الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حذف الواو من المثال في المضارع كيعد]
قال ابن مالك: (فمن مطّرده حذف الواو، من مضارع ثلاثي فاؤه واو استثقالا ولوقوعها في فعل بين ياء مفتوحة وكسرة ظاهرة كيعد أو مقدرة كيقع ويسع، وحمل على ذي الياء أخواته والأمر والمصدر الكائن على فعل محرّك العين بحركة الفاء معوّضا منها هاء تأنيث وربّما فتحت عينه لفتحها في المضارع).
ــ
اللام غير حرف اللين شيئا من الحروف (إلا الحاء)(1). انتهى. ومثال حذف الفاء: ناس في أناس على أحد القولين فيه (2)، ومثال حذف العين سه في سته، وأما مثال اللام فكثير نحو: أب وأخ ودم، ومثال حذف غير حرف اللين: حرفي حرج (3)، وأما حذف الهمزة والهاء والحرف المتصل بمثله فسيأتي الكلام عليه في آخر الفصل الذي يلي هذا الفصل، حيث ذكره المصنف (4).
قال ناظر الجيش: يشير بهذا الكلام إلى حذف الواو من نحو: يعد ويلد، وهو مضارع كل فعل ثلاثي فاؤه واو فاحترز بقوله: ثلاثي من مضارع رباعي نحو:
يوعد من أوعد، فإن الواو لا تحذف لوجهين: أحدهما: أنها وليت حركة تجانسها.
والثاني: أنها لم تقع بين ياء وكسرة؛ لأن الهمزة المحذوفة فاصلة بينهما؛ إذ الأصل يأوعد، وناقش الشيخ المصنف في قوله: فاؤه واو يعني أنه لا حاجة إلى ذلك؛ لأن قوله: قبل حذف الواو، مغن عنه (5)، واحترز بقوله: في فعل من وقوعها في اسم فإنها لا تحذف كما سنذكره؛ لأن الاستثقال الذي في الفعل ليس في الاسم، وقوله: بين ياء مفتوحة احتراز من أن تكون الياء مضمومة، ولو وجدت الكسرة بعد -
(1) سقطت من (جـ)، وانظر التذييل (6/ 183 ب)، (184 أ).
(2)
جاء في هامش (ب) من الممتع (2/ 619) ما يلي: علق عليه أبو حيان في حاشيته (فـ) بما يلي: ذكر أبو جعفر الطوسي في تفسير التبيان (1/ 267) عن بعضهم أن الناس لغة غير أناس، وأنه سمع العرب تصغره: نويس ولو كان أصله: أناسا لقيل في التصغير: أيس فردّ إلى أصله واشتقاق الناس من: النوس وهي الحركة: ناس ينوس نوسا إذا تحرك، والنوس تذبدب الشيء في الهواء ومنه: نوس القرط في الأذن لكثر حركته، وانظر: التذييل (6/ 194 أ)، واللسان «أنس» ، و «نوس» .
(3)
التذييل (6/ 183 ب) والمساعد (4/ 183).
(4)
انظر التسهيل (ص 315).
(5)
التذييل (6/ 184 أ).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الواو نحو: يوعد، وقد ذكرت العلة في ذلك، ومن أن تكون الياء مضمومة وبعد الواو فتحة نحو: يوعد (1) لانتفاء الأمرين معا، وهما فتحة الياء والكسرة بعد الواو، وكذا لو وجدت الياء المفتوحة قبل الواو لم توجد الكسرة بعدها بل وجدت ضمة، فإن الواو لا تحذف نحو: وسم يوسم، ووقح يوقح، ووضؤ يوضؤ، ووطؤ يوطؤ (2). وأما قولهم: وجد يجد بضم الجيم وحذف الواو فشاذ كما سينبه عليه المصنف (3)، ثم إن الكسرة إما ظاهرة كما مثلها المصنف بنحو: يعد، وإما مقدّرة كما في المثالين اللذين ذكرهما وهما يقع ويسع، وبيان أن الكسرة فيهما مقدرة:
أما وقع، فقياسه أن يكون مضارعه على يفعل بكسر العين نحو: وعد، فعدل به عما اقتضاه القياس لعلة أخرى، وهي أن ما كانت لامه أو عينه حرف حلق فقياسه أن يكون مضارعه على يفعل بفتح العين، ففتح العين إنما جاء من جهة كون اللام حرف حلق، ولولا حرف الحلق لكانت العين مكسورة؛ لأن قياس كل مضارع للفعل المعتل الفاء بالواو أن يكون على يفعل بكسر العين، وإنما فتحت لأمر آخر فأجري المفتوح العين مجرى المكسور العين في حذف الواو، وأما يسع فإنه على القياس؛ لأن ماضيه فعل وقياس فعل أن يأتي مضارعه على يفعل نحو: وجل يوجل ووجل لكنهم شذوا في أفعال قليلة، فأتوا بمضارعها على يفعل بكسر العين نحو:
ومق يمق ووثق يثق (4). ودلّ حذف الواو من يسع على أن وسع حكمه حكم ومق في أنهم أتوا بمضارعه على يفعل غير أنهم فتحوا العين لأجل حرف الحلق. فصار حكم الفتحة في يسع حكم الفتحة في يقع، فمن ثم حكم فيهما بأن الكسرة في العين مقدرة بمعنى أن العين تستحقها، أما في نحو: يقع فبحق الأصالة، وأما في يسع، فلأن حذف الواو منه دلّ على أنهم أجروه مجرى: يمق ويثق، وما أحسن قول ابن الحاجب عند ذكر حذف الواو من يعد ويلد: وحملت فتحة يسع ويضع على العروض ويوجل على الأصل وشبهتا بالتجاري والتجارب (5)، يعني أن أصل -
(1) انظر: المنصف (1/ 210)، والممتع (2/ 429).
(2)
انظر: المنصف (1/ 209)، والممتع (2/ 428).
(3)
قال: «ولا ليفعل إلا ما شذ من يجد» التسهيل (ص 313).
(4)
انظر: الكتاب (2/ 228)(بولاق)، والممتع (1/ 176، 177)، والرضي (1/ 135).
(5)
الرضي (3/ 87، 88).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
يسع ويوسع فتحت العين بحرف الحلق، وأما يوجل مضارع وجل فإن الفتحة فيه مثلها في يوجل على أصل البناء، والفتحة في يسع عارضة مجتلبة لحرف الحلق، وشبهت الفتحة في يسع بالكسر في التجاري حيث كانت عارضة؛ لأن أصله تجاري فقلبت الضمة كسرة؛ لأنها متطرفة وشبهت الفتحة في يوجل بالكسرة في التجاري حيث كانت الكسرة أصلية؛ لأنه جمع تجربة فقياس جمعه تفاعل بكسر العين وقول المصنف: وحمل على ذي الياء أخواته ظاهر، والمقتضي لذلك أن تجري الباب مجرى واحدا، ونظير هذا الحمل حملهم تكرم وتكرم ويكرم في حذف الهمزة على أكرم، وقوله: في الأمر والمصدر الكائن على فعل محرك العين بحركة الفاء ظاهر أيضا ومثال الأمر عد وزن وزد، مثال المصدر الكائن على فعل محرك العين [6/ 197] بحركة الفاء معوضا منها هاء التأنيث: عدة وزنة وهبة، وسيأتي بسط ذلك، وأما قوله: وربما فتحت العين لفتحها في المضارع، فأشار به إلى نحو:
ضعة ودعة وسعة وزنة (1) والمضارع من هذه الكلمات: يضع ويدع ويسع ويزن، وأنا أورد الآن كلام المصنف الذي أورده في إيجاز التعريف فإنه يفيد شرح مسائل هذا الفصل، وفيه إشارة إلى تعليل الأحكام التي يذكرها. قال رحمه الله من وجوه الإعلال الحذف، وهو مطرد وغير مطرد؛ فالمطرد كحذف الواو الكائنة فاء في يصف ويعد ونحوهما؛ لاستثقالهما بين ياء مفتوحة وكسرة لازمة فلو كانت الياء مضمومة لثبتت الواو لتقويمها بأن وليت ما يجانسها من الحركات نحو: يوعد، فلو كان بدل الكسرة ضمة أو فتحة أيضا نحو: يوضؤ ويوجل؛ لأنها في يوضؤ من أجنبي ومجانس، وفي يوجل مستثقل، وبنو عامر رهط جميل بن معمر يقولون في مضارع وجد: يجد (2)، فلو وليتها فتحة في موضع كسرة حذفت الواو أيضا -
(1) قال ابن جني في الخصائص (1/ 351): «ومن ذلك حذفهم الفاء - على القياس - من ضعة وقحة كما حذفت من عدة وزنة، ثم إنهم عدلوا بها عن فعلة إلى فعلة، فأقروا الحذف بحاله، وإن زالت الكسرة التي كانت موجبة له، فقالوا: الضّعة، والقحة، فتدرجوا بالضعة، والقحة، إلى الضّعة والقحة وهي عندنا فعلة، كقصعة، وجفنة، لا أن فتحت لأجل الحرف الحلقي فيما ذهب إليه محمد ابن يزيد» .
(2)
قال الرضي في شرح الشافية (1/ 132): «قوله - أي ابن الحاجب -: ووجد يجد ضعيف. هي لغة لبني عامر، قال لبيد بن ربيعة العامري: -
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
نحو: يضع، وأصله يوضع (1) فحذفت الواو؛ ولا بد لحذفها من سبب؛ فإما أن تكون الياء وحدها أو مع الفتحة الموجودة أو مع ضمة منوية، أو مع كسرة منوية، منع من الأول والثاني ثبوت الواو في يوجل ونحوه، ومنع من الثالث ثبوتها مع الضمة الموجودة في يوضؤ ونحوه؛ لأن الموجود أقوى من المنوي، فتعين الرابع وهو أن يكون سبب حذف الواو والياء والكسرة المنوية، فكان وضع يضع في الأصل من باب: أضرب يضرب، ففتحت عين مضارعه لأجل حرف الحلق كما صنع بمضارع يقع وشبهه، وأما وسع يسع فكان في الأصل من باب: حسب يحسب، ففتحت عينه أيضا ونوي كسرها؛ فلذلك حذفت واوها، ولولا ذلك لقيل: يوسع كما قيل: يوجع، ثم افتتح فصلا ثانيا فقال: لما وجب حذف الواو المذكورة من المضارع في الياء حمل عليه ذو الهمزة وذو النون وذو التاء، فقيل: أعد ونعد وتعد كما قيل: يعد إجراء لبعضهن على حكم بعض، ولأن ذي الياء كالأصل لسائرها إذ يعبر به عما يعبر عنه بكل منهما نحو أن يقول: ما يفعل إلا أنا وإلا نحن وإلا أنت؛ فوجب أن تكون أخواته ملحقة به فيما وجب له. ولما كان مواقع ذي الياء الأمر نحو قولك: ليعد فلان فلانا، حمل عليه الموضوع للأمر لتوافقهما معنى ووزنا نحو قولك: عد فلانا، ولولا الحمل على المضارع لقيل: أيعد، ولما أعل المضارع والأمر بالإعلال المذكور حمل المصدر المكسور الفاء الساكن العين، فحذفت فاؤه وحركت العين بحركتها، ولزم آخره هاء للتأنيث عوضا من الفاء المحذوفة وذلك نحو: زنة وعدة وكانا في الأصل وزنا ووعدا، ثم فعل بهما ما ذكر؛ لأن المصدر يصح لصحة فعله ويعتل لاعتلاله، وربما فعل ذلك بالمفتوح الفاء نحو: سعة ودعة، وقد ألحق الياء بالواو في هذا الإعلال من قال في يئس: يئس (2) فلو توسطت الواو -
-
لو شئت قد تقع الفؤاد بشربة
…
تدع الصّوادي لا يجدن غليلا
وانظر: الأشموني (4/ 341)، والتصريح (2/ 396)، وتوضيح المقاصد (6/ 96).
(1)
قال ابن عصفور في الممتع (2/ 426): «فإن قيل: شيء حذفت الواو في: يضع مضارع وضع، ولم تقع بين ياء وكسرة؟ فالجواب: أنها في الأصل وقعت بين ياء وكسرة؛ لأن الأصل: يوضع لكن فتحت العين لأجل حرف الحلق، ولولا ذلك لم يجئ مضارع فعل على يفعل بفتح العين، فلما كان الفتح عارضا لم يعتد به، وحذفت الواو رعيا للأصل» .
(2)
انظر: الأشموني (4/ 343)، والتصريح (2/ 396).