الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بيان إدغام المتماثلين والمتقاربين]
قال ابن مالك: (فصل: في الإدغام (1): يدغم أوّل المثلين وجوبا إن سكن ولم يكن هاء سكت، ولا همزة منفصلة عن الفاء، ولا مدّة في آخر أو مبدلة من غيرها دون لزوم، ولا ممدودا، ما لم يكن جاريا بالتّجريد مجرى الحرف الصّحيح، وكذلك إن تحرّكا في كلمة لم تشذّ، ولم يضطرّ إلى فكّهما، ولم يصدّرا، ولم تلهما نون توكيد، ولم يسبقهما مزيد للإلحاق، ولا مدغم في أوّلهما، ولم يكن أحدهما ملحقا ولا عارضا تحريك ثانيهما، ولا موازنا ما هما فيه بجملته أو صدره «فعلا أو فعلا أو فعلا أو فعلا أو فعلا، وتنقل حركة المدغم إلى ما قبله إن سكن ولم يكن حرف مدّ أو ياء تصغير).
- وما سوى هذه من ألقاب الحروف نسب إلى مخارجها أو ما جاورها، نحو:
حرف حلقي، وحرف هوائي؛ فالحلقي منسوب إلى المخرج، والهوائي: منسوب إلى ما جاور المخرج. وأهمل ابن مالك في التسهيل ما ذكره العلماء من صفات الحروف من الصفير والاستطالة والتفشي، وقد نظمها أبو حيان وشرحها ونقلها تلميذه النجيب ابن عقيل، وذكرها في كتابه المساعد (2)، ونلخصها في الآتي:
الهاوي: الألف، والمستطيل: الضاد: والأغن: حرفا الغنة: النون والميم، والشديدة:«أجدك تطبق» ، والرخوة: ما سواها، والمهموسة:«سكت فحثه شخص» ، والمجهورة: ما عداها، والمنخفضة: ما سوى المستعلية، والمستعلية:
ما تقدم، والمنفتحة: غير المطبقة، والمطبقة: ما تقدم، وحروف الصفير: الصاد والسين والزاي، والقلقلة: ما تقدم؛ واللين تقدم أيضا، والتفشي: السين باتفاق، والصاد باختلاف، والمكرر: الراء واعترض أبو حيان على ابن مالك في ذكر المعتلة، وإسقاط ما يتعلق بالإدغام من الصفير والتفشي والاستطالة مع أن المصنف؛ إنما ذكر الفصل لما بعده من الإدغام.
الشّرح: يشير ابن مالك بما سبق إلى الإدغام في الحروف، فإنه لا يكون إلا في -
(1) في الكتاب: الادّغام بالتشديد، وعند الكوفيين إدغام على إفعال.
(2)
(4/ 249).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المتماثلين، والمتقاربين؛ لأن الإدغام في المتقاربين، يرجع إلى المثلين؛ لأن المقارب يقلب من جنس الحرف الآخر، ويدغم أول المثلين وجوبا إن سكن نحو: اضرب بّكرا، بشرط ألا يكون هاء سكت؛ لأن الوقف عليها منوي، فمن وصل مالِيَهْ (1) من القراء لم يدغم الهاء في هَلَكَ، وجاء عن ورش: الإظهار والإدغام، وأيضا لا يكون المثلين همزة منفصلة عن فاء الكلمة التالية نحو قولك:
أكلأ أحمد، وذلك لثقل الهمزة، فإذا انضم إليها أخرى ازداد الثقل، فوجب البدل بتسهيل الهمز، فزال اجتماع المثلين فلا يدغم، وفي لغة رديئة أدغمتا، فإن اتصلت الهمزة بالفاء وجب الإدغام نحو: سآّل ولآّل. وكذلك ولا مدة في آخر نحو:
يعطي ياسر، ويغزو واقد؛ فلا يدغم، فإن كان حرف لين؛ وجب الإدغام نحو:
اخشي ياسرا، واخشوا واقدا، وكذا إن كانت المدة ليست في آخر؛ فإنه يجب الإدغام نحو: مفزوّ، وكذا إن كانت المدة مبدلة من غيرها كأن تبني قاول للمفعول تقول: قوول (2)؛ فلا تدغم، ويجب الإظهار؛ لئلا يلتبس بفعل، وقوله تعالى:
وَرِءْياً (3) إذا وقفت لحمزة تبدل الهمزة ياء، وهو بدل غير لازم، فيجوز فيه أن تدغم لعدم لزوم البدل، وأن تدغم لعدم اللبس، والمدة المبدلة لزوما يجب فيه الإدغام كأن تبني من الأوب اسما كأبلم تقول: أوّب، بالإدغام، كما يجب إدغام أول المثلين وجوبا؛ إن تحركا نحو ردّ أصله: ردد، ما لم تشذ الكلمة نحو: ضبب البلد، أي: كثرت ضبابه، أو يجب فكها للضرورة، كقول العجاج:
4376 -
الحمد لله العليّ الأجلل (4)
أو تصدر المثلان نحو: ددن اللهو واللعب، ما لم يكن تاء المضارعة، فقد تدغم بعد مدة نحو: وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ (5)، أو حركة نحو: تَكادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ (6).
وبشرط أن لا يسبقهما مزيد للإلحاق نحو: ألندد: شديد الخصومة؛ فلا يجوز -
(1) من قوله تعالى: ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ [الحاقة: 28 - 29].
(2)
المساعد (4/ 251).
(3)
سورة مريم: 74.
(4)
البيت من الرجز، وأظهر فيه التضعيف ضرورة. انظر المنصف (1/ 142)، والصبان (4/ 399).
(5)
سورة البقرة: 267.
(6)
سورة الملك: 8.
قال ابن مالك: (ويجوز كسره إن كان المدغم تاء الافتعال، فإن سكن ثانيهما لاتصاله بضمير مرفوع أو لكون ما هما فيه «أفعل» تعجبا تعيّن الفك).
ــ
الإدغام لئلا يزول الإلحاق بسفرجل.
ولا مدغم في أولهما نحو: ردّد يردّد فهو مردّد، فلا يجوز إدغامه؛ لأن فيه إبطالا للإدغام الذي قبله، فيحصل الإخلال بالكلمة، ولا ملحقا نحو: قردد فهو ملحق بجعفر، أو اسحنكك ملحق باحرنجم، فلا يجوز الإدغام حتى لا يبطل الإلحاق (1) بتحريك ما سكن في الملحق به، وتسكين ما تحرك فيه.
ولا عارضا تحريك ثانيهما نحو: لن يحيي ويحييه، واردد القوم.
ولا موازنا ما هما فيه بجملته أو صدره: فعلا كطلل، أو فعلا كصفف، أو فعلا كذلل أو فعلا نحو: ردد، وهو مثال مصنوع، وذلك لخفة فعل واختصاص غيره بالأسماء.
وتنقل حركة المدغم إلى ما قبله إن سكن نحو يردّ، ويقرّ، ويفرّ والأصل: يردد ويقرر، ويفرر، فنقلت حركة أول المثلين إلى الساكن قبله، ثم أدغمت، ونقلت ولم تحذف؛ لئلا يجتمع ساكنان على غير الحد، فإن ما قبل المدغم بقي على حركته، وبشرط ألا يكون حرف مد، وإلا ما نقلت إليه الحركة؛ لأن الألف لا تقبلها؛ وكذلك الواو المضموم ما قبلها، والياء المكسور ما قبلها، فهما يشبهان الألف، نحو: رادّ وأصله: رادد، وتموّد وأصله: تمودد (2). وكذلك إن كان ياء تصغير؛ فلا تنقل إليها الحركة؛ لأن وضعها على السكون وتحريكها مخرج لها عن هذا الوضع، فاجتنب نقل الحركة إليها، نحو: دويّبة وأصيّم تصغير دابّة وأصمّ؛ فإن كان حرف اللين غير ياء التصغير؛ نقلت إليه الحركة، نحو يودّ ومودّة.
قال ناظر الجيش: يشير ابن مالك إلى أنك إن نقلت حركة التاء من اقتتل إلى القاف، ذهبت همزة الوصل، فنقول: قتّل بفتح القاف، ويجوز كسرها لالتقاء الساكنين: سكون التاء والقاف، وتقول في مضارع قتل: يقتل بكسر القاف والتاء، وتكسرهما في اسم الفاعل، نحو مقتّل، واسم المفعول مقتّل بكسر القاف وفتح التاء، فإن سكن
ثانيهما لاتصاله بضمير مرفوع، أو أفعل في التعجب تعين -
(1) انظر: شفاء العليل (3/ 1120).
(2)
انظر: الكتاب (4/ 438).