الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إبدال حرف اللين الثاني في مثل: عيايل همزة]
قال ابن مالك: (فصل: إذا اكتنف طرفا اسم حرفي لين بينهما ألف، وجب في غير ندور إبدال الهمزة من ثانيهما، إن لم يكن بدلا من همزة ولا مفصولا من الطّرف لفظا أو تقديرا، ولا يختصّ هذا الإعلال بواوين في جمع خلافا
للأخفش).
ــ
غير مرضيّ؛ لأن العارض لا اعتداد به.
ومن فروع هذه المسألة أنك إذا سمّيت رجلا بورقا ثم جمعته تصحيحا فإنك تقول فيه: ورقاوون (1) بالواو، كما تقدم ذلك أول الكتاب؛ فهل يجوز بدل مثل هذه الواو؟ مذهب الجمهور: لا يجوز؛ لأن الضمة عارضة كضمة الإعراب لزوالها في حالتي النصب والجر. قيل: وقد أجاز بعضهم ذلك؛ لأن الضمة ليست ضمة الإعراب (2)، واعلم أن هذا الفصل الذي فرغ منه قد اشتمل على ذكر إبدال الهمزة من حروف العلّة وجوبا في ثلاثة مواضع وهي باب: كساء ورداء، وباب:
قائم وبائع، وباب: أواصل وأويصل ونحوهما.
قال ناظر الجيش: هذا موضع رابع من المواضع التي يجب فيها إبدال حرف العلّة همزة، والمراد بما ذكره كل جمع لرباعي اكتنف ألفه لينان، فإن حرف اللين الثاني الواقع بعد ألف الجمع تبدل همزة، كما لو سميت بنيف ثم كسّرته، فإنك تقول فيه: نيائف (3)، وكذا: أوّل حيث تقول فيه: أوائل (4)، فقد اكتنف طرفا نيائف -
(1) التذييل (6/ 143 ب).
(2)
المرجع السابق (6/ 144 أ).
(3)
ينظر: الأشموني (4/ 289).
(4)
هذا مذهب الجمهور إلا أبا الحسن الأخفش فإن كان لا يهمز من ذلك إلا ما كانت الألف منه بين واوين، ويجعل ذلك نظيرا للواوين إذا اجتمعا في أوّل الكلمة، فكما أنك تهمز الأولى منهما، للعلة التي تقدم ذكرها، فكذلك تهمز الواو الآخرة في أوائل وأمثاله ولا يرى مثل ذلك إذا اجتمعت ياءان أو واو وياء، ويقول: لأنه إذا التقى الياءان أو الياء والواو أولا نحو: يين اسم موضع، و: ويل، ويوم لم يلزم الهمز فكذلك لا يهمز عنده مثل: سيائق وسيائد). الممتع (1/ 337)، وقال الأشموني (4/ 289):
«واعلم أن ما اقتضاه إطلاق الناظم هو مذهب الخليل وسيبويه ومن وافقهما، وذهب الأخفش إلى أن الهمزة في الواوين فقط ولا يهمز في الياءين ولا في الواو مع الياء، فيقول: نيايف، وسياود، وصوايد -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قبل البدل وهما النون والفاء، وطرفا أوائل وهما الهمزة واللام حرفي لين، وهما الياءان في الأولى، والواوان في الثانية، وبين حرفي اللين ألف، والموجب لإبدال ثاني حرفي اللين همزة الاستثقال لتوالي ثلاث (لينات)(1)
متصلة بالطرف، وكذا إذا انفصل هذا اللين الثاني من الطرف بمدة امتنع الإبدال كطواويس (2). كما ستعرف ذلك، واعلم أن المصنف أورد هذه المسألة في إيجاز التعريف أحسن إيراد، فأنا أورد كلامه بنصّه لحسنه ولاشتماله على شرح كلامه في هذا الفصل.
قال رحمه الله تعالى: إذا وقعت ألف التكسير بين حرفي علّة وجب إبدال الهمزة من ثانيهما إن اتصل بالطرف نحو: أوائل جمع أوّل وبيائن جمع بينّ، وسيائد جمع سيّد، وصوائد جمع صايدة، فالأول: مثال لذي واوين، والثاني: مثال لذي يائين، والثالث: مثال لذي ياء بعدها واو، والرّابع: مثال لذي واو بعدها ياء، فإن كان ثاني حرفي العلّة مبدلا كالياء الثانية في جيايا سلم، وجيايا جمع جيّئ مثال عيّل من حيث أصله: جيايئ ثم عومل معاملة عيايل، ثم معاملة خطايا، فاستسهل أمر الياء في الحالة الثانية من جيايا؛ لأنها مفتوحة وبدل من همزة، فكان تصحيحها كتصحيح واو بويع (3)، ولم يستسهل أمرها في الحالة الأولى؛ لأنها حينئذ مكسورة، وياء غير مبدلة من شيء؛ فلو انفصل ثانيهما من الطرف دون اضطرار، وجب التصحيح نحو: عواوير جمع عوّار: وهو الرمد والخفاش والجبان - أيضا - (4). فلو كان -
- على الأصل، وشبهته أن الإبدال في الواوين؛ إنما كان لثقلها، ولأن لذلك نظيرا وهو اجتماع الواوين أوّل كلمة، وأما إذا اجتمعت الياءان أو الياء والواو فلا إبدال؛ لأنه إذا التقت الياءان أو الياء والواو أول كلمة؛ فلا همز نحو: يين ويوم اسم موضع، واحتج - أيضا - بقول العرب في جمع ضيون وهو ذكر السنانير: ضياون، من غير همز، والصحيح ما ذهب إليه الأولان - أي الخليل وسيبويه - للقياس والسماع؛ أمّا القياس: فلأن الإبدال في نحو: أوائل إنما هو بالحمل على كساء ورداء لشبهه به من جهة قربه من الطرف
…
وأما السماع: فحكى أبو زيد في سيّقة سيائق بالهمز وهو فعيلة من ساق يسوق».
(1)
كذا في (ب)، وفي (جـ)«حركات» .
(2)
جمع طاوس؛ لأن الواو قد قويت ببعدها عن محل التغيير وهو الطرف. الممتع (1/ 339).
(3)
لو بنيت فوعلا من البيع لقلت: بيع. أصله: بويع فقلبت الواو ياء لأجل الإدغام. الممتع (1/ 344).
(4)
انظر: اللسان «عور» ، والمساعد (4/ 95، 96).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الانفصال للضرورة لم تمنع من الإبدال كما لو اضطر شاعر إلى أن يقول في أوائل:
أوائيل (1)، وكذلك لو اضطر إلى أن يقول في عواوير: عواور بغير فصل، فلا سبيل إلى الإبدال؛ لأن العارض لا
يعتد به (2)، ولو وقع في واحد حرفا علّة بينهما ألف كما وقعا في أوائل وإخوانه عومل معاملتهن لشبهه بهن، وذلك نحو: بناء مثل عوارض (3) من قول فإنك تقول فيه: قوائل (4)، والأصل: قواول بواوين أولاهما زائدة في مقابلة واو عوارض، والثانية عين بمنزلة ثانية واوي أواول، فعمل بها ما عمل بها هناك لتساويهما، والأخفش يخص هذا الإعلال بجمع يكتنف ألفه واوان كأواول، ويقول في جمع بينّ، وسيّد، وصائدة: بياين، وسياود، وصوايد، وفي مثل عوارض من القول: قواول، فلا يهمز (5). هذا آخر كلامه في هذا الفصل وقد ظهر منه بيان أكثر ما ذكره هنا. واحترز بقوله: في غير ندور في: ضياون فإن قياسه الهمز، ووجه الشذوذ فيه، أنهم شذّوا في مفرده فقالوا: ضيون (6)، فلم يدغموه فشذوا فيه في جمعه، وقيل: إنما صحّ في الجمع؛ لأنه صحّ في المفرد، وردّ هذا بأن صحّة المفرد لا يلزم منها صحة الجمع، بل يلزم في الجمع الإعلال، ويدلّ على ذلك أنك لو بنيت مثل: ضيغم من القول، وصححت لقلت: قيول، فلو جمعته، لقلت: قيائل بالهمز (7). وقد قال سيبويه: لو جمعت ألببا لقلت: ألابّ يعني بالإدغام، وإن كان قد شذّ مفرده بالفك (8)، وأما قوله: إن لم يكن بدلا من -
(1) انظر: الممتع (1/ 339)، والمنصف (2/ 49).
(2)
المرجعين السابقين.
(3)
وهو بضم الفاء اسم جبل عليه قبر حاتم. المساعد (4/ 94).
(4)
الهمز هنا على ما ذهب إليه سيبويه والجمهور، وقال الأخفش والزجاج: لا يهمز لفوات ثقل الجمع، والراجح الأول لقوّة الشبه. المساعد (4/ 95)، وانظر: الكتاب (4/ 370).
(5)
وذهب إليه الزجاج. انظر: التذييل (6/ 144 ب)، والمساعد (4/ 95)، والأشموني (4/ 289)، والرضي (3/ 134)، وتوضيح المقاصد (6/ 18).
(6)
ينظر: الكتاب (4/ 370)، والممتع (1/ 338)، والأشموني (4/ 290)، والضّيون: السّنور الصغير. اللسان «ضون» .
(7)
ينظر: التذييل (6/ 144 أ)، والمساعد (4/ 95).
(8)
قال بإدغامه في التصغير. الكتاب (3/ 431)، ولو سميت رجلا بألبب ثم حقّرته قلت: أليبّ وانظر: التذييل (6/ 144 ب)، والمساعد (4/ 95).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
همزة، فقد عرفت أنه احترز به من جيايا جمع جيّئ، ويدخل - أيضا - تحت قوله: إن لم يكن بدلا من همزة نحو:
جوايا جمع جويّة، أو جاوية أو جاويا، وزوايا جمع زاوية، وجنايا جمع جنيّة والعلة لعدم إبدال الحرف المذكور همزة، أنه كان همزة ثم أبدل منها كما سيأتي بيانه في مسألة خطايا ونحوه، إن شاء الله تعالى. فلو أبدلوه همزة لكانوا قد عادوا إلى ما استثقلوه من اجتماع ألفين وهمزة مفتوحة بينهما (1)، وأما قوله: ولا مفصولا من الطرف لفظا أو تقديرا فقد عرفته، والمفصول لفظا نحو: طواويس وعواوير، والمفصول تقديرا نحو: عواور، فإذا اضطر شاعر فلا يبدل؛ لأن الأصل: عواوير والحذف عارض فلا يعتد به، كما لا يعتد بالبعد من الطرف إذا اضطر شاعر فزاد ياء نحو قوله:
4294 -
فيها عيائيل أسود ونمر (2)
لأن هذا المدّ عارض للضرورة، فلا اعتداد به، وما أحسن قول ابن الحاجب:
وصحّ عواور وأعل عيائيل؛ لأن الأصل: عواوير فحذف، وعيائيل فأشبع (3)، واستحسن الشيخ قول المصنف في إيجاز التعريف إذا وقعت ألف التكسير بين حرفي علّة (4)، واستجوده على عبارته في التسهيل؛ لأنه قال: إذا اكتنفنا طرفا اسم حرفي لين بينهما ألف. قال الشيخ: ومثل عواوير وطواويس لم يل الواو الآخرة فيهما الطرف، وإنما وليها ياء بعدها الطرف (5). انتهى. ولا شك أن عبارته في إيجاز التعريف أخصر وأبين وأحسن.
وأما قوله: ولا يختص هذا الإعلال بواوين في جمع، خلافا للأخفش فقد تقدم تقريره وإلى ما ذهب إليه الأخفش في ذلك ذهب أبو إسحاق الزجاج قالوا: -
(1) ينظر: المساعد (4/ 95).
(2)
من الرجز قائله حكيم بن معية الربعي، الضمير في: فيها يرجع إلى الغيطان في البيت الذي قبله.
والشاهد: في قوله: عيائيل؛ حيث أبدلت الهمزة من ياء. واحد العيال: عيل، والجمع: عيايل، مثل:
جيد وجيايد. ويروى فيها: تماثيل، وفيها: غيائيل. انظره في: الكتاب (3/ 574)، والمقتضب (2/ 203)، وابن يعيش (5/ 18، 10/ 91، 92)، والمقرب (2/ 107، 163)، وشرح شواهد الشافية للبغدادي (276)، والعيني (4/ 586)، والتصريح (2/ 310، 370).
(3)
شرح الشافية (3/ 127).
(4)
،
(5)
التذييل (6/ 144 ب).