/ 905، طبقات ابن سعد 9/ 117، الوافي بالوفيات 17/ 172، الثقات 3/ 212، أسماء الصحابة الرواة ت 88.
ليحنكه قال: "أهو هو؟ ليمنعن البيت، أو ليموتن دونه"؛ ففي ذلك يقول العقيلي:
بر يبيِّن ما قال الرسول له
…
من الصلاة لضاحي وجهه علم
حمامة من حمام البيت قاطنة
…
لا يتبع الناس إن جاروا وإن ظلموا
وقال عمي: كان عارضاه خفيفيْن، فما اتصلت لحيته حتى بلغ ستين سنة. انتهى.
زعم المبرد أن عبد اللَّه قال: عالجت لحيتي لتتصل إلى أن بلغت ستين سنة، فلما أكملتها يئست منها، وكذا ذكره الجاحظ. وذكره ابن منده في "الأرداف".
قال الزبير: وقيل: وُلد بعد الهجرة بسنتيْن، وهو أول من صف رجليْه في الصلاة، فاقتدى به كثير من العباد، وكان قد قسم الدهر على ثلاث ليال: فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح. وكان يواصل الصيام سبعًا، يصوم يوم الجمعة فلا يفطر إلا ليلة الجمعة الأخرى، ويصوم بالمدينة فلا يفطر إلا بمكة، وكان إذا أفطر يفطر على لبن لقحة بسمن بقر وصبر.
وقال القاسم: ما كان أحد أعلم بالمناسك منه، وهو أول من كسى الكعبة الديباج، وإن كان يطيبها حتى يجد ريحها مَن دخل الحرم، وسمع معاوية ابن أبي سفيان رجلا وهو يقول:
ابن رقاش ماجد سميدع
…
يأتي فيعطي عن يد أو يمنع
فقال: ذاك عبد اللَّه بن الزبير. وسُئل سعيد بن المسيب عن خُطباء قريش في الإسلام، فقال: معاوية، وابنه، وعبد اللَّه بن الزبير، وسعيد، وابنه، وكان عبد اللَّه لا ينازع في ثلاثة: شجاعة، وعبادة، وبلاغة. وفيه يقول أبو ذؤيب الهذلي ورأى شجاعته في غزوه إفريقية:[المتقارب]
فصاحب صدق كسيد الضرا
…
ء ينهض في الغزو نهضًا نَجيحا
يريع الغزاة وما إن ير
…
يع مُضطبرًا طرفاه طليحا
وشيك الفضول بعيد القُفو
…
ل إلا مُشاحًا به أو مُشيحا
قد أبقى لك الأين من جسمه
…
نواشر سيدٍ ووَجْهًا صبيحا
أربت لإربته فانطلقـ
…
ـت أُزجي لحبِّ اللإياب السنيحا
وقال نعيم بن مسعود الشيباني يرثيه وأخاه مصعبًا:
ألا إن هذا الدين من بعد مصعب
…
وبعد أخيه قد تنكر أجمع
وأن ليس للدنيا بهاء وريشها
…
لقد كان زحفًا وافر الفرع أفرع
فللدِّين والدنيا بكينا وإنما
…
على الدِّين والدنيا لك الخير يجزع
على ابن حواري النبي تحية
…
من اللَّه إن اللَّه يعطي ويمنع
فتى كل عام مرتين عطاؤه
…
وغيث لنا فيه مصيف ومربع
فصممت الآذان من بعد مصعب
…
ومن بعد عبد اللَّه فالأنف أجدع
وفي "تاريخ دمشق": ذكره ابن عباس فقال: كان قارئًا لكتاب اللَّه عفيفًا في الإسلام، إني لأحاسب له نفسي محاسبة لم أحاسبها لعمر.
وقال الشافعي: مات النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن تسع سنين. وكان إذا سجد وقعت العصافير على ظهره، لا تراه إلا جذم حائط، وكان يشبه أبا بكر جده، وقام يومًا يصلِّي فسقطت حية من السقف على ابنه هاشم، فتطوت على بطنه وهو قائم، فصاح أهل البيت ولم يزالوا بها حتى قتلوها، وهو يصلي ما الْتَفَت ولا عجل، وكان يُسمى: حمام المسجد، وكان لا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام، ومكث أربعين سنة لم ينزع ثوبه عن ظهره، وكان إذا دخل رمضان، أكل أكلة واحدة في نصف الشهر، ورُئي يومًا يطوف بالبيت سياحة، وكانت لحيته صفراء وجمته إلى العنق، وكان صييتًا يشبه كلام أبي بكر وبلاغته، وفيه يقول النابغة الجعدي:[الطويل]
حكيت لنا الصّدّيق لما وليتنا
…
وعثمان والفاروق فارتاح مُعدِم
وسوَّيت بين الناس في الحقّ فاستووا
…
فعاد صباحًا حالِكُ الليل مُظلم
أتاك أبو ليلى تجوب به الدُّجى
…
دُجى الليل جوَّابُ الفلاة عَثَمثَم
لتجبُر منه جانبًا زعزعت به
…
صُرُوف الليالي والزمان المُصمِّم
ولما سمعت عائشة رجلا يرتجز ويقول: [الرجز]
أنشد من كان بعيد الهم
…
يدلني اليوم على ابن أم
له أب باذخ أشم
…
وأمه كالبدر ليل تم
مقابل الخال كريم العم
…
يجيرني من زمن ملم
جرعني أكؤسه بسم
فقالت له: ذاك عبد اللَّه بن الزبير.
وكان يمكث الخميس والسبت لا يذهب لحاجته، وكان بين عينيه مثل مبرك البعير، وكانوا يسمعون كل ليلة زمن قتله قائلا يقول ولا يرون شخصه:[الطويل]
ليبك على الإسلام من كان باكيًا
…
فقد أوشكوا هُلكى وما قدُم العهد