الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حذف ألف ما الاستفهامية]
قال ابن مالك: (والتزم في غير ندور حذف ألف ما الاستفهاميّة المفردة المجرورة، وقد تسكّن ميمها اضطرارا إن جرّت بحرف، وزعم المبرّد أنّ حذف ألف ما الموصولة بشئت لغة).
ــ
يقال: يستبيان ويستبون ويستبين، وأما: يسو؛ فيقال فيه: يسوان ويسون كما يقال: يغزوان ويغزون فالنطق بنحو يغزون لا يختلف، سواء أكان لمذكر أم لمؤنث؛ إلا أن الضمير المسند إليه في الرجال يسون، وهو الواو، والنون علامة الرفع، والضمير في النساء: يسون النون، والواو عين الكلمة في الأصل التي هي الآن لام في الصورة، وهذا كله يؤخذ من قول المصنف: ويجريهن مجرى يفي ويستبي؛ إلا أنه قد يقال: إن يسو لم يجر مجرى يفي؛ لأنه لو أجراه مجراه لقيل فيه: يفين.
قال الشيخ: وقد أفهم كلام المصنف أن بعض العرب هم الذين يقولون: يستحي والمنقول أن ذلك لغة بني تميم،
يقولون: استحيت، وأما أهل الحجاز فيأتون به على الأصل، فيقولون: استحييت، وقد ذكر ابن عصفور في الممتع كلمة: استحيى وتقرير الخليل فيها، وأن المازني يخالفه في ذلك، وعلى الناظر تطلبه إن أراد الوقوف عليه (1).
قال ناظر الجيش: اعلم أن المقصود من حذف ألف ما إنما هو التخفيف ولما كانت ما الموصولة لا استقلال لها لافتقارها في تمام معناها إلى الصلة، وكذا ما الشرطية لتعلقها بما بعدها لم تحذف الألف منها؛ إذ صارت ما الموصولة مع الصلة، وما الشرطية مع الشرط في حكم اسم واحد، وكان الحذف من ما الاستفهامية خاصة؛ لأن لها استقلالا واستبدادا بنفسها وإنما كان الحذف من المجرورة دون غيرها؛ لأن الثقل يحصل بانضمام ما جرّت به من حرف جر أو اسم إليها فناسب التخفيف بحذف الألف منها، والحذف المذكور متعين، وإليه الإشارة بقول المصنف: والتزم حذف ألف ما الاستفهامية المفردة المجرورة، ومثال ذلك قولك: مجيء م جئت، فهذا جر بالإضافة، ومثال الجر بالحرف قول الله تعالى: عَمَّ يَتَساءَلُونَ (2)، -
(1) الممتع (2/ 584 - 587).
(2)
سورة النبأ: 1. وانظر البحر المحيط (8/ 410).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقوله تعالى: يا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي (1)، وقوله تعالى: فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ (2)، وقوله تعالى: فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها (3)، وقول الشاعر:
4336 -
علام يقول الرّمح يثقل عاتقي
…
إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرّت (4)
وإنما قيدها المصنف بالمفردة؛ احترازا من أن تركب مع ذا فتلغى ذا وتصير ماذا بكماله استفهاما، كقولك: على ماذا يلومني؟ فإن ألف ما لا تحذف حينئذ وإن كانت استفهاما وقد جرت، قال الأخفش: فإن وصلت ذا بما أثبت الألف فعلم من هذا الذي قاله المصنف أننا لا نحذف إلا ألف ما الاستفهامية وأن لحذفها منها شرطين: أن تكون مجرورة وأن تكون مفردة، أي: غير مركبة واحترز بقوله: في غير ندور من ثبوت الألف إن ثبتت مع كون ما مجرورة، قال أبو الحسن (5): ومن العرب من يثبت الألف في الاستفهام أيضا، وذلك قبيح قليل، وفي بعض النسخ (6):
واضطرار بعد قوله: في غير ندور واحترز بذلك من مثل قول الشاعر:
4337 -
على ما قام يشتمني لئيم
…
كخنزير تمرّغ في رماد (7)
وأشار المصنف بقوله: وقد تسكن ميمها اضطرارا إن جرّت بحرف إلى قول الشاعر: -
(1) سورة الصف: 5.
(2)
سورة النمل: 35.
(3)
سورة النازعات: 43.
(4)
من الطويل لعمرو بن معديكرب الزبيدي، علام: كلمة مؤلفة من حرف واسم، فالحرف: على والاسم: ما الاستفهامية، وقد حذفت ألفها كما تحذف مع كل جار، يثقل عاتقي، يروى: يثقل كاهلي، يقول: بأي حجة أحمل السلاح إذا كنت لم أقاتل به عند كرّ الخيل، وكيف يثقل ساعدي بالرمح في وقت تركي الطعن به. يريد أنه إنما يتكلف مؤنة حمل السلاح ليضرب به أعداءه، وينال منهم، وانظره في: الحماسة البصرية (1/ 11)، وشرح الحماسة للتبريزي (1/ 158)، ومغني اللبيب (1/ 143)، وشرح شواهد المغني للسيوطي (ص 418)، واللسان «قول» ، والهمع (1/ 157).
(5)
نقل عنه الشيخ ذلك حيث قال في التذييل (6/ 191 ب): قال أبو الحسن في الأوسط: «ومن العرب
…
».
(6)
انظر التسهيل (ص 314).
(7)
من الوافر لحسان بن ثابت يهجو بني عائذ بن سهم من مخزوم. انظره في: شرح أبيات المغني للبغدادي (5/ 221)، والأمالي الشجرية (2/ 233)، وضرائر الشعر (80)، ومعاني القرآن للفراء (2/ 292)، وشرح شواهد الشافية (ص 224)، وشرح شواهد المغني للسيوطي (ص 709)، والعيني (4/ 554)، واللسان «لؤم» والبحر المحيط (7/ 330).