الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[اجتماع حرف من سألتمونيها والتضعيف في الكلمة]
قال ابن مالك: (وإن أمكن جعل الزّائد تكريرا أو من سألتمونيها رجح ما عضّد بكثرة النّظير إن لم يمنع اشتقاق أو ما يجري مجراه).
ــ
معارض بأن يقال: الزائد هو الثاني؛ لوقوعه موقع واو: جهور، وياء عثير (1)، وقد علمت أن ابن أبي الربيع أجاز الأمرين على السواء من غير ترجيح، وهذا هو الظاهر.
قال ناظر الجيش: قال الشيخ: إذا كان الزائد يمكن أن يكون من قبيل زيادة التضعيف، ويحتمل أن يكون من قبيل زيادة الحروف العشرة التي يعبر عنها بحروف الزيادة، فإن الترجيح في إلحاقه بزيادة التضعيف، أو بزيادة إحدى الحروف العشرة يقوى بكثرة النظير، ومثال ذلك قولهم: مهدد علم لامرأة، قال النابغة:
4292 -
حان الرّحيل ولم تودّع مهددا
…
والصّبح والإمساء منها موعدي (2)
فهذا يمكن أن يكون مفعلا من الهدّ، وفعللا من المهد ولكن فعللا يجيء كثيرا نحو: قردد، ومفعل لا يجيء مفكوكا إلا قليلا شاذّا، فلذلك حكمنا على مهدد أنه من باب فعلل لا من باب مفعل ويكون أصله الميم والهاء وأحد الدالين ويكون أحد الدّالين زائدا، فهذا مما عضد ورجّح بأن الزائد أحد المتضاعفين (3)، ومثال ما قوي بكثرة النظير من أنه من باب الزيادة أحد الحروف العشرة، هذا (4) آخر كلام الشيخ، ولم يذكر لهذا القسم الثاني الذي ذكره مثالا مع أن تمثيله للقسم الأول بمهدد فيه نظر وذلك أن الفك في الكلمة دليل على زيادة أحد المثلين، وقد قال المصنف في إيجاز التعريف: فإن انفك المثلان كمهدد فأحدهما زائد (5)، وقال في الكافية: -
(1) الممتع (1/ 304).
(2)
البيت من بحر الكامل وهو من قصيدة مشهورة للنابغة الذبياني مطلعها قوله:
أمن آل مية رائح أو مغتد
…
عجلان ذا زاد وغير مزود
اللغة: مهدد: اسم الجارية التي يتغزل بها. الصبح والإمساء: هنا للجنس والمعنى أنه لن يلتقي بها حتى آخر الدهر.
وشاهده: قوله: مهدد فإنه على وزن مفعل أو فعلل، والبيت في ديوان النابغة (ص 38) بتحقيق كرم البستاني (دار صادر بيروت).
(3)
قال ابن منظور في اللسان «مهد» : «ومهدد: اسم امرأة قال ابن سيده: وإنما قضيت على ميم مهدد أنها أصل؛ لأنها لو كانت زائدة لم تكن الكلمة مفكوكة وكانت مدغمة كمسدّ ومردّ وهو فعلل، قال سيبويه:
الميم من نفس الكلمة ولو كانت زائدة لأدغم الحرف مثل: مفرّ ومردّ، فثبت أن الدّال ملحقة والملحق لا يدغم»، وانظر الكتاب (4/ 309، 313).
(4)
،
(5)
التذييل (6/ 126 ب).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ومأجج كجعفر لا مفعل
…
إذ لا يفك مفعل بل فعلل (1)
فثبت أن أحد المثلين في مهدد مقطوع بزيادته بدليل الفك، ومسألة الكتاب إنما هي في الذي يمكن أن يكون المكرر فيه هو الزائد لأنه قال: إن أمكن جعل الزائد تكريرا أو من سألتمونيها فما كان مقطوعا فيه بزيادة أحدهما مما لا يدخل تحت كلامه، وإذا لم يدخل تحت كلامه؛ فلا يحسن التمثيل به، ثم إن هذا التقرير الذي قرره يقتضي أن تكون الكلمة مشتملة على حرفين، أحدهما إذا قيل بزيادته كان من زيادة التكرير، والآخر إذا قيل بزيادته لم يكن من زيادة التكرير بل من سألتمونيها دون تكرير كالميم والدّال من: مهدد وعبارته لا تقتضي أن الحرف المحكوم بزيادته محتمل أن يكون من قبيل زيادة التضعيف وأن يكون من قبيل زيادة الحروف العشرة، وبين المقتضيين منافاة، والذي يعطيه كلام المصنف هو هذا الثاني وهو أن الحرف المحكوم بزيادته هو من حروف سألتمونيها، وهو مماثل لحرف آخر في الكلمة، فيحتمل أنهم قصدوا بزيادته التضعيف، ويحتمل أنهم لم يقصدوا التضعيف، بل زادوا حرفا فوافق أنه مماثل لما قبله من غير قصد إلى التكرير، وقد تعرض ابن الحاجب في أول مقدّمته في التصريف إلى كلمات يمكن أن تورد أمثلة في هذا المحل بالنسبة إلى المعنى الذي قرّرناه، وهو حلتيت (2)، وسحنون (3)، وعثنون (4)، وسمنان (5)، وبطنان (6)، وحكم بأن الزيادة في حلتيت للتكرير، وكذا في سحنون، وعثنون المضموم أولهما (7)، وحكم بأنها في سحنون بفتح أوله، وفي سمنان، وبطنان لغير التكرير (8)، أما حكمه بأنها في هذه الثلاثة لغير التكرير فلأنّ المقرر في -
(1) شرح الكافية الشافية (4/ 2063).
(2)
كسكيت: عقّير معروف، ونبات وصمغ ويقال له: حلتيت وهو عربي أو معرب. انظر المحكم (3/ 202)، واللسان «حلت» .
(3)
اسم رجل فقيه مالكي هو: عبد السّلام بن سعيد بن حبيب التنوخي. الأعلام (4/ 5) ويقال لأول الريح والمطر. انظر: الجاربردي وابن جماعة (1/ 18)، والصبان (4/ 254).
(4)
لرأس الحية، ولشعرات تحت حنك البعير، ولأول الريح والمطر. انظر: القاموس (4/ 246)، واللسان «عثن» .
(5)
سمنان بالفتح لماء، أو لموضع. انظر: القاموس (4/ 236)، وابن جماعة (1/ 19)، والصبان (4/ 254).
(6)
اسم لباطن ريش الطائر. الجاربردي (1/ 20) وشرح الشافية (1/ 10، 11).
(7)
شرح الشافية (1/ 10، 11).
(8)
المرجع السابق (1/ 11).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
اللغة العربية أن الزيادة لا تكون للتكرير إلا إذا كان لذلك الوزن الذي فيه التكرير نظير في الأصول؛ لأن التكرير إذا كان للإلحاق فظاهر، وإن كان لغير الإلحاق.
وإذا كان كذلك يلزم وجود نظير سحنون وسمنان، وبطنان في الأصول وقد وجد لكنه في غاية القلّة والندور، فنظير سحنون وسمنان، خرنوب (1)، ونظير سمنان خزعال (2)، ونظير بطنان قرطاس (3)، ولندرة هذه الأوزان لم يعتد بها وإذا لم يعتد بها امتنع الحكم على الحرف الواقع في نظيرها من الأوزان بأنه مزيد للتكرير وإذا لم يكن مزيدا للتكرير، والفرض أنه في نفسه مزيد، تعيّن أنه مزيد لغير التكرير، وكيف ولزيادة النون آخرا دون تكرير في هذه الأوزان الثلاثة نظائر كثيرة؟ فنظير سحنون، حمدون، وزيدون، وعبدون، قالوا: وهارون مختص بالعلم، ونظير سمنان سكران وريّان وغرثان، ونظير بطنان شكران وغفران فهذه الأمثلة الثلاثة التي هي: سحنون، وسمنان، وبطنان بتقدير أن تكون النون المزيدة فيها للتكرير، يوجد لذلك الوزن نظير في الأصول، وبتقدير أن تكون الزيادة لغير التكرير يوجد لها نظير في الزيادة، ولكن نظيرها إذا كانت الزيادة لغير التكرير أكثر من النظير إذا كانت الزيادة للتكرير، فرجح الحكم بزيادتها لغير التكرير على الحكم بزيادتها للتكرير، فقد رجح ما عضد بكثرة النظير وهو [6/ 131] كون الزائد من سألتمونيها لا تكريرا على ما لم يعضد بكثرة النظير وهو كون الزائد للتكرير، وأما ترجيح كون الزائد للتكرير على كونه لغير التكرير فقد يمثل له بالثلاث الأول التي هي: حلتيت، وسحنون، وعثنون بضم أولهما، من حيث إن إحدى التاءين في الكلمة الأولى محكوم بزيادتها للتضعيف لا لغير التضعيف، وكذا حكم إحدى النونين في الكلمتين الأخريين وهما سحنون وعثنون إلا أن التعليل الذي علّل به المصنف وهو الاعتضاد بكثرة النظير، قد لا يتمشى هنا أما سحنون وعثنون فليس لهما نظير إذا جعلنا النون
فيهما زائدة لغير التضعيف، وأما إذا جعلت زائدة للتكرير فالنظير موجود في الأصول كعصفور، فلم يوجد النظير في الطرفين مع كثرة في طرف، وقلة في -
(1) انظر: الجاربردي (1/ 19)، وأوردها في اللسان «خرنب» بالفتح نقلا عن الأزهري.
(2)
لناقة بها ظلع أي: عرج. اللسان «ظلع» ، والأشموني (4/ 255)، والمصباح (ص 385)، والجاربردي (1/ 19).
(3)
ضعف ابن الحاجب الضم في قرطاس، وهو ظاهر كلام الجوهري في الصحاح (2/ 959)، وذكر صاحب المصباح (ص 498) بأنّ الكسر أشهر، وانظر: اللسان «قرطس» ، والرضي (1/ 17).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
طرف حتى يحصل الترجيح بالكثرة على القلة إلا أن يريد المصنف بقوله: بكثرة النظير - وجود النظير في الجملة فيتم المراد ويصحّ التعليل، وأما حلتيت فقد وجد له النظير في الأصول، بتقدير جعل التاء المزيدة للتكرير كقطمير، ووجد له نظير بتقدير جعلها لغير التكرير كعفريت، والفرض أن الزيادة فيه للتكرير، فإذا مثّلنا به لما قصده المصنف، لزم أن يكون وجود النظير له في الأصول أكثر من وجود نظيره في المزيد، ولكن الذي يفهم من كلام ابن الحاجب أنه: حيث وجد تكرير في الكلمة، فالأصل أن يجعل ذلك الحرف مزيدا للتكرير، وإن كان من الحروف العشرة التي سألتمونيها، إلا أن يدلّ دليل على أنهم لم يقصدوا التكرير، والدليل هو فقد نظير ذلك الوزن من الأصول، وإذا دلّ الدليل على أنهم لم يقصدوا التكرير حكم على ذلك الحرف بأنه مزيد لغير التكرير (1)، وإذا كان الأمر كذلك لا يتجه التمثيل له لما قصده المصنف إلا بتأويل، وقد قال الشيخ في ارتشاف الضرب: وإن دار حرف بين أن يكون زائدا أو من المضعف رجّح إلحاقه بأحدهما بكثرة النظير كشملل، جاز أن تكون اللام زائدة كهي في: زيدل، وجاز أن تكون من المضعف كدال: قردد فيحمل على التضعيف لكثرة النظير في: قردد، وشملل، وقلّة زيادة اللام، وهجنّف جاز كونه من المضعف كباء عدبّس وجازت الزيادة كهي في زونّك، فيحمل على الزيادة لكثرة النظير في نحو: سفنّج (2)، وعجنّس (3)، فما النون فيه مشددة زائدة، وقلّة فعلّل المضاعف (4)، وأما قول المصنف: إن لم يمنع اشتقاق أو ما يجري مجراه، فمعناه أن الاشتقاق وما يجري مجراه يمنعان الترجيح بما ذكره ويجب الرجوع إلى ما يوجبانه، ومثّل الشيخ للاشتقاق المانع بزونّك، قال: فالاشتقاق دلّ على الزيادة فإنهم، قالوا: زاك يزوك، وللتضعيف بعتلّ، قال: فإنّهم قالوا: عتلّ، ومثّل لما يجري مجرى الاشتقاق بإمّعة فإن الزائد أحد المضاعفين؛ لفقدان إفعلة في الصفات ووجود فعّلة (5).
(1) قال الرضي: «وقد يجوز في بعض الكلمات أن تحمل الزيادة على التكرير، وأن لا تحمل عليه، إذا كان الحرف من حروف: اليوم تنساه، وذلك كما في: حلتيت يحتمل أن تكون اللام مكرّرة كما في شمليل فيكون وزنه فعليلا فيكون ملحقا بقنديل، وأن يكون لم يقصد تكرير لامه وإن اتفق ذلك، بل كان القصد إلى زيادة الياء والتاء كما في عفريت فيكون فعليتا» . انظر شرح الشافية (1/ 15).
(2)
السّفنّج: السريع. اللسان «سفنج» .
(3)
الجمل الشديد القوي. اللسان «عجنس» .
(4)
الارتشاف (1/ 20).
(5)
المرجع السابق (ص 50)، وانظر: الممتع (1/ 234).