الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إبدال الهمزة وجوبا]
قال ابن مالك: (وتبدل الهمزة - أيضا - وجوبا من كلّ ياء أو واو وقعت عينا لما يوازن فاعلا أو فاعلة من اسم معتز إلى فعل معتلّ العين، أو اسم لا فعل له، ومن أوّل واوين صدّرتا وليست الثّانية مدّة غير أصليّة، ولا مبدلة من همزة، فإن عرض اتّصالهما بحذف همزة فاصلة فوجهان).
ــ
لأنه قد تقدّم له ذكره في باب كيفية التثنية وجمعي التصحيح (1)، وأما تاء التأنيث فلم يتقدم لها ذكر فاحتاج إلى أن نذكرها.
قال ناظر الجيش: هذان موضعان آخران تبدل الهمزة - أيضا - فيهما وجوبا من ياء أو واو، الموضع الأول: كل اسم فاعل أعلت عين فعله، إذا كان موازنا فاعلا أو فاعلة كبائع وبائعة، وطائع وطائعة أصلها: بايع وبايعة، وطاوع
وطاوعة؛ فتحركت الياء والواو مع ضعفها بمجاورة الطرف، وتقدم إعلالهما في الفعل، وكان قبل كل واحدة منهما فتحة مفصولة بألف زائدة فنوي سقوطها واتصال الفتحة فانقلبت الفاء، فالتقت ألفان في اللفظ، فتحركت الثانية وانقلبت همزة وكان ذلك أولى من حذف إحدى الألفين؛ لأن الحذف يوقع في الإلباس (2)، قال المصنف:
وربما أوثر حذف إحدى الألفين نحو قولهم في شائك: شاك، فلو صحّت العين في الفعل كحيي وقوي - صحّت في اسم الفاعل كحاي وقاو وكذا عين فهو: عاين، وعور فهو عاور، وظاهر كلام المصنف في متن التسهيل أن الهمزة أبدلت من الياء والواو، ولكنه ذكر في إيجاز التعريف ما ذكرته آنفا. وإذ قد عرفت هذا فقول المصنف: وقعت عينا قيد للمسألة؛ لأن الياء والواو إذا وقعت فاء أو لاما كان لها حكم غير هذا. وقوله: لما يوزان فاعلا أو فاعلة عبارة حسنة؛ لأن اسم الفاعل إذا لم يكن على هذا الوزن لا يعل هذا الإعلال وإن أعلّت عينه في الفعل، وذلك -
- لم يهمز؛ لأنه لفظ جاء مثنى لا يفرد واحده فيقال: «ثناء» . اللسان «ثنى» ، وانظر: الممتع (1/ 327)، والمنصف (2/ 132).
(1)
التسهيل (ص 16).
(2)
انظر: التذييل (6/ 140 أ)، والمساعد (4/ 89)، والممتع (1/ 327 - 328).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نحو: مطيل ومنيل، فإنهما من: أطال وأنال ولما قال: لما يوزان فاعلا أو فاعلة، احتاج إلى أن يقول: من اسم معتز إلى فعل؛ فليس ذلك احترازا من شيء خيف دخوله، ولا من شيء خيف خروجه. وقوله: معتل العين، قد عرفت أن ذلك شرط لإعلال اسم الفاعل المذكور، ولو قال: معلّ العين كان أولى، فإن نحو: عين، وقوي، وعور وصيد، وشوي، يصدق عليه أنه معتل العين؛ لأن عينه حرف علّة، ومع هذا فاسم الفاعل منها لا إبدال فيه، بل يجب فيه التصحيح وقوله: أو اسم لا فعل له قد ثّلوا له بحائز وحائزة، قالوا: فإنهما اسمان لا فعل لهما، والحائز:
البستان، قال الشاعر:
4293 -
صعدة نابتة في حائز
…
أينما الرّيح تميّلها تمل (1)
والحائزة: خشبة تعمل في وسط السقف.
الموضع الثاني: كل كلمة صدّرت بواوين فإنه يجب إبدال الهمزة من أول الواوين ولكنّ ذلك مقيد بقيد؛ وهو أن لا تكون الثانية مدّة زائدة ولا مدّة مبدلة من همزة، أما إذا كانت الثانية غير مدّة كأواصل جمع: واصلة، وأويصل تصغير واصل (2)، أو مدّة غير زائدة كالأولى، أصله الوولى؛ لأنه مؤنث، فإن الإبدال - أعني إبدال الهمزة من الواو
الأولى - واجب، ومثال ما لا يجب فيه الإبدال المذكور مما الثانية فيه مدّة مزيدة: ووفي وووري: الأصل: وافي وواري، مبنيّا للمفعول، ومما الثانية فيه مبدلة من همزة: الوولى مخفف: الوؤلي أنثى: الأوأل أفعل تفضيل من: وأل إذا لجأ (3)، وإلى هذين الأمرين أشار المصنف بقوله: -
(1) البيت من بحر الرمل وقائله هو كعب بن جعيل من قصيدة يصف فيها امرأة، شبّه قدّها بالقناة وقبل البيت:
فإذا قامت إلى جارتها
…
لاحت السّاق بخلخال زجل
الصّعدة: القناة التي تنبت مستوية فلا تحتاج إلى تثقيف، ويقال: امرأة صعدة أي: مستوية القامة، ويروى البيت برواية: حائر، والحائر: الأرض التي يستقر فيها السّيل فيتحير ماؤه ولا يجري، وفي البيت شاهد آخر وهو تقديم الاسم على الفعل مع: أينما الشّرطية. والبيت من شواهد سيبويه (1/ 458)، وشرح الكافية (4/ 1599)، وأمالي الشجري (1/ 332)، واللسان «صعد» ، والعيني (4/ 424، 571).
(2)
ينظر: التذييل (6/ 140 أ)، والمساعد (4/ 90)، والممتع (1/ 332).
(3)
ينظر: التذييل (6/ 140 ب)، والمساعد (4/ 91).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وليست الثانية مدّة غير أصلية ولا مبدلة من همزة فاشترط لوجوب إبدال الهمزة من الواو الأولى أن ينتفي عن الواو الثانية كونها مدّة غير أصلية، وكونها من همزة ففي مثل: أواصل وأويصل وأول انتفى كونها مدّة، وفي الأولى انتفى كونها غير أصلية مع كونها مدّة فكان الإبدال فيهما واجبا في مثل: ووفي وووري، لم ينتف كون الثانية مدّة زائدة؛ بل ثبت كونها مدة زائدة، وفي مثل: الوولى أنثى الأوأل، لم ينتف كونها مبدلة من همزة؛ بل ثبت كونها مبدلة منها، فكان الإبدال فيها غير واجب، وقد أورد المصنف هذه المسألة في إيجاز التعريف إيرادا حسنا فقال: تبدل الهمزة - أيضا - من أول واوين وقعتا أول الكلمة، وليست الثانية مدة مزيدة أو مبدلة، والمراد بالمدة كونها ساكنة بعد ضمة كأويصل تصغير واصل، أصله:
وويصل؛ الواو الأولى فاء الكلمة، والثانية بدل من ألف فاعل؛ فاستثقل تصدير واوين فأبدل من أولاهما همزة؛ لأن الهمزة وإن لم تؤاخ الواو فهي مؤاخية لأختها وهي الألف، من حيث إنها من مخرجها ونائبة عنها في الزيادة أوّلا كما سبق ذكره. وكانت الأولى أحق بالإبدال؛ لأن الهمزة لا تغيّر إذا كانت أوّلا، بخلافها إذا كانت غير أول، فلو كانت الثانية مدّة مزيدة أو مبدلة أو من زائد لم يجب إبدال الأولى همزة؛ لأن الثانية عارضة لضم ما قبلها أو شبيهة بما
هو كذلك؛ فالعارضة في بناء فعيل من: ويس، وفاعل وفيعل من: وعد لما لم يسمّ فاعله، وذلك وويس، وووعد فالثانية في وويس بدل من أصل (1)، وفي ووعد بدل من ألف فاعل وياء فيعل، فهي واو في اللفظ غير واو في التقدير، فلم يستثقل اجتماعهما، والشبيه بالعارضة كثانية فوعل من: الوعد مبنيّا لما لم يسمّ فاعله، فإنك تقول فيه أيضا: ووعد دون إبدال؛ لأن الثانية وإن كانت واوا في الحالين لكنّها أشبهت المنقلبة من ألف فاعل بزيادتهما وعروض مدّها، وكذلك لو كان مدّها غير عارض مع زيادتها، كبناء مثل: طومار من الوعد، فإنك تقول فيه أيضا: ووعاد (2) دون [6/ 143] إبدال؛ لأن الواو الثانية وإن كان مدّها غير متجدد لكنها على كل حال مدة زائدة؛ فلم تخل من التشبه بالمنقلبة عن ألف فاعل، بخلاف ما لو كانت غير -
(1) ينظر: التذييل (6/ 140 ب).
(2)
ينظر: التذييل (6/ 140 ب)، وجعل الرضي قلب الواو الأولى واجبا. شرح الشافية (3/ 76).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زائدة كالعين من أولى، وأصلها: وولى على وزن فعلى، فأبدلت الواو الأولى همزة؛ لأن الثانية غير عارضة ولا شبيهة بالعارضة (1). انتهى.
وعلم منه أن الواو الثانية متى كانت مبدلة من غيرها سواء أكان ذلك همزة أم غير همزة؛ لا يجب إبدال الأولى، وعلى هذا فقد كان يكفي أن يقول: ولا مبدلة ويقتصر على ذلك، ولا حاجة إلى قوله: من همزة؛ فإن في ذلك قصورا عن المراد.
والذي يظهر لي أن الواجب لهذا العمل من المصنف وتحرير القيود لهذه المسألة:
إنما هو وجوب البدل في نحو: الأولى مع كون الثانية مبدلة، لكنها غير مزيدة ولا مبدلة من شيء؛ فاحتاج إلى ذلك ليدخل في الواجبة الإبدال نحو: الأولى، ويخرج ما عداها، والذي فعله ابن الحاجب أسهل من هذا، وهو أنه قال: يجب إبدال أوّل الواوين المصدرتين إذا تحركت الثانية، ثم قال: والتزموه في الأولى حملا على الأول (2)، وليس فيه إلا أن يقال: كيف يحمل الأصل الذي هو المفرد على الفرع الذي هو الجمع، لكن ذكر الإمام بدر الدين ولد المصنف: أنك لو بنيت من الوعد مثل كوثر لقلت: أوعد، والظاهر أن عبارة المصنف يدخل تحتها مثل ذلك، فإن كان الإبدال في مثل: كوثر من الوعد واجبا تعيّن العدول عما ذكره ابن الحاجب، والوقوف على ما قاله المصنف فرحمهم الله أجمعين بمنّه وكرمه. وقد أورد الشيخ على قول المصنف: ومن أوّل واوين صدّرتا، أنّا قد وجدنا كلمة اجتمع في
أولها واوان ولم تبدل الأولى همزة بل أبدلت تاء، وذلك نحو: تولج وهو بيت الوحشي، والمكان الذي يلج فيه، ويقال له أيضا: دولج، فإن بعضهم ذهب إلى أن وزنه: تفعل، ولكن ذهب الخليل وسيبويه إلى أن وزنه: فوعل (3) وأصله: وولج قال: فعلى هذا كان ينبغي للمصنف أن يقول: ما لم يكن قد أبدل منها تاء، أو يقول: إلا في: تولج، على مذهب الخليل وسيبويه (4). انتهى. ولا يظهر ما قاله؛ فإن: تولج لم تجتمع فيه واوان قط، وكلام المصنف إنما هو حيث يؤدي الحال بالمتكلم إلى اجتماع واوين في تصغير أو تكسير أو تصريف غير ذلك، أما إذا كانت العرب نطقت بكلمة مبدل منها حرف بحرف ابتداء، فأيّ عمل في ذلك -
(1) انظر التذييل (6/ 140 ب).
(2)
شرح الشافية (3/ 76).
(3)
الكتاب (4/ 333).
(4)
التذييل (6/ 140 أ).