الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حكم إعلال صورى وروح وحول]
قال ابن مالك: (وتصحيح نحو: صورى شاذّ لا يقاس عليه وفاقا لأبي الحسن، وشذّ نحو: روح وغيب وحول وهيؤ وعفوة وأوو كما شذّ إعلال ما ولي فتحة ممّا لا حظّ له في حركة كآية في أسهل الوجوه).
ــ
لا إعلالهما، ألا ترى أن مجيء ذلك في المصادر كثيرا، وذلك أن هذه الأسماء خرجت بالألف والنون عن بناء الفعل (1). انتهى. والذي نقله المصنف عن المازني إنما هو تصحيح ما ختم بألف التأنيث نحو: صورى لا ما ختم بالألف والنون، ومقتضى كلام الشيخ أن الذي نقله المصنف عن المازني، إنما هو تصحيح ما ختم بالألف والنون، وليس كذلك فإن المصنف صرح بقوله: وتصحيح واو صورى عن المازني قياسي. ثم إنه قابل قوله: يقول الأخفش: إنه يرى التصحيح شاذّا، والأخفش لا يرى التصحيح في نحو: الجولان والهيمان شاذّا إنما يراه في نحو:
الصورى (2). وأما قول المصنف: وقد يعل فعل المذكور فإشارة منه إلى أن فعل بمعنى أفعل الذي قدم أن حكمه التصحيح أن يعل فيقال: عارت عينه تعار في عورت، وعلته قول الشاعر:
4316 -
تسائل بابن أحمر من رآه
…
أعارت عينه أم لم تعارا (3)
ولو أتيت بأفعل من عار هذه لقلت: أعار الله عين زيد.
قال ناظر الجيش: أما قوله: وتصحيح نحو: صورى شاذ لا يقاس عليه فهو -
(1) التذييل (6/ 174 ب).
(2)
انظر: الأشموني (4/ 318).
(3)
البيت من الوافر وقائله عمرو بن أحمر الباهلي والشاهد فيه: قوله: عارت وهذه اللغة مع قياسيتها قليلة نادرة؛ وذلك لأن الأصل عور - بزنة فرح - والواو إذا تحركت وانفتح ما قبلها على هذه الصفة انقلبت ألفا ولكنهم التزموا في عور وبعض حروف أخرى التصحيح ولم يعلوهن وقوله: أم لم تعارا كان القياس أن يقول: أم لم تعر فيسكن الراء للجازم ويحذف الألف التي هي عين الفعل للتخلص من التقاء الساكنين لكنه فتح الراء وأبقى الألف وتوجيه ذلك على الفصيح أن يقدر الفعل مؤكدا بالنون الخفيفة وهذه يفتح ما قبلها أبدا ولا يلزم حذف العين الساكنة لها ولو كان الفعل مجزوم المحل، ثم إن هذه النون تقلب ألفا عند الوقف. وانظره في المنصف (1/ 260، 3/ 42) وأمالي ابن الشجري (2/ 203) وابن يعيش (10/ 74، 75) ويس على التصريح (2/ 387).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مخالف لما ذكره في إيجاز التعريف؛ لأنه هناك جزم بأن حكم الصورى والحيدى التصحيح كالجولان والهيمان، وقد ذكر في شرح الكافية كما عرفت أن الأخفش غالب في ذلك ولم يختر فيه شيئا (1) ولكنه هنا - أعني في التسهيل - اختار مذهب الأخفش، فحكم بأن التصحيح شاذ، وقد اعتل هو لمذهب الأخفش بما سبق نقله من شرح الكافية، وهو أن ألفها في اللفظ كألف فعلا إذا جعل علامة تثنية، وأما قوله: وشذ نحو: روح وغيب، فظاهر فيهما وجه الشذوذ؛ لأن شروط الإعلال موجودة، والموانع منتفية ومع ذلك صححا، ونظيرهما في شذوذ التصحيح: الخونة والحوكة (2) وقياسهما: الخانة والحاكة، كالشاذة والقادة (3)، وأما قوله: وحول، فهو أيضا شاذ لما ذكرنا والقياس فيه: حال، ونظيره في الشذوذ: شول في قولهم:
رجل شول - وهو الخفيف في قضاء الحاجة - أجري حرف العلة المكسور كالمفتوح فصحح شذوذا كما صحح روحا، قال الشيخ: وقد جاء من ذلك أفعال على وزن فعل شذ تصحيحها، قالوا: صوف الكبش، و: سوقت المرأة و: خوف الرجل وفوق السهم، وأما قولهم: وهيوء فإشارة إلى أن التصحيح كما شذ في الأسماء التي ذكرها شذ في الفعل فهيوء، مثل: طال، أصله: طول بدليل قولهم: طويل، كما قالوا: قصر فهو قصير، فكان قياس: هيوء أن يقال فيه: هاء كما قالوا:
طال، ولكنهم شذوا فيه فصححوا عينه (4)، وأما قوله: وعفوة وأوو فإشارة إلى أن التصحيح فيها شاذ، ولكن الواو التي صحت فيهما هي لام الكلمة لا عينها، فلو قدم ذكرهما على روح وما بعده لكان أولى؛ لأنه إنما بدأ في الفصل بذكر إعلال اللام، ثم ثني بإعلال العين فينبغي أن يذكر الشاذ منهما على ترتيبهما. والعفوة جمع عفو - وهو الجحش - وقد كان قياسه أن يقال: عفاة، كما قالوا: قناة -
(1) انظر: ابن جماعة (1/ 285) وتوضيح المقاصد (6/ 54) وشرح الكافية (4/ 2133 - 1234) والأشموني (4/ 318).
(2)
قال سيبويه (2/ 369)(بولاق): «وربما جاء على الأصل كما يجيء معل من المضاعف على الأصل إذا كان اسما، وذلك قولهم: القود، والحوكة، والخونة، والجورة، فأما الأكثر فالإسكان والاعتلال» وانظر: ابن يعيش (10/ 83) والمنصف (2/ 333).
(3)
انظر: التذييل (6/ 175 أ) والمساعد (4/ 167).
(4)
التذييل (6/ 175 أ).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والأووة جمع أوّة (1) وهي الداهية وكان قياسه أوى كعرى في جمع: عروة، وأما قوله: كما شذ إعلال ما ولي فتحة مما لا حظّ له في حركة كآية فتنظير لما صحح وكان حقه أن يعل، بما أعل وكان حقه أن يصحح، وقوله: كآية يفيد أن لآية في الإعلال نظائر وهي: صامة وتابة، وقد تقدم البيت الذي أنشده ابن برهان كما ذكر المصنف في إيجاز التعريف:
4317 -
تبت إليك فتقبّل تابتي
…
وصمت ربّي فتقبّل صامتي (2)
وقالوا أيضا في دويبّة: دوابّة (3) وأفاد المصنف بقوله: في أسهل الوجوه، أن في آية وجوها وحينئذ يتعين ذكرها ليتبين أن الذي ذكره أسهلها، والوجوه التي فيها أقوال للنحاة، والمشهور منها ثلاثة أقوال: قول الفراء، وقول الخليل، وقول الكسائي (4).
فأما الفراء فيقول: وزنها فعلة بسكون العين، فقلبت الياء ألفا تخفيفا، قال: وإذا كانوا يفعلون ذلك بالياء وحدها في نحو: عيب وعاب وديم ودام، فالأحرى أن يفعلوا ذلك إذا انضاف إلى الياء ياء أخرى، وهذا الذي ذهب إليه الفراء هو الذي اختاره المصنف، وأشار إليه بأنه أسهل الوجوه، ومن ثم أورد آية في هذا الفصل من حيث إن عينها حرف علّة ساكن وقع بعد فتحة وأعل مع ذلك شذوذا، وكان القياس تصحيحه وإنما كان أسهل الوجوه؛ لأنه ليس فيه إلّا إبدال الألف من حرف علّة ساكن، وقد وجد ذلك في غير هذه الكلمة كما سيذكر. قال الشيخ: ويظهر أن هذا القول حسن، قال: وقد ذكر سيبويه هذا المذهب بعد ذكره مذهب الخليل، فقال: وقال غيره - يعني غير الخليل -: أصله: أيّة فعلة، فقلبت الياء ألفا كراهة التضعيف.
وأما الخليل فيقول: إن وزنها فعلة بتحريك العين (5)، والأصل أيية فكل من العين واللام قد وجد فيه سبب الإعلال، والقاعدة فيما كان كذلك أن تعلّ اللام ولا تعل -
(1) شرح الكافية (4/ 2135).
(2)
تقدم.
(3)
شرح الكافية (4/ 2136).
(4)
انظر: الآراء وتفصيل هذه المسألة في: التصريح (2/ 388) والأشموني (4/ 417) والكتاب (2/ 388) والممتع (2/ 582 - 583) والرضي (3/ 118).
(5)
انظر: المرجع السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
العين؛ فكان القياس في إعلالها أن يقال: أياة بصحة العين وإعلال اللام، فعكس العمل بأن أعلوا العين وصحّحوا اللام شذوذا (1)، ومن ثم تورد هذه الكلمة في هذا الفصل أيضا، لكن مع: غاية وطاية وثاية وراية من حيث إن العينات فيها أعلّت دون اللامات منها مع استحقاقها الإعلال، ورجح هذا القول - أعني قول الخليل - من جهة أن ليس فيه إلا تغيير مكان الإعلال مع أن الإعلال الذي حصل جاء على القياس.
وأما الكسائي فيقول: إن وزنها فاعلة. وأصل الكلمة آيية فحذفت عين الكلمة استثقالا لليائين والكسرة في الأولى منهما، وقد حذفوها وحدها في: بالة وأصلها:
بالية (2)، قلت: وعلى قول الكسائي: لا إيراد لهذه الكلمة في هذا الفصل، بل ولا في فصل من فصول الإبدال، إنما تورد في فصول الحذف، وكأن الكسائي رأي أنّ الحذف أسهل من الإبدال بغير سبب كما يقول الفراء، ومن القول بحصول إعلال في غير موضعه؛ لأنه غير مستحق كما يقول الخليل وقد ذكر الشيخ أن في آية ثلاثة أقوال أخر، فقيل: إن وزنها فعلة بضم العين على وزت سمرة، وأصلها:
أيية، تحركت الياء الأولى وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا، وصحت الياء التي هي لام [6/ 185] لعدم الموجب لإعلالها. ورد هذا القول بأن كل اسم آخره ياء قبلها ضمة تقلب تلك الضمة كسرة نحو: تقصّ وترام، وقيل: إن وزنها: فعلة بكسر العين كنبقة تحركت الياء وانفتح ما قبلها فقلبت ألفا. ورد هذا القول بأن هذا إنما جاء فيه الإدغام والإظهار كالفعل نحو: رجل حيّ وحييّ، وغيّ وغييّ، وقيل: إن أصلها: أياة كحياة ونواة، فقلبت بأن جعلت اللام موضع العين، والقلب كثير في لسانهم (3). وهذه الأقوال الثلاثة إنما قيلت؛ فرارا من الذي يلزم على كل من الأقوال الثلاثة السابقة. وقد ردّ ابن عصفور قول الفراء بما لا يظهر، ونازعه ابن الضائع فيما ردّ به، وكذلك رد قول الكسائي أيضا ونازعه ابن الضائع أيضا، ذكر ابن عصفور ذلك في الممتع له، وجعل ابن الضائع معه ذكره الشيخ في شرحه (4).
(1) التذييل (6/ 175 أ، ب).
(2)
انظر: المنصف (2/ 236) واللسان «بلا» .
(3)
التذييل (6/ 176 أ).
(4)
التذييل (6/ 175 ب) والممتع (2/ 582) وما بعدها.