الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المضاعف من الثلاثيّ
(1)]
قال ابن مالك: (فصل: استثقل تماثل أصلين في كلمة وسهّلة كونهما عينا ولاما، وقلّ ذلك فيهما حرفي لين، أو حلقيّين وأهمل كونهما همزتين وعزّ كونهما هاءين. ونحو: قلق قليل، وقلّ كون الفاء واللّام حلقيّين وأقلّ منه نحو: كوكب، وأقلّ منه نحو: ببر وأقلّ منه نحو: ببّ، والأظهر كون الياء والواو نظيرتيه في التّأليف من ثلاثة أمثال).
- عشرة بناء إن ثبت نحو: دئل والبقية للمزيد فيه منه، وللرباعي واحد وستون بناء، للمجرد منها خمسة أبنية
والبقية للمزيد فيه منه (2)، وللخماسي تسعة أبنية للمجرد منها أربعة أبنية والبقية للمزيد فيه منه، ولم يجئ من مزيد الخماسي غير خمسة أبنية وهي:
فعلليل كسلسبيل ودردبيس، وفعلّيل كخزعبيل وقذعميل وفعللول كعضرفوط ويستعور، وفعلّلى كقبعثرى، وفعللول كقرطبوس (3)، وحاصله: أنه لم يزد في الخماسي سوى حرف مدّ إما قبل آخر الكلمة أو بعده، وسيذكر المصنف ذلك بعد قليل.
قال ناظر الجيش: اعلم أنه قد تجتمع ثلاثة أمثال أصول في كلمة كما سيأتي، -
(1) ينظر: الكتاب (4/ 401 - 415 - 416)، والمساعد (4/ 19)، والممتع (2/ 561).
(2)
ينظر: الكتاب (4/ 302 - 332، 336، 340) والمقتضب (1/ 194 - 198، 224)، والتكملة (230 - 242) والممتع (1/ 72، 145)، وابن يعيش (6/ 112 - 135، 137 - 142)، ونزهة الطرف (212 - 222)، والمبدع (8 - 26)، والهمع (2/ 160، 214 - 217)، والأشموني (4/ 249)، والتصريح (2/ 354، 359 - 364).
(3)
أما ما سمع خلاف ما تقدم فمردود بدخول التحريف فيه، أو بكونه أعجميّا غير عربي، أو لازدياد ثقله لكثرة حروفه المزيدة مع روايته عن واحد فقط؛ فالأوّل فعلّول كسمرطول بإهمال أوله وإعجامه للطويل المضطرب، وهو تحريف: سمرطول كعضرفوت، مسموع في الشعر فقط وهم مما يحرفون في الشعر إذا اضطروا إلى ذلك، قال الشاعر:
على سمرطول نياف شعشع
أي على جمل طويل العنق، ونظيره في التحريف قوله:
بسبحل الدّفّين عيسجور
أراد سبحلا كقمطر فغيّر، والثاني: فعلالل كخزرانق، لضرب من الثياب، فارسي ودرداقس لعظم يصل بين الرأس والعنق، قال الأصمعي: أحسبه روميّا. والثالث: فعلّلانة كقرعبلانة لدويّية عريضة بزيادة الألف والنون والتاء مع سماعه من كتاب العين فقط. انظر الخصائص (3/ 204 - 205، 207 - 208) والمزهر (2/ 34)، وابن جماعة (1/ 35 - 36)، والمبدع (ص 26، 27).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقد تشتمل الكلمة على مثلين أصليين وذلك على ثلاثة أقسام: ما تماثلت فيه الفاء والعين، وما تماثلت فيه الفاء واللام، وما تماثلث فيه العين واللام.
فالأول: إما بغير فاصل بين المتماثلين نحو: ببر (1) وببّ (2) وددن (3)، وإما بفاصل بينهما نحو: كوكب وقوقل.
والثاني: لا يمكن أن يكون إلا بفاصل وهو العين نحو: سلس وقلق، ويدخل فيه نحو: سندس (4) - أيضا -.
والثالث: إما بغير فاصل نحو: طلل ولبب، وإما بفاصل نحو: حدرد، وقد عرف مما ذكرناه أنه ليس من شرط وجود الأصلين المتماثلين في الكلمة اجتماعهما وأن ذلك لا يتقيد بكون الكلمة ثلاثية، إذا تقرر ذلك فليعلم أن تماثل أصلين في كلمة مستثقل كما أشار إليه المصنف، وقد علل ذلك: بأن مخرج المتماثلين واحد فربّما يحتبس اللسان عند النطق بهما (5)، وكذلك يفرّون إلى الإدغام؛ حيث يتفق اجتماعهما في كلمة إلا ما استثني كما عرف في باب الإدغام، وهذا إنما يتجه التعليل به حيث لا فاصل بين المثلين، أما مع وجود فاصل فهو غير متّجه، ثم اعلم أن باب نحو: طلل، وهو ما تماثلت عينه ولامه، أكثر من باب نحو: سلس، وهو ما تماثلت فاؤه ولامه، وباب نحو: سلس أكثر من باب نحو: كوكب، وهو ما تماثلت فاؤه وعينه بفاصل بينهما، وباب نحو: كوكب أكثر من باب نحو: ببر، وهو: ما تماثلت فاؤه وعينه دون فاصل، ودلّ على كون باب نحو: طلل أكثر؛ قول المصنف: (وسهّله كونهما عينا ولاما)، ويدخل فيه نحو حدرد - أيضا - وأما كون باب نحو: سلس أكثر من باب نحو: كوكب، فلم يصرح به المصنف، بل لو لم يكن في كلامه نصّ على أن الفاء واللام يتماثلان، ولكن ذلك يؤخذ من كلامه حيث قال: وقلّ كون الفاء واللام [6/ 108] حلقيين، فإنه يفهم من هذا الكلام: أن الفاء واللام يتماثلان، وأفاد قوله: أنه يقلّ كونهما حلقيين - أنه لا يقل -
(1) حيوان يعادي الأسد
…
قال: الأزهري: «وأحسبه دخيلا وليس من كلام العرب» . المصباح (ص 35).
(2)
الغلام السمين. اللسان «ببب» .
(3)
اللهو واللعب. اللسان «ددن» .
(4)
رقيق الديباج ورفيعه. اللسان «سندس» .
(5)
انظر المساعد (4/ 19).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كونهما غير حلقيين، فكأنه قال: يجوز تماثل الفاء واللام، ولكن يقل ذلك إذا كانا حلقيين، ودلّ قوله قبل: وسهّله كونهما عينا ولاما أن باب نحو: طلل أكثر؛ لذكره مقدّما، ولنسبته التسهيل إليه؛ فيكون باب نحو: سلس أقلّ منه؛ لذكره إياه بعد، وعلى هذا فالضمير في قوله: وأقلّ منه نحو: كوكب يرجع إلى ما تماثلت فيه الفاء واللام غير حلقيّتين وهو: سلس، فيكون مراده وتماثل الفاء والعين إذا كان بينهما فاصل، وأما كون باب كوكب أكثر من باب نحو: ببر؛ فقد عرف من قوله بعد ذكر كوكب: وأقلّ منه نحو: ببر، ثم إن المصنف نبّه بقوله: وقلّ ذلك فيهما حرفي
لين
…
إلى آخره على أن تماثل اللام والعين يكثر على غيره من المذكورات بعده على الإطلاق، بل بقيد كون الحرفين المتماثلين صحيحين غير حلقيين ولا همزتين، أما كونهما همزتين فغير وارد في كلام العرب، ولذلك قال: وأهمل كونهما همزتين، وأما كونهما حرفي لين أو حلقيين فقليل، وذلك نحو: قوّة وعيّ وغيّ وحيّ وصحّ وشحّ ولححت عينه (1) وشعاع وبخ (2) ومهه (3)، وأما قوله: وقلّ كون الفاء واللام حلقيين فقد تقدم الكلام عليه، ومثاله: أجاء وخباح وآء، وهو شجر، والواحدة آءة (4)، ولا يظن أن باب نحو: سلس أقلّ من باب نحو: قوّ بل إنما هو أقلّ من باب نحو: طلل كما تقدم، وهو أكثر من باب نحو: قوّ ومهه، وقد نصّوا على ذلك (5).
وسبب سهولة تماثل العين واللام أن اللام معرضة لتغيّر حركات الإعراب ولسكونها في الوقف؛ فتخالف حينئذ حركة العين فيسهل النطق بها، هكذا ذكروا، ثم لما أنهى المصنف الكلام على ما اشتمل من المتماثل على أصلين؛ أخذ في -
(1) لححت عينه: إذا لصقت بالرّمص. اللسان «لحح» .
(2)
كلمة فخر. اللسان «بخخ» .
(3)
أي يسير. اللسان «مهه» .
(4)
جاء في هامش (1) من الصحاح (1/ 34): «الصحيح عند أهل اللغة أنه - أي الآء - ثمر السرح» ، وزاد ابن بري في حاشية الصحاح: ولا يعكر عليه قول شرذمة منهم: إنه اسم للشجر؛ لأنهم قد يسمّون الشّجر باسم ثمره ألا ترى إلى قوله تعالى: فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا (27) وَعِنَباً.
(5)
قال سيبويه: (2/ 404): «قد نقل ما هو أخف مما يستعملون كراهية ذلك أيضا، وذلك نحو: سلس وقلق، ولم يكثر كثرة رددت في الثلاثة؛ كراهية كثرة التضعيف في كلامهم، فكأن هذه الأشياء تعاقب» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الكلام على ما اشتمل على ثلاثة أمثال أصول، وأشار إليه بعد قوله: وأقل منه نحو:
ببر الذي هو أقلّ من نحو: كوكب، الذي هو أقلّ من نحو: سلس، الذي هو أقلّ من نحو: طلل؛ فهو حينئذ في الرتبة الخامسة، فنحو: ببّ تماثلت فيه الفاء والعين واللام، وقد ذكروا أن التأليف من ثلاثة أمثال قليل، وأن الذي جاء منه في الصحيح خمسة تآليف وهي: ببّ الصبي فهو ببّه أي: سمين، وههّ يههّ ههّا وههّة أي: لثغ واحتبس لسانه، وززّه يززّه ززّا أي: صفعه، وقعد الصبي على صصّه وققّه أي حدثه، وفعلهما صصّ يصصّ صصّا، وققّ يققّ ققّا، وأما الذي جاء منه في المعتل فكلمتان لا غير وهما ياء وواو، ودلّ كلام المصنف على أن في ذلك خلافا؛ حيث قال بعد ذكر بب: والأظهر كون الواو والياء نظيرتيه في التأليف من ثلاثة أمثال، لكن قال الإمام بدر الدين ولده: إن الياء من
ثلاثة أمثال اتفاقا والدليل عليه قولهم:
ييّيت الياء وأصلها: ييّ فقلبت العين واللام ألفين؛ لتحرك كل منهما وانفتاح ما قبله، فالتقى ألفان؛ فقلبت الثانية همزة لتطرفها بعد ألف فصار: ياء (1)، وفي هذا العمل الذي ذكره نظر، فإن القاعدة المعروفة: أنه لا يتوالى إعلالان في كلمة، وأن القياس أنه إذا وجد في كلمتين عين ولام يستحقان هذا الإعلال إنما تعلّ اللام وتصحح العين نحو: الحيا، والهوى والحوى مصدر: أحوى إذا اسودّ، والأصل:
حيي وهوي، وحوو، وقد يعكس هذا العمل شذوذا نحو: غاية وطاية وثاية، وأيضا فإن حرف العلّة الواقع بعد ألف إنما يبدل همزة إذا كانت الألف زائدة، أما إذا كانت الألف أصلية، فإن حرف العلة يبقى بحاله نحو: آية وراية، والأولى في التعليل أن يقال: تحركت الياء المتوسطة التي هي العين، وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وقلبت الياء الأخيرة همزة، لوقوعها طرفا تشبيها للألف المنقلبة عن الأصل بالألف الزائدة، ثم قال الإمام بدر الدين: وأما الواو فقيل: هو من باب (2): سلس وقلق، وعينه ياء؛ لأن باب: سلس في كلامهم أكثر من باب: ببّ، فالحمل عليه أولى، وقال الأخفش هو من باب: ببّ وعينه واو، وهو قول صحيح (3)، ويدل على صحته أمور ثلاثة: أحدها: قولهم في التصغير: أويّة بقلب فائه همزة؛ لكونها أوّل -
(1) التذييل (6/ 95 ب) وانظر: الجاربردي (1/ 269).
(2)
انظر الجاربردي (1/ 269).
(3)
ينظر اللسان «وا» وشرح الشافية (3/ 74).