الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب السادس والسبعون باب التّصريف
[تعريف التصريف]
قال ابن مالك: (التّصريف علم يتعلّق ببنية الكلمة، وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحّة وإعلال وشبه ذلك).
قال ناظر الجيش: التصريف في اللغة (1): التقليب من حال إلى حال، وهو مصدر صرفه، أي: جعله يتقلب في أنحاء كثيرة، قال الله تعالى: وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا (2) أي: لم يكن ضربا واحدا، بل جعلناه على أنحاء وجهات متعددة.
وأما في الاصطلاح: فقد عرفه المصنف في شرح الكافية بأنه: تحويل الكلمة من بنية إلى غيرها لغرض لفظي أو معنوي (3)، فاللفظي كتغيير: قول، وبيع، ورمي، وأأيمة إلى: قال، وباع، ورمى، وأئمّة، والمعنوي كتغيير المفرد إلى المثنى والمجموع، وتغيير المصدر إلى بناء الفعل واسمي الفاعل والمفعول، وهذا التعريف يوافق التفسير اللغوي، إلا أن ذلك عام، وهذا تغيير خاص بالكلمة وعرّفه هنا - أعني في التسهيل -: بأنه علم يتعلق ببنية الكلمة
…
إلى آخره، وكذا عرّفه به في إيجاز التعريف له، ولا اختلاف بين التعريفين؛ لأن ذلك تعريف له باعتبار العمل، وهذا التعريف له باعتبار العلم، فلم يتواردا على محل واحد، واعلم أن المصنف قصر هذا الباب على ذكر الأمور الراجعة إلى الغرض اللفظي؛ وذلك لأنه أورد الكلام فيما يتعلق بما يرجع إلى الغرض المعنوي في أبواب متفرقة في الكتاب، وقد فعل الأستاذ أبو الحسن ابن عصفور كما فعل المصنف معتذرا بأن هذا النّحو من التصريف جرت -
(1) التصريف في اللغة يأتي لمعنى: التبيين، والتحويل، والتقليب، والاشتقاق، والإنفاق وشرب الشيء صرفا، فمن الأول: تصريف الآيات، ومن الثاني: تصريف الرياح، ومن الثالث: قولك: صرفته في الأمر، ومن الرابع: تصريف الكلام، ومن الخامس: تصريف الدراهم، ومن السادس: تصريف الخمر.
القاموس (3/ 162). وأصله - أي: التصريف - تصررف براءين؛ لأن فعله صرّف بشد الراء، ويجب اشتمال المصدر على جميع حروف فعله، أبدلت الثانية ياء من جنس حركة ما قبلها، وخصت بذلك؛ لأن ثقل التكرار إنما حصل بها، وهكذا كل ما وازنه، كتقديس وتكريم وتفضيل. انظر:
الكتاب (4/ 242)، والمنصف (1/ 2)، والممتع (1/ 27)، وحاشية الخضري (2/ 183).
(2)
سورة الإسراء: 41.
(3)
شرح الكافية لابن مالك (4/ 2012).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عادة النحويين أن يذكروه مع ما ليس بتصريف (1)، يعني أنهم يدرجون أبوابه مع أبواب علم الإعراب، بقي أن يقال: فهل التعريف الذي ذكره هنا شامل للأمرين الراجعين إلى الغرضين، أو هو مقصور على الأمر الراجع إلى الغرض اللفظي فقط، كما أن الباب مقصور عليه والجواب الذي يقتضيه التبويب والترتيب ظاهر أن التعريف يكون مقصورا على ما قصر عليه الباب، وهو الأمر الذي يرجع إلى الغرض اللفظي، ولم يكن قصره إياه على ذلك؛ ليخرج القسم الآخر - أعني المتعلق بالغرض المعنوي من التصريف - كيف وقد صرح بأنه منه؛ بل لأنه قد أورد ذلك في أبواب أخر كما تقدم فصار الكلام حينئذ موجها إلى قصد ذكر ما يرجع إلى الغرض اللفظي، ويمكن
أن يقال: إن التعريف المذكور يكون شاملا للأمرين؛ لأن معرفة المثنى والمجموع وأبنية الأفعال ومصادرها، والصفات والمصغر والمنسوب والإمالة، يمكن دخولها تحت قوله: علم يتعلق ببنية الكلمة، ولا يضر شمول التعريف للأمرين مع قصر الباب على ذكر أحدهما إذا عرف ذلك فلنرجع إلى الكلام على مفردات التعريف، فقوله: علم جنس يدخل تحته علم التصريف وغيره من العلوم، وقوله:
ببنية الكلمة فصل أخرج به ما عدا علم التصريف حتى علم الإعراب؛ لأن علم الإعراب علم بحال الكلمة حال التركيب بالنسبة إلى ما لها من الأحكام، لا علم ببنية، إن كان العلمان داخلين تحت علم النحو. ويدخل في قوله: ببنية الكلمة ما تقدمت الإشارة إليه من الصيغ المختلفة لاختلاف المعاني وما تغير من الأبنية؛ لا لاختلاف المعاني بل للتخفيف، وهو الراجع إلى الغرض اللفظي، كقال، وباع، ورمى وأئمّة ورسائل وأواصل، ونحو ذلك ويدخل فيه - أيضا - أوزان الأبنية فإن معرفة الأوزان من علم التصريف، وكذا يدخل ما لا يضطر إليه في الكلام مما يستعمله التصريفي على سبيل التدرب والامتحان، كما إذا بنيت من كلمة مثل أخرى، كضربت من دحرج (2)، وقوله: وما لحروفها من أصالة وزيادة وصحة وإعلال وشبه ذلك، قيل: أشار بقوله: وشبه ذلك إلى الحذف، والنقل، والإدغام، -
(1) الممتع (1/ 31).
(2)
هذا تعريف الشارح للأبنية، وانظر في ذلك: الجاربردي (1/ 11)، وحاشية ابن جماعة عليه (1/ 11)، وشرح الشافية للرضي (1/ 2)، والنكت للسيوطي (2/ 958).