الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[من مواضع قلب الواو ياء]
قال ابن مالك: (فصل: تبدل ياء الواو الملاقية ياء في كلمة إن سكّن سابقهما سكونا أصليّا ولم يكن بدلا غير لازم ويتعين الإدغام، ونحو: عوية وضيون وعوّة وريّة شاذّ وبعضهم يقيس على ريّة، فيقول في قوي مخفّف [6/ 173] قويّ: قيّ).
ــ
واوات، لا يقال قد تقدم له في الفصل المتقدم على هذا الكلام على حكم أربع الياءات فيكون هذا المذكور الآن تكريرا؛ لأن الكلام في الفصل السابق إنما هو في الياء المشددة إذا التقت مع مثلها في كلمة، وليست الياءات التي نذكرها الآن بهذه الصفة، فإذا أتي بمثال جحمرش من حييت، فالأصل: حيييّ فتدغم الأولى في الثانية لسكونها، وتبدل الثالثة واوا كراهة اجتماع الأمثال فيقال: حيّو، ويصير منقوصا، فهذا وجه، والوجه الآخر أن مثال الكلمة بعد
الإدغام حيّيّ فيجتمع فيه ما يجتمع في تصغير عطاء، فتحذف الآخرة فتبقى الياء التي قبل المحذوفة متحركة وقبلها فتحة فتنقلب ألفا فيقال: حيّا ووجه من قال: حيّاي - أن الثالثة ياء تحركت وانفتح ما قبلها، فقلبت ألفا، وسلمت بذلك الياء الآخرة من الحذف وفهم من كلامه أن ثلاثة الأوجه جائزة، لكن الوجهان الأوّلان أولى من الثالث (1).
قال ناظر الجيش: قد تقدم الإعلام بأن من المواضع التي تبدل فيها الواو ياء الموضع الذي افتتح به هذا الفصل، وأن المصنف إنما أفرده عن المواضع التي تناسبه وذلك الأمر هو اختصاصه عنها بأمر زائد على الإبدال وهو الإدغام. والحاصل: أن الواو تبدل ياء إذا لاقت ياء، وذلك بشروط:
الأول: أن يكون التقاؤهما في كلمة، فلو كان أحد الحرفين في كلمة، والآخر في كلمة أخرى؛ انتفى هذا الحكم نحو: يعطي واقد، ويغزو ياسر (2).
الثاني: أن يسكن السابق منهما، فلو سكن المسبوق؛ انتفى هذا الحكم أيضا نحو: طويل وغيور (3). -
(1) انظر: التذييل (6/ 166 ب) والمساعد (4/ 151) والرضي (3/ 191) وابن جماعة (2/ 263).
(2)
انظر: الأشموني (4/ 313).
(3)
انظر: الكتاب (2/ 372) والأشموني (4/ 313).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الثالث: أن يكون السكون أصليّا، فلو كان السكون عارضا لم يؤثر نحو: قوي مخفف قويّ (1).
الرابع: أن لا يكون الحرف السابق بدلا من غيره بدلا جائزا، وعبر عن ذلك المصنف بقوله: ولم يكن بدلا غير لازم فلو كان مبدلا من غيره بدلا جائزا لا يثبت الحكم المذكور، وذلك نحو: روية مخفف رؤية (2) وقوله: ولم يكن بدلا غير لازم يدخل تحت هذا النفي أمران، ما لم يكن بدلا، بل هو أصل بنفسه، وما كان بدلا لازما كما سيأتي، وقد تضمن كلام المصنف أربعة شروط وكلامه في إيجاز التعريف يتضمن شرطا خامسا وهو ألا يكون الحرف السابق عارضا فإن كان عارضا بانقلابه عن غيره كانقلاب الواو في: بويع من ألف بايع امتنع هذا الإعلال، وقد جعل الشيخ ذلك مستفادا من قوله: ولم يكن بدلا غير لازم، فبهذا الكلام أخرج نحو: سوير وبويع، كما أخرج به نحو: روية المخفف (3)، وحاصله: أنه جعل البدل فيه غير لازم وفي ذلك نظر؛ فإن سائر وبائع إذا بنيا للمفعول كان إبدال الواو من الألف لازما، وإذا كان كذلك لم يكن البدل المذكور غير لازم، بل هو لازم مع أنه يمتنع فيه الإعلال المذكور كما قلنا، إذا حصل الإبدال المذكور اجتمع مثلان فيدغم أحدهما بالآخر، وإلى ذلك أشار المصنف
بقوله: ويتعين الإدغام، إذا عرف هذا فالذي يجب فيه الإعلال لاجتماع الشروط المذكورة فيه نحو: سيّد وطيّ، أصلهما: سيود (4) وطوي؛ لأنهما من ساد يسود، وطوى يطوي فالواو في سيود وكذا في طوي قد لاقت ياء، وهما في كلمة والسابق ساكن سكونا أصليّا ليس مبدلا من غيره لا بدلا جائزا ولا بدلا لازما، والواو عين في الكلمتين، وقد يكون لاما نحو: دليّة تصغير (5) دلو، وقد تكون زائدة نحو: مرمي، وقد تكون حرف -
(1) انظر: الأشموني (4/ 314) والتذييل (6/ 166 ب).
(2)
التذييل (6/ 166 ب) والمساعد (4/ 152).
(3)
التذييل (6/ 166 ب).
(4)
هذا مذهب الخليل وسيبويه وجمهور البصريين انظر الكتاب (2/ 371) والمقتضب (1/ 308)، والتكملة (ص 260)، والمنصف (2/ 15) وذهب الكوفيون والفراء إلى أن وزنه فعيل، وأصله: سويد، فأخرت الواو وتقدمت الياء فصار سيود. انظر: الإنصاف (2/ 795) وابن يعيش (5/ 65)، (10/ 70).
(5)
أصله: دليوة؛ لأنه تصغير دلو، وأتي بالتاء؛ لأن الدلو يذكر ويؤنث وتأنيثها أعلى وأكثر. انظر:
المذكر والمؤنث (ص 92) والمصباح (ص 199).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الإعراب نحو: مسلميّ رفعا، ومثال ما البدل فيه لازم قوله: إيّية، وهو مثال إنفحة من أوب: إأوبة ثم: إيوبة، ثم: إيّبة (1). قال المصنف في إيجاز التعريف: فإن كان السابق مبدلا بدلا لازما في اسم لا يناسب الفعل فحكمه حكم الأصل؛ كمثال:
إنفحة من أوب أصله: إوّبة ثم: إيوبة، ثم: إيّبة، ولا يفعل ذلك بمثل: احمرّ منه وأصله: إأوب، ثم تبدل الهمزة الساكنة ياء لسكونها بعد مكسورة، فيقال: إيوبّ ولا يعمل به ما عمل: بإيوبة حين قيل فيه: إيّبة؛ لأنه اسم جامد لا يلزم نقله إلى صيغة تصح فيه الهمزة بخلاف مثال: احمرّ، فإنه لا يستغنى فيه عن المضارع واسم الفاعل فيقال فيه: يأوبّ فهو: مؤوب، فكان التقاء الياء والواو في: إيّوب شبيها بالتقائهما في إيواء وبويع فلم يختلفا في الحكم. انتهى. وليس في كلامه في التسهيل إشعار بهذا القيد الذي ذكره في إيجاز التعريف، وقد خولف هذا الأصل الذي تقدم تقريره، أعني إبدال الواو الملاقية للياء ياء وإدغامها فيها في نحو: جدول إذا صغر فإنه يجوز فيه وجهان، الإعلال
وهو كثير نحو: جديّل، والتصحيح وهو قليل، فيقال: جديول (2). قال في إيجاز التعريف: ومن العرب من يحمل التصغير على التكسير فيقول: جديول في تصغير جدول، واللغة الجيدة: جديّل، وكذلك ما أشبهه مما صحت الواو في جمعه على مثال مفاعل، هذا كلامه وفيه إشارة إلى أن شرط التصحيح في ذلك أن يكون ذلك المفرد يصح جمعه على مفاعل، وهذا الذي شرطه هو المعروف في هذه المسألة ولهذا جعل الضابط لجواز التصحيح: أن الواو تحرك في الواحد والجمع، فقيل: إن الواو إذا التقت مع ياء التصغير تقلب ياء إن تطرفت نحو: غزو، وغزيّ، أو كان بعدها حرف واحد ولم تحرك الواو في الواحد والجمع كقولك: عجوز وعجيّز (3): وأسود وأسيد، لضد الأبيض؛ لأن أسود الصفة يجمع على سود فلم تحرك واوه في الجمع، وإن هي تحركت في الواحد، فلو تحركت الواو في الواحد والجمع جاز الوجهان، تقول في جدول وأسود للحية:
جديّل وأسيّد، وهو الكثير، وجديول وأسيود لقولهم: جداول وأساود، ثم قال -
(1) انظر: التذييل (6/ 167 أ) والمساعد (4/ 152).
(2)
انظر: الكتاب (2/ 118، 131) والمقتضب (1/ 256)، (2/ 241) والخصائص (1/ 155 - 157)، (3/ 84) والجاربردي (1/ 84).
(3)
انظر: الرضي (1/ 229 - 230).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المصنف في إيجاز التعريف - بعد تقرير الإعلال في نحو: سيد وطي -: فإن استحق هذا الحكم، وكان المدغم فيه لام الكلمة وقبل المدغم ضمة وجب إبدالها كسرة كمرمي وثدي وبغي وأمنية هن في الأصل مرموي وثدوي، وبغوي، وأمنوية؛ لأن الأول اسم مفعول من فعل ثلاثي فوجب موازنته النظائر كمنسوب ومكتوب، والثاني جمع ثدي فيجب كونه على فعول كفلوس، والثالث فعول؛ لأنه إذا كان فعولا كان خلوه من هاء التأنيث باستحقاق، وإذا كان فعيلا يكون خلوه من هاء التأنيث شذوذا، ولا يصار إلى الشذوذ مع إمكان العدول عنه والرابع أفعولة من التمني؛ لأنه لو لم يكن أفعولة لكان إفعيلة وهو وزن مرفوض. انتهى. ولم يذكر ذلك في التسهيل في هذا الفصل، بل ذكره في الفصل الذي قبل هذا الفصل بفصلين، وقد قدمنا أنه لو أخر ذلك وذكره في هذا الموضع لكان أولى؛ لأنه حكم تابع لغيره، وليس مقصودا لذاته، وقد شذ عن هذا الأصل، وهو قلب الواو ياء عند اجتماعهما وإدغام إحداهما في الأخرى ما أشار إليه المصنف بقوله: ونحو: عوية وضيون، وعوّة، وريّة شاذ.
والشاذ منه ثلاثة أضرب:
أحدها: شذ فيه الإبدال لكونه لم يستوف شروطه، وذلك نحو: ريّة في رؤية حكاها الفراء وسمع الكسائي (1) قوله تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(2) والمقتضى لذلك الاعتداد بالعارض.
الثاني: ما شذ فيه التصحيح كقولهم للسنور: ضيون، و: عوى الكلب عوية، ويوم أيوم (3) وحيوة.
الثالث: ما شذ فيه إبدال الياء واوا وإدغام الواو في الواو، كقولهم: عوى الكلب عوّة (4)، وفلان نهوّ عن المنكر، والقياس نهيّ، كما قالوا: بغي، وهما فعول من ذوات الياء؛ لأنهما مشتقان من النهي والبغي، ومنه العوّى للنجم، قالوا:
وكأنه في الأصل: عويا [6/ 174] قالوا: واشتقاقه من: عويت يده إذا لويتها؛ -
(1) انظر: معاني القرآن للفراء (2/ 35) والبحر المحيط (5/ 312).
(2)
انظر: الكتاب (2/ 403) والمنصف (2/ 46، 47) والممتع (2/ 506).
(3)
انظر: مجالس ثعلب (ص 123) والمنصف (2/ 160) والممتع (2/ 571).