الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بيان الصفات المختلفة لكل حرف]
قال ابن مالك: (فصل: من الحروف مهموسة، يجمعها: «سكت فحثّه شخص»، وما عداها مجهورة، ومنها شديدة يجمعها: «أجدك تطبق»، ومتوسّطة يجمعها: «لم يروعنا؟» وما عداها رخوة. والصّاد والضّاد والطّاء والظّاء مطبقة، وما عداها منفتحة، والمطبقة مع الغين والخاء والقاف مستعلية، وما عداها منخفضة، وأحرف القلقلة: «قطب جد» والليّنة: «واي» والمعتلة هنّ والهمزة، والمنحرف اللّام، والمكرّر الرّاء، والهاوي الألف والمهتوت الهمزة، وأحرف الذّلاقة: «مر بنفل» والمصمتة ما عداها، وما سوى هذه من ألقاب الحروف نسب إلى مخارجها أو ما جاورها).
ــ
وطاء كتاء يريد ابن مالك بأنها لا توجد في لغة عربية جيدة، ولا تستحسن في قراءة ولا شعر فيقولون في مثل كمل: جمل، وهي لغة في اليمن وكثيرة في بغداد، وبالعكس جيم ككاف مثل: رجل في ر كل، وجيم كشين مثل قولهم في الأجدر:
الأشدر (1)، وفي اجتمعوا: اشتمعوا، إذا سكنت وبعدها دال أو تاء.
وصاد كسين مثل: سابر في صابر.
وطاء كتاء مثل: تال في طال، وهي لغة تسمع من عجم أهل المشرق كثيرا.
وظاء كثاء نحو: ثالم في ظالم. فقد أبدل الظاء ثاء.
وباء كفاء مثل: بلخ وأصبهان، ينطقونها: فلخ وأصفهان.
وضاد ضعيفة؛ وذلك إذا قلت: ضرب؛ ولم تشبع مخرجها، ولا اعتمدت عليه، ولكن يخفف ويختلس، فيضعف (2) إطباقها، وهذا قول الفارسي، أما ابن خروف فيرى أنها المنحرفة عن مخرجها.
الشّرح: يشير ابن مالك بذلك إلى صفات الحروف المختلفة فمنها: الحروف المهموسة، والهمس لغة: الصوت
الخفي، والمهموس في الاصطلاح عند سيبويه:
حرف أضعف الاعتماد في موضعه حتى جرى النّفس معه. وسماه بذلك لخفاء النطق -
(1) الشافية (3/ 256).
(2)
شفاء العليل (3/ 1116).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
به، والحروف المهموسة عشرة أحرف، يجمعها قولك:«سكت فحثه شخص» .
وما عداها مجهورة، وعددها تسعة عشر حرفا، والمجهور كما قال سيبويه (1):
حرف أشبع الاعتماد في موضعه، ومنع النفس أن يجري معه حتى ينقضي الاعتماد عليه، ويجري الصوت.
ومنها شديدة يجمعها قولك: أجدك تطبق وذكر سيبويه أن معنى الشدة: هو امتناع الصوت أن يجري في الحرف، فلو رقق معه الصوت في القاف والجيم مثلا نحو: الحق والحج؛ لامتنع عليك؛ وذلك أنك لو قلت: ألحج ثم مددت صوتك لم يجز ذلك، ويجمعها قولك:«أجدك تطبق» ، وجمعها من قبله:«أجدك قطبت» .
ومتوسطة يجمعها: لم يروعنا وهي التي بين الشدة والرخاوة، ويجمعها قولهم:«لم يروعنا؟» وجمعها بعضهم بقوله: «ولينا عمر» (2) وهو حسن، وعدد حروفها ثمانية.
وما عداها رخوة، وهي ما عدا الحروف الشديدة، وحروف «لم يروعنا؟» ، وعددها ثلاثة عشر حرفا وهي: الحاء، والهاء، والغين، والخاء، والشين، والصاد، والضاد، والزاي، والسين، والظاء، والثاء، والذال، والفاء، وذلك إذا قلت:
والطسّ وانقض، وأشباه ذلك، أجريت فيه الصوت إن شئت، فالجاري في الهمس: النفس، والجاري في الرخاوة: الصوت.
والصاد، والضاد، والطاء، والظاء مطبقة؛ وذلك لانطباق اللسان فيها على الحنك.
وما عداها منفتحة؛ لأنها لا ينطبق اللسان بشيء منها على الحنك، والانفتاح ضد الانطباق، وهي كل ما سوى الحروف المطبقة السابقة (3).
والمطبقة مع الغين، والقاف مستعلية؛ لأن اللسان يعلو بها إلى الحنك، ولا ينطبق ولذا تمنع من الإمالة، والمطبقة يعلو بها وينطبق.
وما عداها منخفضة؛ وذلك لأن اللسان لا يستعلي بها، بل ينسفل بها إلى قاع الفم، وبعضهم يسميها: مستفلة.
وأحرف القلقلة: قطب جد؛ وذلك لأنها لا تنضغط عن مواضعها، فلا نستطيع -
(1) الكتاب (4/ 434).
(2)
انظر: المساعد (4/ 245)، وما بعدها.
(3)
انظر: الشافية (3/ 259).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الوقف عليها إلّا بصوت؛ نحو: الحق، وبعضهم عدّ التّاء من حروفها.
واللينة: واي؛ لأنها تخرج في لين من غير كلفة على اللسان، وإذا كان ما قبل الياء والواو محركا بمجانس كانتا حرف مد كالألف.
والمعتلة هنّ والهمزة أي الحروف المعتلة الثلاثة السابقة والهمزة معها؛ لأن الإعلال والانقلاب يكون فيها، ومن عدّ الهمزة فيها الفارسي ومكي، وقيل عنها:
إنها حرف شبيه بحرف العلة (1)، وزاد بعضهم الهمزة؛ لأنها قد تقلب همزة.
والمنحرف اللام، وسميت بذلك؛ لأنها شاركت أكثر الحروف في مخارجها.
والمكرر الراء؛ لأنها تتكرر على اللسان؛ فكأنك نطقت بأكثر من حرف، قال سيبويه (2): والراء إذا تكلمت بها خرجت كأنها مضاعفة.
والهاوي الألف، وسمي بذلك لاتساع هواء الصوت، ومخرجه أشد من اتساع مخرج الياء، والواو على ما قال سيبويه (3)، وقيل: لأنها تهوي في الفم، فلا يعتمد اللسان على شيء منها.
والمهتوت الهمزة، وسميت بذلك الهمزة؛ لأنها معتصرة كالتهوع (4)، ولكثرة عروض الإبدال منها فتنكسر.
وأحرف الذلاقة: مر بنفل؛ لأنها من طرف اللسان والفم، وطرف كل شيء ذلقه، وهذه الأحرف الستة الكثير كون الرباعي والخماسي مشتملا على بعضها نحو جعفر وقليل جدّا خلاف ذلك، نحو عسجد. والذلاقة: الفصاحة والخفة في الكلام، وهذه الحروف أخفها، ولا ينفك رباعي ولا خماسي من حرف منها.
والمصمتة ما عداها أي ما عدا أحرف الذلاقة، وهذا يقتضي دخول الهمزة والألف والياء والواو فيها، وهذه طريق ابن مالك؛ ولكن الخليل أسقط هذه الأحرف (5) منها وسميت مصمتة؛ لأنها اجتمعت فلم تدخل في الأبنية كلها، ولم تنفرد المصمتة بكلمة خماسية أو رباعية إلا قليلا جدّا. -
(1) المساعد (4/ 247).
(2)
الكتاب (4/ 435).
(3)
المساعد (4/ 248).
(4)
المصدر السابق، الصفحة نفسها، والشافية (3/ 289).
(5)
التّقيّؤ.