الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إبدال الواو همزة جوازا]
قال ابن مالك: (وكذا كلّ واو مضمومة ضمّة لازمة غير مشدّدة ولا موصوفة بموجب الإبدال السّابق).
ــ
لصاحب الصناعة أو غيره؟ والعجب من الشيخ كيف يرتضي مثل ذلك؟ ثم أشار المصنف بقوله: فإن عوض اتصالهما بحذف همزة فاصلة فوجهان إلى مسألة قال فيها الشيخ: هذه المسألة مما تعبت في استخراج مثالها، وهو أن تقول في البناء من وأيت على وزن افعوعل: إيأوأى أصله: إوأوأى، قلبت الواو التي هي فاء الكلمة ياء لسكونها بعد كسرة، وتحركت الياء آخرا وانفتح ما قبلها قلبت ألفا، فإذا سهّلت الهمزة الأولى بنقل حركتها إلى الياء الساكنة قبلها، انحذفت همزة الوصل لعدم الحاجة إليها، وإذا زالت همزة الوصل عادت الياء إلى أصلها من الواو؛ لأن الموجب لقلبها ياء هو الكسرة التي كانت قبلها، فتصير الكلمة إلى: ووأى، فقد حصل ما قاله المصنف وهو عروض اتصال الواوين بحذف همزة فاصلة بينهما، ويعني بالوجهين إقرار الأولى واوا وإبدالها همزة، ووجه الإقرار إنه لم يلتق واوان في الأصل، ولا اعتداد لعروض الالتقاء، ووجه الإبدال أنه اعتدّ بالعارض، وهو اجتماع الواوين صورة وإن كان ثم فاصل في الأصل (1).
ثم قال الشيخ: واندرج تحت قول المصنف: فإن عرض اتصالهما هذه المسألة وهي: أن يتصلا والواو الثانية
ساكنة، ومسألة أخرى، وهي: أن يتصلا والواو الثانية متحركة وهو أن يسهّل الهمزتين بحذفهما ويلقي حركتهما على الواوين معا، فإنه يصير: ووى فيجوز إبدال الأولى همزة اعتدادا بالعارض، ويجوز الإقرار لعدم الاعتداد بالعارض (2).
ثم قال الشيخ: وما ذهب إليه المصنف من جواز الوجهين في هذه المسألة هو قول الفارسي (3)، قال: وذهب غيره من النحويين إلى أن هذا لا يجوز فيه إلا وجه واحد، وهو إبدال الأولى همزة على جهة اللزوم، وذلك في الصورتين معا (4).
قال ناظر الجيش: هذه المسألة والتي قبلها وكذا الذي يأتي بعدها إنما ذكرها -
(1) التذييل (6/ 141 أ)، والمساعد (4/ 91).
(2)
التذييل (6/ 141 أ).
(3)
التذييل (6/ 141 أ)، والمساعد (4/ 91).
(4)
التذييل (6/ 141 أ).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المصنف استطرادا وذلك أنه لما ذكر أن الواو تبدل همزة وجوبا أراد أن يستوعب ما أبدلت فيه الواو همزة، فعدّى كلامه إلى الإبدال الجائز، وقد تقدم الاعتذار له عن ذلك من حيث إن الباب الذي هو فيه - أعني باب الإبدال - إنما هو مقصور على ذكر الإبدال اللازم، ومقصود المصنف الآن: الإشارة إلى أن الواو قد تبدل همزة جوازا في غير ما تقدم ذكره، لكن الواو إما مضمومة، أو مفتوحة، أو مكسورة، أمّا المفتوحة فلم يتعرض المصنف لذكرها في هذا الفصل؛ لأن إبدالها همزة قليل موقوف على السماع، كما قالوا: أحد في وحد (1)، وأناة في وناة (2)، وأسماء في وسماء (3)؛ فالبدل في هذه الكلمات على خلاف القياس وذلك لخفّة الفتحة، وأما المكسورة سيذكرها بعد، وأن إبدالها همزة يطرد على لغة، وأما المضمومة فهي التي يطرد إبدالها همزة وينقاس، وسواء أكانت مصدرة نحو:
أجوه، وأقّتت في وجوه ووقّتت، وأعد في وعد، وأدّ في ودّ، حتى أنه يقال في ووري وووعد: أوري وأوعد، فالهمزة في هاتين الكلمتين وما شاكلهما؛ لأجل الضمة، لا لأجل اجتماع الواوين فإن الإبدال في مثله غير لازم كما عرفت - أم متوسطة نحو: تهاون وتعاون ونحوهما، وكذا: أدؤر وأثؤب، في: أدور وأثوب، وفؤوج (4)، وقول،
قال المصنف في إيجاز التعريف: والغوور بذلك أحق؛ لأن التصحيح فيه أشق (5). انتهى.
وقد علّل إبدال الواو المضمومة همزة في مثل ما ذكرنا بأن الضمة على الواو تشبه اجتماع واوين، واجتماع الواوين مستثقل فكذلك ما يشبههما، وقد قيّد المصنف جواز البدل المذكور بثلاثة قيود: هي أن تكون الضمة التي على الواو لازمة كما تقدّم في التمثيل، فلو كانت الضمة غير لازمة لم يجز الإبدال كما في نحو: قوله تعالى: -
(1) ينظر: الكتاب (4/ 351)، والممتع (1/ 335).
(2)
الونى: ضعف الأبدان
…
وجارية وناة كأنها الدّرّة. اللسان «وني» وانظر: الممتع (1/ 335).
(3)
كون الهمزة في أسماء بدلا من الواو هو مذهب سيبويه ورجحه ابن السراج فقوّى أبو بكر قول سيبويه: إنه في الأصل: وسماء، ثم قلبت واوه همزة وإن كانت مفتوحة حملا على باب أحد، ووناة.
اللسان «وني» ، وانظر: الممتع (1/ 335) ويرى المبرد أنها بوزن (أفعال). ينظر: المقتضب (3/ 365 - 366) مع هامش التحقيق والجابردي (1/ 271).
(4)
ينظر: التذييل (6/ 141 ب).
(5)
المرجع السابق.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ (1)، و: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ (2)، و: لَتُبْلَوُنَّ (3)، و: قُلِ الْعَفْوَ (4)؛ وذلك لعدم الثّقل لعروض الضّمّة. وأن تكون الواو غير مشدّدة نحو: تعوّر، وتسوّق، وتسوّر، وذلك لتحصين التضعيف، يعني أن التضعيف حصّن الواو عن الإعلال، ويظهر أنه لو علّل بأن الإدغام في مثل هذه الكلمات مطلوب للخفة؛ ولأن المصادر تابعة للأفعال في الصحة والإعلال، ولا شك أن [6/ 144] الإبدال يمنع الإدغام؛ فكان أولى. والقيد الثالث: هو أن لا تكون الواو موصوفة بموجب الإبدال السابق، يعني أن لا تكون كالواو في أويصل تصغير واصل، فإنّه يصدق عليها أنها واو مضمومة ضمّة لازمة، وهي غير مشددة؛ ومع ذلك الإبدال فيها واجب كما تقدم.
فلما خشي من ورود ذلك عليه لو اقتصر على ما ذكر احتاج أن يقول:
ولا موصوفة بواجب الإبدال السابق، والظاهر أن المصنف كان مستغنيا عن ذكر هذا القيد؛ لأن القيود التي ذكرها في الإبدال الواجب معلومة الانتفاء فيما ذكر أن الإبدال فيه جائز، وإذا كانت قيود الوجوب منتفية امتنع القول به. واعلم أن ابن عصفور ذكر في الممتع له شرطا زائدا لجواز إبدال الواو المضمومة ضمة لازمة إذا وقعت وسطا وهو
أن لا يمكن تخفيفها بالإسكان كأدؤر، وأثؤب؛ لأن الواو لو سكنت لزم اجتماع الساكنين، فإن أمكن تخفيف الواو المضمومة بالإسكان لم تبدل همزة، وذلك نحو قولهم: سور في جمع سوار (5).
ثم قال الشيخ: وقد نقص المصنف شرطا في جواز إبدال هذه الواو همزة، وذكر المثال المذكور وزاد ابن جني شرطا آخر وهو: أن لا تكون الواو زائدة فلا يجوز عنده في: التّرهوك مصدر ترهوك إبدال الواو همزة، بخلاف الأصلية كالأمثلة المتقدمة وفرّق بينهما بأن الأصلية يدل تصريفها واشتقاقها على أن الهمزة بدل من الواو، وأما الزائدة فقد لا يعلم أن الهمزة أبدلت منها، بل يتوهم أن الهمزة كانت أوّلا دون -
(1) سورة البقرة: 16.
(2)
سورة المائدة: 144، والذي مثّل به الشارح قوله:«اخشوا الله» وكذا مثّل أبو حيان في التذييل (6/ 141 ب) وابن عقيل في المساعد (4/ 91)، وأثبتّ ما في القرآن.
(3)
سورة آل عمران: 186.
(4)
سورة البقرة: 219.
(5)
الممتع (1/ 335، 336).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بدل (1) وقد قوّى ذلك بعضهم بأن قال: لا يحفظ همزة مبدلة من واو زائدة (2) وقد عرفت ما دخل من المسائل تحت قول المصنف: وكذا كل واو مضمومة إلى آخره - أعني ما تبدل الواو فيه همزة جوازا من مصدّرة أو متوسطة مفردة أو منضمّا إليها واو أخرى، نحو: وعد، وأثوب، وووري، وفووح، غير أن مسألة من المسائل فيها خلاف، وهي: ما كان فيها واوان مصدّرتان، والثانية مدّة بدل من همزة نحو: الوولى مؤنث الأوأل، ذهب المازني إلى أن البدل في الواو الأولى جائز، قال: إذا بنيت من الوأي اسما على فعل، قلت: وءي، ثم إذا خفّفت الهمزة قلت: ووي، كما تقول في بؤس: بوس، فتتصدر الواوان والثانية مدّة وهي بدل من الهمزة، فتهمز الأولى جوازا كما همزت في: ووري لعروض الواو فيهما إذ هي في: ووي بدل من همزة، وفي: ووري بدل من ألف (3)، وإنما كان البدل في: ووري جائزا لا لازما؛ لأن التخفيف عارض فكأن الواو الثانية همزة. والدليل على أنهم اعتبروا العروض أنهم لم يدغموا الواو في الياء مع اجتماعهما وسبق إحداهما بالسكون؛ فلم يقولوا: ويّ، كما قالوا: طيّ في طوي، وذهب أبو العباس (4) إلى أن البدل لا يجوز من قبل أن الذين خففوا غرضهم أن يفروا من الهمزة إلى الواو، والواو
أخف، والإبدال يؤدّي إلى الفرار من همزة ساكنة إلى همزة متحركة، وإذا كانوا قد فرّوا من الهمزة الساكنة إلى الواو اقتضى ذلك أن لا يفروا من الواو المتحركة إلى الهمزة، وذهب الخليل وسيبويه إلى أن البدل لازم (5) فكأنهما حكما للواو العارضة في نحو: ووي بما حكما به في الواو الأصلية، كالأولى مؤنث -
(1) ينظر: التذييل (6/ 141 ب)، والمساعد (4/ 93)، والممتع (1/ 336).
(2)
التذييل (6/ 141 ب).
(3)
المنصف (1/ 219 - 220)، والرضي (3/ 78)، والمساعد (4/ 93).
(4)
قال في المقتضب (1/ 93): «فإذا التقت واو في أوّل الكلام إلى جانبها واو، الأولى مضمومة، فإن شئت همزت الأولى لضمها ولا يكون ذلك لازما؛ لأن الواو التي هي مدّة ليست بلازمة» .
(5)
قال في الكتاب (4/ 333): «وإذا التقت الواوان أوّلا أبدلت الأولى همزة ولا يكون فيها إلا ذلك؛ لأنهم لمّا استثقلوا التي فيها الضمة فأبدلوا وكان ذلك مطّردا إن شئت أبدلت وإن شئت لم تبدل، لم يجعلوا في الواوين إلا البدل؛ لأنهما أثقل من الواو والضمة، فكما اطرد البدل في المضموم كذلك لزم البدل في هذا
…
وقال:
…
وسألت الخليل عن فعل من: وأيت، فقال: وؤي كما ترى. فسألته عنها فيمن خفف الهمز فقال:
أوي كما ترى، فأبدل من الواو همزة فقال: لا بدّ من الهمزة؛ لأنه لا يلتقي واوان في أوّل الحرف».