الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إبدال الياء واوا]
قال ابن مالك: (وتبدل واوا - أيضا - بعد فتح ما وليته إن كان مكسورا، الياء الواقعة بعد متحرّك، وقبل ياء أدغمت في أخرى وتحذف رابعة فصاعدا، وكذا ما وقع هذا الموقع من ألف أو واو تلت ضمّة، فإن كانت ألفا لغير تأنيث اختير قلبها واوا، وقد تقلب رابعة للتّأنيث فيما سكّن ثانيه).
ــ
يتعين فيه الإعلال، فيقال فيه: حيويّ دون: حيّيّ، ويفرق بينهما بأن مثال: جردحل هو حيّيّ قبل الياء المشددة فيه ياء مشددة بعد كسرة، ولا شك في ثقله، ومثال حمصيص من فتى وهو: فتييّ ليس فيه قبل الياء المشددة سوى ياء واحدة تلي فتحة، ولا شك أن هذا أخفّ من الأول، وإذا كان كذلك فلا يلزم من إجازة السلامة في الأخف تجويزها في الأثقل، لكن لم يساعد على ذلك كلام المصنف؛ بل دلّ كلامه على أن السلامة جائزة في مثال: جردحل من حي كما تقدم تقديره، فوجب الوقوف عنده.
قال ناظر الجيش: لمّا ذكر قبل أن الياء تبدل واوا عطف عليه هذا الكلام، ولذلك أتبعه بقوله: أيضا، واعلم أن الياء إما تقع ثالثة أو رابعة أو خامسة فصاعدا، وحكم هذه الياء - إذا وليتها ياء مشدّدة - إن كانت ثالثة: البدل حتما، وإن كانت خامسة فما فوقها: الحذف حتما، وإن كانت رابعة: الحذف والبدل، والحذف أفصح، وحيث كان البدل يجب فتح ما قبل المبدل، وقد أشار إلى حكم الثالثة بقوله: وتبدل واوا - أيضا - بعد فتح ما وليته إلى قوله: أدغمت في أخرى، وعلم كون كلامه هذا في الثالثة بقوله بعده: وتحذف رابعة فصاعدا على أنه قد وجد في نسخة (1): «الواقعة ثالثة بعد متحرك» ولكن لا يحتاج إليه؛ لأنّا قد علمنا أن كلامه لا يكون إلا في الثالثة لذكر الرابعة فما فوقها بعده، واحترز بقوله: الواقعة بعد متحرك من الواقعة بعد ساكن نحو: ظبي، فإن الياء فيه لا تغيّر لأجل الياء المدغمة في مثلها بعده، ومثال ذلك: شج وعم وصد، فيقال: شجويّ وعمويّ وصدويّ (2)، والعلّة في العدول عن الكسرة والياء قبل اليائين إلى الفتحة والواو فيما ذكر طلب الخفة، ولهذا لما سكن ما قبل الياء لم يغيّر وإنما قال: إن كان مكسورا؛ -
(1) نسخة البهاء الرقي. انظر: التسهيل (ص 307) والتذييل (6/ 164 أ) والمساعد (4/ 145).
(2)
انظر: الكتاب (2/ 72) والمقتضب (3/ 136) والتكملة (ص 55)، واللمع (ص 282).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لأنه إذا كان مفتوحا بقي على فتحه، هكذا قال الشيخ (1)، ولم يذكر له مثالا، إلا أنّ المصنف قال في إيجاز التعريف: تبدل الواو من الياء الواقعة ثالثة بعد متحرك إن وليها ياء مدغمة في أخرى كفتويّ في النسب إلى: فتى، فحكم بأن آخر فتى ياء ولا شك أن الياء إذا كان قبلها فتحة تقلب ألفا وذلك نحو: فتى وحي وكمثل هذا لا يصدق عليه أن آخره ياء إلا إن أراد أن ذلك الحرف كان ياء في الأصل وهو غير ظاهر، فالأولى أن يذكر نحو: فتى وحي فيما آخره ألف، وإذا كان كذلك لم يحتج إلى قوله: إن كان مكسورا؛ لأن ما قبل الياء لا يكون إلا مكسورا، وإنما قال: وقبل ياء مدغمة في أخرى لتكون العبارة شاملة لياء النسب ولغيرها فياء النسب كشجويّ وعمويّ، وياء غير النسب كما إذا بنيت مثل: جردحل من حي، فإنك تقول فيه: حيويّ كما تقدم، فقد حصل البدل في الياء ثالثة. وهي ليست قبل ياء النسب، لكنها قبل ياء مدغمة [6/ 170] في أخرى، ثم أشار إلى حكم الياء الرابعة فما فوقها بقوله: وتحذف رابعة فصاعدا، وليست هذه العبارة بمرضية، وقد وجد في نسخة البهاء الرقي:«وتحذف جوازا رابعة، ووجوبا خامسة فصاعدا» (2) وهذه العبارة هي الصواب، قال في إيجاز التعريف بعد أن ذكر الياء الثالثة وحكمها: فإن كانت هي رابعة حذفت، وقد تقلب ويفتح ما قبلها كقارضيّ وقاضويّ (3) في النسب إلى قاض ويتعين الحذف فيما زاد على ذلك كمشتريّ ومستدعيّ في النسب إلى: مشتر ومستدع (4). واعلم أنه إنما ذكر الحذف في الرابعة ليعرفنا أن البدل معه وجه آخر وإنما ذكر ذلك في الخامسة فصاعدا استطرادا لما عرفت قبل أن الكلام في هذه الفصول إنما هو في الإبدال، ثم إنه لمّا أنهى الكلام على الياء التي تقع قبل ياء أدغمت في أخرى، شرع في الكلام على الألف والواو الواقعتين قبل ياء كذلك، وإليه الإشارة بقوله: وكذا ما وقع هذا الموقع من ألف أو واو تلت ضمّة
…
إلى -
(1) التذييل (6/ 164 أ، ب).
(2)
التسهيل (ص 307) والتذييل (6/ 164 ب)، والمساعد (4/ 146).
(3)
انظر: الكتاب (2/ 72) والتكملة (ص 58) وابن يعيش (5/ 151) والمقرب (2/ 64، 65) والجاربردي (1/ 111، 112).
(4)
انظر: الكتاب (2/ 71) والرضي (2/ 46) والجاربردي (1/ 112) والمفصل (ص 209).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
آخره، وحاصل الأمر: أن الألف إما ثالثة أو رابعة أو خامسة، وحكم الثالثة قبل الياء المذكورة أن تقلب واوا نحو: فتويّ ورحويّ وعصويّ (1) في: فتى ورحى وعصى، وأما الرابعة فإما أصلية أو زائدة للتأنيث، ففي الأصلية وجهان: الحذف والقلب واوا وهو أولى، وذلك نحو: ملهويّ ومرمويّ وملهيّ ومرميّ، في ملهيّ ومرميّ (2) وأما الزائدة لتأنيث فتحذف سواء تحرك ثاني الكلمة نحو: جمزيّ ومرطيّ، أم سكن نحو: حبلى وسكرى إلا أن ما سكن ثانيه يجوز فيه القلب - أيضا - فيقال: حبليّ وحبلويّ (3)، وأما الخامسة فما فوقها فليس فيها إلا الحذف نحو: مراميّ وقبعثريّ في النسب إلى مرامي وقبعثرى (4)، وكلام المصنف ظاهر التطبيق على ما قلته، ولم يتعرض الشيخ في شرحه إلا إلى ذكر الألف الرابعة (5)، ولم يحتج إلى ذكر الخامسة؛ لأنه إذا حكم على الرابعة بالحذف كان الحكم به على الخامسة من طريق الأولى، وأهمل المصنف ذكر الثالثة، وكأنه جعل قول المصنف: وكذا ما وقع هذا الموقع راجعا إلى قوله: وتحذف - أي: الياء - رابعة فصاعدا، ولا شك أنه إذا حمل كلام المصنف على ذلك تكون الألف الثالثة مسكوتا عنها، ولا يخفى أن ذلك إخلال، والظاهر أنه لا يمتنع أن تكون الإشارة بقوله: هذا الموقع، إلى ما تقدم من موقع الياء، والذي تقدم ذكر موقعها ثالثة ورابعة وما فوقها فيفيد قوله: وكذا كل ما وقع هذا الموقع من ألف الإحالة على ما تقدم من حكم الياء، فتبدل ثالثة واوا كما تبدل الياء وتحذف رابعة فصاعدا كما تحذف الياء، وحينئذ لا يكون المصنف أهمل ذكر الألف الثالثة، وكما قيل في الألف يقال في الواو التي تلت ضمة، فإن كانت ثالثة لا تحذف وذلك نحو مثال سمرة من الغزو فيقال: غزوة، وإذا نسب إليه يقال:
غزويّ، وإن كانت رابعة حذفت وذلك نحو الواو في عرقوة، فإذا نسب إليها قيل:
عرقيّ بالحذف؛ لأن الألف الرابعة والياء الرابعة تحذفان لأجل الياء المشددة الواقعة -
(1) انظر: الكتاب (2/ 72) والمقتضب (3/ 136) وابن يعيش (5/ 149) والتكملة (ص 53 - 54).
(2)
انظر: الكتاب (2/ 77) والمقرب (2/ 62) وابن يعيش (5/ 150).
(3)
الكتاب (2/ 77) والمقرب (2/ 63) وابن يعيش (5/ 150).
(4)
الكتاب (2/ 78) والمقرب (2/ 65) وابن يعيش (5/ 150).
(5)
التذييل (6/ 164 ب).