الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مواضع إبدال الياء المدغمة في مثلها واوا]
قال ابن مالك: (فصل: تحذف الياء المدغمة في مثلها قبل مدغمة في مثلها إن كانت ثالثة زائدة لغير معنى متجدد أو ثالثة عينا، ويفتح ما قبلها إن كان مكسورا، وإن كانت ثانية فتحت وردّت واوا إن كانت بدلا منها، وتبدل الثّانية واوا ولا تمتنع سلامتها إن كانت الثّالثة والرّابعة لغير النّسب خلافا للمازنيّ).
ــ
ومن الشاذ - أيضا - قولهم: صيّابة، قالوا: فلان في صيّابة قومه، يريدون في صوّابة أي: صميمهم وخالصهم (1) وشاهد نحو: صيّم قول الشاعر:
4307 -
ومعرّض تغلي المراجل تحته
…
عجّلت طبخته لرهط جيّع (2)
أي: جوّع جمع جائع. وإنما قيد فعّلا بكونه جمعا؛ لأنه إذا كان مفردا لم يعل نحو: حوّل، وكذا إذا كان جمعا معتل اللام، وذلك نحو قولهم: شاو وشوّى وذلك لكراهة اجتماع إعلالين، وسيأتي ذكر هذين القيدين عند تعرض المصنف لذكر هذه المسألة في مكانها - إن شاء الله تعالى - وإنما قلت في صوّم ونحوه:
لتقليل الثقل؛ لأن صوّما فيه اجتماع واوين وضمة، فكأنه اجتمع ثلاث واوات فثقل بذلك فقلبوا الواوين يائين لنقل الثقل؛ لأن اليائين أخف من الواوين.
قال ناظر الجيش: لا يخرج هذا الفصل عن الفصول التي تقدّمته في اشتماله على ذكر إبدال بعض أحرف العلّة من بعض ولكن لمّا كان الإبدال الذي سيذكره إنما يتأتى بعد حذف شيء من الكلمة التي فيها الإبدال لزم التعرض إلى الحذف أولا لابتناء الإبدال عليه فليس ذكر الحذف مقصودا هناك بالذات لا يقال الكلام في هذه الفصول، إنما هو في الإعلال، والحذف إعلال أيضا فجاز أن يقصده لذاته؛ لأنا نقول: الكلام في الإبدال لم ينته وما كان المصنف ليذكر شيئا قبل إنهائه الكلام في -
(1) انظر: التذييل (6/ 163 أ)، والممتع (2/ 498).
(2)
من الكامل قائله الحادرة واسمه قنطبة قوله: ومعرض: هو اللحم الملقى في العرضة، والمراجل: جمع مرجل وهو القدر من النحاس، والمعنى ظاهر والشاهد فيه قوله: جيع فإن أصله جوّع؛ لأنه من الأجوف الواوي؛ فأبدلت الياء من الواو، ينظر المنصف (2/ 3) والأشموني (4/ 328) والممتع (2/ 498) والتذييل (6/ 163)(أ) وديوانه (ص 5).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
شيء آخر، وأيضا فإن الحذف الذي هو إعلال حذف محض لا يشاركه إبدال ثم إن قول المصنف في فصل يأتي بعد فصول من هذا الفصل:«من وجوه الإعلال الحذف» (1) يبين لك أنه من هناك ابتدأ الكلام في الحذف. إذا عرف هذا فأنا أورد أولا ما ذكره المصنف في إيجاز التعريف لما اشتمل عليه من الفائدة ثم أعود إلى حل ألفاظ الكتاب. قال - رحمه الله تعالى -: يحذف الياءان المدغم إحداهما في الأخرى إن كانتا زائدتين ووليهما مثلاهما كقولك: كرسيّ (2) في النسب إلى:
كرسيّ والأصل كرسيّيّ فاستثقل توالي إدغامين في أربع ياءات زوائد، وكانت الأوليان في حكم زيادة واحدة، فحذفتا معا، كما حذفتا معا في الترخيم، ويدل على إلحاق يائيه غير الكائنين قبل ياء النسب أن بخاتي اسم رجل لا ينصرف، فإذا نسبت إليه انصرف (3)، فقيل: هذا بخاتيّ فلو كانت الياءان بما اللتين كانتا قبل، لما تغير حكمه، فإن كانت الأولى مخصصة بالزيادة سابقة في الوجود للثالثة والرابعة حذفت، وقلبت الثانية واوا وانفتح ما قبلها إن لم يكن مفتوحا كعلوي في النسب إلى علي والأصل: عليّيّ (4)، فاستثقل في الأول، ولم تكن الأولتان زائدتين فاقتصر
على حذف الزائد، فقيل: علييي، ثم كمل التخفيف بإبدال الكسرة فتحة والياء واوا فرارا من توالي الأمثال فلو كان ما قبل الياء المفتوحة مفتوحا اقتصر على الحذف والقلب، كقولك في النسب إلى قصي: قصويّ، فلو كانت الأولى متأخرة في الوجود لم تحذف؛ كالياء الأولى في عدي تصغير عدوي والأصل فيه عديوي، فعمل فيه ما يعمل بغزوة في التصغير حين يقال: غزيّة؛ لأن الواو فيهما لام ولا سبيل إلى تصحيح اللام مع وجود سبب الإعلال، وإنما يوجد ذلك في الواو النائبة عينا كأسيود والأجود مع ذلك أسيّد بالإعلال، واغتفر توالي يائين مشددتين؛ لأن التخلص منه لا يمكن إلا بتفويت الدلالة على التصغير لو قيل: عدوي، أو تصحيح ما لا يصح لو قيل: عديوي، فكان توالي اليائين المشددتين أهون من -
(1) انظر: التسهيل (ص 312).
(2)
انظر: الخصائص (3/ 63)، والهمع (2/ 193)، والجاربردي (1/ 114).
(3)
«والبختي نوع من الإبل وجمعه: بخاتي غير منصرف وإذا سمي به فلا ينصرف أيضا كما إذا سمي بالمصابيح لكن إذا نسبت إليه صرفت؛ لأن ياء النسبة ليست من بنية الكلمة» الجاربردي (1/ 114)، وانظر: الكتاب (2/ 71).
(4)
انظر: الرضي (2/ 22، 23).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ذلك مع أن من العرب من يرتكبه ولو لم يلزم من تركه ما ذكر، كقول بعضهم في النسبة إلى أمية: أميّيّ (1)، فلأن يغتفر في تصغير عدويّ ونحوه، أحق وأولى فلو كانت الأولى والثانية أصلية وقبلهما زائدا عوملتا معاملة يائي: عليّ وقصيّ، وذلك كقولك في النسب إلى تحية: تحويّ، وإن فصل الأصلين المسبوقين بزائد حرف لين حذف وعوملا المعاملة المذكورة، كقولك في النسبة إلى: محيّ اسم فاعل من حي:
محويّ (2) فإن لم يكن قبلهما زائد كحي، قلبت الثانية واوا وفتحت الأولى، فتقول في النسب إلى حيّ: حيويّ فلو كانت الأولى منقلبة عن واو، ردت إلى أصلها كطووي في النسب إلى طيّ (3)، أصله: طوي لأنه مصدر: طويت فقلبت الواو ياء؛ إذ كانت ساكنة تليها ياء فلما حركت ووليتها واو عادت إلى أصلها، ولم تقلب الياء والواو هنا ألفين حين حركتا وانفتح ما قبلهما؛ لئلا يتوالى إعلالان؛ إذ لا بد من انقلاب الثانية واوا - أيضا - فإن يائي النسب زيادتان مخصوصتان بالأسماء فصححتا معهما كما صححتا مع ألف التأنيث والألف والنون في الصّورى والحيرى والحولان وأهيمان، وسيأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى.
ويقال في مثال: جردحل من حي على ما تقرر آنفا: حيّوي، والأصل فيه حيّيّ بأربع ياءات مقابلة للراء ومقابلة للراء ومقابلة للحاء ومقابلة للام فعمل به ما عمل في النسب إلى حي وشبهه، ويقال في مثال: عصفور من شوي شووي، والأصل شويوي ثم شيّيّ ثم شووي يخالف المنسوب إلى شوي بضم الشين. انتهى ما ذكره من أحكام هذا الفصل في إيجاز التعريف، وملخص ما تضمنه كلامه أن الياءين المدغم إحداهما في الأخرى إذا وليهما مثلاهما، فإما أن يكونا معا زائدين أو أصليين، أو الأولى زائدة والثانية أصلية، فالزائدان يحذفان نحو: كرسي في النسب إليه، وإن كانت الزائدة الأولى فقط حذفت الزائدة وقلبت الأصلية التي هي الثانية واوا مع فتح ما قبلها، فإن كان ما [6/ 168] قبلها مفتوحا فذاك كقصوي في النسب إلى: قصي، وإن كان مكسورا فتح نحو: علوي، وغنوي، في النسب إلى: علي وغني؛ هذا إذا كانت الياء الزائدة التي هي الأولى، قد وجدت قبل -
(1) قاله يونس. انظر: الرضي (2/ 23) وابن جماعة (1/ 107).
(2)
انظر: الجاربردي (1/ 112)، والرضي (2/ 45).
(3)
انظر: الجاربردي (1/ 113).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وجود اليائين اللتين حصل الحذف لأجلهما وهما الثالثة والرابعة كما في قصي وعلي بالنسبة إلى قصوي وعلوي، أما إذا كانت الياء المذكورة متأخرة في الوجود عن اليائين المذكورتين فإنها لا تحذف، بل تبقى وذلك نحو: عدوي إذا صغر، فإنه يقال فيه: عديّي كما قررنا. والظاهر أنه لا احتياج إلى الاحتراز عن ذلك فإن الشيء إنما يحذف لطرآن شيء آخر عليه، إذا حصل بذلك الطارئ مع ما طرأ عليه ثقل كالحذف من نحو: كرسيّ وعليّ إذا طرأت عليهما ياء النسب، ولا شك أن الياء الزائدة للتصغير في عدوي إذا صغّر، هي الطارئة على غيرها وما كانوا ليأتوا بشيء ثم يحذفوه لطرآنه على شيء موجود قبله؛ إذ لو كانوا يحذفونه ما أتوا به، لا سيما شيء يؤتى به لمعنى مقصود. وإن كان الياءان أصليين فإما أن يكون قبلهما زائدة أو لا يكون، فإن كان عوملت الكلمة معاملة قصي وعلي فتحذف الياء الأولى مع كونها أصلا وتقلب الثانية واوا ويفتح ما قبلها كقولك: تحويّ في المنسوب إلى تحية. وإن اتفق أن يفصل بين الأصليين المسبوقين بزائد حرف لين حذف ذلك الحرف أيضا أعني حرف اللين مع ما ذكر متقدما وهو حذف الياء الأولى الأصلية وفتح ما قبلها كقولك: محوي في النسب إلى: محي، وإن لم يكن قبلها زائد قلبت الثانية واوا وفتحت الأولى، فإن كانت ياء بقيت بحالها كقولك: حيوي في النسب إلى حي، وقد ظهر
من هذا أن كلام المصنف هنا إنما هو مسوق لذكر إبدال الياء واوا، ولكن لمّا كان هذا الإبدال موقوفا على حذف شيء لزم التعرض إلى الحذف، ليرتب عليه ما هو المقصود بالذكر، وإنما أفرد هذا الإبدال وأورده في هذا الفصل ولم يذكره مع ما تقدم من إبدال الياء واوا؛ لأنه إبدال لعارض وهو اجتماع ياءات أربع، وإنما ذكر حذف الياء المشددة من نحو: كرسيّ في النسب إليه، مع أنه حذف لا إبدال معه تمهيدا لما ذكره بعد حذف اليائين، وكأنّه قصد أن يتكلم في الياء المشددة رابعة أولا نحو: كرسي، ثم فيها ثالثة ثانيا نحو: عليّ وتحية ومحيّ، ثم فيها ثانية ثالثا نحو: حي وطي ليصير الكلام في ذلك مرتبا منتظما، وإذا قد تقرر هذا فلنرجع إلى لفظ الكتاب، فقوله: تحذف الياء المدغمة في مثلها قبل مدغمة في مثلها إن كانت ثالثة زائدة يشير به إلى حذف الياء الأولى من نحو: عليّ وغنيّ وقصيّ إذا نسبت إليها فقلت: علويّ وغنويّ وقصوىّ؛ لأن الياء الأولى من كل -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
هذه الكلمات مدغمة في مثلها قبل مدغمة في مثلها وهي ثالث حرف في الكلمة وهي زائدة (1)، وإنما قيدها بالثالثة لتخرج الياء الأولى من نحو: كرسي إذا نسبت إليه فإنه لا يقتصر على حذفها بل يحذف مع الياء التي هي مدغمة فيها، ولتخرج الياء الأولى من نحو: حيّ إذا نسبت إليها فإنها لا تحذف كما عرفت، وإنما قيدها بالزائدة تحرّزا من الياء الأولى في نحو: تحيّة، فإنها أصلية، واحترازه؛ لأنها لا تحذف، إذا نسبت إلى الكلمة؛ لأنها تحذف - أيضا -، بل لأنه ميّزها عن الزائدة بذكرها وحدها واحترز بقوله: لغير معنى متجدد، من نحو الياء في:
عديّ (2) تصغير عدويّ؛ لأنها لا تحذف كما تقدم تقريره، وقد تقدم البحث في أنه قد لا يحتاج إلى هذا الاحتراز. ولم يتعرض في التسهيل هنا لحذف اليائين من نحو:
كرسيّ إذا نسب إليه، لما عرفت أن كلامه هنا ليس في الحذف المحض، بل في الحذف الذي يترتب عليه إبدال الياء واوا وقوله: أو ثالثة عينا يشير به إلى الياء الأولى من نحو: تحيّة إذا نسب إليها فإنها عين الكلمة؛ لأن وزن تحية تفعلة وهو مصدر حيّا، وعطف: أو ثالثة عينا، على ما حكم عليه بالحذف، وهي الياء الثالثة الزائدة، فعلم أن حكم الياء التي هي عين في نحو: تحيّة الحذف أيضا، وقوله: ويفتح ما قبلها إن كان مكسورا، يشير به إلى أن الفتح لازم في المسألتين - أعني التي الياء فيهما زائدة - نحو: علويّ وغنويّ، والتي الياء فيها أصليّة نحو: تحويّ إنما لزم الفتح؛ لأن الكلمة بعد الحذف تصير على زنة فعل كنمر، وحكم فعل إذا نسب إليه أن تحول كسرته فتحة لاستثقالهم أن يؤتى بحركة تليها كسرتان، ثم ياءان لو قيل: نمريّ بكسر الميم، وهذا الحكم معروف في باب النسب (3)، وقد يكون ما قبل الياء المحذوفة مفتوحا فيبقى على فتحه نحو: قصويّ، ولذلك قيد الفتح بقوله: إن كان مكسورا،
وقوله: وإن كانت ثانية فتحت وردت واوا إن كانت بدلا منها، وتبدل الثانية واوا يشير به إلى الياء الأولى من نحو: حيّ وطيّ إذا نسب إليهما، ومعلوم أنها لا تحذف، ولكنها تفتح، فإن كانت غير بدل من واو بقيت بحالها -
(1) و (2) انظر: التذييل (6/ 163 ب) والمساعد (4/ 143).
(3)
انظر: الكتاب (2/ 73)، والرضي (2/ 17 - 18)، والجاربردي (1/ 102)، وابن يعيش (5/ 145).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نحو: حيويّ، إذا نسبت إلى حييّ، وإن كانت بدلا من واو ردّت واوا نحو:
طوويّ إذا نسبت إلى: طيّ، أما الثانية فتبدل واوا جزما كما رأيت في المثالين المذكورين، وعلّة ذلك واضحة، وأما قوله: ولا تمتنع سلامتها إن كانت الثالثة والرابعة لغير النسب خلافا للمازني، فقد شرحه الشيخ بأن قال: وذلك أن تبني من حي اسما على وزن: جردحل، فإنك تقول فيه: حيويّ، والأصل حيّيّ بأربع ياءات فعمل به ما عمل في النسب إلى حيّ وشبهه (1)، قلت: والمصنف قد ذكر المسألة في إيجاز التعريف كما تقدّم لنا نقل ذلك عنه، لكنه حكم فيه بالإعلال جزما، وهاهنا قد جعل الجزم بالإعلال هو قول المازني وأجاز هو السلامة من الإعلال، وأنك تقول فيه: حيّيّ، فإن كان مراده هو ما مثل به الشيخ فقد اتضح مخالفة ما في التسهيل لما في إيجاز التعريف؛ لأنه أجاز في التسهيل الصحة وأوجب هناك الإعلال البتّة، ولكن المصنف قد ذكر في إيجاز التعريف مسألة تشبه هذه المسألة لا من كل الوجوه وذكر فيها خلاف المازني، وهي أنك إذا بنيت من فتى مثل حمصيص وهو بقلة، فال: تقول فيه: فتويّ وأصله فتييّ، الياء الأولى بإزاء الصاد الأولى منه، والثانية بإزاء يائه، والثالثة بإزاء الصاد الثانية، فأدغمت الثانية في الثالثة فصارت: فتييّا (2) ثم قلبت الأولى واوا كما فعل في النسب فرارا من توالي [6/ 169] الأمثال؛ لأن كسرة الياء المتحرك ما قبلها بمنزلة ياء أخرى، كما أن ضمة الواو المتحرك ما قبلها بمنزلة واو أخرى ولذلك فرّ من مقووة إلى مقوية على كل حال، وقد تسلم الياء الأولى في مثال: حمصيص المذكور خلافا للمازني (3)، وإن كانت لا تسلم في المنسوب؛ لأنها فيه تقدر طرفا؛ لأن ياء النسب كهاء التأنيث فتنقلب ألفا لتحركها وفتح ما قبلها وتدعو الحاجة إلى تحريكها لملاقاتها الساكن بعدها، فتقلب واوا ولا تحذف؛ لئلا يلتبس بفعيل ولا تثبت كثبوتها في: دابّة؛ لأن مثل الياء في بنات الياء والواو مرفوض، وأما مثال: حمصيص المذكور فلا تقدر ياؤه الأولى طرفا للزوم ما بعدها، فمن قلبها شبّهها بلام المنسوب، ومن لم يقلبها شبّهها بعين حييّ وعييّ. انتهى. فقد يقول قائل: هذه المسألة - أعني مثال: -
(1) التذييل (6/ 164 أ).
(2)
انظر: المرجع السابق والمساعد (4/ 145).
(3)
«لو بنيت مثل: حمصيص وهي بقلة من فتى قلت على رأي المازني: فتويّ لا غير، وقلت عند غيره كذلك، وفتييّ» المساعد (4/ 145).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
حمصيص من فتى - هي المرادة بقوله في التسهيل: ولا تمتنع سلامتها
…
إلى آخره، فيكون الخلاف الذي أشار إليه في التسهيل بقوله: خلافا للمازني، هو الخلاف الذي ذكره في إيجاز التعريف، وأشار إليه بقوله: «وقد تسلم الياء الأولى في مثال حمصيص المذكور خلافا للمازني، وعلى هذا لا يكون: بين كلاميه في الكتابين مخالفة، وحينئذ لا ينبغي أن يمثل لقوله: ولا تمتنع سلامتها
…
إلى آخره بما ذكره الشيخ، وهو أن تبني من حي مثل: جردحل، بل يمثل بمثال: حمصيص من فتى، فيقال في جواب هذا القائل: الذي قلته حسن، لكن لا يمكن حمل كلامه في التسهيل عليه؛ لأن الضمير في قوله: ولا تمتنع يعود على الياء المتقدمة الذكر، والمتقدمة مقيدة بكونها ثانية، والياء في مثال حمصيص من فتى هو: فتييّ ثالثة وإذا لم يمكن حمل كلامه على ذلك تعيّن صحة تمثيل الشيخ لقوله: ولا تمتنع سلامتها
…
إلى آخره بمثال: جردحل من حيّ، فإن قيل: فكيف حكم بوجوب الإعلال في إيجاز التعريف في مثال: جردحل من حي، وأجاز السلامة في التسهيل؟ فالجواب: أن الإعلال لا شك أنه أكثر والسلامة في مثل ذلك جائزة على قلّة، فترك التعرض لذكرها في ذلك الكتاب وذكرها هنا ولا يضر ذلك؛ لأنه لم ينف جواز السلامة في ذلك الكتاب فيصادم ذلك إجازته لها هنا. وحاصل الأمر:
أن الإعلال في المسألتين مجمع عليه، وأما السلامة فيهما فغير المازني يجيزها، والمازني يمنع (1)، وتلخّص من مجموع كلامه هنا وهناك: أن غير المازني يجوّز السلامة في نحو: حيّيّ مثال جردحل من: حي، وأن المازني لا يجيزها بل يعمل حتما، وهذه مستفادة من التسهيل، وأن غير المازني يجوز السلامة - أيضا - في فتييّ مثال حمصيص من فتى، وأن المازني لا يجوزها - أيضا - بل يعلّ حتما، وهذه مستفادة من إيجاز التعريف، فالمسألتان عند المازني لا فرق بينهما بالنسبة إلى جواز السلامة وعند المازني لا فرق بينهما بالنسبة إلى وجوب الإعلال، ولولا قوله في التسهيل: ولا تمتنع سلامتها وكونه يتعين أن يريد بذلك مثال: جردحل من: حيّ، فكان يمكن أن يكون ذلك مقصودا به مثال: حمصيص من فتى، فيقال: إن السلامة في مثال حمصيص من فتى وهو فتييّ - جائزة، دون مثال: جردحل من حي؛ فإنه -
(1) انظر: المنصف (2/ 272 - 274).