الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مواضع أخرى لقلب الضمة كسرة والياء واوا]
قال ابن مالك: (وتبدل كسرة - أيضا - كلّ ضمّة تليها ياء أو واو وهي آخر اسم متمكّن لا يتقيّد بالإضافة أو مدغمة في ياء هي آخر اسم لفظا أو تقديرا، وكلّ ضمّة في واو قبل واو متحرّكة أو قبل ياء تليها زيادتا فعلان، أو علامة تأنيث).
ــ
المصنف: وربما قررت الضمة في جمع فتعين الإبدال. قال الشيخ في شرح هذا الموضع: نقل أبو عبيدة أن عائطا تجمع على عيط وهو القياس كبيض وعين وعلى عوط بإقرار الضمة وإبدال الياء واوا لأجلها (1). انتهى. وقد تقدم من كلام المصنف في إيجاز التعريف أنه قال: عاطت الناقة تعيط إذا ضربها الفحل ولم تحمل، فعلى هذا العائط هي الناقة التي وجدت بهذا الوصف، ومعنى قول المصنف: وربما قررت الضمة في جمع، أنها لم تبدل كسرة، فلمّا لم تبدل كسرة عسر الإتيان بالياء الساكنة بعدها فتعين إبدالها واوا.
قال ناظر الجيش: هذا الفصل إنما هو مقصود لإبدال بعض أحرف العلّة من بعض؛ لأنه من جملة الفصول المعقودة للإبدال، وإنما أشار الآن إلى أن الضمة تبدل كسرة فيما يذكره؛ لأنه إنما تكلم على إبدال الياء الساكنة المفردة الواقعة بعد ضمة واوا، خرج عن ذلك ما كان جمعا احتاج أن يذكر حكم الجمع ليعلم ما هو، فذكر أن الضمة تبدل فيه كسرة، فلما ذكر ذلك استطرد منه فذكر ما تبدل فيه الضمة كسرة في غير الجمع - أيضا - فبين أن الكسرة تبدل من الضمة، وفيه مسائل:
الأولى: أن الكسرة تبدل من كل ضمة تليها ياء أو واو بالقيود التي ذكرها، وذلك نحو قولك في جمع ظبي ودلو: أظب وأدل (2)، فالأصل أظبي وأدلو، فأما أظبي فاستثقلت فيه الضمة قبل الياء، فأبدلت كسرة وعوملت الكلمة حينئذ معاملة المنقوص. وأما أدلو فقد جوز الفارسي فيه وفي نحوه وهو ما وقع في آخره من الأسماء المعربة واو تلي ضمة نحو: أيدي جمع يد وقمحدوة وعرقوة وثمود إذا -
(1) التذييل (6/ 58 أ).
(2)
انظر: الكتاب (2/ 381) بولاق، والمنصف (2/ 118)، ونزهة الطرف (ص 238)، والممتع (2/ 742)، والهمع (2/ 222).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
رخّمت على لغة من لا ينتظر المحذوف، أن تقلب الضمة فيه كسرة فتنقلب الواو ياء لانكسار ما قبلها كأكسية وأقرية، نزلوا الكسرة المنقلبة عن الضمة منزلة الكسرة التي هي من نفس الوضع، وأن الواو قلبت ياء فانقلبت الضمة التي قبلها كسرة؛ ليخف النطق بالكلمة، ووجّه أبو الفتح تسويغ أبي علي كلّا من الوجهين، فوجه الابتداء بالأول بأنك إنما تغير لينطق بما تصير الصيغة إليه وإنما نبتدئ بالحرف من أوله لا من آخره، ووجّه الابتداء بالثاني بأنك لمّا أردت التغيير ابتدأت به من أمثل المواضع له وهو الآخر (1) قلت: وظاهر ما يعطيه كلام المصنف أن الضمة قلبت كسرة، فانقلبت الواو ياء؛ لأنه قال: وتبدل كسرة كل ضمة، نعم إنما يقول المصنف بإبدال الواو ياء ابتداء حيث تكون الكسرة أصلية كالغازي والعادي والساطي ونحوها، وقد تقدّم له الكلام على هذا أول هذا الفصل والموجب لتغيير نحو: أظبي إلى أظب، ونحو: أدلو إلى أدل - أن حرف العلة يستثقل عليه الحركة الثقيلة؛ كالضمة والكسرة إذا كان قبله حرف متحرك، فإذا كان ياء قدّروا الحركة في الياء ثم إن كان قبلها كسرة أبقوها للمناسبة، وإن كان ضمة قلبوها كسرة ليخف النطق وصار اللفظ بالمرفوع والمجرور واحدا وإذا كان واوا، فلا شك أن الواو أثقل، ولذلك لم يوجد في الأسماء المعربة ما آخره واو قبلها ضمة بالموضع، لكن قد يؤدي التصرف في الكلمة بجمع أو ترخيم إلى وجود ذلك فيفعل فيه ما تقدم ذكره من إبدال الضمة كسرة، وقلب الواو ياء وإن وجد قبلها كسرة قلبت الواو ياء للخفة نحو: أكسية (2) وأقرية أصله: أكسوة وأقروة فقلبت الواو ياء للكسرة قبلها، ولم يبقوا الواو مع الكسرة فيقولوا: أكسوة أبقاها مع الياء لعدم المناسبة وأما الفعل فإنه يقع فيه الواو بعد الضمة كيدعو ويغزو لعدم المحذور الذي يحصل لو وقع ذلك في الاسم. قال المصنف في إيجاز التعريف: يجب إبدال الضمة كسرة إن وليها في آخر الاسم ياء أو واو كأظب جمع ظبي. وأجر جمع جرو وأصلهما: أظبي وأجرو كأفلس (3) وأضرس، فكسرت عيناهما وجريا مجرى قاض وغاز؛ لأنه ليس في -
(1) انظر: التذييل (6/ 158 ب)، والخصائص (1/ 234، 235، 2/ 470 - 472)، وابن جماعة (1/ 304).
(2)
انظر: الفيصل في ألوان الجموع (ص 43).
(3)
انظر: الممتع (2/ 468)، والكتاب (2/ 176).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الأسماء المتمكنة ما آخره حرف علة إنما يكون في الأفعال نحو: يدعو ويغزو، فإن قيل: لم خص الفعل وهو أثقل من الاسم بهذا الذي رفض من الاسم. فالجواب:
أن ذلك سهل عليهم في الفعل لتعرضه بحذف آخره في الجزم. والمستثقل إذا كان بصدد الزوال هان أمره والاسم ليس كذلك، وأيضا فإن آخر الاسم معرّض لما تتعذر الواو معه، أو يكثر استثقالها كالجرّ، وياء المتكلم دون وقاية ويائي النسب، وآخر الفعل ليس كذلك ولذلك لم يبال بهو، وذو بمعنى الذي لأنهما لا يلحقهما ما ذكرته. انتهى. وقال ابن عصفور في تقسيم ذكره: وإن كانت الحركة ضمة، وكان حرف العلّة متطرفا قلبتها كسرة وقلبت حرف العلّة إن كان واوا ياء ثم يصير حكمه في الإعراب حكم الاسم الذي في آخره ياء قبلها كسرة، وذلك نحو: أظب جمع ظبي وأحق جمع حقو .. أصلهما أظبي وأحقو، فأمّا أظب فاستثقلت الضمة فيه قبل الياء كما تستثقل الواو قبل الياء في مثل طيّ أصله طوي فقلبت الواو ياء، وأدغمت الياء في الياء. وأما أحق فاستثقلوا فيه الواو المتطرفة المضموم ما قبلها، وإن لم تستثقل في الفعل؛ لأن الاسم تلحقه ياء النسب، ويضاف إلى ياء المتكلم فلو أقرت فيه الواو، لكان ذلك داعيا إلى اجتماع ضمة وواو قبلها مع ياء النسب أو ياء المتكلم، والكسرة التي قبلها وذلك ثقيل، فقلبت الواو ياء والضمة [6/ 162] كسرة، وإن كان حرف العلّة غير متطرف فإن الواو تثبت وذلك نحو: أفعوان، وذلك أن الموجب لقلبها قد زال وهو كونها معرضة للحاق ياء النسب أو ياء المتكلم، وأما الياء فإنها تقلب واوا لأجل الضمة التي قبلها كما فعل ذلك في الفعل نحو:
لقضو الرجل فتقول في جمع كلية على قياس من قال ركبات: كلوات، إلا أن العرب التزمت التسكين أو الفتح في لام كلية؛ لئلا يخرجوا من الأخف، وهو الياء إلى الأثقل وهو الواو، وإنما قلبت هنا ولم تقلب في عيبة؛ لأنها في عيبة عين، والعين أقوى من اللام (1). انتهى. واقتضى كلامه أن الياء تقلب واوا لأجل الضمة قبلها لكن استدلاله يدفع ما ذكره. فإنه يقال: إن قياس ذلك أن يقال في جمع كلية على قياس من اتبع: كلوات، ثم قال: إلا أن العرب التزمت التسكين أو الفتح في اللام يعني في عين الكلمة، وإذا كانوا قد التزموا ذلك فمن أين يثبت أنهم يقلبون -
(1) الممتع (2/ 558 - 559).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الياء لأجل الضمة واوا؟ ثم إنه قد مرّ لك أن الياء المتطرفة لا تبدل واوا لضمة قبلها في غير فعل إلا إن ختمت الكلمة بتاء تأنيث بنيت الكلمة عليها كمرموة وهو مثال:
مقدرة من الرمي، أو بزيادتي فعلان كرموان وهو مثال سبعان من الرمي وتقدم أنه لو قدّر بناء مرموة على التذكير ثم عرض لحاق التاء، وجب إبدال الضمة كسرة وتصحيح الياء كما يجب مع التجرد من التاء، وهذا ينافي ما ذكره ابن عصفور من أن الياء المتطرفة تقلب واوا لأجل الضمة قبلها كما كان ذلك في الفعل وإذ قد تقرر هذا فاعلم أن الشيخ اعتمد في شرح هذا الموضع - أعني قول المصنف: وتبدل كسرة أيضا كل ضمة تليها ياء أو واو على كلام ابن عصفور المذكور أيضا فذكره بعينه، ولم أفهم منه ما يحقق لي مراد المصنف، بل ظاهره عدم المطابقة كما قدمت من بيان مخالفة كلام ابن عصفور في هذا الموضع لما تقدم من كلام المصنف في إبدال الياء واوا (1)، وبعد فكلام المصنف هاهنا يحتاج في تقريره إلى تكلف، وذلك أن في قوله: هي آخر اسم متمكن لا يتقيّد بالإضافة - قيودا أربعة، وقد ذكرت بعد قوله: ياء أو واو فوجب أن يكون القيود الأربعة لكلّ من الياء والواو؛ فأما قوله: آخرا، فإنه يدخل تحته الياء من نحو: أظب والواو من نحو: أدل، واحترز بذلك من ياء لا تكون آخرا نحو: عيبة وهيام، وواو لا تكون آخرا أيضا نحو: أفعوان، وأما القيود الثلاثة الباقية فالظاهر أنها مختصة بالواو؛ إذ لا يتصور أن يكون شيء منها قيدا في الياء؛ لأن قيد الاسم احترز به عن كون الحرف آخر فعل نحو: يدعو ويغزو، فإنّه لا يغير عن حاله وليس لنا فعل في آخره ياء قبلها ضمة فتبقى الياء ولا تغير الضمة قبلها، وقيد التمكن، احترز به من نحو: هو في لغة من سكّن الواو (2)، وذو الموصولة في لغة من بنى وهي اللغة الشهيرة (3). قال الشيخ: ومن نحو: منهو وعنهو، يعني في: منه وعنه (4)، وعنهمو ومنهمو يعني في: منهم، وعنهم، وليس لنا فعل يوصف بأنه غير متمكن في آخره ياء قبلها ضمة، -
(1) انظر: التذييل (6/ 158 أ).
(2)
للتخفيف. انظر: ابن يعيش (3/ 97)، والتذييل (6/ 158 أ).
(3)
انظر: الأشموني (1/ 158)، والتذييل (6/ 158 أ).
(4)
المرجع السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وقيد عدم التقيد بالإضافة احترز به من ذو بمعنى صاحب فإنه متمكن، ولكن تتقيد بالإضافة وليس لنا فعل يوصف بأنه يتقيد بالإضافة في آخر ياء قبلها ضمة. والظاهر أن القيود المذكورة ترجع إلى الواو خاصة، لا القيد الأول وهو الآخر، ولا يخفى أن المراد إذا كان كذلك ما في عبارة الكتاب من القلق. ولو قال المصنف: وتبدل كسرة - أيضا - كل ضمة يليها ياء طرفا أو واو هي آخر اسم متمكن لا يتقيد بالإضافة لكان أخلص تغييرا، وأوفى بتأدية المقصود، ثم إن في تمثيل الشيخ بنحو:
منهو وعنهو، نظرا، فإن هذه الواو إنما هي ناشئة عن إشباع حركة الهاء والكلام إنما هو في واو تكون أحد حروف هجاء تلك الكلمة التي تكون هي فيها، وكذا في التمثيل المتمكن الذي لا يتقيّد بالإضافة بذو نظر - أيضا - فإن ضمّة الذال إنما هي ضمة عارضة جيء بها اتباعا لما بعدها، وأصل الذال الفتح، وإذا كان كذلك فالضمة - أيضا - جيء بها قصدا، وإذا كان كذلك فلا يحتاج إلى الاحتراز عن ذو؛ لأن الذال لم تكن مضمومة، وإنما ضمّت ضمّا عارضا لسبب، وما كانوا ليأتوا بالضم لقصد، ثم إنهم يعدلون عنه إلى غيره؛ لما في ذلك من التدافع وإذا كان كذلك فلا حاجة إلى الاحتراز عن شيء بهذه الصفة؛ لأنه لا يتصور فيه فعل ما وجب لغيره فيحترز عنه، واعلم أنه قد عرف مما تقدم أنك لو سميت أحدا بنحو:
يغزو نقلا من الفعل الخالي من الضمير - أنك تقول فيه: يغز رفعا وجرّا، ويغزي نصبا، فتقلب ضمته كسرة وواوه ياء، كما تقول: أجر رفعا وجرّا في جمع جرو، وأجريا نصبا، هذا مذهب البصريين وهو على هذه القاعدة التي قرروها، وأما الكوفيون فإنهم يبقونه على ما كان عليه قبل التسمية ويفتحونه في حال النصب والجر، واحتجوا لذلك بأن العرب لما أسمت بيزيد أبقته على إعلاله، ولم يحكم له بحكم الاسم؛ إذ لو حكمت له بحكمه لصحت عينه؛ لأن الاسم إذا كان على وزن الفعل وزيادته زيادة الفعل صحت عينه نحو: أسود وأبيض (1) فكما أبقيت العين من يزيد على ما كانت عليه في حال كونه فعلا، لذلك تبقى اللام من يغزو على ما كانت عليه في حال كونه فعلا، وقد عرفت العلّة الموجبة لإبدال الضمة -
(1) انظر: الكتاب (2/ 60)، والمقتضب (1/ 186)، والتذييل (6/ 159 أ) وابن جماعة (1/ 304)، والمنصف (2/ 118 - 119).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كسرة والواو ياء في: أدل ونحوه وهو كون الاسم معرضا لمباشرة ياء النسب وياء المتكلم نحوهما مما يتعذر الواو معه أو تستثقل الكلمة بسببه، ولأجلها يعل غزو إذا سمي به، ولا شك أن هذه العلّة منتفية من نحو: يزيد
فيظهر الفرق. وذكر الشيخ أن الاسم الأعجمي الذي آخره واو قبلها ضمة نحو: سمندو إذا نقلته العرب إلى كلامها أبقته على ما كان عليه ولا تغيره، ولا يخفى أن نحو: سوء المرفوع إذا خففت، وقيل فيه: سوء بالنقل والحذف لا تقلب فيه الضمة كسرة، ولا الواو ياء؛ لأن تطرف الواو عارض بسبب التخفيف والمتطرف في التقدير هو الهمزة ولا اعتداد بالعارض، وأن جمع المذكر السالم في الرفع ليست الواو فيه متطرفة؛ لأن النون بعدها أو ما عاقب النون وهو المضاف إليه، وأيضا فإن الواو لا تسلم إذ تخلفها الياء فلا يثبت لها الحكم الذي تقدم.
المسألة الثانية: أن الكسرة تبدل أيضا من كل ضمة يليها واو مدغمة في ياء وإلى ذلك الإشارة بقوله: أو مدغمة في ياء، وهو معطوف على قوله: هي آخر اسم التقدير: ياء أو واو [6/ 163] هي آخر اسم صفته كذا، أو واو مدغمة في ياء، أي وتبدل كسرة كل ضمة يليها واو مدغمة في ياء وذلك نحو: مرمي ومقضي، في المفرد وعصى ودلي وجثي في الجمع، أما مرمي ومقضي فاسما مفعول من رمى وقضى، أصلهما مرموي ومقضوي، فسلك بهما قياس مثلهما في الإبدال والإدغام كما سيأتي ذلك بعد فصلين من هذا الفصل في كلام المصنف (1) - إن شاء الله تعالى - فبعد الإبدال والإدغام بقيت الضمة قبل واو مدغمة في ياء؛ الواو واو مفعول، والياء لام الكلمة؛ فأبدلت الكسرة منها ليخف النطق بالكلمة فقيل:
مرمي (2) ومقضي، وأما: عصي ودلي وجثي، فإنها جمع: عصا ودلو وجاث جمعت على فعول، ولام كل منها واو فقلبت ياء لتطرفها، ثم قلبت الواو الزائدة ياء - أيضا - لتدغم في ما بعدها على القاعدة في مثله وبعد القلب والإدغام بقيت الضمة قبل واو مدغمة في ياء؛ فأبدلت الكسرة منها للعلّة التي تقدمت، ثم إن المصنف قيّد الياء المدغم فيها؛ بكونها آخر الاسم، فاحترز بالآخر من نحو ياء: ضيّم فإنها ياء مدغم فيها ولا يجب كسر الضمة؛ لأن الياء ليست آخرا، واحترز بالاسم من أن -
(1) التسهيل (ص 309).
(2)
انظر: الممتع (2/ 456).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تكون الياء المدغم فيها آخر فعل نحو: حيّ إذا بنيته للمفعول فإنك تقول فيه: حيّ، ولا يجب فيه إبدال الضمة كسرة، لكنه يجوز كما سيأتي، واعلم أن تاء التأنيث إذا ختمت بها الكلمة بعد الياء المدغم فيها المضموم ما قبلها لا يخرج الياء المذكورة عن أن تكون آخرا وذلك نحو: مرميّة ومقضيّة، فيجب لها من إبدال الضمة كسرة ما وجب
لنحو مرميّ ومقضيّ، ولذلك قال المصنف: لفظا أو تقديرا بعد قوله: هي آخر اسم.
المسألة الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة: أن الكسرة تبدل - أيضا - من كل ضمّة في واو قبل واو متحركة تليها زيادتا فعلان أو علامة تأنيث، وإلى ذلك الإشارة بقوله: وكل ضمة في واو
…
إلى آخره، وهو معطوف على قوله: كل ضمة من قوله: وتبدل كسرة كل ضمة، فمثال الضمة في الواو قبل الواو المتحركة التي تليها زيادتا فعلان أن تبني من القوة اسما على وزن السّبعان - وهو موضع - فتقول: قويان، أصله: قووان، فأبدلت الكسرة من الضمة فوقعت الواو التي هي لام بعد كسرة فأبدلت ياء، وأنا أذكر ما ذكره ابن عصفور في هذا المثال من المذاهب، ثم أرجع إلى كلام المصنف. قال - رحمه الله تعالى -: ونقول في فعلان منها - أي القوة -: قووان وإن شئت أسكنت الواو الأولى تخفيفا وأدغمت، فقلت: قوّان هذا مذهب سيبويه (1). وقال أبو العباس: ينبغي لمن لم يدغم أن يقول: قويان، فيقلب الواو الثانية ياء والضمة التي قبلها كسرة؛ لئلا تجتمع واوان في إحداهما كسرة، والأخرى متحركة قال: وهذا قول أبي (عمر)(2) وجميع أهل العلم (3). وقال أبو الفتح: الوجه عندي إدغامه ليسلم من ظهور الواوين مضمومة إحداهما، ولأنه إذا قال: قويان التبس بفعلان فمن هنا قوي الإدغام (4)، ثم اعترض على نفسه بأن قال: فإن قيل: إذا أدغم، لم يعلم أفعلان هو أم فعلان بكسر العين، قيل: هذا مذهب محال؛ لأنك لو أردت فعلان لقلبت الواو الآخرة: ياء لانكسار ما قبلها، فيختلف الحرفان فتقول: قويان، فلا تدغم (5)، والصحيح ما ذهب إليه سيبويه، أما ما ذهب إليه ابن جني من أن قلب الضمة -
(1) الكتاب (2/ 394).
(2)
في النسختين: «عمرو» والصحيح أنه أبو عمر الجرمي، انظر: الممتع (2/ 759).
(3)
راجع التذييل (6/ 160 ب)، والمساعد (4/ 137)، والمنصف (2/ 282).
(4)
راجع المنصف (2/ 282).
(5)
المنصف (2/ 282).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كسرة والواو ياء يؤدي إلى إلباس، فالإلباس غير محفول به، ألا ترى أن كلامهم يوجد فيه البناء المحتمل لوزنين كثيرا مثل مختار، فإنه متردد بين مفتعل ومفتعل، وأيضا، فإنه إذا أدغم لم يدر هل البناء فعلان في الأصل أو فعلان بسكون العين، وأما ما ذهب إليه أبو العباس من أن اجتماع واوين الأولى منهما مضمومة والثانية متحركة لا
يجوز لثقله، فباطل؛ لأنه قد وجد في كلامهم نظيره. ألا ترى أنك إذا نسبت إلى صوى بعد التسمية به قلت: صووي لا خلاف في ذلك، مع أنه قد اجتمع له واوان الثانية متحركة وقبل الأولى ضمة، والحركة بعد الحرف في التقدير، فكأنها في الواو، فكذلك قووان، فهذا الذي ذهب إليه سيبويه هو الصحيح؛ لأن مثل: قووان لم يجئ في كلامهم مصححا ولا معللا فإذا بنيته فالقياس أن تحمله على أشبه الأشياء به، وأشبه الأشياء صووي (1). انتهى. وقد ظهر أن المصنف ماش في ذلك على مذهب المبرد ومن وافقه، لكنه لم يتعرض هنا لإبدال الواو الثانية ياء، ولا بد منه إذا أبدلت الضمة التي على الواو الأولى كسرة؛ لأن المذهب المنسوب إلى سيبويه لا تغيير فيه لا للحرف ولا للحركة، والمذهب المنسوب إلى المبرد فيه تغييرهما، أما تغيير الحركة دون الحرف فلا قائل به، والمصنف قد حكم بتغيير الحركة - أعني الضمة -، فوجب أن يقال بتغيير الحرف - أيضا - وذلك بأن يقال: إنه لمّا حكم بتغيير الضمة إلى الكسرة وقعت بعد الكسرة واو وهي لام وجب قلبها ياء، لما تقدم له من أن الواو الواقعة قبل زيادتي فعلان إذا كانت إثر كسرة تقلب ياء، ومثّل لذلك بغزيان وهو فعلان من الغزو، وهذه هي المسألة الأولى من الأربع التي ذكرت، ومثال الضمة في الواو قبل الواو المتحركة التي قبلها علامة تأنيث قووة وهو مثال سمرة من القوة، فتقول: قوية تبدل من الضمة كسرة فتصير:
قووة، وقد تقدّم في أول الفصل أن الواو الواقعة قبل علم تأنيث إذا كانت إثر كسرة تبدل ياء ومثل بعريقية تصغير عرقوة، فعلى هذا يقال فيها: قوية، وقد ذكر المصنف هذه المسألة في إيجاز التعريف وصوّرها بأن تبني مثل: عرقوة من غزو فتقول:
غزوية، والأصل: غزووة، ثم حصل الكسر والإبدال (2)، وقال ابن عصفور:
وتقول في مثل ترقوة من الغزو: غزوية سواء أبنيت على التذكير أم على التأنيث، -
(1) الممتع (2/ 758 - 759 - 760).
(2)
التذييل (6/ 161 ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وأصلها: غزووة، فاجتمع واوان في الطرف وضمة، فصار ذلك كثلاث واوات فقلبت المتطرفة ياء والضمة قبلها كسرة لتصح، فصار غزوية، وإنما استوى البناء على التذكير والتأنيث لوجود الاستقلال في الحالتين (1) وفي شرح الشيخ: (وأما قياس قووان على غزوة فقياس فاسد؛ لأنه ليس موجب القلب في غزويّة اجتماع واوين الأولى
منهما مضمومة والثانية متحركة كما هما في: قووان بل موجبه أن الهاء يجوز فيها أن لا يبنى عليها الكلمة فالتزم سيبويه في غزوية (2) أحد الجائزين لزيادة [6/ 164] الثقل وهو قياس كلام العرب، ألا تراهم قالوا: مرضي، وإن كان شاذّا والتزموا مقوي لأجل اجتماع الواوات إذ الأصل: مقوو فلو أدغموا لكان ثقيلا) (3).
وهذه هي المسألة الثانية فيها، ومثال الضمة في الواو قبل الياء المتحركة التي تليها زيادتا فعلان، أن نبني من شوى اسما على وزن فعلان، فتقول: شويان، ثم تبدل الكسرة من الضمة، فتقول: شويان والموجب للإبدال المذكور طلب الخفة وزاد الشيخ العمل فقال: الأصل شويان، فتقلب الياء واوا لضمة ما قبلها فتصير: شووان مثل: قووان، ويظهر أن يجيء فيه المذاهب الثلاثة، ولكن لا أثقلها في هذا بخصوصه، فإن قلبت الضمة لا توجب قلب الياء المتحركة، بدليل قولهم: عيبة، فصححوا الياء، قلت: الياء في عيبة عين الكلمة فلا تقلب لقوتها، وأما في مثل:
شويان فتقلب، ألا تراهم قلبوا في: يقضو الرجل (4)؟ انتهى. ولا أعرف ما الموجب لدعوى قلب الياء واوا ثم بعد إبدال الكسرة من الضمة تقلبها ياء، أما قوله: إن الضمة هي التي أوجبت القلب كما أوجبته في يقضو الرجل؛ فالفرق أن الضمة في يقضو مستمرة لازمة لهذا البناء بخلاف الضمة في: شويان فإنها زائلة بإبدالها كسرة. ثم يقال له: إذا أبدلت وصارت الكلمة مثل: قووان، كان الواجب أن لا تعل الكلمة بعد ذلك على مذهب سيبويه؛ لما تقدم من أن سيبويه يصحح نحو هذا المثال، وأن غيره هو الذي يبدل الواو ياء والضمة كسرة. وهذه هي المسألة الثالثة منها أيضا، ومثال الضمة في الياء قبل الواو المتحركة التي تليها -
(1) الممتع (2/ 745 - 746).
(2)
انظر: الكتاب (2/ 394، 369).
(3)
بياض في النسختين، وكذا في التذييل (6/ 161).
(4)
انظر: التذييل (6/ 161 ب).