الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم ما تماثل فيه كل حرفين من الرباعي]
قال ابن مالك: (فإن تماثلت أربعة، ولا أصل للكلمة غيرها عمّتها الأصالة مطلقا خلافا للكوفيّين والزّجّاج في نحو: كبكبة ممّا يفهم المعنى بسقوط ثالثه، فإن كان للكلمة أصل غير الأربعة حكم بزيادة ثاني المتماثلات وثالثها في نحو: صمحمح وثالثها في نحو: مرمريس).
قال ناظر الجيش: اعلم أنه إذا حصل تماثل في كلمة فإمّا بين حرفين فقط، وإمّا بين حرفين منها وحرفين، فالكلمة التي تماثل فيها حرفان إما ثلاثية أو رباعيّة، فالمتماثلان أصلان في الثلاثيّة، وأما في الرباعيّة فإن ثبتت زيادة أحد الحرفين اللذين ليسا بمتماثلين، فالمتماثلان أصلان أيضا نحو: كوكب، وإن لم تثبت زيادة أحد الحرفين المذكورين، فأحد المتماثلين زائد إن لم يماثل الفاء ولا العين المفصولة بأصل كما تقدم، والكلمة التي حصل التماثل فيها بين حرفين وبين حرفين آخرين منها: إما أن لا يكون مع تلك الأحرف الأربعة أصل آخر، أو معها أصل غير الأربعة فهي قسمان:
الأول: أن لا يكون معها غيرها، وحينئذ يجب الحكم بأصالة المكررين، وإلى ذلك أشار المصنف بقوله: فإن تماثلت أربعة ولا أصل للكلمة غيرها عمّتها الأصالة وذلك نحو: سمسم، وسحسح، وقمقم، وفلفل، وزلزل، وصلصل، وإنما وجب الحكم بأصالة المكررين؛ لأن أصالة أحدهما واجبة تكميلا لأقل الأصول، وليس أصالة أحدهما أولى من أصالة الآخر، فحكم بأصالتهما معا، قال المصنف في شرح الكافية: لأن أصالة اثنين متيقّنة ولا بد من مكمّل لأقل الأصول، وليس أحد الباقيين بأولى من الآخر؛ فحكم بأصالتهما معا (1). ثم قال المصنف في الكتاب المذكور أيضا: فإن كان الثالث صالحا للسقوط مع سلامة المعنى نحو: كبّه وكبكبه، وكفّه عن الشيء وكفكفه فهو أيضا أصل عند البصريين إلا أبا إسحاق الزّجّاج (2)، وليست إحدى الكلمتين من الأخرى في شيء، بل هما من المترادفات -
(1) شرح الكافية (4/ 2035).
(2)
قال ابن جني في الخصائص (2/ 52): «وذهب أبو إسحاق الزجاج في نحو: قلقل، وصلصل، وجرجر، وقرقر إلى أنه فعنل، وأن الكلمة ثلاثية، وهذا مذهب شاذ غريب في أصل منقاد قريب
…
ألا ترى أن تكرير الفاء لم يأت به ثبت إلا في مرمريس .. فارتكب أبو إسحاق مركبا
وعرا، وفي هذا إقدام وتعجرف» بتصرف، وانظر: التصريح (2/ 360).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
التي توافقت في معظم اللفظ، وعند أبي إسحاق أن الصالح للسقوط زائد وهو عند الكوفيين بدل من تضعيف العين، فأصل كفكف على هذا الرأي كفّف (1) فاستثقل توالي ثلاثة أمثال، فأبدل من أحدها حرف مماثل للفاء (2). وقال في إيجاز التعريف:
فإن فهم المعنى بسقوط أحدها فهو زائد نحو: كفكفت الشيء بمعنى كففته، كان في الأصل كفّفت بثلاث فاءات، الأولى عين، والثانية زائدة، والثالثة لام؛ فاستثقل توالي الأمثال فرد إلى باب سمسم، بزيادة مثل الفاء بدل مثل العين تخفيفا، وقد خففوا هذا النوع بإبدال أحد الأمثال يعني ثالثها ياء نحو: تظننت؛ لأنه من الظنّ، وكلا التخفيفين مطرد في أصل الكوفيين، والبصريون فيهما مع السماع، ويرون أن كفكف وأمثاله بناء مرتجل رباعي كل حروفه أصول (3)، وليس من مادة الثلاثي في شيء، ثم قال: وهذا مكلّف والمختار فيه ما قاله الكوفيون، وأما تظننت فالمختار فيه الاقتصار على السماع، فلو كانت الأمثال أربعة تعين إبدال الرابع ياء إن لم يكنها نحو: رددّية وهو مثال خبعثنة من الردّ، ومن قال: أميّيّ فجمع في النسب أربع ياءات، قال في هذا المثال رددّدة كذا قال أبو الحسن في تصريفه هذا آخر كلامه (4). واعلم أن حكم نحو:
يلملم في الحكم بأصالة المكررين منه حكم سمسم، وإن كان مع الأحرف الأربعة غيرها وهو الياء؛ لأن الياء مقطوع بزيادتها، وهذا يعلم من التقييد بالأصالة فيما تقدم من قولنا: أن لا يكون مع تلك الأحرف الأربعة أصل آخر، بقي هاهنا أمران:
أحدهما: أن الشيخ ناقش المصنف في قوله: فإن تماثلت أربعة، قال: لأن الأربعة لم تتماثل، وإنما التماثل بين حرفين من الأربعة وحرفين آخرين منها (5).
والجواب عن هذه المناقشة: [6/ 128] أن المصنف كأنه بنى كلامه هذا على كلامه قبل؛ حيث قال: إن تضمنت كلمة متباينين ومتماثلين فكأنه قال: إن خلف المتباينين اللذين صحبا المتماثلين متماثلان، وإذا كان كذلك جاز أن يقال: تماثلت أربعة بمعنى أن التماثل شملها؛ لأنه إذا تماثل حرفان وحرفان صدق التماثل على الأربعة؛ لأن كلّا منها مماثل لآخر منها، ولا يلزم أن كلّا منها يماثل الثلاثة الباقية.
الأمر الثاني: قوله: خلافا للكوفيين والزّجّاج إنما أراد به اتفاق الكوفيين والزجاج -
(1) انظر الإنصاف (2/ 788).
(2)
شرح الكافية (4/ 2035، 2036).
(3)
الإنصاف (2/ 792).
(4)
ينظر: المنصف (2/ 263) وما بعدها.
(5)
التذييل (6/ 124 أ).