الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3249 - (س) عبد اللَّه بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب الخطابي، أبو محمد، وقيل: أبو عمر
(1)
قال الخطيب: قال الحافظ أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق: إنه سكن بغداد، والصواب: أنه كان بالبصرة.
وقال مسلمة في كتاب "الصلة": روى عنه بقي بن مخلد، وقد أسلفنا من تاريخ ابن عبد البر: أن بقيًّا لا يروي إلا عن ثقة عنده.
وقال ابن قانع: صالح.
وذكره ابن حبان في كتاب "الثقات". وخرج حديثه في "صحيحه" فيما رأيته في كتاب الصريفيني.
وقال أبو محمد ابن الأخضر في "مشيخة البغوي": كان ثقة.
3250 - (د) عبد اللَّه بن عمر بن غانم، أبو عبد الرحمن الرعيني قاضي إفريقية
(2)
قال أبو العرب حافظ المغرب في "طبقات بلده": كان ثقة نبيلا فقيهًا، ولي القضاء بعد ماتع بن عبد الرحمن، وكان عدلا في قضائه، ولاه روح بن حاتم في رجب سنة إحدى وسبعين ومائة وهو يومئذ ابن اثنتين وأربعين سنة، وكان يكتب إلى ابن كنانة يسأل له مالكًا عن أحكامه، سمع من: سفيان بن سعيد الثوري، ومن عثمان بن الضحاك بن غسان المدني، ومن غيرهم، لقد حدثني محمد بن حفص: أن أبا عثمان كان صديقًا لابن غانم، وكان قد رحل معه إلى مالك، فجلس أبو عثمان مع ناس فقالوا: إن ولاية ابن غانم لم تكن من أمير المؤمنين، إنما كانت من المسودة بعيون الجند، فقال أبو عثمان: امرأته طالق ومماليكه أحرار إن كان ولاه إلا أمير المؤمنين، ثم أتى أبو عثمان إلى غانم، فأخبره الخبر، فقال ابن غانم: كم كان صداق زوجتك الذي تزوجتها به؟ قال: مائتا دينار، قال: وكم شراء مماليكك عليك؟ قال: مائة دينار، قال: فدعا ابن غانم بكيس وعد لأبي عثمان ثلاثمائة دينار، وقال: خذها يا أبا عثمان؛ فقد بانت منك امرأتك، وعتق عليك مماليكك.
وله مناقب كثيرة تركتها كراهية التطويل، وقال لي أحمد بن يزيد: وكان موت ابن
(1)
انظر: تهذيب الكمال 15/ 341، تهذيب التهذيب 12/ 288.
(2)
انظر: تهذيب الكمال 15/ 343، تهذيب التهذيب 5/ 319.
غانم سنة تسعين ومائة في شهر ربيع الأول وهو ابن أربع وستين سنة، وكان لعبد اللَّه بن عمر أخ، يقال له: سعيد، قد كتب عنه وروى عن أخيه عبد اللَّه بن عمر بن غانم.
وذكر حمدين بن محمد العطار: أنه سمع سحنون بن سعيد يقول: مات رجل يقال له الزقاق من أصحاب البهلول وكان فاضلا، فحضره ابن غانم والبهلول وعبد اللَّه بن فروخ، فأتى بجنازته وجنازة ابن صخر المعتزلي فصلى على الزقاق، ثم قدم ابن صخر، فقالوا لابن غانم: الجنازة، فقال: كل حي ميت، قدموا دابتي، فركب ولم يصل عليه وفعل مثله الآخران.
وقال أبو بكر عبد اللَّه بن محمد في كتابه "طبقات علماء القيروان": أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر بن غانم بن شرحبيل بن ثوبان الرعيني قاضي إفريقية وصاحب مالك بن أنس، كان فضله وعلمه وورعه أشهر من أن يذكر، وهو أحد الثقات الأثبات، روى عن: مالك - وعليه معتمده، وروى عن الثوري، وابن أنعم، وخالد بن أبي عمران، وجماعة يطول ذكرهم، ودخل الشام والعراق في طلب العلم ولقي أبا يوسف صاحب أبي حنيفة، وقد أدخله ابن عبدوس في المجموعة، وتوفي سنة تسعين ومائة، وصلى عليه إبراهيم بن الأغلب أمير إفريقية، ودفن بباب نافع، وكان مذكورًا في العرب الذين كانوا بإفريقية أيام بني أمية قبل دخول المسودة بالسخاء والقوة، ذكر: أنه قتل في مجادة الخوارج على حنظلة بن صفوان ثمانين ومائة، روى لنا عنه من طريق داود بن يحيى.
وقال ابن فروخ: دخلت أنا وهو وبهلول على الثوري، فسألناه السماع، فأجاب، وقال: ليقرأ على أعربكم، فإنه ربما قرأ القارئ علي فلحن في قراءته فاخترم نومي وطعامي، فقرأ لنا ابن غانم شهورًا كثيرة فما رأيت الثوري رد عليه في قراءته شيئًا ولا أخذ عليه لحنة واحدة، وكان مالك إذا دخل عليه ابن غانم وقت سماعه أجلسه إلى جنبه، ويقول لأصحابه: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَتَاكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ، فَأَكْرِمُوهُ
(1)
"، وهذا كريم في بلده.
(1)
أخرجه الطبراني في الكبير 11/ 304، رقم 11811. وأخرجه أيضًا: في الأوسط 5/ 369، رقم 5582. قال الهيثمي 8/ 16: رواه الطبراني في الأوسط، والكبير، وفي إسناد الكبير عيينة بن يقظان، وثقه ابن حبان، وكذلك مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث، وفيهما ضعف، وبقية رجال الكبير ثقات.
ولما ولي قضاء إفريقية بشر مالك بذلك أصحابه، وقال لهم: علمتم أن الفتى الرعيني قد استقضى على إفريقية، وكان يسره ذلك. وذكر أن مالكًا عرض عليه أن يزوجه ابنته ويقيم عنده، فامتنع من المقام، وقال: إن أخرجتها معي فعلت.
ولما بلغ عبد اللَّه بن وهب موته غمه غمًا شديدًا، وقال:{وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156] رحمك اللَّه أبا عبد الرحمن لقد كنت قائمًا بهذا الأمر، يريد: الفقه والعلم.
وخرج ابن غانم يومًا ومعه جماعة من أصحابه فوضع بين أيديهم زبدًا في قصعة، فخرقه أحدهم، فقال بعضهم: أخرقتها لتغرق أهلها، فقال له ابن غانم: أتهزأ بكتاب اللَّه تعالى، للَّه علي إن كلمتك أبدًا.
وكان ابن غانم من أحسن الناس همة في نفسه، خلف بعد وفاته كسوة ظهره بألف دينار، وكان ينشد في مجلسه هذين البيتين كثيرًا:
إذَا ما انقَرَضَتْ عنِّي مِنَ العَيْشِ مُدَّتِي
…
فإنَّ غَنَاءَ الباكياتِ قَليلُ
سَيُعْرَضُ عن ذِكْرِي وتُنْسَى مَوَدّتي
…
ويَحْدِثُ بعدي للخليلِ خليلُ
واختلف في من عقد له القضاء، فقيل: الرشيد كتب إليه بعد ذلك كتابًا. وقيل: بل عقده له أمير إفريقية روح بن حاتم واتصل ذلك بالخليفة فأقره، وكان يكاتبه، ولما دخل روح بن حاتم على أبي يوسف القاضي يودعه ويسأله حوائجه، فقال له: بإفريقية شاب يقال له: عبد اللَّه بن غانم قد فقه وهو حسن الحال، فولاه قضاءها، فقال له: نعم.
وبلغ من إكرام الخليفة له وإجلاله ما يفوق المقدار، حتى كتب لابن الأغلب الأمير: أنا أعلمك أني لا أفك لك كتابًا حتى يكون مع كتابك إليَّ كتاب ابن غانم، فكان ابن الأغلب عند ذلك أشد الناس وأكثرهم مداراة وإكرامًا وتعظيمًا لابن غانم، وكان اليوم الذي يجلس فيه للنظر بين النساء يلبس فيه فروًا ذا نسا، ويلقي عينيه بالأرض حتى يتوهم من لم يكن يراه أنه مكفوف، ويزيل الكتاب والحجاب من بين يديه يومئذ، وكان إذا أشرف على إنفاذ حكم على أحد يصلي حزبه من الليل، فإذا جلس في آخر صلاته، عرض ذلك الحكم على اللَّه تعالى، يقول: اللهم إن فلانًا خاصم إلي فلانًا وادعى عليه بكذا، ويذكر الواقعة بعينها، ثم يساله التوفيق والتسديد حتى يطلع الفجر، ومات رحمه الله بالفالج، ولما توفي رأى رجل في النوم قائلا يقول بأعلى صوته:
زأرت ذئاب بعد طول عوائها
…
لما تضمنه القليب الملحد
فتعجب الناس من رؤياه، وبكى عليه الأمير إبراهيم بن الأغلب منتحبًا وغيره حتى فرغوا من دفنه وذلك سنة تسعين ومائة.
وفي كتاب "التعريف بصحيح التاريخ" لأبي جعفر أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد: وفيها -يعني: سنة تسعين ومائة- مات أبو عبد الرحمن عبد اللَّه بن عمر بن غانم وهو قاضي إفريقية وذلك في شهر ربيع الآخر. حدثني الثقة، عن سليمان بن عمران قال: سمعت أسد بن الفرات يقول: كان ابن غانم فقيهًا له عقل وصيانة، وله لما تولى أربعون سنة، وكان يكاتب الرشيد.
ولما ذكره ابن خلفون في كتاب "الثقات" قال: مات في ربيع الآخر، وروى عنه: القعنبي وغيره.
والعجب من المزي ذكر لهذا الرجل ترجمة ضئيلة من غير ذكر وفاة، وقال: قال ابن يونس: دخل الشام والعراق في طلب العلم أحد الثقات الأثبات، ثم قال: قال ابن يونس في موضع آخر: بهلول بن راشد الإفريقي، يقال: ولد بإفريقية سنة ثمان وعشرين ومائة مع عبد اللَّه بن غانم في شهر واحد في ليلة واحدة. فيظن من رأى هذا أنه كفاه مؤنة النظر في كتاب ابن يونس، ولو حلف حالف أنه ما رأى كتاب ابن يونس حالة التصنيف؛ لما كان آثما، ليحسن بمن رأى كتاب ابن يونس أن يدع منه من غير فصل في مثل هذه الترجمة الضيقة عنده.
قال سعيد بن عفير: يقال: إن غانمًا قدم مصر مع جناب بن مرغد الرعيني وكان مولى له، ثم انتموا بعد إلى العرب، فقدم عبد اللَّه بن عمر بن غانم مصر، فنزل في العبل فدخل عليه مظفر بن الصلت العتلي، فسأله عن ولد جناب، فقال: ما أعلم أحدًا أقعد بهم مني، فقال مظفر: هو وارثك ولا ترثه. فارتحل عنهم فنزل الجيزة.
ثنا زيادة بن يونس، ثنا موسى بن عبد الرحمن القطان، عن محمد بن سحنون قال: عبد اللَّه بن عمر بن غانم الرعيني يكنى أبا عبد الرحمن، ولي قضاء إفريقية في رجب سنة إحدى وسبعين ومائة دخول روح بن حاتم إفريقية، وكان مولده سنة ثمان وعشرين ومائة، ومات في شهر ربيع الآخر سنة تسعين ومائة.
وفي كتاب "الطبقات" لأبي إسحاق: هو من أقران ابن أبي حازم ونظرائه عاش بعد مالك نحوًا من ستين.
وخرج الحاكم حديثه في "صحيحه".
وقال ابن حبان: يحدث عن مالك ما لا يحل ذكره.