الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إبدال الألف من الواو والياء]
قال ابن مالك: (فصل: تبدل الألف بعد فتحة متّصلة اتّصالا أصليّا من كلّ واو أو ياء تحرّكت في الأصل، وهي لام، بإزاء لام غير متلوّة بألف، ولا ياء مدغمة في مثلها، فإن كانت مضمومة أو مكسورة وتلتها مدّة مجانسة لحركتها قلبت ثمّ حذفت ولا تصحّح لكون ما هي فيه واحدا خلافا لبعضهم).
ــ
الياء أو من الواو؛ لأن التغيير في فعلى وفعلى على غير قياس، ولولا السماع لما قيل به، ولم يرد سماع بتغيير
في فعلى فينبغي أن يبقى على الأصل، وأيضا فإن التغيير إنما وقع في هذا الباب فرقا بين الاسم والصفة وفعلى لا يكون صفة، فلا ينبغي أن يغيّر؛ لأنه لا يحصل بتغيرها فرق بين شيئين (1). انتهى. وتلخص أن فعلى تبدل لامها إذا كانت واوا ياء فالمصنف يقول ذلك في فعلى صفة، وإذا كانت اسما لا تغير، وغيره يقول ذلك في فعلى اسما وإذا كانت صفة لا تغير، وأن لامها، إذا كانت ياء لا تغير اسما كان أو صفة نحو: الفتيا والقصيا. وأما فعلى فتبدل لامها إذا كانت ياء واوا، إذا كانت اسما كتقوى، وإذا كانت صفة لا تغير كصديا، وإذا كانت لامها واوا لا تغير اسما كان أو صفة نحو: دعوى وشهوى، ولهذا لما ذكر ابن الحاجب التفرقة بين فعلى اسما وصفة، إذا كانت لامها ياء وبين فعلى اسما وصفة - أيضا - إذا كانت لامها واوا، قال بعد ذلك: ولم يفرق في فعلى من الواو، ولا في فعلى من الياء (2) وأما فعلى فقد عرفت أنها لا تغير سواء كانت لامها واوا أو ياء. بقي الكلام على قول المصنف: وربما فعل ذلك بفعلاء اسما وصفة فتقول: ذلك [6/ 179] إشارة إلى إبدال الواو من الياء، ومثال ذلك في الاسم:
العوّاء للنجم؛ لأنها من: عويت فقياسها: عيّا، وقد أجازوا وجها آخر، وهو أن يكون فعّالا الأصل: عوّاي، ثم قلبت الياء همزة لوقوعها طرفا بعد ألف زائدة (3)، وأما الصفة فقيل: يمكن تمثيله بالعواء - أيضا - لأنه صفة في الأصل، وليس بجيد، وإنما مثاله قولهم: داهية ودهواء ودهياء.
قال ناظر الجيش: لما أنهى الكلام على إبدال الواو من الألف، وإبدال الياء منها -
(1) الممتع (2/ 546).
(2)
الرضي (3/ 177).
(3)
انظر: المنصف (2/ 160) والممتع (2/ 571).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أيضا وإبدال الواو من الياء، وإبدال الياء من الواو - شرع في الكلام على إبدال الألف من الواو والياء فضمّن هذا الفصل: إبدال الواو والياء ألفا ثم كل من الواو والياء إما لام الكلمة أو عين. وقد بدأ المصنف بالكلام عليها لامين، وثنّى بالكلام عليهما عينين، وقبل الشروع في الشرح، أذكر ما يوجب الإبدال في هذا الفصل وما يمنعه ذكرا إجماليّا، ثم أذكر ما أورده المصنف في إيجاز التعريف لاشتماله على الأمثلة المقصورة وتعليل المسائل، ولتكون توطئة لشرح كلامه في التسهيل، فأقول:
لوجوب الإبدال المذكور - أعني إبدال الياء والواو ألفا (1) - شروط خمسة: حركة كل من الياء والواو وفتح ما قبلهما، وكون الفتحة أصلية، لا عارضة، وكون الحرف المفتوح قبلهما في كلمتيهما، ويعبر عن ذلك بأن يكون الفتح متصلا بهما، لا أن يكون الفتح منفصلا عنهما بأن يكون في كلمة وهما في كلمة أخرى، وأن لا يسكن ما بعدهما، فإن سكن وهما عينان امتنع الإبدال ووجب التصحيح، وإن سكن وهما لامان، فإن كان الساكن ألفا أو ياء مشددة فالحكم في امتناع الإبدال ووجوب التصحيح كذلك، وإن كان الساكن غير الألف أو الياء المشددة فالإبدال واجب. فالحاصل: أن الشرط الخامس المذكور فيه تفصيل (2)، فليس شرطا على الإطلاق، ثم هذا الحكم الذي هو الإبدال قد يتخلف مع وجدان شروطه لمانع، وهذا إنما اتفق في العين - أعني عين الكلمة لا في لامها - فتوجد العلّة الموجبة لإبدالها من كونها متحركة بعد فتحة، أصلية متصلة، ويتخلف الحكم الذي هو الإبدال المانع، والموانع خمسة: أن تكون الكلمة قد استحق فيها إعلال اللام وإعلال العين، والقاعدة أن إعلال اللام هو المبدوء به، فإذا أعلّت اللام كان إعلالها مانعا من إعلال العين، وأن تكون الياء والواو عينا للفعل الذي الوصف منه على أفعل، وأن تكون الياء والواو عينا لمصدر هذا الفعل كهيف وحول، وأن تكون الواو عينا من افتعل ودلّ على معنى التفاعل كاجتوروا واشتوروا بمعنى: تجاوروا وتشاوروا (3)، بخلاف -
(1) انظر: التكملة (243) والتصريف الملوكي (ص 18) والمفصل (ص 214) والمنصف (2/ 116، 117) والممتع (2/ 523) والخصائص (1/ 146) والنزهة (ص 224) والجاربردي وابن جماعة (1/ 300، 301).
(2)
انظر: الأشموني (4/ 315).
(3)
انظر: الرضي (3/ 123) والممتع (2/ 473، 474) والمنصف (1/ 305 - 306).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اعتاد لعدم دلالته على معنى التفاعل، أما إذا كان من ذوات الياء فإنه يعل كابتاعوا، واستافوا، إذا تضاربوا بالسيوف (1)، وأن تكون الياء والواو عينا لكلمة في آخرها زيادة تخص الأسماء كجولان وهيمان وصورى وحيدى، وإذا قد ذكر هذا فلنذكر ما ذكره في إيجاز التعريف، قال - رحمه الله تعالى -: فصل: إذا وقع بعد فتحة ياء أو واو متحركة أبدلت الياء والواو ألفا نحو: ناب وباب وعصى وحصى وباع وراع وسمى وصبا، أصلهن: نيب وبوب وعصو وحصي وبيع وروع وسبي وصبوة، بدلالة قولهم: أنياب وأبواب وحصيات وعصوان وبيع وروع وسبي وصبوة فلما انفتح ما قبل الياء والواو وتحركتا في الأصل قلبتا ألفين، ولو سكنتا في الأصل لصحتا،
كما صحتا في سيف وجوف وربما قلبت لعد الفتحة وإن سكنتا في الأصل كقولهم في دويبة: دوابّة وفي صومة: صامة، أنشد ابن برهان - رحمه الله تعالى -:
4313 -
تبت إليك فتقبّل تابتي
…
وصمت ربّي فتقبّل صامتي (2)
فلو كانت الفتحة في كلمة والياء والواو في أخرى لم يكن إلى هذا الإعلال سبيل نحو: إن ولدك يقظ، وكذلك لو كانت الحركة عارضة كقول من قال في جيأل:
جيل، فإن سكن ما بعدهما فكذلك نحو: بيان وعوان وجوير وغيور، فإنهما لو أبدلا عند سكون ما بعدهما لالتقى ساكنان، وعند التقائهما يلزم أحد الأمرين، أما حذف أحدهما فيلتبس مثال بمثال؛ لأن بيانا وعوانا يصيران لو أعلّا: بانا وعانا، وأما تحريك أحدهما وذلك رجوع إلى ما ترك من التصحيح فتعين استصحابه، فلو كانت الواو والياء لاما مضمومة أو مكسورة قبل واو أو ياء ساكنة مفردة حذفت بعد قلبها ألفا نحو: جاءني الأعلون ورأيت الأعلين، والأصل: الأعليون، والأعليين ولم يمنع إعلال هذه الياء نحوها سكون ما بعدها؛ لأنها لام وحذف اللام لساكن منفصل كثير، فإذا حذفت لساكن متصل كما هو في الجمع المذكور فليس بمنكور أيضا؛ فإن اللام أقبل لتأثير أسباب الإعلال من العين؛ ولذلك صحت واو عوض -
(1) المرجع السابق، والأشموني (4/ 316)، وشرح الكافية (4/ 2129).
(2)
البيت من بحر الرجز والشاهد فيه قوله: «تابتي وصامتي» حيث قلبت فيه الواو ألفا شذوذا والقياس أن يقال: توبتي وصومي. راجع المزهر (2/ 240 - 241) واللسان «توب» ، والجاربردي وابن جماعة (1/ 277).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وياء: عيبة، وأعلت واو: شجية وياء: نهو، وهما من: الشجو والنّهية بل قد تتأثر اللام لضعفها بالكسرة المنفصلة نحو: ابن عمي دنيا (1)، وهو من: الدنو، وأيضا فإن إعلال لام الأعلين لا يوقع في لبس بخلاف إعلال عين غيور وأمثاله، فلو كانت اللام مفتوحة بعدها ألف صححت؛ لخفة الفتحة والألف، ولأن هذا النوع إما مثنى نحو: فتيان، أو غير مثنى كضميان، فلو أعلت في المثنى التبس بالمفرد حين يضاف، ولو أعلت في غير المثنى التبس بفعال، فإنه كثير، وكلا الأمرين منتف في الجمع المذكور، إذا أعل وكذلك ما أشبه هذا الجمع في كون لامه ياء أو واوا، غير مفتوحة بعد فتحة وقبل واو ساكنة كبناء مثل: عنكبوت من: رمي فإن أصله:
رمييوت (2) مثل: أعليون، فتقلب الياء الثانية ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ثم تحذف لملاقاة الواو بعدها فتصير:
رميوتا وسهّل ذلك أمن اللبس؛ إذ ليس في الكلام: فعليوت ولا فعلوت (3)، فلو كان بعد اللام المذكورة واوان أو ياءان، أو واو وياء جعلتا كيائي النسب وكسرت اللام مطلقا وقلبت واوا إن لم تكنها، كبناء مثل: عضرفوط من غزو أو رمي، فإنك تقول فيه من غزو (4): غزووي، والأصل غزوووو ثم عمل ما عمل باسم مفعول من: قوي وتقول فيه من رمي:
رميوي والأصل: رمييوي، فقلبت الواو ياء [6/ 180] وأدغمت كما فعل باسم مفعول من رمي ثم استثقل توالي الياءات فأبدلت المكسورة واوا ابتداء، أو بعد قلبها ألفا، وكذلك يفعل بكل ما قبل ياء مشددة من ألف رابع مزيد للإلحاق، فإن كان -
(1)«قولهم: هو ابن عمي دنيا شاذ والقياس: دنوا» الجاربردي (1/ 302).
(2)
جاء في الكتاب (2/ 396): «وتقول في مثل: ملكوت من رميت: رموت ومن غزوت:
غزوت، تجعل هذا مثل فعلوا يفعلون» وانظر الرضي (3/ 107، 108) والمنصف (2/ 257).
(3)
انظر: الأشموني (4/ 315) والتذييل (6/ 173 ب).
(4)
جاء في الممتع (2/ 743): «وتقول في مثل عنكبوت من الغزو: غزووت، والأصل: غزوووت.
فقلبت الواو المتوسطة ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم حذفت الألف لالتقائها ساكنة مع الواو، وكانت المحذوفة الألف، ولم تكن واو فعللوت؛ لأن الواو زيدت مع التاء، فلم يجز أن تحذف إحداهما وتبقى الأخرى ألا ترى أن كل زيادتين زيدتا معا فإنهما تحذفان معا في الترخيم والتصغير». وقال في (2/ 740): «فإذا قيل لك: ابن من الرمي مثل: عنكبوت قلت: رميوت تكرر اللام فتقول:
رمييوت، ثم تقلب الياء الثانية ألفا، لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم تحذف الألف لالتقائها ساكنة مع الواو، وتدع الياء باقية على فتحها فتصير بمنزلة مصطفون» وانظر الرضي (3/ 305).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
زائدا محضا أو خامسا فصاعدا حذف، وقد تقلب واوا ألف التأنيث إن سكن ثاني ما هي فيه رابعة كحبلويّ والحذف أجود، وربما قيل: حبلاوي، ثم أتبع هذا الكلام بأن قال: فصل: ويمنع من قلب الواو والياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها خوف توالي إعلالين؛ لأنه إجحاف ومآله - أيضا - إلى التقاء الساكنين، وذلك نحو:
هوى، أصله هوى، فكل واحد من الواو والياء متحرك مفتوح ما قبله، فلو أعلّا لزم المحذور الذي ذكر، ولزم بقاء الاسم على حرف واحد، وبقاء الفعل على حرفين ثانيهما ألف، ولو صححا أهمل مقتضى كل من السببين فتعين
تصحيح إحداهما وإعلال الآخر، وكان إعلال الآخر أولى؛ لأنه لو صح عرّض لحركات الإعراب الثلاث والكسر عند الإضافة إلى ياء المتكلم وللإدغام إن وليه مثله والإدغام إعلال، فيلزم حينئذ توالي إعلالين، وليس الأول معرضا لشيء مما ذكر فكان التصحيح أولى، وإن كان الإعلالان مختلفين اغتفر اجتماعهما إن كان مخلصا من كثرة الثقل ولم يوقع في محذور آخر كالتباس مثال بمثال ونحو ذلك، ولذلك قيل في مصدر احواوى: احويواء واحويّاء والإعلال قول سيبويه، والتصحيح قول المبرد (1)، ويمنع من الإعلال المذكور أيضا كون حرف اللين عين فعل الذي يلزم صوغ الوصف منه على: أفعل وفعلاء، أو عين مصدره نحو: عور اعور فهو أعور، وغيد الغلام غيدا فهو أغيد، وإنما لم تعل عين هذا النوع مع تحركها وانفتاح ما قبلها حملا على الفعل كاعورّ، فإنهما مستويان في أن لا يستغنى عنهما أو عن أحدهما أفعل الذي مؤنثه فعلاء، فأرادت العرب أن يوافقا لفظا كما يتوافقا معنى، وذلك بحمل أحدهما على الآخر، فكان حمل: فعل على: أفعل فيما يستحقه من التصحيح أولى من حمل:
أفعل على: فعل فيما يستحقه من الإعلال؛ لأن التصحيح أصل والإعلال فرع، وأيضا فإن فعل لا يلزم باب أفعل، وفعلاء، وأفعل يلزمه غالبا، فكان الذي يلزم المعنى الجامع بينهما أولى بأن يجعل أصلا ويحمل الآخر عليه، وأيضا فإن إعلال أعور ونظائره موقع في التباس (2)؛ لأنه متعذر إلا أن تنقل حركة عينه إلى فائه -
(1) قال سيبويه في الكتاب (2/ 391): «وإذا قلت: احواويت فالمصدر احويّاء» . وانظر ابن جماعة (1/ 280) وابن يعيش (10/ 120) والمنصف (2/ 220 - 222).
(2)
انظر: الرضي (3/ 123) وابن جماعة (1/ 282).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وتحذف همزة الوصل للاستغناء عنها بحركة الفاء، فيصير: اعورّ حينئذ عار مماثلا لفاعل من العر، وتصحيح عور ونظائره لا يوقع في شيء من ذلك فكان متعينا، وأما العور ونحوه من مصادر فعل المذكور فصحح حملا على فعله، كما أعل الغار بمعنى الغيرة حملا على فعله، ومن العرب من يقول في عور: عار فمقتضى الدليل أن يكون المصدر عار، ولو قيل: إنما صحح العور حملا على الأعور لكان صوابا، ومما كف سبب الإعلال فيه بالحمل على غيره في التصحيح افتعل حملا على تفاعل نحو: اجتور القوم، فإنه بمعنى تجاوروا؛ فعوملا معاملة عور واعورّ وهذان أولى بتلك المعاملة؛ لأن تفاعل - بالدلالة على معنى لا يستغني بفاعل واحد كالتجاور - أحق من افتعل
فيجب أن يتبعه في لفظه كما يتبعه في معناه، ويدل على أصالة تفاعل في المعنى المذكور وأوّليّته به أنه لا يوجد افتعل دالّا عليه دون مشاركة تفاعل، ويوجد تفاعل دالّا عليه دون مشاركة افتعل نحو: تناظر القوم وتجادلوا وتنازعوا، وتكالموا وتبايعوا وتساءلوا وتقابلوا وتمالؤوا وتدانوا وأمثال ذلك كثير. ويمنع أيضا من الإعلال المذكور كون حرف اللين عين فعلان كالجولان والسيلان أو عين: فعلى كالصّورى (1) والحيدى، وإنما صحح هذان المثالان حركة عينيهما لا تكون غير فتحة إلا في الصحيح على قلة كظربان وسبعان، والفتحة لخفتها لا تعلّ ما هي فيه، وليس بلازم إلا فيما يوازن مكسورا أو مضموما كفعل فإنه يوازن فعل وفعل فأعلّ حملا عليهما، وليس لنا في المعتل العين فعلان ولا فعلان فيحمل عليه فعلان، ولا لنا فعلى ولا فعلى فيحمل عليه فعلى فوجب تصحيحهما كذلك (2)، وأيضا فإن آخر كل واحد منهما زيادة توجب مباينة أمثلة الفعل فصححا تنبيها على أصالة الفعل في الإعلال، وإن الاسم إذا باينه استوجب التصحيح، وإنما كان الفعل أصلا في الإعلال؛ لأنه فرع، والإعلال حكم فرعي فهو به أحق، ولأن الفعل مستثقل والإعلال تخفيف، فاستدعاؤه له أشد، وأيضا فإن جولانا ونحوه لو أعل لالتبس بفاعال كساباط وخاتام فصحح فرارا من اللبس، وقد شذ إعلال فعلان علما -
(1) انظر: المنصف (2/ 6) والممتع (2/ 491) والمساعد (4/ 165 - 166) والتذييل (6/ 174 ب) والمساعد (4/ 199).
(2)
انظر: ابن جماعة (1/ 285).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
كماهان (1)، وإن باين الفعل كشذوذ التصحيح في ما وازن الفعل كمبين، ومباينة فعلول ونحوه: أشد من مباينة فعلان وفعلى فتصحيح عينه أيضا متعين نحو: قولول وهو مثال قربوس من القول، وقد صححوا العين المفتوحة مع انتفاء المواقع المذكورة كقود وعين وخونة وحوكة تنبيها على الأصل المتروك فيما جرى على القياس كمال وماء، وإشعارا بأن الفتحة إنما أعل ما هي فيه حملا على المكسور والمضموم وربما جاء ذلك في المكسور حملا على المفتوح كشول وهو الخفيف في قضاء الحاجة (2)، وأندر من هذا كله قولهم: عفوة في جمع عفو وهو الجحش، و: أوو في جمع أوّة وهو الداهية من الرجال حكاهما الأزهري، الأول عن أبي زيد الأنصاري والثاني عن أبي عمرو الشيباني (3)، هذا آخر كلامه في إيجاز التعريف وهو كما قال أبو تمام:
4314 -
يستنبط الرّوح اللّطيف نسيمه
…
أرجا ويوكل بالضّمير ويشرب (4)
فسبحان من الفضل بيده يؤتيه من يشاء، لا مانع لما أعطى، ولنرجع إلى ألفاظ الكتاب - أعني التسهيل -، وقد
عرفت أنه ابتدأ بالكلام على اللام فقوله: تبدل الألف إشارة إلى الذي يؤول إليه حال الواو والياء المقيدين بما ذكر بعد الإبدال وهو الألف وقوله: بعد فتحة احترازا من أن تكون الواو والياء بعد غير فتحة وذلك الغير إما سكون نحو: غزو ورمي، وإما كسر، وحكم الياء والواو الواقعتين بعد كسرة قد علم مما تقدم، وكذا حكمها بعد ضمة، وقوله: متصلة احترازا من نحو: أن ولدك [6/ 181] يقظ، وكذا من نحو: حضر ياسر، ويذهب واقد، والمثال المتقدم للمصنف كما عرفت فدل على أن المراد بقوله: متصلة، أن تكون الفتحة في الكلمة التي فيها الحرف الذي يقصد إبداله وهو الواو والياء. وقد قال الشيخ: إن الاحتراز -
(1) وقياسها موهان وهو مذهب سيبويه، أما المبرد فيرى أن الإعلال هو القياس. راجع الأشموني (4/ 317) وشرح الكافية (4/ 2133) وتوضيح المقاصد (6/ 54).
(2)
اللسان «شول» والتذييل (6/ 175 أ) والمساعد (4/ 167).
(3)
شرح الكافية (4/ 2135) واللسان «عفا» و «أوا» والتذييل (6/ 175 أ) والمساعد (4/ 167).
وأبو عمرو الشيباني هو إسحاق بن مواء الشيباني اللغوي الكوفي كان من أعلم الناس باللغة من مصنفاته:
الخيل واللغات والجيم. راجع مراتب النحويين (ص 91 - 92) ونزهة الألباء (ص 120 - 125) وبغية الوعاة (ص 192).
(4)
تقدم.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
بقوله: متصلة، من مثل أي وواو قال: فإنهما لم يتصلا بالفتحة؛ إذ حجز بينهما الألف (1)، وأما قوله: اتصالا أصليّا؛ فقال الشيخ: إنه احتراز من أن يكون اتصال الفتحة اتصالا عارضا، قال: وذلك أن تبني مثل (عكمسي)(2) من: الغزو والرمي، فتقول: غزو، ورمي، والأصل: غزوو و: رميي. قال: فهذه لام تحركت في الأصل بعد فتحة متصلة لكن هذا الاتصال عارض ليس باتصال أصلي؛ لأن أصله: غزاوو ورمايي؛ لأن عكمسا أصله: عكامس. هذا كلام الشيخ (3)، فإن صحّ التمثيل بذلك لهذه المسألة وكان الحكم فيما ذكره كما أشار إليه، فيكون هذا القيد - أعني قوله: اتصالا أصليّا - قيدا زائدا على القيود التي تقدم لنا ذكرها، على أنه لم يتعرض إلى ذلك في شيء من كتبه، وأما قوله: إنه احترز بقوله: متصلة من مثل: آي وواو - فقد عرفت ما فيه، وهو أنه حمل كلام المصنف على غير مراده، على أنه قد يقال: إنه مثل: آي وواو، خرج بقوله: بعد فتحة، فإن الظاهر أن المراد بالتعدية هناك: أن تكون الفتحة متلوة بالحرف، لا أنه يكون مذكورا بعد الفتحة في الجملة، وقوله: من كل واو أو ياء تحركت، احتراز
من نحو: غزوت ورميت وغزونا ورمينا ويخشين، ومثل الشيخ لذلك بأن تبني من غزو ورمي مثال:
قمطر، فيقال: غزوّ ورميّ من غير إبدال. وقوله: في الأصل؛ قال الشيخ: هو احتراز من أن تكون ساكنة في الأصل نحو: يرعوي ويرميي فهذه ياء وواو متحركتان، لكن حركتهما عارضة إذ أصلهما السكون؛ لأن مثالهما من الصحيح:
يحمرّ، مضارع: احمرّ ووزنه: افعلّ، وإنما لم يأت مدغما وجاء مفكوكا، فأعلت واوه الثانية لعلة ذكرها النحويون في غير هذا المكان (4). انتهى. يعني أن: ارعوى أصله: ارعوو وكذا يرميي.
والظاهر أن الموجب لعدم إعلال الواو في يرعوي، إنما هو صحتها في: ارعوى، -
(1) التذييل (6/ 173 أ).
(2)
كذا في التذييل والمساعد وفي النسختين «علبط» وابل عكميس وعكامس: القطيع الضخم من الإبل، وليل عكامس: مظلم. اللسان «عكمس» .
(3)
التذييل (6/ 173 أ) والمساعد (4/ 161).
(4)
التذييل (6/ 173 أ، ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والموجب لصحتها في: ارعوى أنها لو أعلت فيه لزم توالي إعلالين متفقين في كلمة وكذا القول في: يرم سواء، وإذا كان كذلك لا يحسن التمثيل به لما مثله الشيخ، والظاهر أن قول المصنف: في الأصل بمفرده وليس احترازا من شيء بل هو تتمة قوله: تحركت أي: تحركت في الأصل يعني أن تكون الواو والياء متحركة في الأصل أي: قبل قلبها ألفا، وقد تقدم ما نقلناه عنه من إيجاز التعريف، وهو قوله:
انفتح ما قبل الواو والياء وتحركتا في الأصل قلبتا ألفين ولو سكنتا في الأصل لصحتا كما صحتا في سيف وجوف فمثّل لما سكن في الأصل بسيف وجوف؛ فدلّ على أن قوله: في الأصل بمفرده ليس احترازا، وأنه من تتمة قوله: تحركت، وقوله:
وهي لام أي: والواو والياء لام الكلمة، وقد عرفت أن كلامه الآن إنما هو في إعلال اللام وذلك نحو: رمى وغزا ورحى وعصا، وقوله: بإزاء لام، مثاله أن تبني من الرمي والغزو مثل: درهم؛ فإنك تقول فيه: رميي وغزوو، فتبدل من الياء والواو ألفا؛ لأنهما بإزاء لام الكلمة وزيدا للإلحاق وفيهما الشروط كلها (1) وهما بإزاء لام الكلمة؛ لأن
الياء والواو اللتين قبلهما هما لام الكلمة، فعلى هذا يقال فيهما بعد الإبدال: رميا وغزوا، وأصلهما: رميي وغزوو، وقوله: غير متلوة بألف ولا ياء مدغمة في مثلها يشير به إلى أن من شرط الإعلال أن لا يليها ساكن نحو: رمى وغزا ورحى وعصا، أو يليها ساكن غير ألف وغير ياء مدغمة في مثلها نحو:
اخشوا واخشون، واخشي واخشين، فإن وليها ساكن هو ألف أو ياء مدغمة في مثلها وجب التصحيح كغزوا ورميا وعصوان ورحيان وعصوي ومقتوي وهو الخادم، منسوب إلى مقتي، وهو مفعل من القتو وهو خدمة الملوك. وقد تبين أنه زاد على الشروط التي ذكرها في إيجاز التعريف شرطين، وهما كون الاتصال أصليّا - أعني اتصال الياء والواو بالفتحة التي قبله - وكون تحريك الياء أو الواو في الأصل، لكن قد علمت ما في هذا الثاني، فإن صح فالزائد شرطان، وإلا فشرط واحد، وأما قوله: فإن كانت مضمومة أو مكسورة وتلتها مدة مجانسة لحركتها قلبت ثم حذفت، فاعلم أنه لما علم في اشتراطه في إعلال الواو والياء التي هي لام كونها غير -
(1) انظر: التذييل (6/ 173 ب) والمساعد (4/ 162).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
متلوة بألف ولا ياء مدغمة - أن اللام التي هي ياء أو واو قبلها فتحة تعل الإعلال المذكور إن لم يلها ألف ولا ياء مدغمة؛ وذلك بأن لا يليها ساكن أصلا نحو: رمى وغزا في رمي وغزو ورحى وعصا في رحي وعصو أو يليها ساكن غير ألف وغير ياء مدغمة في مثلها نحو: اخشوا واخشون، واخشي واخشين، ولا شك أن القسمين فيهما الإبدال - أعني إبدال حرف العلة ألفا لكن أحد القسمين وهو الذي بعد لامه ساكن فيه حذف بعد الإبدال فلما فهم الإبدال خاصة من قوله: غير متلوة بألف ولا ياء مدغمة أراد أن ينبّه على الحذف، لكن لو اقتصر على ذكره لتوهم أن اللام تحذف ابتداء من غير قلب فاحتاج أن يذكرهما، ولهذا قال: قلبت ثم حذفت وهذا الحكم هو الذي (عبر عنه في إيجاز التعريف)(1) بما تقدم نقلنا له وهو قوله: فلو كانت الواو والياء لاما مضمومة أو مكسورة قبل واو أو ياء ساكنة مفردة حذفت بعد قلبها ألفا، وعبارة التسهيل أحسن وأرشد ولا أدري لأي شيء عدل عن أن يقول:
فإن كانت متلوة بواو ساكنة أو ياء كذلك قلبت ثم حذفت، وكانت هذه العبارة أخصر مما قاله. ثم إن هذا الكلام ينتظم مع ما قبله؛ لأنه يكون قد قابل قوله: غير متلوة، بقوله: متلوة. وبعد فالأمر في ذلك قريب ثم إنك قد عرفت أن المصنف مثل لذلك في إيجاز التعريف بقوله: جاءني الأعلون ورأيت الأعلين، وتقدم التمثيل منا لذلك أيضا بنحو: اخشوا واخشون واخشي، واخشين، ومثّل الشيخ لذلك بنحو فتى [6/ 182] وعصا مسمى بهما. قال: فيقول: قام
فتون، ورأيت فتين، وقام عصون ورأيت عصين (2). وأما قوله: ولا تصحح لكون ما هي فيه واحدا خلافا لبعضهم، هو إشارة إلى المسألة التي تقدم نقلها عنه من إيجاز التعريف وهي قوله بعد ذكر الأعلون والأعلين: وكذلك ما أشبه هذا الجمع في كون لامه ياء أو واوا غير مفتوحة بعد فتحة وقبل واو ساكنة كبناء مثل: عنكبوت من رمي، فإن أصله:
رمييوت مثل أعليون، فتقلب الياء الثانية ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، ثم تحذف لملاقاة الواو بعدها فتصير: رميوتا إلى آخر كلامه، ولكنه لم يتعرض هناك إلى ذكر خلاف في المسألة، وقد قال هنا: خلافا لبعضهم.
(1) كذا في (ب) وفي (جـ): «أن اللام تحذف ابتداء من غير التعريف» .
(2)
التذييل (6/ 173 ب) والمساعد (4/ 162).