المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[الإعلال بالقلب] قال ابن مالك: (فصل: من وجوه الإعلال القلب. وأكثر - تمهيد القواعد بشرح تسهيل الفوائد - جـ ١٠

[ناظر الجيش]

فهرس الكتاب

- ‌الباب الخامس والسبعون باب التّصغير

- ‌[تعريف التصغير وبيان أغراضه وصيغه وشروطه وكيفيته]

- ‌[حكم تصغير ما فيه ألف]

- ‌[كسر ما بعد ياء التصغير]

- ‌[تصغير ما حذف أحد أصوله]

- ‌[التوصل إلى صيغة فعيعل وفعيعيل بما توصل به إلى جمع تكسيره]

- ‌[ما يرد إلى أصله عند التصغير وما لا يرد]

- ‌[تصغير المؤنث الخالي من تاء التأنيث]

- ‌[تصغير ما دلّ على جمع]

- ‌[الاستغناء بالمصغر عن المكبر ونحوه]

- ‌[تصغير غير المتمكن]

- ‌[تصغير الترخيم]

- ‌الباب السادس والسبعون باب التّصريف

- ‌[تعريف التصريف]

- ‌[ما يدخله التصريف]

- ‌[عدد حروف المجرد]

- ‌[مبلغ الاسم والفعل بالزيادة]

- ‌[أبنية الثلاثي المجرد

- ‌[أبنية الرباعي المجرد

- ‌[أبنية الخماسيّ المجرّد

- ‌[أبنية الاسم المجرد الثلاثي والرباعي والخماسي الشاذة]

- ‌[المضاعف من الثلاثيّ

- ‌[اجتماع حرفي علّة في كلمة]

- ‌[بناء فعل من باب قوّ]

- ‌[المضارع من الرباعي]

- ‌[الميزان الصرفي

- ‌[حروف الزيادة ودليلها وأنواعها]

- ‌[الزيادة قبل فاء الفعل والاسم]

- ‌[الأوزان المهملة من المزيد فيه]

- ‌[أدلة الزيادة]

- ‌[زيادة النون والتاء والسين والهاء واللام]

- ‌[الزيادة غير المطردة]

- ‌[ما ثبتت زيادته لعدم النظير]

- ‌[الزائد بالتضعيف]

- ‌[حكم ما تماثل فيه كل حرفين من الرباعي]

- ‌[تعيين الزائد من حرفي التضعيف]

- ‌[اجتماع حرف من سألتمونيها والتضعيف في الكلمة]

- ‌[زيادة الهمزة والنون آخرا]

- ‌[حكم نظير أحد المثالين]

- ‌[الحكم بزيادة الياء والهمزة والميم أولا]

- ‌[المزيد للإلحاق]

- ‌[إلحاق الألف والهمزة]

- ‌[الإلحاق بالتضعيف]

- ‌[أمثلة الملحق بالخماسي]

- ‌[ما يعرف به الزائد]

- ‌[الإبدال

- ‌[إبدال الهمزة من حروف اللين

- ‌[إبدال الهمزة وجوبا]

- ‌[إبدال الواو همزة جوازا]

- ‌[إبدال الهمزة جوازا]

- ‌[إبدال حرف اللين الثاني في مثل: عيايل همزة]

- ‌[قلب المدّة الثالثة في الجمع على مفاعل همزة]

- ‌[إبدال أحرف العلة من الهمزة]

- ‌[إبدال الهمزة من الهاء والعين]

- ‌[إبدال حروف العلة من الهمزة]

- ‌[خلاف الأخفش والمازني في إبدال الواو]

- ‌[تكملة اجتماع الهمزتين]

- ‌[اجتماع همزتين بينهما فاصل]

- ‌[حكم توالي أكثر من همزتين]

- ‌[تخفيف الهمزة المتحركة]

- ‌[تخفيف الهمزة الساكنة]

- ‌[حكم المنقول إليه حركة الهمزة]

- ‌[إبدال أحرف العلة من بعض: إبدال الياء من الواو]

- ‌[إبدال الألف والواو ياء]

- ‌[إبدال الياء واوا]

- ‌[حكم إبدال الضمّة كسرة في فعلى وغيرها]

- ‌[مواضع أخرى لقلب الضمة كسرة والياء واوا]

- ‌[منع إبدال الضمة كسرة]

- ‌[مواضع قلب الضمة كسرة جوازا]

- ‌[تسكين ذي الكسرة والضمة المؤثّرتين إعلال اللام]

- ‌[مواضع إبدال الياء المدغمة في مثلها واوا]

- ‌[إبدال الياء واوا]

- ‌[حذف الياء المتطرفة]

- ‌[حكم ما اجتمع فيه ثلاث أو أربع واوات]

- ‌[من مواضع قلب الواو ياء]

- ‌[إبدال الواو المتطرفة بعد واوين ياء وكذلك الكائنة لام فعول جمعا]

- ‌[ما يجوز فيه الإعلال والتصحيح]

- ‌[تصحيح الواو وهي لام فعول جمعا]

- ‌[قلب الواو ياء لاما لفعلى]

- ‌[إبدال الألف من الواو والياء]

- ‌[إبدال الواو والياء ألفا وهما عينان]

- ‌[حكم إعلال صورى وروح وحول]

- ‌[حكم إبدال الواو الساكنة والياء الساكنة بعد فتحة]

- ‌[قلب الواو والياء ألفا إذا وقعتا عينين

- ‌[الحذف والتصحيح في الإفعال والاستفعال]

- ‌[مسألتان في فروع ما تقدم]

- ‌[إبدال التاء من فاء الافتعال وحروفه]

- ‌[الإعلال بالحذف]

- ‌[حذف الواو من المثال في المضارع كيعد]

- ‌[حذف الواو المذكورة من الأسماء كلدة]

- ‌[حذف همزة أفعل من مضارعه واسمي فاعله ومفعوله]

- ‌[حذف فاءات خذ وكل ومر]

- ‌[حذف عين فيعلولة]

- ‌[حذف عين الفعل الماضي]

- ‌[حذوف أخرى مختلفة]

- ‌[حذف ألف ما الاستفهامية]

- ‌[حذف اللام شذوذا]

- ‌[الإعلال بالقلب]

- ‌[الإبدال من ثالث الأمثال]

- ‌[إبدال حرف اللين بتضعيف ما قبله، وتاء الضمير طاء ودالا]

- ‌[إبدال الميم من النون الساكنة قبل ياء وغيرها]

- ‌[إبدال الصاد والسين من بعض الحروف]

- ‌[التكافؤ في الإبدال بين الطاء والدال والتاء]

- ‌[التكافؤ بين الحروف]

- ‌[التكافؤ في إبدال حروف أخرى]

- ‌[إبدال الميم والشين من بعض الحروف]

- ‌[إبدالات أخرى مختلفة]

- ‌الباب السابع والسبعون باب مخارج الحروف

- ‌[بيان المخارج، والحروف الخاصة بكل مخرج]

- ‌[تفريع على حروف الهجاء]

- ‌[بيان الصفات المختلفة لكل حرف]

- ‌[بيان إدغام المتماثلين والمتقاربين]

- ‌[حكم الإدغام قبل الضمير]

- ‌[الإدغام في ثاني اللامين]

- ‌[حكم المثلين المتحركين في كلمة]

- ‌[إدغام التكافؤ وحروفه]

- ‌[بيان حكم إدغام النون الساكنة بغنّة وبغيرها]

- ‌[حكم إدغام التاء في مثلها ومقاربها في باب افتعل وما تصرف منه]

- ‌الباب الثامن والسبعون باب الإمالة

- ‌[الإمالة: معناها، وأسبابها، وموانعها]

- ‌[ما يجوز فيه الإمالة وتركها]

- ‌[ما يمال لمجاورة الممال مع خلوه من سبب الإمالة وما يمال من غير المتمكن]

- ‌الباب التاسع والسبعون باب الوقف

- ‌[بيان معنى الوقف لغة واصطلاحا وحكم الموقوف عليه]

- ‌[الوقف على «إذن» وعلى المقصور والمنقوص]

- ‌[حكم الوقف على المتحرك المنتهي بغير هاء التأنيث]

- ‌[حكم الوقف على ما آخره همزة]

- ‌[حكم الوقف على ما آخره تاء التأنيث]

- ‌[بيان ما يوقف عليه بهاء السكت وحكمه]

- ‌[حكم الوقف على الروي المتصل بمدة]

- ‌الباب الثمانون والأخير باب الهجاء

- ‌[الأصل الأول: فصل الكلمة من الكلمة]

- ‌[الأصل الثاني: مطابقة المكتوب المنطوق به]

- ‌[اعتبار الأصل في المطابقة]

- ‌[ما خرج عن مطابقة الأصل شذوذا]

- ‌[اعتبار المطابقة بالمآل]

- ‌[حكم همزة الوصل من حيث الإثبات والحذف]

- ‌[حكم الحروف اللينة إذا توالت في كلمة أو كلمتين]

- ‌[حذف الألف من لفظ الجلالة وغيره]

- ‌[حذف الألف من الأعلام الزائدة على ثلاثة أحرف]

- ‌[مواضع تزاد فيها الألف والواو والياء]

الفصل: ‌ ‌[الإعلال بالقلب] قال ابن مالك: (فصل: من وجوه الإعلال القلب. وأكثر

[الإعلال بالقلب]

قال ابن مالك: (فصل: من وجوه الإعلال القلب. وأكثر ما يكون في المعتلّ والمهموز. وذو الواو أمكن فيه من ذي الياء، وهو بتقديم الآخر على متلوّه أكثر منه بتقديم متلوّ الآخر على العين، أو بتقديم العين على الفاء، وربّما ورد بتقديم اللّام على الفاء وبتأخير الفاء عن العين واللّام، وكثر نحو:

راء في: رأى، وآبار في: أبار وعلامة صحة القلب كون أحد التأليفين فائقا للآخر ببعض وجوه التّصريف، فإن لم يثبت ذلك فهما أصلان وليس جاء وخطايا مقلوبين خلافا للخليل).

ــ

عضيهة، وفي: فم لقولهم: أفواه، وجاء في النون من: مذ وفي: دد، الأصل:

ددن. وفي: فل، والأصل: فلان، وجاء في الباء في: رب. وجاء في الحاء من: حر وفي الخاء من: بخ، والأصل: بخّ بالتشديد، وجاء في الفاء في أف؛ لأن الأصل أفّ بالتشديد، و: سو في: سوف، وجاء في الطاء في قطّ؛ لأنه من قططت، أي:

قطعت تقول: ما فعلته قط، أي: فيما انقطع من عمري. هذا كلام ابن عصفور (1).

قال ناظر الجيش: القلب عبارة عن جعل حرف من الكلمة مكان غيره منها، وجعل ذلك الغير مكان ذلك الحرف، فلا بد من تقديم وتأخير. والقلب المذكور واقع في كلام العرب كثيرا. وقد وضع بعض الأئمة فيه كتابا (2)، ولا يقاس عليه مع كثرته، بل هو موقوف على السماع. وقول المصنف: وأكثر ما يكون في المعتل والمهموز سيأتي أمثلة ذلك وهي الكلمات التي جرى فيها القلب. ومثاله في غير المعتل والمهموز قولهم في لعمري: رعملي (3). ولا شك أن القلب في غيرهما قليل. ولهذا ناقش الشيخ المصنف في قوله: وأكثر ما يكون في المعتل والمهموز وقال:

فإنه يقتضي أنه قد جاء في غيرهما كثيرا وليس كذلك بل هو قليل (4). انتهى. وأما -

(1) المقرب (2/ 199 - 201).

(2)

نشره وعلق عليه أوغست هفنر، وطبع بالمكتبة الكاثولكية سنة (1903 م)، ومعه كتاب الإبل عن الأصمعي ونشرا معا تحت عنوان (الكنز اللغوي).

(3)

قال ابن عصفور: «ونحو قولهم: رعملي لقد كان كذا، يريدون: لعمري» ، الممتع (2/ 616).

(4)

التذييل (6/ 194 ب).

ص: 5219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كون ذي الواو أمكن فيه من ذي الياء، فدليله الاستقراء؛ لأن أكثر ما جاء القلب في ذوات الواو، نحو: شاك، ولاث، وهار، وأينق، ثم إن القلب لما كان إنما يتصور بتقديم بعض الحروف وتأخير بعض، وكان ذلك متفاوتا كثرة وقلة، أشار المصنف إلى ما يكثر منه وما يقل بقوله: وهو بتقديم الآخر على متلوه، أكثر منه بتقديم متلو الآخر على العين، أو بتقديم العين على الفاء يعني أن تقديم الآخر على متلوه أكثر من الأمرين الآخرين، وهما: تقديم متلو الآخر على العين، وتقديم العين على الفاء. على أن قوله: أو بتقديم العين على الفاء معطوف على قوله: بتقديم متلو الآخر على العين والشيخ جعله معطوفا على قوله: بتقديم الآخر على (متلوه)(1) وهو غير ظاهر ولو كان هذا مراد المصنف لكان يقول: وهو بتقديم الآخر على متلوه، أو بتقديم العين على الفاء أكثر منه بتقديم متلو الآخر

على العين. فمثال تقديم متلو الآخر على متلوه أي: على ما قبله قولهم: راء في رأى، وكذلك هار وشاك. الأصل: هاور وشاوك، وكذلك الأوالي في الأوائل. الأصل: أواول.

قال:

4344 -

تكاد أوليها تفرّى جلودها

ويكتحل التّالي بمور وحاصب (2)

وكذا شواع في شوائع. قال:

4345 -

وكأنّ أولاها كعاب مقامر

ضربت على شزن فهنّ شواعي (3)

وكذلك: أيامى جمع: أيم. الأصل: أيايم على وزن فياعل، وقدمت لام الكلمة التي هي الميم على ما قبلها وهي الياء، فقالوا: أيامى. وكذلك قولهم: ترائق في جمع ترقوة. الأصل: التراقي فالقلب في هذه الكلمة حصل بتقديم الحرف الزائد -

(1) التذييل (6/ 194 ب).

(2)

من الطويل لذي الرمة. انظر اللسان «وأل» ، وضرائر الشعر (ص 190) والهمع (2/ 156)، والمنصف (2/ 57)، والاقتضاب (2/ 259)، وملحقات ديوانه (ص 742). يقول: تكاد أوالي الإبل أو الخيل تتشقق جلودها لما تلقى من لفح الهاجرة، أما التوالي فتكتحل بالمرو وهو الغبار الذي تثيره أرجل الأوالي.

(3)

من الكامل للأجدع بن مالك. كعاب المقامر: رؤوس العظام التي يلعب بها، الشزن: الغليظ من الأرض، والمعنى: كأن أولى الخيل المغيرة قداح مقامر ضرب بها على غليظ من الأرض فتناثرت.

والشاهد: في قوله: شواعي، والأصل: شوايع، فقدمت اللام على العين. وانظر: المقتضب (1/ 140)، والمنصف (2/ 57)، والمقرب (2/ 197)، واللسان «شيع» و «شزن» .

ص: 5220

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على لام الكلمة، وذلك داخل تحت قوله: تقديم الآخر على متلوه. قال الشاعر:

4346 -

لقد زوّدتني يوم قوّ حزازة

مكان الشّجا تجول حول التّرائق (1)

ومثال تقديم متلو الآخر على العين، قولهم: الحوباء (2) وهي النفس. وزنها فلعاء؛ لأن الأصل: حبواء، فقدمت لام الكلمة التي هي الواو، وهي متلوة الآخر على الياء التي هي عين الكلمة. والدليل على أنه مقلوب أنهم قالوا: حابيت الرجل إذا أظهرت له خلاف ما في حوبائك. وكذلك أيضا: ميدان إذا جعلته مأخوذا من المدي (3)، يكون مقلوبا ويكون الأصل: مديان، فقلبت الكلمة بتقديم لامها وهو الياء وهو متلو الآخر على عين الكلمة التي هي الدال، وأما

من جعله مأخوذا من ماد يميد، فلا يكون مقلوبا على قوله، ومثال تقديم العين على الفاء قولهم: أيس في يئس (4)، و: أينق في أنوق جمع ناقة، ففيه قلب وإبدال؛ إذ لو لم يبدلوا لقالوا:

أونق. وآرام في أرآم جمع ريم، وكذلك جاه أصله: وجه، ووزنه عفل، وكذلك قاه وهي الطاعة أصله يقه فقلبت، والفعل منه أيقه أي: أطاع وأجاب.

ومثال تقديم اللام على الفاء قولهم: أشياء في القول الأصح في وزن هذه الكلمة، ووزنها: لفعاء، والأصل شيئاء كطرفاء وحلفاء، فحصل القلب بتقديم اللام على الفاء. ومثال تأخير الفاء عن العين واللام: حادي في العدد أصله: واحد فأخرت الواو التي هي فاء الكلمة وجاءت بعد اللام، وقلبت ياء لانكسار ما قبلها ووزنه: عالف، وأشار المصنف بقوله: وكثر نحو: راء في رأى، وآبار في أبآر إلى أن القلب في نحو هذين الوزنين كثير فنحو راء: ناء ونحو آبار: آرام، ولا نريد بالكثرة الاطراد لما عرفت أن القلب موقوف على السماع، وإن كثر.

ثم ذكر المصنف ما يستدل به على أن إحدى الكلمتين موقوفة على الأخرى فقال: وعلامة صحة ذلك القلب كون أحد التأليفين فائقا للآخر ببعض وجوه التصريف، ولم أعلم ما أراد ببعض وجوه التصريف. وقد قال ابن الحاجب: ويعرف -

(1) من الطويل. والحزازة: وجع في القلب من غيظ ونحوه. انظره في المنصف (2/ 57)، والتذييل (6/ 195 أ).

(2)

ذكره ابن منظور في اللسان «حوب» وكذلك صاحب القاموس.

(3)

ذكر في اللسان والقاموس «ماد» .

(4)

انظر الممتع (2/ 618).

ص: 5221

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

القلب بأصله كنأى ينأى مع النّأي، وبأمثلة اشتقاقه؛ كالجاه والحادي والقسي وبصحته كأيس، وبقلة كآرام، وبأداء تركه إلى اجتماع همزتين عند الخليل، أو إلى منع الصرف بغير علة. فقال عليه الإمام بدر الدين: قد أكثر مما يعرف به القلب من غير فائدة؛ لأن الاستدلال بأمثلة الاشتقاق راجع إلى الاستدلال بثبوت الأصل والاستدلال بالصحة وبقلة الاستعمال مستغنى عنه؛ لأن ما عرف قلبه بذلك يعرف قلبه بثبوت أصله ثم ذكر عبارة والده - رحمه الله تعالى - فقال: إن أصل ما يعرف به القلب كون أحد التأليفين فائقا للآخر ببعض وجوه التصريف.

وذكر ابن عصفور في المقرب أن الذي يعرف به القلب أربعة أشياء (1): أن يكون أحد اللفظين أكثر استعمالا من الآخر فيكون الأصل، ويكون الآخر مقلوبا عنه نحو: رعملي فإنه قال: أقل استعمالا من لعمري. وأن يكون أحد

اللفظين يكثر تصريف الكلمة عليه فيكون الأصل، ويكون الآخر مقلوبا عنه نحو: شوائع فإنه يقال فيه: شاع يشيع فهو شائع ولا يقال فيه: شعى يشعى فهو شاع، وأن يكون أحد اللفظين مجردا من الزوائد فيكون الأصل ويكون الآخر مقلوبا عنه نحو: اطمأنّ فإنه مقلوب من طأمن، وأن يكون لأحد الكلمتين من حكم هو للآخر في الأصل، فيدل وجوده فيه على أنه مقلوب مما ذلك الحكم له في الأصل، نحو: أيس فإنه مقلوب من يئس، ولذلك صحّ كما صحّ في يئس (2) انتهى. والذي ذكره قريب مما ذكره ابن الحاجب، ولا شك أن كلّا منهما فيه توضيح وإفصاح عن المقصود بخلاف كلام المصنف، وقوله: فإن لم يثبت ذلك فهما أصلان، يريد به فإن لم يثبت كون أحد التأليفين فائقا للآخر ببعض وجوه التصريف، والآخر مفوقا فكلا التأليفين أصل، ومثال ذلك: جذب وجبذ، فإن جميع تصاريفهما جاء عليهما كالمصدر واسم الفاعل واسم المفعول كجبذ وجذب وجابذ وجاذب ومجذوب ومجبوذ. أما قوله: وليس جاء وخطايا مقلوبين خلافا للخليل فأشار به إلى ما سأذكره.

اعلم أن الخليل رحمه الله يدعي القلب في كل كلمة يؤدي العمل بمقتضى التصريف فيها إلى أن يجتمع فيها همزتان (3)، وقد تقدم أن من جملة ما يعرف به القلب أن يؤدي -

(1) انظر المقرب لابن عصفور (2/ 197، 198).

(2)

المقرب (2/ 197، 198).

(3)

قال في الكتاب (2/ 379): «وأما الخليل فكان يزعم أن قولك: جاء وشاء ونحوهما اللام فيهن -

ص: 5222

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ترك القول به إلى اجتماع همزتين، وأن ذلك عند الخليل ومن وافقه، ولا شك أن نحو: جاء وخطايا، إذا لم يقل فيهما بالقلب يلزم اجتماع همزتين فيهما، والخليل لا يرى ذلك، فلزم أن يدعي القلب في نحو: هاتين الكلمتين، وبيانه: أن اسم الفاعل من كل فعل ثلاثي معتل العين يجب إبدال العين فيه همزة؛ لوقوع حرف العلة فيه بعد ألف زائدة، وقد أعل ذلك الحرف في الفعل كما تقرر في موضعه وذلك نحو: بائع وقائم، فإذا كان لام الكلمة همزة كما في نحو: جاء والأصل فيه جائي، فيقول الخليل: لا تقلب الياء في نحو هذا همزة؛ لأن ذلك يؤدي إلى اجتماع همزتين، وذلك غير جائز عنده، ويدعي رد الهمزة التي هي لام إلى موضع العين فتصير العين موضع اللام فيصير جائي، ثم يعل إعلال قاض فيصير: جاء، فصورة اللفظ عند من قلب ومن لم يقلب واحدة، ولكن وزنه عند من قلب:

فالع، وعند [6/ 205] من لم يقلب فاعل. والمخالف للخليل يقول: إذا اجتمعت الهمزتان عمل فيهما ما تقتضيه،

فيقال: إذا اجتمعت الهمزتان في نحو جائي قلبت الثانية ياء على قياس مثلها، ثم تعل إعلال قاض، وإذا ورد عليهم أن الياء المقلوبة عن الهمزة قياسها أن تصح. ألا ترى إلى مثل قولك: داري، ومستهزئون إذا خففت الهمزة أثبتت الياء على الأفصح ولم يعلوها إعلال قاض (1)؛ ولذلك يوقف عليها بالياء الثانية، وكذلك رئيا إذا خففت همزتها؛ فالأفصح ألا تدغم، فلو كان جائي كذلك لكانت الياء الآخرة مخففة عن همزة، فكان الأفصح أن يقال:

جائي، ولما أجمع على جاء دل على أن أصلها ياء، ولا يكون ذلك إلا على مذهب الخليل. أجابوا بأن ذلك إنما يكون في الهمزة التي يجوز تخفيفها وإبقاؤها، وأما الهمزة التي يجب جعلها حرف لين فحكمها حكم حرف اللين، كأنهم جعلوا ذلك الذي لا يلزم كالعارض فلم يعتدوا به، وجعلوا اللازم كأنه أصل. وهذا فرق واضح، وقد أورد على هذا الجواب أن الذي وجب قلبه من الهمزات كغيره؛ بدليل -

- مقلوبة، وقال: الزموا ذلك هذا، واطرد فيه، إذ كانوا يقلبون كراهية الهمزة الواحدة» وقد رجح الفارسي رأي الخليل حيث قال في التكملة:«ويذهب الخليل إلى أن هذه الهمزة التي في: جاء ونحوه هي اللام قدمت فقلبت إذ كانوا قلبوا الهمزة الواحدة ألزموا القلب لاجتماع الهمزتين، وهذا القول أقيس من الأول؛ لأن الأول يلزم فيه توالي إعلالين، وليس يلزم ذلك الخليل» . التكملة (ص 264).

(1)

انظر: الرضي (1/ 25، 26)، والجاربردي (1/ 24).

ص: 5223

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قولهم: أئمة فإنهم قلبوا الهمزة ياء قلبا واجبا، وجعلوا لها حكم الهمزة؛ لأنها متحركة مفتوح ما قبلها، وبقيت صحيحة، فلو كان كما زعمتم لوجب أن يقال:

أأمّة، والجواب عن هذا الإيراد: أن أصل أئمة: أأممة، فلما أدغموا وجب نقل حركة الحرف الأول إلى ما قبله فصارت الحركة عارضة، والحركة العارضة على مثلها لا يعتد بها، بدليل صحة: أخشى الله، ولو انهم. فإن قيل: فقد قال المخففون للهمز: خطيّة فأدغموا الياء في الياء المبدلة عن الهمزة، وليس إبدالها بلازم، ومقتضى ما ذكر أن يقال: خطيئة من غير إدغام؛ لأن قلبها عارض كما ذكر في: رئيا إذا خففت همزته. قيل في الجواب عن ذلك: ليس القياس أن تقلب الهمزة في نحو: خطيئة ومقروءة ياء، وواوا مقطوعة عن الإدغام، بل تخفيفها إنما هو بالقلب مع الإدغام، فهي إنما قلبت ياء أو واوا للإدغام فيها، بخلاف رئيا فإن تحققت همزته بالقلب خاصة؛ لأنها ساكنة بعد كسرة. وقياس الهمزة في نحو:

خطيئة أن لا تقلب ياء إلا أن يكون ما قبلها ياء زائدة فتقلب للإدغام فإدغامها من جملة شروط تخفيف مثلها؛ إذ لا

يجوز تخفيف مثلها من غير إدغام. قيل: وإنما فرّ الخليل إلى القول بالقلب في نحو: جاء من أجل كثرة العمل على قول سيبويه كما عرفت. قال: وقد جاء القلب فيما ليس آخره همزة نحو: شاك ولاث؛ إذ أصلهما شائك ولائث، فالتزموه في نحو: جاء وشاء؛ لثقل اجتماع الهمزتين. قال سيبويه رحمه الله: وكلا القولين حسن. يعني قوله وقول الخليل. وقد رجح الفارسي (1) قول الخليل بأنه يلزم من مذهب سيبويه توالي إعلالين على الكلمة من جهة واحدة، وهو قلب العين همزة، وقلب الهمزة التي هي لام ياء، ولا يوجد توالي إعلالين من جهة واحدة إلا نادرا أو ضرورة نحو قول القائل:

4347 -

وإنّي لأستحيي من العين مستحى (2)

-

(1) التكملة (ص 264)، وقد استحسنه ابن عصفور حيث قال في الممتع (2/ 511):(وهذا الترجيح حسن إلا أن السماع يشهد للمذهب الأول).

(2)

صدر بيت الطويل لم أعرف قائله، وتمامه:

إذا جاء باغي العرف أن أتنكّرا

وهو من شواهد ابن عصفور في الممتع (2/ 510، 586).

ص: 5224

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فأعلوا اللام، ثم أعلوا العين. قال: ولا يلزم في مذهب الخليل إلا القلب، والقلب في كلامهم (أكثر) من هذا الإعلال وقد رد بعضهم كلام الفارسي بأن سيبويه قال: إذا بنينا فيعلا من حويت فإنا نقول: حيّا (1). قال: فقد توالى إعلالان على الكلمة من جهة واحدة، ألا ترى أن أصله حيوي؟ وقال أبو سعيد (2):

الممنوع من جمع إعلالين هو أن تسكن اللام والعين جميعا من جهة واحدة في الإعلال مثل سوى إن سكنت اللام فلا تسكن العين، وإن سكنت العين فلا تسكن اللام كآية ونحوه. وأما إذا كانت العين تعتل اعتلالا مطردا، واللام تعتل اعتلالا ليس من جنس ذلك الإعلال فلا يمتنع ذلك. وأما نحو خطايا؛ فأنت قد عرفت فيما تقدم أن الأصل في خطايا: خطائئ ثم خطائي، ثم خطايا، وتقدم تقرير ذلك فقد اجتمع همزتان وعمل في أحدهما ما يقتضي قياس تخفيف الهمز. وهذا مذهب سيبويه وأكثر البصريين (3)، وذهب الخليل ومن وافقه إلى القول بالقلب فرارا من اجتماع همزتين كما تقدم في جاء ونحوه فهو لا يبدل المدة الواقعة بعد ألف الجمع همزة بل يقلب، فيقدم الهمزة التي هي لام الكلمة على الياء الواقعة قبلها، فيعود اللفظ إلى: خطائي كاللفظ فذلك بعد التخفيف عند من لا يقلب، لكن يكون وزن الكلمة عند الخليل: فعالي، وعند سيبويه: فعايل، ولا شك في أرجحية مذهب سيبويه على غيره. وقد أطال

الناس الكلام في ترجيح مذهبه على غيره في هذه المسألة فتركته خوف الإطالة. واعلم أنه قد تقدم لنا عند الكلام على إبدال حرف اللين الواقع بعد ألف الجمع همزة، والكلام على مطايا وخطايا أن الشيخ قال: ولو ذهب ذاهب إلى أن هذا الوزن كله يعني به مطايا وهراوى وخطايا هو فعالى، وأن علاوى وبابه صحت الواو فيه لما صحت في مفرده، واعتلت في مطية، وأن خطايا جاء على تقدير إبدال همزة خطية وإدغام ياء المد فيها فصارت كخبية - لكان مذهبا حسنا بعيدا من التكلف، قال: وإنما دعا النحويين إلى ذلك التقديرات وحملهم جمع المعتل على الصحيح؛ فأجروا ذلك مجرى رسالة وصحيفة، وقد -

(1) الكتاب (2/ 394).

(2)

السيرافي، وانظر شرحه الكتاب (6/ 341).

(3)

انظر: الكتاب (2/ 378)، والمقتضب (1/ 278)، والمنصف (2/ 56، 57)، وابن يعيش (10/ 113 - 114).

ص: 5225

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تكون أحكام للمعتل لا تكون للصحيح وأحكام للصحيح ولا تكون للمعتل. هذا كلام الشيخ، وكنت ظننت أن هذا بحث مستخرج من عنده ولا يكثر عليه ذلك؛ لأنه الإمام المعتبر المشار إليه، لكنه لما ذكر هنا مسألة خطايا بالنسبة إلى كون الكلمة فيها قلب أو لا، وذكر المذهبين منها - ذكر مذهبا ثالثا. قال: وهو مذهب بعض الكوفيين ونسبه بعضهم إلى الفراء، وهو أنه جمع على وزن فعالى (1) ولو قلب فيه، ولا هو على وزن فعائل، وذلك أن خطيئة كثر ترك الهمزة فيها والإدغام فقالوا:

خطية. فصارت بمنزلة فعيلة من ذوات الواو والياء، وكل فعيلة من ذوات الياء والواو يجمع على فعالى وذلك نحو: مطيّة ومطايا، وخبية وخبايا، وسرية وسرايا، وشبه ذلك كثير ولا يجمع على: فعائل؛ لأنه لو جمع على فعائل لنقصت الكلمة في الجمع وقلّت واختلت، ولذلك جمعته على فعالى دون فعائل، وتساوت فيها ذوات الواو وذوات الياء التي هي لام الكلمة. وقد انقلبت ياء في المفرد واعتلت، فأجري عليها في الجمع الاعتلال الذي حصل لها في المفرد [6/ 206]؛ فلذلك قالوا في ذوات الواو: مطايا، وإن كان أصلها الواو، ويدل على ذلك: مطوت، وكذلك حشايا يدل على ذلك حشوت، فلما كانت خطيئة تترك فيها الهمزة كثيرا جمعت على ترك الهمز فقالوا: خطايا، فوزنها فعالى من غير قلب ولا هي على فعائل. قال:

وهذا مذهب سهل قليل التكليف (2). انتهى. وقد تقدم البحث معه رحمه الله في ذلك، وختم الشيخ الكلام على هذا الفصل بمسألة فقال: قالت العرب في جمع ناقة:

أينق (3)، وناقة أصلها نوقة؛ فالألف منها منقلبة عن واو؛ ودليل ذلك قولهم: استنوق الجمل، وقولهم في جمع ناقة أيضا: نوق؛ إذ لو كان فعلا من ذوات الياء لقالوا فيه:

نيق كما قالوا: بيض، واختلف النحويون في تخريج أينق على ثلاثة مذاهب:

الأول: أن الياء فيه زائدة وأنها عوض من عين الكلمة المحذوفة وأن قياسه أن -

(1) ذكر الأنباري هذا القول قال: «ومنهم من قال - أي بعض الكوفيين -: إنه على فعالى؛ لأن خطيئة جمعت على ترك الهمز» . الإنصاف (ص 474 - 479).

(2)

التذييل (6/ 197 أ).

(3)

قال سيبويه: «وأما ما كان على فعلة فإنه كسر على فعال، قالوا: ناقة، نياق كما قالوا: رقبة ورقاب وقد كسروه على فعل، قالوا: ناقة، ونوق

وقالوا: أينق، ونظيرها: أكمة وآكم». الكتاب (2/ 89).

ص: 5226