الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إبدال الميم من النون الساكنة قبل ياء وغيرها]
قال ابن مالك: (وأبدلت الميم من النّون السّاكنة قبل باء، وقد تبدل منها ساكنة ومتحرّكة دون باء، وقد تبدل هي من الميم).
ــ
أنه أراد العاطفونه بهاء السكت إجراء له مجرى الوقف، ثم أبدل منها تاء وحركها للضرورة. ومثل الثاني بإبدال تاء طلحة، وفاطمة هاء في الوقف. قال: وحكى محمد بن المستنير أن طيئا تبدل من تاء جمع المؤنث السالم هاء في الوقف، فيقولون: كيف الإخوه والأخواه؟ وكيف البنون والبناه (1)؟ هذا تمثيل الشيخ الأول والثاني. ولا أجد في النفس قبولا لذلك. واعلم أن ابن عصفور ذكر أن التاء تبدل من حرفين آخرين لم يذكرهما المصنف وهما الطاء والدال. أما الأول: فنحو قول بعضهم في فسطاط: فستاط، ويدل على أن الأصل الطاء قولهم: فساطيط.
ولا يقولون: فساتيط. وقالوا أيضا في اسطاع: استاع، وفي المضارع: يستيع.
والأصل: يسطيع. وأما الثاني: فنحو قولهم: ناقة تربوت، والأصل: دربوت، أي: مذللة؛ لأنه من الدربة (2).
قال ناظر الجيش: أما إبدال الميم من النون الساكنة قبل باء فهو من الإبدال اللازم، وقد تقدم التنبيه عليه في أول الفصل المتضمن لذكر حروف الإبدال، والإعلام بأن المصنف ذكر هذه المسألة في أول فصل يتضمن الكلام على الإبدال غير اللازم، وتقدمت الإشارة إلى أن هذه المسألة لو ذكرت مع المسائل المتضمنة للإبدال اللازم لكان أولى، بل هو الواجب لكن هذا اتفق. وإطلاق المصنف يفيد أن النون الساكنة قبل باء تبدل ميما سواء أكان اجتماعهما في كلمة نحو: عنبر -
-
والمانعون من الهضيمة جارهم
…
والحاصلون إذا العشيرة تعزم
واللاحقون جنانهم قمع الذرى
…
والمطعمون زمان أين المطعم
والاستشهاد بالبيت: في قوله: «العاطفون تحين» وللعلماء في هذه العبارة رأيان: أحدهما - وهو الذي ذكره ابن الأنباري، وأصله لأبي زيد، وقال به الجوهري -: أن هذه التاء زائدة في أول كلمة حين.
والرأي الثاني: أن هذه التاء زائدة في قوله: العاطفون وأصلها هاء الوقف، فأجرى الكلمة في حال الوصل مجراها في حال الوقف، ثم قلب الهاء تاء
…
وعليه أبو حيان. انظر التذييل (6/ 203 أ).
(1)
قال ابن جني في سر الصناعة (2/ 205): «وحكى قطرب عن طيئ أنهم يقولون: كيف البنون والبناه وكيف الإخوه والأخواه
…
».
(2)
الممتع (1/ 390).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وشنباء (1)، أم في كلمتين نحو: أن بورك. قال ابن عصفور: وذلك لأن النون أخت الميم، وقد أدغمت في الميم، فأرادوا إعلالها أيضا مع الباء كما أعلوها مع الميم بالإدغام. ثم أشار المصنف إلى الإبدال الجائز وإلى قلته بقوله: وقد تبدل منها ساكنة ومتحركة دون باء فمثال الإبدال في الساكنة قولهم في حنظل: حمظل.
ومثال الإبدال من المتحركة قولهم في البنان: البنام. قال الشاعر:
4365 -
يا هال ذات المنطق التّمتام
…
وكفّك المخضّب البنام (2)
أنشده في الممتع. وأما قوله: وقد تبدل هي من الميم فقد مثل له الشيخ بما نقله الأصمعي من قولهم للحيّة: أيم وأين. والأصل: أيّم فخفف نحو: هين في هيّن (3)، ولم يذكر ابن عصفور إبدال النون من الميم، ولكنه ذكر أن الميم تبدل من أحرف أخر غير النون وهي: الواو، والياء، واللام. فأما إبدالها من الواو ففي قولهم: فم.
الأصل: فوه حذفت الهاء تخفيفا، ثم أبدلوا من الواو ميما لقرب الميم من الواو.
وقد ذكر المصنف هذه المسألة في الفصل الذي بعد هذا كما سنقف عليه (4). وأما إبدالها من الباء ففي قولهم: بنات مخر في: بنات بخر، وهي سحائب يأتين قبل الصيف بيض منتصبات (5)، وإنما جعلت الباء أصلا؛ لأن البخر مشتق من البخار، والسحاب يقال: إنه ينشأ عن بخار البحر، وكذا قولهم - حكاه أبو عمرو الشيباني -: ما زال راتما في كذا، أي راتبا، ومعناه: مقيما، من الرتبة (6)، وكذا قولهم: رأيته من كثم، أي: من كثب، أي: من قرب (7). وقالوا في نغب جمع نغبة: نغما (8). وأما إبدالها من اللام فأراد بذلك لام التعريف، وفي ذلك نظر:
فإنه قد ثبت أن إرادة التعريف عند المتكلمين بهذه اللغة هي الميم موصولة بهمزة -
(1) امرأة شنباء: في أسنانها ماء ورقة وعذوبة أو نقط بيض فيها، ويقال فيها: شمباء. انظر: اللسان «شنب» ، والممتع (1/ 392)، والرضي (3/ 216).
(2)
رجز قائله رؤبة وانظره في المقرب (2/ 176)، والممتع (1/ 392)، وسر الصناعة (2/ 142)، والرضي (3/ 216)، وشرح شواهد الشافية (ص 455)، وابن يعيش (10/ 33).
(3)
انظر: الممتع (2/ 513).
(4)
التسهيل (ص 318).
(5)
انظر: المقرب (2/ 176)، والممتع (1/ 392)، والرضي (3/ 217).
(6)
ذكره ابن عصفور في الممتع (1/ 393)، والرضي (3/ 217).
(7)
المرجع قبل السابق.
(8)
نفس المرجع.