الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إبدال الصاد والسين من بعض الحروف]
قال ابن مالك: (وتبدل الصّاد من السّين جوازا على لغة: إن وقع بعدها غين أو خاء أو قاف، أو طاء، وإن فصل حرف أو حرفان فالجواز باق، وإن سكنت السّين قبل دال، جاز إبدالها زايا، وإن تحرّكت قبل قاف فكذلك.
وربّما أبدلت بعد جيم أو راء، ويحسّن مضارعة الزّاي ما سكّن قبل دال من صاد أو جيم أو شين، ولا يمتنع الإخلاص في الصّاد المذكورة، فإن تحرّكت قبل دال أو طاء جازت المضارعة، وشذّ الإبدال).
ــ
الوصل والميم بمنزلة اللام في لغة بقية العرب، وعلى هذا لا يقال: إن الميم أبدلت من اللام، وأما إبدال الميم من الواو فقد ذكره المصنف في الفصل الذي يلي هذا الفصل. وكذا إبدالها من الباء ذكره فيه أيضا، لأن التكافؤ في الإبدال وقع بينها وبين الباء فوجب أن يذكر ذلك عند التكافؤ (1).
قال ناظر الجيش: هذا الكلام يشتمل على ذكر أحكام أربعة:
الأول: أن الصاد تبدل من السين بشرط وهو أن يقع بعد السين أحد الأحرف الأربعة وهي: الغين، والخاء، والقاف، والطاء، سواء اتصلت هذه الأحرف بالسين أم انفصلت بحرف أو حرفين، ولكن هذا الإبدال لا يكون عند جميع العرب بل عند بعضهم؛ ولهذا قال: على لغة، وذكر سيبويه أنها لغة بني العنبر (2)، ويظهر من قول المصنف: جوازا على لغة أن أصحاب هذه اللغة لا يوجبون هذا الإبدال، وأنه عندهم جائز لا غير، وأفاد قوله: إن وقع بعدها أن شيئا من الأحرف الأربعة إذا وقع قبل السين لا تأثير له في إبدالها صادا. إذا تقرر هذا، فمثال ما بعد السين فيه غين: سغب، ومثال ما بعدها فيه خاء: سخر، ومثال ما بعدها فيه قاف: سقر، ومثال ما بعدها فيه طاء: سطع. فيجوز أن يقال في ذلك: صغب -
(1) سيأتي الحديث عن التكافؤ في الإبدال بعد الحديث القادم مباشرة.
(2)
انظر الكتاب باب: ما تقلب فيه السين صادا (2/ 428)، حيث قال سيبويه:«وإنما يقولها من العرب بنو العنبر، وقالوا: صاطع في ساطع؛ لأنها في التصعد مثل القاف، وهي أولى بذا من القاف؛ لقرب المخرجين والإطباق» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وصخر وصقر وصطع، هذه أمثلة ما اتصلت فيه الأحرف المذكورة بالسين، ومثال ما انفصلت فيه بحرف: أسبغ، وبحرفين: سراط، فيجوز فيهما: أصبغ وصراط، ونقل الشيخ: أن الإبدال في صراط لغة الحجاز (1). وعلى هذا فلا يكون هذا الإبدال مخصوصا بلغة بني العنبر. ثم قال الشيخ: وكذا لو كان الفصل (2) بثلاثة أحرف، نحو: مساليخ فإنه يجوز أن يقال فيه: مصاليخ (3)، واعلم أن الأحرف [6/ 211] الأربعة المتقدمة الذكر من حروف الاستعلاء، وهذا هو المقتضي لإبدال السين قبلها صادا؛ لأن الصاد مستعلية - أيضا - فقصدوا بالإبدال: تجانس الحرفين ولو أقروا السين دون إبدال لكان في ذلك خروج من تسفل إلى تصعد، لأن السين حرف مستعل، أما إذا وقع أحد الأحرف المذكورة قبل السين فلا تبدل السين صادا؛ إذ التقدم لا تأثير له. وذلك حق نحو: قست، وطست؛ لأن الخروج من تصعد إلى تسفل أسهل من الخروج من تسفل إلى تصعد.
الحكم الثاني: أن السين إذا سكنت قبل دال أو تحركت قبل قاف جاز إبدالها زايا، أما سكونها قبل دال فنحو: أسد يقال فيه: أزد، وأما تحركها قبل قاف فنحو: سفر يقال فيه: زفر.
وأشار بقوله: وربما أبدلت بعد جيم أو راء إلى أن السين ربما أبدلت زايا بعد هذين الحرفين، فمثال إبدالها بعد الجيم: جست خلال الديار، يقال فيه: جزت خلال الديار (4)، وأما إبدالها بعد الراء فمثاله: رسب الشيء، يقال فيه: رزب الشيء.
الحكم الثالث: أن ما سكن قبل دال من أحرف ثلاثة وهي: الصاد، والجيم والشين يجوز مضارعته الزاي، ومثال ذلك: يصدر وأجدر (5) وأشدق (6)، -
(1) التذييل (6/ 204 ب).
(2)
قال سيبويه (2/ 428): «وربما ضارعوا بها وهي بعيدة، نحو: مصادر، والصراط؛ لأن الطاء كالدال، والمضارعة هنا وإن بعدت الدال بمنزلة قولهم: صويق، ومصاليق، فأبدلوا السين صادا).
(3)
قال في التذييل: إنها لغة كلب (6/ 204 ب).
(4)
المرجع السابق.
(5)
قال سيبويه (2/ 428): «والجيم - أيضا - قد قربت منها فجعلت بمنزلة الشين، من ذلك قولهم: في الأجدر: أشدر
…
».
(6)
قال سيبويه (2/ 428): «وأما الحرف الذي ليس من موضعه فالشين؛ لأنها استطالت حتى -