الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ما يعرف به الزائد]
قال ابن مالك: (وجملة ما يتميّز به الزّائد تسعة أشياء: دلالته على معنى وسقوطه لغير علّة، من أصل أو فرع أو نظير، وكونه مع عدم الاشتقاق في موضع تلزم فيه زيادته أو تكثر، مع وجود الاشتقاق واختصاصه ببنية لا يقع موقعه منها، ما لا يصلح للزّيادة، ولزوم عدم النّظير بتقدير أصالته فيما هو منه أو في نظير ما هو منه).
ــ
خبعثنة من الرّدّ فيقول: رددّية (1)، ثم إن المصنف ذكر هذه المسألة بمثال آخر وهو أن تأتي بمثل: ضربّب من الرّدّ، ولا شك أن في: ضربّب ثلاثة أمثال، أحدها لام الكلمة، والآخران الحرفان اللذان حصل بهما الإلحاق بسفرجل، فإذا بني مثل ذلك مما عينه ولامه من جنس واحد في كلمة ثلاثية، ثم جاء الحرفان المماثلان للعين واللام من أجل الإلحاق، لزم اجتماع أربعة أمثال في آخر الكلمة، وذلك في غاية الثّقل فصار إبدال آخر الأمثال ياء واجبا في مثل ذلك، إن كان جائزا في ما اجتمع فيه ثلاثة أمثال نحو: تظنّيت كما تقدمت الإشارة إليه، وعلى هذا يكون وزان:
ضربّب من الرّدّ: رددّد، فإذا حصل الإبدال قيل: رددّى الأصل: رددّي قلبت الياء ألفا؛ لوجود العلّة المقتضية لذلك (2)، ولما تكلّم المصنف على هذه المسألة في إيجاز التعريف وذكر أنه يقال في مثل خبعثنة من الردّ: رددّية؛ أردف ذلك بقوله: ومن قال: أميّيّ فجمع في النسب أربع ياءات، قال في هذا المثال: رددّدة (3)، كذا قال أبو الحسن في تصريفه (4). انتهى. فقوله في التسهيل: ويختار إبدال ياء ظاهره يقتضي أنه يوافق رأي أبي الحسن في إجازة الجمع في نحو المثال المذكور بين أربعة أمثال (5)، ولكنه يرى أن مذهب غيره - وهو الإبدال - أولى، وهو خلاف ما يعطيه ظاهر كلامه في إيجاز التعريف ويحتمل أن يحمل قوله: ويختار على أنه اختار مذهب غير أبي الحسن، وهو وجوب الإبدال على مذهب أبي الحسن، فلا يكون الاختيار متعلقا بالإبدال لكنّه خلاف الظاهر.
قال ناظر الجيش: ذكر رحمه الله أن جملة ما يتميز به الحرف الزائد من الحرف الأصلي -
(1) و (2) التذييل (6/ 134 ب)، والمساعد (4/ 81).
(3)
انظر: المرجعين السابقين.
(4)
التذييل (6/ 134 ب).
(5)
انظر: المساعد (4/ 81).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(تسعة)(1) أشياء (2): الأول: دلالته على معنى، كحروف المضارعة، وألف فاعل، وتاء اقتدر، وميم اسم الفاعل، والمفعول، وياء التصغير. الثاني: سقوطه من أصل كسقوط همزة أحمر من الحمرة فإن الحمرة أصل لأحمر؛ لكونها مصدر، وقد سقطت الهمزة منها (3). الثالث: سقوطه من فرع كسقوط الياء من: أيصر في إصار الذي هو جمعه (4). الرابع: سقوطه من نظير، ومثاله: أيطل وإطل، استدل على زيادة الياء في: أيطل بسقوطها في: إطل (5)، وقول المصنف: لغير علّة، قيد في الأنواع الثلاثة فلو كان سقوطه من أصل أو فرع، أو نظير لعلّة لم يكن ذلك دليلا على زيادته، فمثال سقوطه من أصل لعلّة سقوط الواو في: عدة، فلا يكون ذلك دليلا على زيادتها في: وعد؛ لأنها إنما سقطت من الأصل لعلّة (6) ستعرفها إن شاء الله تعالى. ومثال سقوطها من فرع لعلّة: يعد فإن أصله: يوعد، وسقطت الواو للعلة المعروفة (7)، ومثال سقوطها من نظير [6/ 139] لعلّة عدة فإنها نظير الوعد؛ إذ هما مصدران، ولكن سقوط الواو من عدة لعلّة كما عرفت، فلا يحكم بزيادتها في النظير الذي هو الوعد. الخامس: كونه مع عدم الاشتقاق في موضع يلزم فيه زيادته مع وجود الاشتقاق، يعني أنه إذا وجد حرف من حروف الزيادة في كلمة لا يعلم لها اشتقاق وكان ذلك الحرف في موضع يلزم فيه زيادته في ما علم اشتقاقه؛ حكم على الحرف المذكور بالزيادة ومثال ذلك النون من غضنفر، فإنّه يحكم بزيادتها (8) مع كونها في كلمة لا يعرف لها اشتقاق؛ وذلك لأن كل -
(1) كذا في (ب)، وفي (جـ)«سبعة» .
(2)
زاد ابن عصفور آخر، وهو الدخول في أوسع البابين نحو: كنهبل، فعلى الأصالة وزنه: فعلّل وعلى الزيادة: فنعلل، وكلاهما مفقود؛ فيحمل على الزيادة؛ لأن باب المزيد أوسع لكثرة أبنية المزيد وقلّة أبنية المجرد. ينظر: الممتع (1/ 58).
(3)
ويسمى هذا الاشتقاق. الممتع (1/ 53).
(4)
وهو التصريف. الممتع (1/ 54).
(5)
المرجع السابق (1/ 55).
(6)
مصدر الفعل المثال بزنة فعلة، تحذف منه الواو؛ لثقل الكسرة في الواو، ألقوا كسرة الواو على ما بعدها وحذفوها. الممتع (2/ 431)، المنصف (1/ 195).
(7)
وقعت الواو فاء لفعل على وزن فعل؛ فتحذف في مضارعه لوقوعها بين ياء وكسرة وهما ثقيلتان، فلمّا انضاف ذلك إلى ثقل الواو وجب الحذف. الممتع (2/ 426).
(8)
اللسان «غضفر» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ما وجد من هذا النوع - أعني ما ثالثه نون ساكنة وبعدها حرفان - وعلم اشتقاقه؛ كانت زائدة نحو: جحنفل للعظيم الجحفلة، وحبنطى من حبط بطنه، ودلنظى من دلظه أي: رفعه (1). السادس: كونه مع عدم الاشتقاق في موضع يكثر فيه زيادته في ما علم الاشتقاق، يعني أنه إذا وجد حرف من حروف الزيادة في كلمة لا يعلم لها اشتقاق وكان ذلك الحرف في موضع يكثر فيه زيادته في ما علم اشتقاقه، حكم على الحرف المذكور بالزيادة حملا على الأكثر، ومثال ذلك: الهمزة إذا وقعت أوّلا قبل ثلاثة أحرف؛ فإنها يحكم عليها بالزيادة، وإن لم يعلم الاشتقاق للكثرة، ما وجدت فيه زائدة في ما عرف اشتقاقه، ومثال ذلك الهمزة في أفكل فإنّها يحكم عليها بالزيادة (2) وإن لم يعرف للكلمة اشتقاق؛ لأن الهمزة قد علمت زيادتها بالاشتقاق في نحو: أحمر، وقد علمت من هذا أن تقدير كلام المصنف وكونه مع عدم الاشتقاق في موضع يلزم فيه زيادته مع وجود الاشتقاق، أو يكثر مع وجود الاشتقاق؛ فاختصر بحذف أحدهما لدلالة الآخر عليه. السابع: اختصاصه ببنية لا يقع موقعه منها ما لا يصلح للزيادة؛ يعني أن اختصاص الحرف ببنية لا تقع موقع الحرف من تلك البنية حرف لا يصلح للزيادة أي: ليس من حروف سألتمونيها، دليل على زيادته، ومثال ذلك: النون في حنطأو، وكنثأو، وأخواتهما المتقدمة الذكر، فإنّ وزن كل واحد منهما فنعلو، والنون فيها زائدة؛ لأنها اختصت بموضع لا يقع فيه حرف أصلي، فدلّ ذلك على زيادتها. الثامن: لزوم عدم النظير بتقدير أصالته في ما هو منه، ومثال ذلك: الواو في ملوظ (3)؛ فإنه يحكم عليها بالزيادة وعلى الميم بالأصالة فوزنه: فعول، وهو بناء موجود كعتود للحيّة، وعثول للكثير الشعر، ولو حكم على الواو بالأصالة لزم الحكم على الميم بالزيادة، فيكون وزنه:
مفعلا وهو بناء مفقود، هكذا مثّلوا لذلك، وفيه نظر؛ لأنهم قالوا: إنه مشتق من الملظ، وإذا كان مشتقّا فالاشتقاق هو الذي دلّ على زيادة الواو، والأولى أن يمثل -
(1) ينظر: الكتاب (4/ 322)، والممتع (1/ 55)، واللسان «دلظ» .
(2)
ينظر: الكتاب (4/ 250)، والممتع (1/ 55، 72، 232).
(3)
الملوظ: عصا يضرب بها أو سوط، قال ابن سيده: وإنّما حملته على فعول دون يفعل؛ لأن في الكلام فعولا وليس فيه يفعل. اللسان «ملظ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
لذلك بنحو: غزويت (1)؛ فإن التاء فيه يحكم عليها بالزيادة، إذ لو حكم عليها بالأصالة لكان وزنه فعويلا، وهو بناء مفقود في لسانهم، فوجب الحكم عليها بالزيادة؛ ليكون وزنه فعليتا وهو بناء موجود كعفريت. التاسع: لزوم عدم النظير بتقدير أصالته في نظير ما هو منه، ومثال ذلك: التاء الأولى المضمومة في: تتفل؛ فإنّه محكوم بزيادتها، مع أنه لا يلزم من تقدير أصالتها عدم النظير؛ لأن فعللا موجود كبرثن؛ ولكنّها حكم بزيادتها؛ لأنه يلزم من تقدير أصالتها عدم النظير في لغة من قال: تتفل بفتح التاء؛ لأنّه يؤدّي إلى أنه وزنه: فعلل، وهو بناء مفقود (2)، وكذلك: نرجس بكسر النون؛ فإنّه يحكم على نونه بالزيادة وإن كان له نظير في اللغة لو حكم عليها بالأصالة، وهو: زبرج، ولكن يلزم من القول بأصالتها عدم النظير في لغة من قال: نرجس بفتح النون؛ لأن الحكم فيه بزيادة النون واجب؛ لأن الحكم بأصالتها يقتضي أن يكون وزنه فعللا، وهو بناء مفقود (3)، فالقول بأصالة التاء في: تتفل بالضم، وبأصالة النون في: نرجس بالكسر يؤدي إلى عدم النظير، في نظير ما هو منه، وهو تتفل بفتح التاء، ونرجس بفتح النون. انتهى شرح كلام المصنف. واعلم أن هذه الأمور التي ذكرها قد يرجع بعضها إلى بعض، ويدخل أحدها في آخر مع أنه لم يدخل الاشتقاق صريحا، وهو أقوى الأدلّة، ومقدّم على سائرها في الاستدلال به على الزيادة، والحق انحصار الأدلة التي يتميز بها الزائد في ثلاثة أمور، وهي: الاشتقاق، وعدم النظير، وغلبة الزيادة في الحرف، وما ذكر زائدا على هذه الثلاثة يمكن ردّه إليها، أما كون الحرف دالّا على معنى كحروف المضارعة مثلا، فلا شك أن هذا يرجع إلى دليل الاشتقاق، على أن حرف المضارعة لا دلالة له وحده، ولكنه جزء من الدال فله مدخل في الدلالة، -
(1) الغزويت بالعين والغين المعجمة: القصير والداهية، وغزويت فعليت، قال ابن سيده: وإنما حكمنا عليه بأنه فعليت؛ لوجود نظيره وهو عفريت وتعريف، ولا يكون فعويلا؛ لأنه لا نظير له. اللسان «عزا» ، وانظر: الكتاب (4/ 271)، والممتع (1/ 58، 125، 277، 292).
(2)
ومن قال: تتفل بضم التاء فهي عنده - أيضا - زائدة لثبوت زيادتها في لغة من فتح التاء. الممتع (1/ 275).
(3)
ينظر: الممتع (1/ 266)، والمساعد (4/ 86).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أما أنه دالّ بنفسه خاصة على المعنى المقصود؛ فلا يتحقق ذلك فيه، وأما سقوطه من أصل؛ فواضح كون الاشتقاق هو الذي دلّ على الزيادة، وأما سقوطه في فرع، والتمثيل لذلك بأيصر وإصار فلا يتم؛ لأن الجوهري يدل كلامه على أن إصارا مرادف لأيصر، لأنه قال: الأيصر والإصار: حبل قصير يشدّ به أسفل الخباء إلى وتد، وجمع الإصار: أصر وجمع الأيصر: أياصر (1). انتهى. وإذا كان كذلك لم تكن الياء في: أيصر زائدة؛ بل تكون أصلا، ويكون وزنه: أفعل، وأما سقوطه من نظير، والتمثيل له بأيطل وإطل فلا يظهر؛ لأنه يمكن أن يدعي أن كلّا منهما أصل، وأن اللفظ له مادتان إحداهما الفاء فيها همزة، والأخرى الفاء فيها ياء، وأما كونه مع عدم الاشتقاق في موضع يلزم فيه زيادته مع وجود الاشتقاق والتمثيل له بغضنفر، وكذا كونه مع عدم الاشتقاق في موضع يكثر فيه زيادته مع وجود الاشتقاق، والتمثيل له بأفكل، فهذان القسمان يشملهما دليل غلبة الزيادة في الحروف وهو ظاهر، وأما اختصاصه ببنية لا يقع موقعه منها، ما لا يصلح للزيادة والتمثيل له بنحو: حنطأو؛ فيشمله دليل عدم النظير، وأما لزوم عدم النظير بتقدير الأصالة، والتمثيل له بعزويت، وكذا لزوم عدم النظير بتقدير أصالته في نظير ما هو منه، والتمثيل له بنحو: تتفل بضم التاء، فهذان القسمان يشملهما دليل عدم النظير؛ فالحاصل: أن التسعة التي ذكرها المصنف منها أمران يرجعان إلى دليل الاشتقاق؛ وهما: دلالة الحرف على معنى، وسقوطه من أصل، ومنها ثلاثة أمور ترجع إلى دليل عدم النظير؛ وهي: اختصاصه ببنية لا تقع موقعه منها ما لا يصلح للزيادة كحنطأو، ولزوم عدم النظير بتقدير الأصالة فيما هو منه، ولزوم عدم النظير بتقدير أصالته في نظير ما هو منه، ومنها أمران يرجعان إلى دليل غلبة الزيادة في الحرف، وهما كونه مع عدم الاشتقاق في موضع يلزم فيه زيادته مع وجود الاشتقاق وكذا كونه مع عدم الاشتقاق في موضع يكثر فيه [6/ 140] زيادته مع وجود الاشتقاق، ومنها فرعان لا يتحققان؛ وهما: سقوط الحرف من الفرع كأيصر وإصار، وسقوطه من نظير كأيطل وإطل، كما تقدمت الإشارة إليهما.
(1) الصحاح (2/ 579).