الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الوقف على «إذن» وعلى المقصور والمنقوص]
قال ابن مالك: (وتبدل ألفا نون «إذن» ، وربّما قلبت الألف الموقوف عليها ياء أو واوا أو همزة، وربّما وصلت بهاء السّكت ألفا «هنا» و «ألا» وقد تحذف ألف المقصور اضطّرارا، وألف ضمير الغائبة منقولا فتحة اختيارا.
والمنقوص غير المنصوب إن كان منوّنا؛ فاستصحاب حذف يائه أجود إلّا أن تحذف فاؤه أو عينه فيتعيّن الإثبات، وإن لم يكن منوّنا فالإثبات أجود، إلّا أنّ حكم ياء المتكلّم السّاكنة وصلا، وحكم الياء والواو المتحرّكتين حكم الصّحيح، ولا حذف في نحو: يعصي وافعلي ويدعو وافعلوا غالبا إلّا في قافية أو فاصلة).
الشّرح: يشير ابن مالك إلى حكم الوقف على «إذن» بأنّ نونها تبدل في الوقف ألفا، وقد أجمع القراء السبعة على الوقف على إذن بالألف، ورسمت في المصحف (1) الإمام بالألف، وفي غير القرآن يرى الجمهور الوقف عليها بالألف، وفريق آخر يرى بأنها بالنون، مثل: إن، لن.
ثم قال: وربما قلبت الألف الموقوف عليها ياء، وهي لغة لفزارة، وناس من قيس، وهي قليلة، يقولون: هذه عصي، ورأيت عصي، ومررت بعصي، أو واوا، وهي لغة لبعض طيئ، يقولون: هذه أفعو، ورأيت أفعو (2)، ومررت بأفعو، أو همزة، وهي لغة لبعض طيئ أيضا، يقولون: هذا فتأ، ورأيت فتأ، ومررت بفتأ. قال سيبويه: وزعم الخليل (3) أن بعضهم يقول: رأيت رجلأ؛ فيهمز لأنها ألف في آخر الاسم. قال سيبويه: وسمعناهم يقولون: هو يضربهأ بالهمز، فيهمزون كل ألف في الوقف.
ثم قال: وربما وصلت بهاء السكت ألفا «هنا» ، و «ألا»؛ فتقول: هناه، وألاه، وهذاه، ولاه، وفي المندوب: وزيداه، وكل ذلك في المبني؛ وفي المعرب يمنع ذلك. وقد أبدلوا الألف في غير المتمكن هاء في الوقف شذوذا، قال الشاعر: -
(1) انظر: التبيان (ص 336).
(2)
المساعد (4/ 306).
(3)
الكتاب (4/ 182).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
4381 -
الله نجّاك بكفّي مسلمه
…
من بعد ما وبعد ما وبعدمه (1)
وقد تحذف ألف المقصور اضطرارا، ولا خلاف في اختصاص ذلك بالضرورة، قال:
4382 -
وقبيل من لكنز حاضر
…
رهط ابن مرجوم ورهط ابن المعل (2)
يريد المعلّى، ثم قال: وألف ضمير الغائبة منقولا فتحة اختيارا، مثل ما روي:
«بالفضل ذو فضلكم الله به، وبالكرامة ذات أكرمكم الله به» ، فحذف الألف، ونقل حركة (3) الهاء إلى الياء، مثل: منه وعنه في منها وعنها.
والمنقوص غير المنصوب إن كان منونا، فاستصحاب حذف يائه أجود؛ فنقول:
هذا قاض، ومررت بقاض. فتقف بحذف الياء، استصحابا للوصل، والوقف عارض، وإقرار الياء جيد؛ إلّا أن الحذف أكثر، زعم أبو الخطاب (4)، ويونس أن بعض من يوثق بعربيته يثبت الياء؛ فيقول: قاضي، عمي، وجاء الوقف بالياء عن ابن كثير وورش.
إلا أن تحذف فاؤه أو عينه، فيتعين الإثبات؛ فمثال حذف الفاء، نحو: يفي مضارع، وفي مسمى به، فيصير بالعلمية كشج، فإذا وقفت عليها رددت الياء المحذوفة في الوصل لمعاقبها وهو التنوين، ومثال حذف اللّام كمر: اسم فاعل من أرى، وأصله: مرئى، فأعل إعلال قاض، وهمزته مستمرة الحذف، وردت الياء فيها وقفا؛ تفاديا من كثرة الإخلال.
ثم قال: وإن لم يكن منونا فالإثبات أجود، وهذا يشمل: المنادى المبني، نحو:
يا قاضي - علما، أو نكرة مقصودة - فيجوز الوقف عليها بالياء أو بدونها، والخليل يختار الإثبات، ويونس الحذف، والمحلّى بـ «أل» ، نحو: القاضي؛ فإن كان -
(1) البيت من الرجز لأبي النجم، واستشهد به على: أنه أبدل من الألف هاء، انظر الدرر (2/ 214)، والمساعد (4/ 306).
(2)
من الرمل للبيد في ديوانه (ص 199)، وانظر الكتاب (2/ 291)، والدرر (3/ 218)، والصبان (4/ 205)، والشاهد فيه: حذف من ابن المعلّى التشديد والألف في الوقف.
(3)
انظر: الشافية الكافية (4/ 1991).
(4)
انظر: المساعد (4/ 310)، وكذلك الكتاب (4/ 183).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مرفوعا، أو مجرورا ففيه لغتان: إثبات الياء، وحذفها. قال سيبويه (1): والإثبات أقيس وأكثر، وقال في الحذف: إنه عربي كثير ومنه الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ (2) ويَوْمَ التَّنادِ (3)، وإن كان منصوبا؛ فالإثبات عند من يحرك الياء بالفتح، ومن أسكنها يجوز عنده الوقف بالوجهين، نحو: البغي والمري بالإثبات. ونحو:
جواري الممنوع من الصرف؛ يوقف عليه بالإثبات، ونحو: قاضي مكة، قاضي المدينة، وهو ما حذف تنوينه للإضافة، ويجوز فيه الإثبات والحذف.
إلا أن حكم ياء المتكلم الساكنة وصلا، وحكم الواو والياء المتحركتين، حكم الصحيح، هنا ذكر حكم ما آخره ياء المتكلم ساكنة ومتحركة، وحكم الواو والياء لمناسبته لما سبق، نحو: قام غلامي وزيد، فتبقى الياء على سكونها وقفا كما كانت؛ فإن كانت الياء متحركة، جاز التسكين، نحو: قام غلامي، ويجوز (4) لحاق الهاء مع التحريك كقام غلاميه، والمحذوفة تبقى كذلك عند الوقف، ويسكن ما قبلها، نحو: يا قوم اذهبوا؛ فإن كانتا متحركتين وقفت بحذف الحركة، نحو:
لن يغزو ولن يرمي. أما ما آخره حرف صحيح فسيأتي حكمه.
ثم قال: ولا حذف في، نحو: يقضي، وافعلي، ويدعو، وافعلوا غالبا؛ فتقف على ما سبق على الياء والواو، ويثبتان كالوصل، ويحذفان على قلة، نحو: ما أدر ولا أدر؛ حيث وقفوا على الراء، ويحتاج الحذف فيما ذكره إلى سماع. ثم قال مبينا موقع الحذف بأنه: في قافية أو فاصلة؛ فالحذف فيهما غالب، كقول زهير:
4383 -
وأراك تفري ما خلقت وبع
…
ض القوم يخلق ثمّ لا يفر (5)
والفاصلة كـ: وَاللَّيْلِ إِذا يَسْرِ (6)، ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ (7)؛ فإذا وقفت عليها كان حكمها كالصحيح، وقد حذف بعض القراء في غيرهما، نحو: -
(1) المصدر السابق (ص 185).
(2)
سورة الرعد: 9.
(3)
سورة غافر: 32.
(4)
شفاء العليل (3/ 1130).
(5)
البيت من الكامل في ديوان زهير (ص: 94)، وانظر: المساعد (4/ 311)، والدرر (2/ 233)، واستشهد به على: أن الياء الساكنة لا تحذف إلا في فاصلة، أو قافية. خلقت: قدرت، وفريت: قطعت على جهة الإصلاح، وضرب مثلا لتقديره الأمور وتدبيره، ثم إمضائه بعزيمة قوية.
(6)
سورة الفجر: 4.
(7)
سورة الكهف: 64.