الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الأصل الثاني: مطابقة المكتوب المنطوق به]
قال ابن مالك: (الأصل الثّاني: مطابقة المكتوب المنطوق به (1) في ذوات الحروف وعددها، ما لم يجب الاقتصار على أوّل الكلمة لكونها اسم حرف واردا ورود الأصوات (2)، أو يحذف الحرف لإدغامه فيما هو من كلمته.
وشذّ: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) (3).
- والحج وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً (4)، ويس أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ (5)، والدخان وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ (6)، والممتحنة يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً (7)، والقلم أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ (8). وقد تكتب موصولة ناصبة للمضارع، نحو: يعجبني ألا تقوم، وكتبت في المصحف مفصولة (أن لا).
ثم قال: وكذا وصل أم بمن، وكي بلا فهما شاذان في الوصل، والأصل الفصل، ولكن الرسم لا يخالف، فكتبوا أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ (9) بالوصل، وكتبوا كي متصلة بلا في بعض مواضع من القرآن.
ثم قال: وتحذف نون من، وعن، وإن، وأن، وميم أم عند وصلهنّ فتحذف النون خطّا، وفي اللفظ مدغمة فيما بعدها، نحو: إنما قام زيد، وليتما زيد قائم، وأما الموصولة فتفصل نحو: إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ (10)، وهي الآية الوحيدة التي فصلت فيها إن عن ما، ومثال الوصل قوله تعالى: إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ (11)، والشرطية نحو: أينما تكن أكن، وحيث في: حيثما تجلس أجلس، وكل في:
كلما جئتني أحسنت إليك، وكل ما تفعل حسن، وأين ما اشتريت؟ فيجوز الفصل والوصل في كل، وأين.
الشّرح: يشير ابن مالك (12) إلى الأصل الثاني في باب التهجي وأن حق كل -
(1) في بعض النسخ: «للمنطوق به» .
(2)
هذا شرح لبيان اسم الحرف كألف، وباء أما صورته وشكله أ، ب، وهكذا.
(3)
سورة القلم: 6.
(4)
سورة الحج: 26.
(5)
سورة يس: 60.
(6)
سورة الدخان: 19.
(7)
سورة الممتحنة: 12.
(8)
سورة القلم: 24.
(9)
سورة الزمر: 9.
(10)
سورة الأنعام: 134.
(11)
سورة طه: 69.
(12)
انظر: التسهيل (332، 333).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لفظ أن يكتب بحروف هجائه، وأن الثاني منه يجب فيه مطابقة المكتوب للمنطوق به في ذوات الحروف وعددها كما في: زيد، وضرب، ومن. فيجب أن تكتب ما تنطقه اسما أو فعلا أو حرفا كما مثلنا. ثم قال مستثنيا مما سبق: ما لم يجب الاقتصار على أول الكلمة، لكونها اسم حرف، واردا ورود الأصوات فباء اسم لثاني حروف المعجم، وألف لأولها، وكذا الباقي، فإذا قيل: اكتب باء، لم تكتبه هكذا باء، وإنما تكتبه: ب؛ لأن الاسم لحرف، لم يقصد فيه إسناد ولا تقييد، وإنما أريد به ذلك اللفظ الذي يتركب منه الكلام، فأشبه باء وجيم ونحوهما، وغاق ونحوه من أسماء الأصوات؛ لأن المقصود به صوت فقط، فلم يكتب بصورة النطق به، بل كتب الشكل الذي هو مدلوله، فمفهوم غاق مثلا، ذلك الصوت الغرابي، ومفهوم جيم ذلك الصوت الذي يشكل بذلك الشكل الذي رسموه، فالشكل للحرف خلاف مدلوله؛ إذ مدلوله اسمه، وشكله صورته التي نكتبه بها (1).
ثم قال المصنف بعد ذلك: أو يحذف الحرف لإدغامه فيما هو من كلمته نحو:
مقرّ، واقشعرّ وادّارأ، واطّجع، فيحذف الحرف شكلا وصورة في الكلمة؛ لأجل الاختصار لاتحادهما في النطق والكلمة، فلو كان في غير كلمة لم يحذف، للانفصال نحو: خذ ذاك، وسيأتي بيان ذلك.
وقد يكون مدغما في كلمة واحدة، ومع ذلك يكتب بياءين، مع أن القاعدة السابقة تنص على كتابته حرفا واحدا، والثاني المدغم يحذف للاختصار، ولكن احتراما للمصحف ولرسم السلف الكرام (2) الذين كتبوه بحرفين، فيجب أن يكتب بياءين، ونخالف القياس السابق، وذلك مثل قوله تعالى: بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (3) فكتب هنا بياءين اتباعا لرسم السلف، ولا يخالف ذلك.
ثم أخذ بعد ذلك يشرح المطابقة بالأصل شرحا واسعا، وأنواع هذه المطابقة لنكتب حرفا واحدا، ويحذف الثاني منه.
(1) انظر: المساعد (4/ 343، 344)، وشفاء العليل (3/ 1139).
(2)
همع الهوامع (2/ 234).
(3)
سورة القلم: 6.