المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

640 - (د) ابن عباس رضي الله عنهما: في قوله - جامع الأصول - جـ ٢

[ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات]

فهرس الكتاب

- ‌حرف التاء

- ‌الكتاب الأول: في تفسير القرآن، وأسباب نزوله

- ‌فاتحة الكتاب

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة بني إسرائيل

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة الحج

- ‌سورة قد أفلح المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة حم: المؤمن

- ‌سورة حم: السجدة

- ‌سورة حم عسق

- ‌سورة حم: الزخرف

- ‌سورة حم: الدخان

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة المنافقين

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة ن

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة عم يتساءلون

- ‌سورة عبس

- ‌سورة إذا الشمس كورت

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة إذا السماء انشقت

- ‌سورة البروج

- ‌سورة سبح اسم ربك الأعلى

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة والضحى

- ‌سورة أقرأ

- ‌سورة القدر

- ‌سورة إذا زلزلت

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة أرأيت

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة النصر

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة المعوذتين

- ‌الكتاب الثاني: في تلاوة القرآن وقراءته

- ‌الباب الأول: في التلاوة

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في آداب التلاوة

- ‌الفرع الأول: في تحسين القراءة والتغني بها

- ‌الفرع الثاني: في الجهر بالقراءة

- ‌الفرع الثالث: في كيفية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: في الخشوع والبكاء عند القراءة

- ‌الفرع الخامس: في آداب متفرقة

- ‌الفصل الثالث: في تحزيب القرآن وأوراده

- ‌الباب الثاني: في القراءات

- ‌الفصل الأول: في جواز اختلاف القراءة

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من القراءات مفصلاً

- ‌الكتاب الثالث: في ترتيب القرآن وتأليفه وجمعه

- ‌الكتاب الرابع: في التوبة

- ‌الكتاب الخامس: في تعبير الرؤيا

- ‌الفصل الأول: في ذكر الرؤيا وآدابها

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من الرؤيا المفسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم

- ‌الكتاب السادس: في التفليس

- ‌الكتاب السابع: في تمني الموت

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها تاءٌ، ولم ترد في حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌كتاب الثناء والشكر

- ‌حرف الجيم

- ‌الكتاب الأول: في الجهاد وما يتعلق به من الأحكام واللوازم

- ‌الباب الأول: في الجهاد وما يختص به

- ‌الفصل الأول: في وجوبه، والحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آدابه

- ‌الفصل الثالث: في صدق النية والإخلاص

- ‌الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو

- ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد متفرقة

- ‌الباب الثاني: في فروع الجهاد

- ‌الفصل الأول: في الأمانة والهدنة

- ‌الفرع الأول: في جوازهما وأحكامهما

- ‌الفرع الثاني: في الوفاء بالعهد والذمة والأمان

- ‌الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها

- ‌الفصل الثالث: في الغنائم والفيء

- ‌الفرع الأول: في القسمة بين الغانمين

- ‌الفرع الثاني: في النفل

- ‌الفرع الثالث: في الخمس ومصارفه

- ‌الفرع الرابع: في الفيء، وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الخامس: في الغلول

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة تتعلق بالغنائم والفي

- ‌الفصل الرابع: من الباب الثاني من كتاب الجهاد في الشهداء

- ‌الكتاب الثاني من حرف الجيم في الجدال والمراء

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها جيم ولم تَرِدْ في حرف الجيم

الفصل: 640 - (د) ابن عباس رضي الله عنهما: في قوله

640 -

(د) ابن عباس رضي الله عنهما: في قوله عز وجل: {والذين آمنوا وهَاجروا} وقوله: {والذين آمنوا ولم يهَاجروا} قال: كان الأعرابيُّ لا يَرِثُ المهاجِرَ، ولا يرثه المهاجرُ، فَنُسِخَتْ، فقال:{وأولوا الأرحام بعضُهم أَولى ببعض} [الأنفال: 72 - 75] أخرجه أبو داود (1) .

(1) رقم (2924) في الفرائض، باب نسخ ميراث العقد بميراث الرحم، من حديث علي بن حسين بن واقد، وعلي وأبوه الحسين ثقتان، ولكنهما يهمان بعض الشيء.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود (1921، 2924) قال: حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت قال: حدثني علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة فذكره في (2924){والذين آمنوا وهاجروا....} .

ص: 150

‌سورة براءة

641 -

(ت د) ابن عباس رضي الله عنهما: قال: قُلْتُ لعُثمانَ: ما حَمَلَكُم على أنْ عَمَدْتُم إلى الأنفال، وهي من المثاني؟ وإلى براءة وهي من المئين (1) ؟ فقرنتم بينهما، ولم تكتبوا سطر: بسم الله الرحمن الرحيم

⦗ص: 151⦘

ووضعتموها في السبع الطِّول؟ ما حملكم على ذلك؟ قال عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يأتي عليه الزمان، وهو تنزل عليه السور ذوات العدد، وكان إذا نزل عليه شيء دعا بعض من كان يكتب، فيقول ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا، فإذا نزلت عليه الآية، فيقول: ضعوا هذه الآية في السورة التي فيها كذا وكذا، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة، وكانت براءة من آخر القرآن نزولاً، وكانت قصتها شبيهة بقصتها، فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبين لنا أنها منها، فمن أجل ذلك قرنت بينهما، ولم أكتب سطر: بسم الله الرحمن الرحيم، ووضعتها في السبع الطول. أخرجه الترمذي وأبو داود (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(عمدتم) العمد: القصد إلى الشيء.

(المثاني) جمع مثنى، وهي التي جاءت بعد الأولى.

(السَّبعُ الطِّوَلُ) جمع طُولَى، فأما السبع المثاني الطول: فهي البقرة،

⦗ص: 152⦘

وآل عمران، والمائدة، والأنعام، والأعراف، وبراءة. وسميت الأنفال من المثاني، لأنها تتلو الطول في القدر، وقيل: هي التي تزيد آياتها على المفصل وتنقص عن المئين، والمئين: هي السور التي تزيد كل واحدة منها على مائة آية.

(1) المئين: جمع مئة، وأصل مئة: مئى، بوزن: معى، والهاء عوض عن الواو، وإذا جمعت المئة قلت: مئون، كما قلت: مئات.

(2)

الترمذي رقم (3086) في التفسير، باب ومن سورة التوبة، وأبو داود رقم (786) في الصلاة، باب من جهر بها، أي: بسم الله الرحمن الرحيم، وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس، ويزيد الفارسي: هو من التابعين من أهل البصرة، قد روى عن ابن عباس غير حديث. نقول: ويزيد الفارسي: لم يوثقه غير ابن حبان، وكذا رواه أحمد والنسائي، وابن حبان في صحيحه، والحاكم من طرق أخر عن عوف الأعرابي به، وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (1/57) قال: حدثنا يحيى بن سعيد (ح) وحدثنا محمد بن جعفر. وفي (1/69)(499) قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، و «أبو داود» (786) قال: أخبرنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم. وفي (787) قال: حدثنا زياد بن أيوب، قال: حدثنا مروان، يعني بن معاوية، و «الترمذي» (3086) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، ومحمد بن جعفر، وابن أبي عدي، وسهل بن يوسف. و «النسائي» في (فضائل القرآن) (32) قال: أخبرنا محمد بن المثنى، عن يحيى بن سعيد.

سبعتهم -محمد بن جعفر، وإسماعيل، وهشيم، ومروان، ويحيى، وابن أبي عدي، وسهل- عن عوف بن أبي جميلة، قال: حدثني يزيد الفارسي، قال: سمعت ابن عباس، فذكره.

ص: 150

642 -

(خ م) سعيد بن جبير رحمه الله: قال: قلت لابن عباسٍ: سورةُ التَّوبة؟ فقال: بل هي الفَاضِحَةُ، مازالتْ تنزل {ومنهم} ، {ومنهم} حتى ظنُّوا أن لا يبقي أحدٌ إلا ذُكِرَ فيها، قال: قلت: سورةُ الأنفال؟ قال: نَزَلتْ في بَدْرٍ، قال: قلتُ: سورة الْحَشْرِ؟ قال: نزلت في بني النَّضِيرِ.

وفي رواية: قلت لابن عباس: سورةُ الحشرِ؟ قال: قل: سورةَ النَّضير. أخرجه البخاري ومسلم (1) .

(1) البخاري 8 / 483 في تفسير سورة الحشر، وفي تفسير سورة الأنفال في فاتحتها، وفي المغازي، باب حديث بني النضير ومخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ودية الرجلين، ومسلم رقم (3031) في التفسير، باب ومن سورة براءة، قال الحافظ: قوله: ما زالت تنزل، ومنهم، ومنهم، أي: كقوله: {ومنهم من عاهد الله} ، {ومنهم من يلمزك في الصدقات} ، {ومنهم الذين يؤذون النبي} ، وقوله: قل: سورة النضير، كأنه كره تسميتها بالحشر لئلا يظن أن المراد: يوم القيامة، وإنما المراد به هنا: إخراج بني النضير.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (5/113) و (6/183) قال: حدثني الحسن بن مدرك، قال: حدثنا يحيى بن حماد، قال: أخبرنا أبو عوانة. وفي (6/77) و (183) قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم، قال: حدثنا سعيد ابن سليمان، قال: حدثنا هشيم. و «مسلم» (8/245) قال: حدثني عبد الله بن مطيع، قال: حدثنا هشيم.

كلاهما -أبو عوانة، وهشيم- عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، فذكره.

* رواية أبي عوانة مختصرة على: «قلت لابن عباس سورة الحشر؟ قال: قل سورة النضير» .

ص: 152

643 -

(خ م د س) أبو هريرة رضي الله عنه: أنَّ أبا بكرٍ بَعثَه في الحجَّةِ التي أمَّرَه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، قَبْل حَجَّةِ الوَداعِ، في رَهْطٍ يُؤذِّنُون في النَّاس يوم النَّحر: أن لا يَحُجَّ (1) بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوفَ بالبيت

⦗ص: 153⦘

عُرْيانٌ.

وفي رواية: ثم أرْدَفَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بِعَلِيِّ بن أبي طالب، فأمرهُ أن يُؤذِّن بـ «براءة» ، فقال أبو هريرة: فأذَّن معنا في أهل مِنى ببراءة: أن لا يَحُجَّ بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوف بالبيت عريانٌ.

وفي رواية: ويومُ الحجِّ الأكبر: يومُ النَّحْر، والحجُّ الأَكْبرُ: الحجُّ، وإنما قيل: الحجُّ الأكبر، من أَجلِ قول النَّاسِ: العمرةُ: الحجُّ الأصغَرُ، قال: فَنَبَذَ أبو بكرٍ إلى الناس في ذلك العام، فلم يحُجَّ في العام القابل الذي حَجَّ فيه النبي صلى الله عليه وسلم حَجَّةَ الوداع مُشْرِكٌ.

وأنزل الله تعالى في العام الذي نَبَذَ فيه أبو بكر إلى المشركين {يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا إنَّما المُشْرِكونَ نَجَسٌ فلا يَقْرَبُوا المَسْجِدَ الحرَامَ بعدَ عَامِهِمْ هذا وإنْ خِفْتُمْ عَيْلة فَسوْفَ يُغْنِيكُمُ الله مِن فَضْلِهِ

} الآية [التوبة: 28] وكان المشركون يُوَافُون بالتجارة، فينتفعُ بها المسلمون، فلما حَرَّمَ الله على المشركين أنْ يقرَبوا المسْجِدَ الحرامَ، وجَدَ

⦗ص: 154⦘

المسلمون في أنفسهم مما قُطِعَ عليهم من التجارة التي كان المشركون يُوَافُون بها، فقال الله تعالى:{وإنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فسَوْفَ يُغنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِه إنْ شاء} ثم أحلَّ في الآية التي تَتْبعُها الجِزْيةَ، ولم [تكن] تُؤخَذْ ُقبْلَ ذلك، فجعلها عوضاً ممَّا مَنَعُهم من موافاة المشركين بتجاراتهم، فقال عز وجل:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤمِنُونَ باللَّهِ ولا بِاليَوْمِ الآخِرِ ولا يُحَرِّمونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسولُهُ ولا يَدِينُونَ دِينَ الحقِّ مِنَ الذينَ أُوتُوا الكِتاب حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُم صَاغِرُون} [التوبة: 29] فلما أحلَّ الله عز وجل ذلك للمسلمين: عَرَفُوا أَنَّهُ قد عاضَهُم أفْضَل مما خافوا ووَجَدُوا عليه، مما كان المشركون يُوافُون به من التجارة. هذه رواية البخاري ومسلم (2) .

وفي رواية أبي داود، قال: بعثني أبو بكرٍ فيمن يُؤذِّنُ يومَ النَّحْرِ بمنى: أن لا يَحُجَّ بعد العام مُشْرِكٌ، ولا يطوفَ بالبيت عريانٌ، ويومُ الحجِّ الأكبر: يومُ النحر، والحجُّ الأكبر: الحجُّ.

وفي رواية النسائي مثل رواية أبي داود، إلى قوله:«عُرْيانٌ» .

وله في رواية أخرى، قال أبو هريرة: جِئتُ مع علي بن أبي طالب حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة، قيل: ما كنتم تنادونَ؟ قال: كُنَّا ننادي: إنه لا يدخل الجنة إلا نفسٌ مؤمنة، ولا يطوَفنَّ بالبيت عرْيانٌ، ومن

⦗ص: 155⦘

كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عَهدٌ، فأجَلُهُ - أو أمَدُه - إلى أربعةِ أشهر، فإذا مَضتِ الأربعةُ الأشهر، فإنَّ الله بَريءٌ من المشركين ورسولُهُ، ولا يَحُجُّ بعد العام مشركٌ، فكنت أُنادي حتى صَحِلَ صوتي (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(رهط) الرهط: الجماعة من الرجال: ما بين الثلاثة إلى التسع، ولا تكون فيهم امرأة.

(يؤذن) الإيذان: الإعلام.

(نبذ) الشيء إذا ألقاه، ونبذت إليه العهد، أي: تحَّللتُ من عهْده.

(عَيْلة) العَيْلَةُ: الفَقْر والفاقة.

(الجزية) : هي المقدار من المال الذي تعقد للكتابي عليه الذمة.

(وجد المسلمون) وجد الرجل يجد: إذا حزن.

(عَاضَهم) عضت فلاناً كذا: إذا أعطيته بدل ما ذهب منه.

(صَحل) الصحل في الصوت: البحة.

(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 225: ألا يحج - بفتح الهمزة وإدغام النون في اللام، قال الطحاوي – [153]- في " مشكل الآثار " هذا مشكل، لأن الأخبار في هذه القصة تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعث أبا بكر بذلك، ثم أتبعه علياً، فأمره أن يؤذن، فكيف يبعث أبو بكر أبا هريرة ومن معه بالتأذين، مع صرف الأمر عنه في ذلك إلى علي؟

ثم أجاب بما حاصله: أن أبا بكر كان الأمير على الناس في تلك الحجة بلا خلاف، وكان علي بن أبي طالب هو المأمور بالتأذين بذلك، وكأن علياً لم يطق التأذين بذلك وحده، واحتاج إلى من يعينه على ذلك، فأرسل معه أبو بكر أبا هريرة وغيره ليساعدوه على ذلك، ثم ساق من طرق المحرر بن أبي هريرة عن أبيه قال: كنت مع علي رضي الله عنه حين بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة، فكنت أنادي معه بذلك حتى يصحل صوتي

فالحاصل: أن مباشرة أبي هريرة لذلك كانت بأمر أبي بكر، وكان ينادي بما يلقيه إليه علي مما أمر بتبليغه.

(2)

الرواية الأخيرة " وأنزل الله تعالى في العام القابل الذي نبذ فيه أبو بكر إلى المشركين

" إلى هنا، ليست في البخاري ومسلم، ولعلها من زيادات الحميدي، وقد ذكرها السيوطي في " الدر المنثور " 3 / 227، 228 بنصها، ونسبها لابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(3)

البخاري 1 / 403 في الصلاة في الثياب، باب ما يستر من العورة، وفي الحج، باب لا يطوف بالبيت عريان، وفي الجهاد، باب كيف ينبذ إلى أهل العهد، وفي المغازي، باب حج أبي بكر بالناس، وفي تفسير سورة براءة، باب قوله:{فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} ، وباب قوله:{وأذان من الله ورسوله} ، وباب قوله:{إلا الذين عاهدتم من المشركين} ، ومسلم رقم (1347) ، باب لا يحج البيت مشرك، وأبو داود رقم (1946) ، وإسناده صحيح، في الحج، باب يوم الحج الأكبر، والنسائي 5 / 234، وإسناده صحيح، في الحج، باب قوله عز وجل:{خذوا زينتكم عند كل مسجد} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (1/103) قال: حدثنا إسحاق. قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا ابن أخي ابن شهاب. وفي (2/188)، قال: حثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث. قال: قال يونس. وفي (4/124) قال: حدثنا أبو اليمان. قال: أخبرنا شعيب. وفي (5/212)، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو الربيع. قال: حدثنا فليح. وفي (6/81) قال: حدثنا سعيد بن عفير. قال: حدثني الليث. قال: حدثنثي عقيل. وفي (6/81) قال: حدثنا عبد الله بن يوسف. قال: حدثنا الليث. قال: حدثني عقيل. وفي (6/81) قال: حدثنا إسحاق. قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم. قال: حدثنا أبي، عن صالح. و «مسلم» (4/106) قال: حدثني هارون بن سعيد الأيلي. قال: حدثنا ابن وهب. قال: أخبرني عمرو. (ح) وحدثني حرملة بن يحيى التجيبي. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس و «أبو داود» (1946)، قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، أن الحكم بن نافع حدثهم قال: حدثنا شعيب. و «النسائي» (5/234) قال: أخبرنا أبو داود قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثنا أبي، عن صالح، و «ابن خزيمة» (2702) قال: حدثنا عيسى ابن إبراهيم الغافقي. قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس بن يزيد وعمرو بن الحارث.

سبعتهم -محمد بن عبد الله بن أخي ابن شهاب، ويونس بن يزيد، وشعيب بن أبي حمزة، وفليح بن سليمان، وعقيل بن خالد، وصالح بن كيسان، وعمرو بن الحارث -عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، فذكره.

* الروايات مطولة ومختصرة.

ص: 152

644 -

(ت) علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قال: سألتُ رسولَ الله

⦗ص: 156⦘

صلى الله عليه وسلم عن يوم الحجِّ الأكبر؟ فقال: «يومُ النَّحْرِ» ، ورُوِيَ مَوْقوفاً عليه. أخرجه الترمذي (1) .

(1) رقم (3088) في التفسير، باب ومن سورة براءة، ورقم (957) في الحج، باب يوم الحج الأكبر، وفي سنده الحارث بن الأعور، وهو ضعيف. ولكن الحديث حسن بشواهده، منها حديث ابن عمر الآتي. واختار ابن جرير أن يوم الحج الأكبر، هو يوم النحر، وهو قول مالك والشافعي والجمهور، وقال آخرون، منهم: عمر، وابن عباس، وطاووس إنه يوم عرفة، والأول أرجح.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه الترمذي (957 و3088) قال: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث. قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن أبي إسحاق، عن الحارث، فذكره.

* أخرجه الترمذي (958 و 3089) قال: حدثنا ابن أبي عمر، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: يوم الحج الأكبر يوم النحر.

* قال الترمذي: ولم يرفعه، وهذا أصح من الحديث الأول. ورواية ابن عيينة موقوفا أصح من رواية محمد ابن إسحاق مرفوعا. هكذا روى غير واحد من الحفاظ عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي موقوفا، وقد روى شعبة عن أبي إسحاق قال: عن عبد الله بن مرة، عن الحارث عن علي موقوفا.

ص: 155

645 -

(ت) علي بن أبي طالب رضي الله عنه: وقد سئل: بأيِّ شَيْءٍ بُعِثْتَ في الحَجَّةِ؟ قال: بُعِثْتُ بِأرْبَعٍ: لا يطوفَنَّ بالبيت عُريانٌ، ومن كان بينه وبينَ النبي صلى الله عليه وسلم عَهْدٌ، فهو إلى مُدَّتِهِ، وَمَنْ لم يكن له عهدٌ، فَأجَلُهُ أرْبَعَةُ أَشْهُرٍ (1) ، ولا يَدُخلُ الجنَّة إلا نفسٌ مُؤمنَةٌ، ولا يجتمع المشركون والمؤمنونَ بعد عامهم هذا. أخرجه الترمذي (2) .

(1) قال الحافظ: استدل بهذا على أن قوله تعالى: {فسيحوا في الأرض أربعة أشهر} يختص بمن لم يكن له عهد مؤقت، أو لم يكن له عهد أصلاً، وأما من له عهد مؤقت، فهو إلى مدته، وانظر تمام البحث فيه.

(2)

رقم (3091) في التفسير، باب ومن سورة براءة، وإسناده قوي، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد رقم (594) ، والطبري رقم (16372) ، وأخرج أحمد في مسند أبي بكر رقم (4) نحو هذا الحديث.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه الحميدي (48) . وأحمد (1/79)(594) . والدارمي (1925) قال: أخبرنا محمد بن يزيد البزار. و «الترمذي» (871) و (3092) قال: حدثنا علي بن خشرم. وفي (872) قال: حدثنا ابن أبي عمر ونصر بن علي. وفي (3092) قال: حدثنا ابن أبي عمر، (ح) وحدثا نصر بن علي وغير واحد.

ستتهم -الحميدي، وأحمد بن حنبل، ومحمد بن يزيد، وعلي، وابن أبي عمر، ونصر- عن سفيان بن عيينة، عن أبي إسحاق، عن زيد بن يثيع أو أثيع، فذكره.

ص: 156

646 -

(د) ابن عمر رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وقَفَ يَوْمَ النَّحْر بَيْنَ الجَمَراتِ في الحجَّةِ التي حَجَّ فيها، فقال:«أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟» فقالوا: يومُ النَّحْر، فقال:«هذا يوم الحج الأكبر» .

⦗ص: 157⦘

أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الجمرات) : هي المواضع التي ترمى بالحصا في منى.

(1) رقم (1945) في الحج، باب يوم الحج الأكبر، وإسناده صحيح. وأخرجه البخاري تعليقاً، وابن ماجة رقم (3058) ، والطبري رقم (16447) والبيهقي 5 / 139.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه البخاري في الحج (133: 4 تعليقا) عقيب حديث عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه عن ابن عمر (ح 7418) وقال هشام بن الغاز.... فذكره وأبو داود (المناسك 67: 1) عن مؤمل بن الفضل عن الوليد بن مسلم وابن ماجة فيه (المناسك 76: 4) عن هشام بن عمار عن صدقه بن خالد كلاهما به، تحفة الأشراف (6/249) .

ص: 156

647 -

(د) ابن أبي أوفي رضي الله عنه: كان يقول: يومُ النحرِ: يومُ الحجِّ الأكبر، يُهراقُ فيه الدمُ، ويوضع فيه الشَّعَرُ، ويُقْضى فيه التَّفَثُ، وتَحِلُّ فيه الحُرُمُ. أخرجه (1) .

(1) كذا أورده المؤلف ولم يذكر من أخرجه وفي المطبوع: أخرجه أبو داود، وهو خطأ، وقد أخرجه مختصراً الطبري في تفسيره 14 / 117 من طرق عنه، وإسناده صحيح. ولفظه عن عبد الملك بن عمير: سئل عن قوله " يوم الحج الأكبر " قال: " هو اليوم الذي يراق فيه الدم ويحلق فيه الشعر ".

ص: 157

648 -

(س) جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم حين رجعَ مِنْ عُمْرَةِ الجعْرانَةِ بَعَثَ أَبَا بكرٍ عَلى الحجِّ، فأَقْبَلْنا معه، حتى إذا كُنَّا بالعَرْجِ، ثَوَّبَ بالصبح (1) ، ثم استوى ليُكَبِّر، فسمع الرَّغْوَةَ خَلْفَ ظهره، فَوقفَ عن التَّكْبِير، فقال: هذه رَغوَةُ ناقَةِ رسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم الْجَدْعاء، لقد بَدَا لرُسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الحجِّ، فَلَعَلَّهُ [أن] يَكُونَ رسُول الله صلى الله عليه وسلم،

⦗ص: 158⦘

فَنُصَلِّيَ مَعَهُ، فإذَا عليٌّ عَلَيْها، فقال أبو بكرٍ: أمِيرٌ، أمْ رَسُولٌ؟ قال: لا، بل رُسولٌ، أرْسَلَنِي رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بـ «براءة» ، أقْرَؤُها على النَّاس في مَواقِف الحجِّ فَقَدِمْنَا مَكَّةَ، فلمَّا كان قَبْلَ التَّرْوِيَة بيَوْمٍ، قَامَ أبو بكرٍ فخَطَبَ النَّاسَ فحَدَّثَهُمْ عَنْ مناسكهم، حتى إذا فرغَ قام علي رضي الله عنه فقرأَ على الناسِ (بَراءة) ، حتى خَتمها، ثم خرجنا معه، حتى إذا كان يومُ عَرفة قام أبو بكر، فخطب الناس، فحدَّثهم عن مناسكهم، حتى إذا فرغ قام عليٌّ، فقرأَ على الناس «براءة» حتى خَتمها، ثم كان يومُ النَّحْرِ، فأَفَضْنَا، فلمَّا رجعَ أبو بكرٍ خَطَبَ النَّاسَ، فحَدَّثَهُمْ عَنْ إفَاضَتِهِمْ، وعن نَحْرِهم، وعن مناسكهم، فلما فرغ قام عليٌّ، فقرأ على الناس «براءةَ» حتى خَتمها، فلما كان يومُ النَّفْرِ الأول، قَامَ أبو بكرٍ، فَخَطَبَ الناس، فحدَّثَهُم كيف يَنْفِرون؟ وكيف يَرْمُونَ؟ فَعَلَّمَهُمْ مناسكهم، فلما فرغَ، قام عليٌّ، فقَرأَ على النَّاسِ «بَرَاءةَ» حتى خَتَمَها. أخرجه النسائي (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الجعرانة) : موضع قريب من مكة، اعتمر منه النبي صلى الله عليه وسلم، يُخَفَّف ويُثَقَّل.

(العَرْج) بسكون الراء: موضع بين مكة والمدينة.

⦗ص: 159⦘

(ثوَّب) إذا نادى بأعلى صوته، والأصل فيه: المستصرخ يلوح بثوبه، فسمي الدعاء تثويباً، ومنه التثويب في صلاة الفجر، وهو أن يقول:«الصلاة خير من النوم» .

(الرَّغوة) : المرة الواحدة من الرغاء، وهو صوت ذوات الخف، والمراد به ها هنا: صوت الناقة.

(الجَدْعاء) : الناقة التي جدع أنفها، أي: قطع، وكذلك الأذن واليد والشفة.

(مناسكهم) المناسك: معالم الحج ومتعبداته.

(فأفضنا) الإفاضة: الدفع، ولا يكون إلا في كثرة.

(1) العرج: - بفتح العين وسكون الراء - قرية جامعة من عمل الفرع على أيام من المدينة، و " التثويب " هو رفع الصوت بالأذان. وأصله من دعاء الناس ليثوبوا ويرجعوا إلى المكان الذي تعودوا أن يجتمعوا فيه.

(2)

5 / 247 و 248 في الحج، باب الخطبة قبل يوم التروية، والدارمي 2 / 66، 67، وصححه ابن خزيمة وابن حبان.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه الدارمي (1921) . و «النسائى» (5/247) . و «ابن خزيمة» (2974) قال: حدثنا محمد بن يحيى بحديث غريب.

ثلاثتهم -الدارمي، والنسائي، ومحمد- عن إسحاق بن إبراهيم، قال: قرأت على أبي قرة موسى بن طارق، عن ابن جريج، قال: حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن أبي الزبير، فذكره.

* قال أبو عبد الرحمن النسائي: ابن خثيم ليس بالقوي في الحديث، وإنما أخرجت هذا لئلا يجعل (ابن جريج، عن أبي الزبير) وما كتبناه إلا عن إسحاق بن إبراهيم، ويحيى بن سعيد القطان لم يترك الحديث ابن خثيم، ولا عبد الرحمن، إلا أن علي بن المديني قال: ابن خثيم منكر الحديث، وكان علي بن المديني خُلِق للحديث.

ص: 157

649 -

(خ) زيد بن وهب رحمه الله: قال: كُنَّا عِندَ حُذَيْفَةَ، فقال: ما بَقِيَ من أصحابِ هذه الآية يعني {فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَا أَيْمانَ لهُم} [التوبة: 12] إلا ثلاثةٌ (1) ، ولا بقي من المنافقين إلا أربعة،

⦗ص: 160⦘

فقال أعرابيٌّ: إنكم أصحابَ محمدٍ، تخبرونا أخباراً، لا ندري ما هي؟ تزعمون أن لا مُنافقَ إلا أربعة، فما بالُ هؤلاء الذي يَبْقُرون بيوتنا، ويَسْرِقون أعلاقنا؟ قال: أولئك الفُسَّاق، أجَلْ لم يبق منهم إلا أربعةٌ: أحدهم: شيخ كبير لو شَربَ الماءَ الباردَ لما وجدَ بَرْدَهُ (2) . أخرجه البخاري (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يبقرون) أي: يفتحون ويوسعون، يقال: بقرت الشيء: إذا فتحته.

(أَعْلاقنا) الأعلاق: جمع عِلق، وهو الشيء النفيس مما يقتنى.

(1) لم تذكر الآية في الحديث، وإنما جاءت مبهمة، ولعل المصنف ذكرها في الحديث اعتماداً على الباب، فقد أورده البخاري تحت قوله تعالى:{فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} الذي أورد فيه الحديث، وقال الحافظ: تعليقاً على ذلك: هكذا وقع مبهماً، ووقع عند الإسماعيلي من رواية ابن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد بلفظ: " ما بقي من المنافقين من أهل هذه الآية {لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء

} الآية، إلا أربعة نفر، إن أحدهم لشيخ كبير. قال الإسماعيلي: إن كانت الآية ما ذكر في خبر ابن عيينة فحق هذا الحديث أن يخرج في سورة الممتحنة. وقد وافق البخاري على إخراجها عند آية براءة النسائي وابن مردويه، فأخرجا من طرق عن إسماعيل، وليس عند أحد منهم تعيين الآية، وانفرد عيينة بتعيينها، إلا أن عند الإسماعيلي من رواية خالد الطحان

⦗ص: 160⦘

عن إسماعيل في آخر الحديث. قال إسماعيل: يعني الذين كاتبوا المشركين، وهذا يقوي رواية ابن عيينة، وكأن مستند من أخرجها في آية براءة، ما رواه الطبري من طريق حبيب بن حسان عن زيد بن وهب قال: كنا عند حذيفة فقرأ هذه الآية {فقاتلوا أئمة الكفر} قال: ما قوتل أهل هذه الآية بعد، ومن طريق الأعمش عن زيد بن وهب نحوه، والمراد بكونهم لم يقاتلوا، أن قتالهم لم يقع لعدم وقوع الشرط، لأن لفظ الآية {وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم فقاتلوا} فلما لم يقع منهم نكث ولا طعن لم يقاتلوا. وروى الطبري من طريق السدي قال: المراد بأئمة الكفر كفار قريش. ومن طريق الضحاك قال: أئمة الكفر: رؤوس المشركين من أهل مكة.

قال الحافظ: وقوله: إلا ثلاثة

، سمي منهم في رواية أبي بشر عن مجاهد أبو سفيان بن حرب، وفي رواية معمر عن قتادة: أبو جهل بن هشام، وعتبة بن ربيعة، وأبو سفيان، وسهيل بن عمرو، وتعقب بأن أبا جهل وعتبة قتلا ببدر، وإنما ينطبق التفسير على من نزلت الآية المذكورة وهو حي، فيصح في أبي سفيان وسهيل بن عمرو، وقد أسلما جميعاً.

(2)

قال الحافظ: أي: لذهاب شهوته، وفساد معدته، فلا يفرق بين الألوان والطعوم.

(3)

8 / 243 في تفسير سورة براءة، باب {فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (9: 5: 1) عن محمد بن المثنى عن يحيى القطان، والنسائي فيه (التفسير، وفي الكبرى) عن إسحاق بن إبراهيم عن المعتمر بن سليمان كلاهما عن إسماعيل بن أبي خالد عنه به، والمعنى متقارب، الأشراف (3/33) .

ص: 159

650 -

(م) النعمان بن بشير رضي الله عنه: قال: كنتُ عند

⦗ص: 161⦘

مِنْبَرِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال رجلٌ: ما أبالي أن لا أعمل عَملاً بعد الإسلام، إِلا أنْ أسْقيَ الحاجَّ، وقال آخر: ما أُبالي أنْ لا أعملَ عملاً بعد الإسلام، إِلَاّ أنْ أَعْمُرَ المسجدَ الحرام، وقال آخر: والجهادُ في سبيل الله أَفْضَلُ مِما قُلتم، فزجَرَهم عُمَرُ، وقال: لا ترفعوا أصواتكم عند مِنْبرِ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومُ الجُمُعةِ ولكن إذا صليتُ الجمعةَ دخلتُ فاستَفْتَيْتُه فيما اختلفتم فيه، فأنزل الله عز وجل:{أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الحَاجِّ وعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ باللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ} إلى آخرها [التوبة: 19] . أخرجه مسلم (1) .

(1) رقم (1879) في الإمارة، باب فضل الشهادة في سبيل الله تعالى.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه مسلم في الجهاد (2: 5) عن الحسن الحلواني عن أبي توبة الربيع بن نافع، و (2/6) عن عبد الله بن عبد الرحمن عن يحيى بن حسان كلاهما عن معاوية بن سلام عن أخيه زيد بن سلام عن جده أبي سلام، تحفة الأشراف (9/29) .

ص: 160

651 -

(ت) عدي بن حاتم [الطائي]رضي الله عنه: قال: أتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وفي عُنُقي صليبٌ من ذهبٍ، فقال: يا عديُّ، اْطرَحْ عنك هذا الوثَنَ، وسمعته يقرأُ {اتَّخَذوا أَحْبارَهم ورُهبانَهم أرباباً من دون اللَّه} [التوبة: 31] قال: إِنَّهم لم يكونوا يعبدونهم، ولكنَّهم كانوا إذا أَحَلُّوا لهم شيئاً اسْتَحَلُّوهُ، وإذا حَرَّمُوا عليهم شيئاً حَرَّمُوهُْ. أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الوثن) : ما يعبد من دون الله تعالى، وأراد به ها هنا الصليب.

⦗ص: 162⦘

(أحبارهم) الأحبار: جمع حَبْر، وهو العالم.

(1) رقم (3094) في التفسير، باب ومن سورة براءة، وأخرجه ابن جرير رقم (16631) و (16632) و (16633) ، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 3 / 230 وزاد نسبته لابن سعد، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والبيهقي في سننه. وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث. نقول: لكن في الباب عن حذيفة موقوفاً أخرجه الطبري رقم (16634) وبما يتقوى به.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه الترمذي (3095) قال: حدثنا الحسين بن يزيد الكوفي، قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن غطيف بن أعين عن مصعب بن سعد فذكره.

قال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب، وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث.

ص: 161

652 -

(خ) زيد بن وهب رحمه الله: قال: مررتُ بالرَّبَذَةِ، فإذا بأبي ذَرٍّ، فقلت له: ما أنزَلكَ منزِلك هذا؟ قال: كنتُ بالشام، فاختلفتُ أنا ومعاويةُ في هذه الآية:{والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها في سبيل اللَّه فَبشِّرْهُمْ بعذابٍ أليمٍ} [التوبة: 34] فقال [معاوية] : نزَلتْ في أهل الكتاب، فقلتُ: نزلتْ فينا وفيهم، فكان بيني وبينه في ذلك كلام، فَكَتبَ إلى عثمان يَشكُوني، فكتَب إليَّ عثمانُ: أنْ اقدَم المدينةَ، فقدِمْتُها فكثُر عليَّ الناسُ، حتى كأنهم لم يروني قبل ذلك، فذكرتُ ذلك لعثمان، فقال لي: إن شئتَ تنحَّيت (1) ، فكنتُ قريباً، فذاك الذي أنزلني هذا المنزِلَ ولو أمَّرُوا عليَّ حَبشيّاً لَسَمِعْتُ وأَطَعْتُ. أخرجه البخاري (2) .

⦗ص: 163⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الربذة) : موضع قريب من المدينة.

(يكنزون) الكنز: الادخار والجمع. مصدر كنز المال يكنزه كنزاً.

(1) في رواية الطبري، فقال لي: تنح قريباً، قلت: والله لن أدع ما كنت أقول.

(2)

3 / 217 و 218 في الزكاة، باب ما أدي زكاته فليس بكنز، وفي تفسير سورة براءة، باب {والذين يكنزون الذهب والفضة} ، وأخرجه الطبري رقم (16678)، قال الحافظ في " الفتح ": وفي هذا الحديث من الفوائد: أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة لاتفاق أبي ذر ومعاوية على أن الآية نزلت في أهل الكتاب. وفيه ملاطفة الأئمة للعلماء، فإن معاوية لم يجسر على الإنكار عليه، حتى كاتب من هو أعلى منه في أمره، وعثمان لم يحنق على أبي ذر، مع كونه كان مخالفاً له في تأويله. وفيه التحذير من الشقاق والخروج على الأئمة، والترغيب في الطاعة لأولي الأمر، وأمر الأفضل بطاعة المفضول خشية المفسدة، وجواز الاختلاف في الاجتهاد، والأخذ بالشدة في الأمر بالمعروف وإن أدى ذلك إلى فراق الوطن، وتقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة، لأن في بقاء أبي ذر بالمدينة مصلحة كبيرة من بث علمه في طالب العلم، ومع ذلك فرجح عند عثمان دفع ما يتوقع من المفسدة من الأخذ بمذهبه الشديد في هذه المسألة، ولم يأمره بعد ذلك بالرجوع عنه، لأن كلاً منهما كان مجتهداً.

وقال ابن كثير رحمه الله 4 / 157، 158: وكان من مذهب أبي ذر رضي الله عنه، تحريم ادخار

⦗ص: 163⦘

ما زاد على نفقة العيال، وكان يفتي بذلك ويحثهم عليه، ويأمرهم به، ويغلظ في خلافه، فنهاه معاوية فلم ينته، فخشي أن يضر بالناس في هذا، فكتب يشكوه إلى أمير المؤمنين عثمان وأن يأخذه إليه، فاستقدمه عثمان إلى المدينة، وأنزله بالربذة وحده، وبها مات رضي الله عنه في خلافة عثمان.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (2/133) قال حدثنا علي سمع هشيما، وفي (6/82) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا جرير. و «النسائي» في الكبرى (تحفة الأشراف)(9/11916) عن محمد بن زنبور عن محمد ابن فضيل ثلاثتهم -هشيم، وقتيبة، وابن فضيل- عن حصين عن زيد بن وهب فذكره.

ص: 162

653 -

(د) ابن عباس رضي الله عنهما: قال: لما نزلت هذه الآية: {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ} كَبُرَ ذلك على المسلمين، فقال عمر: أَنا أُفَرِّجُ عنكم، فانطلق، فقال: يا نَبِيَّ اللهِ، إِنه كَبُرَ عَلى أَصحابك هذه الآية، فقال [رسول الله صلى الله عليه وسلم] :«إِن الله لم يَفْرِض الزكاة إِلا لِيطيبَ ما بقي من أموالكم، وإنما فرضَ المواريثَ لتكون لمن بعدكم» ، فكبَّرَ عُمَرُ، ثم قال له:«ألا أُخْبرك بخير ما يَكْنِزُ المرءُ؟ المرأة الصالحة: إذا نظر إليها سَرَّتْهُ، وإذا أمَرَهَا أطاعتْه، وإذا غاب عنها حفظتْه» . أخرجه أبو داود (1) .

(1) رقم (1664) في الزكاة، باب في حقوق المال، وإسناده حسن، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 4 / 333 وصححه، ووافقه الذهبي.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود (1664) قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا يحيى بن يعلى المحاربي، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا غيلان عن جعفر بن إياس عن مجاهد فذكره.

ص: 163

654 -

(خ ط) ابن عمر [بن الخطاب]رضي الله عنهما: قال له أعرابيٌّ: أخبرني عن قول الله- تعالى -: {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها في سبيل اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بعذابٍ أليم} قال ابن عمر: مَنْ كَنَزها فلم يُؤَدِّ زكاتها

⦗ص: 164⦘

ويلٌ له، هذا كان قبلَ أن تَنْزِل الزكاةُ، فلما أُنْزِلَتْ جَعَلَهَا الله طُهْراً للأمْوالِ. أخرجه البخاري.

وفي رواية الموطأ، قال عبد الله بن دينارٍ: سمعتُ عبد الله بن عمر وهو يُسأَل عن الكنز ما هو؟ فقال: هو المال الذي لا تُؤدَّى منهُ الزكاةُ (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(ويل له) دعاء عليه بالعذاب، وقيل: ويل: واد في جنهم.

(1) البخاري 3 / 216 في الزكاة، باب ما أدي زكاته فليس بكنز، وفي تفسير سورة براءة، باب قوله:{والذين يكنزون الذهب والفضة} ، والموطأ 1 / 156 في الزكاة، باب ما جاء في الكنز.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه البخاري في الزكاة (4 تعليقا) وفي التفسير (9: 7 تعليقا) وقال أحمد بن شبيب عن أبيه عن يونس عن الزهري، وابن ماجة في الزكاة (3: 1) عن عمرو بن سواد عن ابن وهب عن ابن لهيعة عن عقيل عن الزهري نحوه.

ص: 163

655 -

(ت) ثوبانُ رضي الله عنه: قال: لما نزلت: {والَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ والْفِضَّةَ ولا يُنْفِقُونَها في سبيل اللَّه} كُنَّا مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فقال بعض أصحابه: أُنزلت في الذهب والفضة، فلو علمنا: أيُّ المالِ خيرٌ اتخذناه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«أفْضَلهُ: لِسانٌ ذَاكرٌ، وقلبٌ شاكرٌ، وزوجةٌ صالحةٌ تُعين المؤمِنَ على إيمانه» . أخرجه الترمذي (1) .

(1) رقم (3093) في التفسير، باب ومن سورة براءة، من طريق سالم بن أبي الجعد عن ثوبان، وقال: حديث حسن، وقال: سألت محمد بن إسماعيل، فقلت له: سالم بن أبي الجعد سمع من ثوبان؟ فقال: لا. قلت له: ممن سمع من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: سمع من جابر بن عبد الله، وأنس بن مالك. وذكر غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وفي " تهذيب التهذيب " في ترجمة سالم بن أبي الجعد: وقال الذهلي عن أحمد: لم يسمع سالم من ثوبان ولم يلقه، بينهما معدان بن أبي

⦗ص: 165⦘

طلحة، وليست هذه الأحاديث بصحاح. وأخرجه أيضاً أحمد في " المسند " 5 / 278 و 282، والطبري رقم (16662) و (16666)، وقال الحافظ ابن كثير بعد إيراده ونقل كلام الترمذي: قلت: ولهذا رواه بعضهم عنه مرسلاً.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

الترمذي في التفسير (التوبة 9: 12) عن عبد بن حميد، عن عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن منصور عنه به، وقال: حسن، سألت محمدا فقلت: سمع سالم من ثوبان، فقال: لا. وابن ماجة في النكاح (5: 2) عن محمد بن إسماعيل بن سمرة الأحمس عن وكيع عن عبد الله بن عمرو بن مرة عن أبيه نحوه، تحفة الأشراف (2/130) .

ص: 164

656 -

(د) ابن عباس رضي الله عنهما: قال:: {لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذين يؤمنون باللَّه واليوم الآخر أن يُجاهدوا بأموالهم وأَنفسهم والله عليمٌ بالمتَّقين} [التوبة: 44]، نَسَخَتْها التي في النُّورِ:{إنما المؤمنون الذين آمنوا باللَّه ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إِن الذين يستأذنونك أَولئك الذين يؤمنون باللَّه ورسوله فإذا استأذنوك لبعضِ شأنهم فائْذَنْ لمن شئتَ منهم واستغفر لهم اللَّه إِن اللَّه غفور رحيم} [النور: 62] . أخرجه أبو داود (1) .

(1) رقم (2771) في الجهاد، باب في الإذن في القفول بعد النهي، بإسناد لا بأس به، وأخرجه بنحوه ابن جرير رقم (16769) ، وذكره السيوطي في " الدر " 3 / 247 ونسبه إلى أبي عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي، ولم ينسبه إلى أبي داود وابن جرير، ونقل ابن الجوزي في " زاد المسير " 4 / 446 طبع المكتب الإسلامي، عن أبي سليمان الدمشقي: أنه ليس للنسخ هاهنا مدخل، لإمكان العمل بالآيتين، وذلك أنه إنما عاب على المنافقين أن يستأذنوه في القعود عن الجهاد من غير عذر، وأجاز للمؤمنين الاستئذان لما يعرض لهم من حاجة، وكان المنافقون إذا كانوا معه، فعرضت لهم حاجة ذهبوا من غير استئذان. وانظر " تفسير الطبري " 14 / 274، 276 و " الناسخ والمنسوخ " ص 168، 169 لأبي جعفر النحاس.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أبو داود في الجهاد (171) الحديث عن أحمد بن محمد بن ثابت المروزي عن علي بن حسين بن واقد عن أبيه عن يزيد بن أبي سعيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس فذكره، تحفة الأشراف (5/176) .

ص: 165

657 -

(خ م س) أبو مسعود البدري [عقبة بن عامر]رضي الله عنه قال: لما نزلت آيةُ الصَّدَقِة، كُنَّا نُحامِلُ على ظهورنا، فجاء رجل فتصدَّق بشيءٍ كثير (1)، فقالوا: مُرَاءٍ، وجاء رجل فتصدق بِصَاعٍ، فقالوا:

⦗ص: 166⦘

إِن الله لَغَنِيٌّ عن صاع هذا، فنزلت {الذين يَلْمِزُون المطَّوِّعِينَ من المؤمنين في الصدقات والذين لا يَجِدُونَ إلّا جُهْدَهُمْ

} الآية [التوبة: 79] .

وفي رواية: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أَمَرَنا بالصدقة انْطَلَقَ أحَدُنا إلى السُّوق، فَيُحَامِلُ، فَيُصيبُ المُدَّ، وإنَّ لبعضهم اليومَ لَمِائَةَ ألفٍ.

زاد في رواية: كأنَّهُ يُعَرِّضُ بنفسه (2) .

وفي أخرى: لمَّا أَمر رسولِ الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة كُنَّا نَتَحَامَلُ، فجاء أبو عَقيلٍ بِنصْفِ صاعٍ، وجاء إنسانٌ بأَكثر منه، فقال المنافقون: إن الله لغنيٌّ عن صدقة هذا، وما فعل هذا الآخرُ إلا رياء، فنزلت. أخرجه البخاري ومسلم والنسائي.

⦗ص: 167⦘

وزاد النسائي بعد قوله: لِمَائَةَ ألفٍ: وما كان له [يومئذ] دِرْهَمٌ (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(نُحَامِلُ) بمعنى الحمل، أي: نتكلف الحمل، وكذلك التحامل: تكلف الشيء على مشقة.

(بصاع) قد تقدم ذكره في هذا الكتاب.

(اللمز) : العيب

(المطوعين) المطَّوِّع: المتطوع: وهو الذي يفعل الشيء تبرعاً من نفسه، من غير أن يجبر عليه، فأدغمت التاء في الطاء.

(جهدهم) الجهد: بضم الجيم: الطاقة والوسع.

(المد) : قد تقدم ذكره.

(1) هو عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، ذكره الحافظ في " الفتح " من رواية البزار.

(2)

قال الحافظ في " الفتح " 8 / 251: كأنه يعرض بنفسه،

هو كلام شقيق الراوي عن أبي مسعود، بيّنه إسحاق ابن راهويه في مسنده، وهو الذي أخرجه البخاري عنه، وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن إسحاق، فقال في آخره " وإن لأحدهم اليوم لمائة ألف "، قال شقيق:" كأنه يعرض بنفسه "، وكذا أخرجه الإسماعيلي من وجه آخر، وزاد في آخر الحديث: قال الأعمش: وكان أبو مسعود قد كثر ماله.

قال ابن بطال: يريد أنهم كانوا في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم يتصدقون بما يجدون، وهؤلاء مكثرون ولا يتصدقون، كذا قال، وهو بعيد.

وقال الزين بن المنير: مراده: أنهم كانوا يتصدقون مع قلة الشيء، ويتكلفون ذلك، ثم وسع الله عليهم فصاروا يتصدقون من يسر، ومع عدم خشية عسر.

قلت (القائل ابن حجر) : ويحتمل أن يكون مراده: أن الحرص على الصدقة الآن لسهولة مأخذها بالتوسع الذي وسع عليهم، أولى من الحرص عليها مع تكلفهم، أو أراد: الإشارة إلى ضيق العيش في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك لقلة ما وقع من الفتوح والغنائم في زمانه، وإلى سعة عيشهم بعده لكثرة الفتوح والغنائم.

(3)

البخاري 6 / 224 في الزكاة، باب " اتقوا النار ولو بشق تمرة، وفي الإجارة، باب من آجر نفسه ليحمل على ظهره، وفي تفسير سورة براءة، باب {الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين} ، ومسلم رقم (1018) في الزكاة، باب الحمل أجرة يتصدق بها، والنسائي 5 / 59 و 60 في الزكاة، باب جهد المقل.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (2/136) قال: حدثنا عبيد الله بن سعيد، قال: حدثنا أبو النعمان الحكم، هو ابن عبد الله البصري. وفي (6/84) قال: حدثني بشر بن خالد أبو محمد، قال: أخبرنا محمد بن جعفر. و «مسلم» (3/88) قال: حدثني يحيى بن معين، قال: حدثنا غندر ح وحدثنيه بشر بن خالد، قال: أخبرنا محمد، يعني ابن جعفر. (ح) وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثني سعيد بن الربيع (ح) وحدثنيه إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا أبو داود. و «النسائي» (5/59) قال: أخبرنا بشر بن خالد، قال: حدثنا غندر.

أربعتهم - أبو النعمان، ومحمد بن جعفر غندر، وسعيد بن الربيع، وأبو داود- عن شعبة، عن سليمان الأعمش، عن شقيق أبي وائل، فذكره.

ص: 165

658 -

(خ م س) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: قال: لمَّا تُوُفِّيَ عبدُ الله يعني: ابنَ أُبَيّ بن سَلُولَ (1) جاء ابنُه عبد الله

⦗ص: 168⦘

إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم (2) ، فسأله أنْ يُعْطِيَهُ قميصَهُ يُكَفِّنُ فيه أباه؟ فأعطاه، ثم سأله أَن يُصلِّيَ عليه؟ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُصَلِّيَ عليه، فقام عمرُ، فأخَذَ بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، تُصلِّي عليه وقد نهاكَ ربُّك أَن تُصليَ عليه (3) ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما خَيَّرني الله عز وجل، فقال:{استغفِرْ لهم أَو لا تَسْتَغْفِرْ لهم إِن تستغفر لهم سبعين مَرَّةً} [التوبة: 80] وسأَزيد على السبعين، قال: إنه منافق، فصَلَّى عليه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم (4) قال:

⦗ص: 169⦘

فأنزل الله عز وجل {ولا تُصلِّ على أحدٍ منهم ماتَ أبداً ولا تَقُمْ على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} [التوبة: 84] .

زاد في رواية: فترك الصلاة عليهم.

أخرجه البخاري ومسلم والنسائي (5) .

(1) قال الحافظ في " الفتح " 8 / 251: ذكر الواقدي، ثم الحاكم في " الإكليل ": أن عبد الله بن أبي مات بعد منصرفهم من تبوك، وذلك في ذي القعدة سنة تسع، وكانت مدة مرضه عشرين يوماً، ابتداؤها من ليال بقيت من شوال، قالوا: وكان قد تخلف هو ومن تبعه عن غزوة تبوك، وفيهم نزلت:{لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالاً} [التوبة: 47] وهذا يدفع قول ابن التين: أن هذه القصة كانت في أول الإسلام قبل تقرير الأحكام.

(2)

قال الحافظ في " الفتح " 8 / 251: وقع في الطبري من طريق الشعبي " لما احتضر عبد الله، جاء ابنه عبد الله إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إن أبي قد احتضر، فأحب أن تشهده وتصلي عليه. قال: ما اسمك؟ قال: الحباب. قال: بل أنت عبد الله الحباب: اسم الشيطان. وكان عبد الله بن عبد الله بن أبي: من خيار الصحابة وفضلائهم، شهد بدراً وما بعدها. واستشهد يوم اليمامة في خلافة أبي بكر رضي الله عنه.

(3)

قال الحافظ في " الفتح " 8 / 252: كذا في هذه الرواية إطلاق النهي عن الصلاة، وقد استشكل جداً حتى أقدم بعضهم، فقال: هذا وهم من بعض رواته. وعاكسه غيره، فزعم أن عمر اطلع على نهي خاص في ذلك. وقال القرطبي: لعل ذلك وقع في خاطر عمر، فيكون من قبيل الإلهام، ويحتمل أن يكون فهم ذلك من قوله:{ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} .

قلت: - القائل الحافظ - القول الثاني - يعني ما قاله القرطبي - أقرب من الأول، لأنه لم يتقدم النهي عن الصلاة على المنافقين، بدليل أنه قال في آخر هذا الحديث: فأنزل الله {ولا تصل على أحد منهم} ، والذي يظهر: أن في رواية الباب تجوزاً، بينته الرواية التي في الباب بعده من وجه آخر عن عبيد الله بن عمر بلفظ:" فقال: تصلي عليه وقد نهاك الله أن تستغفر لهم؟ ".

(4)

قال الحافظ في " الفتح " 8 / 253: أما جزم عمر بأنه منافق، فجرى على ما كان يطلع عليه من أحواله، وإنما لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بقوله، وصلى عليه، إجراءاً له على ظاهر حكم الإسلام، كما تقدم تقريره، واستصحاباً لظاهر الحكم، ولما فيه من إكرام ولده، الذي تحققت صلاحيته، ومصلحة الإستئلاف لقومه، ودفع المفسدة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر يصبر على أذى المشركين، ويعفو ويصفح، ثم أمر بقتال المشركين فاستمر صفحه وعفوه عمن يظهر الإسلام ولو

⦗ص: 169⦘

كان باطنه على خلاف ذلك، لمصلحة الإستئلاف وعدم التنفير، ولذلك قال:" لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه " فلما حصل الفتح، ودخل المشركون في الإسلام، وقل أهل الكفر وذلوا، أمر بمجاهدة المنافقين، وغير ذلك مما أمر فيه بمجاهدتهم، وبهذا التقدير يندفع الإشكال عما وقع في هذه القصة بحمد الله تعالى.

(5)

البخاري 3 / 110 في الجنائز، باب الكفن في القميص الذي يكف أو لا يكف، وفي تفسير سورة التوبة، باب {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} ، وباب {ولا تصل على أحد منهم مات أبداً} ، وفي اللباس، باب لبس القميص، ومسلم رقم (2400) في فضائل الصحابة، باب فضائل عمر، ورقم (2774) في صفات المنافقين وأحكامهم، والنسائي 4 / 67 و 68 في الجنائز، باب الصلاة على المنافقين. وقد توسع الحافظ في " الفتح " 8 /255، 257 في الكلام على هذا الحديث فانظره فيه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: 1- أخرجه أحمد (2/18)(4680) . و «البخاري» (2/96) قال: حدثنا مسدد. وفي (7/185) قال: حدثنا صدقة. و «مسلم» (7/116) و (8/120) قال: حدثنا محمد بن المثنى، وعبيد الله بن سعيد، و «ابن ماجة» (1523) قال: حدثنا أبو بشر، بكر بن خلف. و «الترمذي» (3098) قال: حدثنا محمد ابن بشار. و «النسائى» (4/36) قال: أخبرنا عمرو بن علي. ثمانيتهم-أحمد بن حنبل، ومسدد، وصدقة ابن الفضل، ومحمد بن المثنى، وعبيد الله بن سعيد، وبكر بن خلف، ومحمد بن بشار، وعمرو بن علي- عن يحيى بن سعيد القطان.

2-

وأخرجه البخاري (6/85) قال: حدثنا عبيد بن إسماعيل. و «مسلم» (7/116) و (8/120) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. كلاهما -عبيد بن إسماعيل، وأبو بكر بن أبي شيبة- عن أبي أسامة.

3-

وأخرجه البخاري (6/86) قال: حدثني إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا أنس بن عياض.

ثلاثتهم - يحيى بن سعيد القطان، وأبو أسامة، وأنس بن عياض- عن عبيد الله، قال: حدثني نافع، فذكره.

* في رواية صدقة بن الفضل، ومحمد بن المثنى، وعبيد الله بن سعيد، وعمرو بن علي، عن يحيى بن سعيد، زادوا:«فترك الصلاة عليهم» .

ص: 167

659 -

(خ ت س - عمر بن الخطاب رضي الله عنه) : قال: لمَّا مَاتَ عبدُ اللهِ بن أُبيِّ بن سَلول (1) ودُعيَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِيُصليَ عليه، فلما قامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم وَثَبْتُ إِليه، فقلتُ: يا رسولَ الله، أَتُصلِّي على ابن أُبَيٍّ وقد قال يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ ! أُعَدِّدُ عليه قولَهُ، فتبسَّمَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وقال: أَخِّرْ عَني يا عُمَرُ، فلما أَكْثَرْتُ عليه، قال: أما إني خُيِّرْتُ، فاخترتُ، لو أَعلمُ أَني إن زدتُ على السبعين يُغْفرْ له، لَزِدْتُ عليها،

⦗ص: 170⦘

قال: فصلىَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم انْصرَفَ، فلم يَمكُثْ إِلا يسيراً حتى نزلت الآيتان من براءة {ولا تُصَلِّ على أحدٍ منهم ماتَ أَبداً ولا تقم على قبره إِنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} قال: فعجبتُ بعدُ من جُرْأَتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ، والله ورسولُهُ أعلم (2) . أخرجه البخاري، والترمذي، والنسائي.

وزاد الترمذي: فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق، ولا قام على قبره، حتى قَبضَهُ اللهُ (3) .

(1) سلول: بفتح المهملة وضم اللام وسكون الواو بعدها لام - هو اسم امرأة، وهي والدة عبد الله، وأبوه: أبي، وهي خزاعية، وأما هو فمن الخزرج إحدى قبيلتي الأنصار.

(2)

ظاهره: أنه قول عمر، ويحتمل أن يكون من قول ابن عباس رضي الله عنهما. قاله الحافظ.

(3)

البخاري 3 / 181 في الجنائز، باب ما يكره من الصلاة على المنافقين، وفي تفسير سورة براءة، باب {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} ، والترمذي رقم (3096) في التفسير، باب ومن سورة براءة، والنسائي 4 / 68 في الجنائز، باب الصلاة على المنافقين.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (1/16)(95) قال: حدثنا يعقوب، قال: حدثنا أبي، عن ابن إسحاق. و «عبد بن حميد» (19) قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق. و «البخاري» (2/121) وفي (6/85) قال: حدثني يحيى بن بكير، قال: حدثني الليث، عن عقيل. و «الترمذي» (3097) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق. و «النسائي» (4/67) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك، قال: حدثنا حجين بن المثنى، قال: حدثنا الليث، عن عقيل. وفي الكبرى (تحفة الأشراف)(8/10509) عن محمد بن عبد الله بن عمار ومحمد ابن رافع، عن حجين، عن الليث عن عقيل.

كلاهما -ابن إسحاق، وعقيل- عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عبد الله بن عباس، فذكره.

ص: 169

660 -

(ت د) - أبو هريرة- رضي الله عنه: قال: نزلت هذه الآية في أَهل قُباءَ {فيه رجالٌ يُحبُّونَ أَن يَتطَهروا والله يُحبُّ المُطَّهِّرين} [التوبة: 108] قال: كانوا يَسْتَنجُونَ بالماء، فنزلت هذه الآية فيهم. أَخرجه الترمذي وأَبو داود (1) .

(1) الترمذي رقم (3099) في التفسير، باب ومن سورة براءة، وأبو داود رقم (44) في الطهارة، باب الاستنجاء بالماء، وضعفه الحافظ في " التلخيص" 1 / 112 وقال: وروى أحمد وابن خزيمة والطبراني والحاكم عن عويم بن ساعدة نحوه، وأخرجه الحاكم من طريق مجاهد عن ابن عباس، لما نزلت الآية بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى عويم بن ساعدة، فقال: ما هذا الطهور الذي أثنى الله عليكم به؟ قال: ما خرج منا رجل ولا امرأة من الغائط إلا غسل دبره، فقال عليه السلام: هو هذا، وأخرج

⦗ص: 171⦘

بنحوه ابن ماجة رقم (355) في الطهارة، باب الاستنجاء بالماء من حديث عتبة بن أبي حكيم، عن طلحة بن نافع، قال: حدثني أبو أيوب الأنصاري وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك، قال الحافظ الزيلعي في " نصب الراية " 1 / 219: وسنده حسن، وعتبة بن أبي حكيم فيه مقال، قال أبو حاتم: صالح الحديث، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وضعفه النسائي، وعن ابن معين فيه روايتان، وأخرجه الحاكم في " المستدرك " 2 / 234 وصححه. ورواه أحمد 6 / 6 وابن أبي شيبة من حديث محمد بن عبد الله بن سلام، وحكى أبو نعيم في " معرفة الصحابة " الخلاف فيه على شهر بن حوشب، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة. نقول: وهذه شواهد يشد بعضها بعضاً، فيقوى الحديث بها.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (1/99)(771) قاك: حدثنا يحيى بن آدم، وفي (1/130) (1085) قال: حدثنا وكيع. وحدثنا عبد الرحمن. و «الترمذي» (3101) قال: حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا وكيع، و «النسائي» (4/91) قال: أخبرنا إسحاق بن منصور، قال: حدثنا عدالرحمن.

ثلاثتهم يحيى بن آدم، ووكيع، وعبد الرحمن بن مهدي عن سفيان الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الخليل، فذكره.

ص: 170

661 -

(ت س) - علي بن أَبي طالب رضي الله عنه:قال: سمعت رَجُلاً يستغْفِرُ لأبوْيهِ وهما مشركانِ، فقلتُ له: أَتستغْفِرُ لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفرَ إِبراهيمُ لأَبيه وهو مشرك، فذكرتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت {ما كان لِلنَّبِيِّ والَّذِين آمنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكينَ} [التوبة: 113] أخرجه النسائي والترمذي (1) .

(1) الترمذي رقم (3100) في التفسير، باب ومن سورة براءة، والنسائي 4 / 91 في الجنائز، باب النهي عن الاستغفار للمشركين.

وقال الترمذي: حديث حسن، وفي الباب عن سعيد بن المسيب عن أبيه. اهـ.

وحديث سعيد بن المسيب عن أبيه أخرجه أحمد 5 / 433 والبخاري 3 / 176، 177 و 8 / 258 و 389، ومسلم رقم (24) في الإيمان " أنه لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد عنده أبا جهل وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي طالب: أي عم، قل: " لا إله إلا الله " أحاج لك بها عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لأستغفرن لك ما لم أنه عنك، فنزلت {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} . اهـ.

ص: 171

662 -

(خ م ت د س) ابن شهاب الزهري-رحمه الله: قال: أخْبَرَني

⦗ص: 172⦘

عبد الرحمن بنُ عبد الله بن كعب بن مالِكٍ: أنَّ عبدَ الله بن كَعْبٍ، كان قائدَ كعبٍ من بنيه حين عَمِيَ - قال: وكان أعلمَ قومه وأوعاُهم لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعتُ كعبَ بنَ مالكٍ يُحدِّثُ حديثَهُ حين تَخَلَّفَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في غَزْوةِ تَبُوكَ، قال كعبٌ: لم أتخلَّفُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها قَطُّ إِلا في غزوة تبوك، غير أنِّي تخلَّفتُ في غزوة بَدْرٍ، ولم يُعاتِبْ أحداً تَخلَّفَ عنها، إِنما خرجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون يريدون عِيرَ قُرَيْشِ، حتى جَمَع الله بينهم وبين عَدُوِّهمْ على غير ميعادٍ، ولقد شهدتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العَقَبة (1) ، حين تواثَقْنَا (2) على الإِسلام، وما أُحِبُّ أَنَّ لي بها (3) مَشْهَدَ بَدْرٍ وإن كانت بدرٌ أذْكَرَ في الناس منها، وكان مِنْ خَبَري حين تخَلَّفْتُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، أنِّي لم أكُنْ قَطُّ أقوَى، ولا أيْسرَ منِّي حين تَخَلَّفْتُ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في تلك الغزوةِ، واللهِ ما جمعتُ قَبْلَها راحلتين قَطُّ، حتى جَمَعْتُهُما في تلك الغزوة، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورَّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسولُ الله

⦗ص: 173⦘

صلى الله عليه وسلم في حَرٍّ شَديدٍ، واستقْبَلَ سفراً بعيداً ومفازاً، واستقبل عَدُوّاً كثيراً فَجَلَّى للمسلمين أمرهم ليتأهَّبوا أُهْبَةَ (4) غزوهم، وأخبرهم بوجْهِهم الذي يريدُ، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير (5) لا يجمعهم كتابُ حافظٍ - يريد بذلك الديوانَ (6) - قال كعبٌ: فقلَّ رجل يريد أن يَتَغَيَّبَ، إلا ظَنَّ أنَّ ذلك سَيَخْفى ما لم ينزل فيه وحيٌ من الله عز وجل، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمارُ والظِّلالُ، فأنا إِليها أصعَرُ، فتهجر (7) رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، وطَفِقْتُ أغْدُو لِكَيْ أَتَجَهَّزَ معهم، فأرجعُ ولم أَقضِ شيئاً، وأقول في نفسي: أَنا قادرٌ على ذلك إِذا أردتُ، فلم يزل ذلك يتمادَى بي، حتى استمرَّ بالناس الجِدُّ، فأَصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غادِياً، والمسلمون معه، ولم أقضِ من جَهازي شيئاً، ثم غدوتُ فرجعتُ، ولم أقض شيئاً، فلم يزل ذلك يتمادى [بي] حتى أسرعوا، وتفارطَ الغزوُ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَرْتَحِلَ فأُدْرِكَهُمْ، فيا ليتني فَعَلْتُ، ثم لم يُقدَّر ذلك لي، فَطَفِقْتُ إِذا خرجت في الناس - بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم يَحْزُنُني أني لا أرى لي أُسْوَة، إِلا رجلاً مغموصاً عليه في النِّفاق، أَو

⦗ص: 174⦘

رجلاً ممن عذَرَ اللهُ من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغَ تبوكاً (8) فقال وهو جالس في القوم بتبوك:«ما فعل كعبُ بن مالك؟» ، فقال رجل من بني سَلِمَةَ: يا رسول الله، حَبَسَهُ بُرْدَاهُ، والنَّظَرُ في عِطْفَيْهِ، فقال له معاذ بن جَبَل: بِئْسَ ما قُلْتَ (9) ، والله يا رسول الله، ما علمنا عليه إِلا خيراً، فسكتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فبينا هو على ذلك رأى رجُلاً مُبَيِّضاً (10) يَزُول به السَّرابُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«كُنْ أَبا خَيثَمَة (11) » ، فإِذا هُوَ أبو خَيثمةَ الأنصاريُّ، وهو الذي تصدَّق بصاعِ التمرِ حين لمزَه المنافقون، قال كعبٌ: فلما بلغني أَن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد توَجَّه قافِلاً من تبوك، حضرني بَثِّي، فطفقتُ أَتذكَّرُ الكذبَ، وأَقول: بم أَخرجُ من سَخَطِهِ غداً؟ وأستعينُ على ذلك

⦗ص: 175⦘

بكلِّ ذي رأيٍ من أَهلي، فلما قيل: إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد أَظَلَّ قادماً، زاحَ عنِّي الباطِلُ، حتى عرفتُ أني لن أَنجوَ منه بشيءٍ أبداً، فأجمعْتُ صِدْقَهُ (12) ، وَصَبَّحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قادماً، وكان إِذا قَدِمَ من سفرٍ بدأ بالمسجد، فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناسِ، فلَمَّا فَعل ذلك جاءهُ المُخَلَّفُونَ، فطَفِقُوا يعتذرون إِليه، ويحلفون له، وكانوا بِضعة وثمانين رجُلاً، فقَبِلَ منهم عَلانيتَهم، وبايَعهم، واستغفر لهم، ووَكَل سرائرهم إِلى الله، حتى جئتُ، فلمَّا سلَّمتُ تَبَسَّمَ تَبَسُّم المُغْضَبِ، ثم قال:«تعالَ» ، فجئتُ أَمْشي، حتى جَلَسْتُ بين يديْهِ، فقال لي:«ما خَلَّفَكَ؟ ألم تكن قدِ ابتعتَ ظَهرَكَ؟» قلتُ: يا رسول الله، إِنِّي - واللهِ- لو جلستُ عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيتُ أَنِّي سأخرُجُ من سَخَطِهِ بِعُذْرٍ، لقد أُعطِيتُ جَدَلاً، ولكني -والله- لقد علمتُ لَئنْ حَدَّثْتُك اليومَ حَديثَ كذِبٍ ترضى به عني، ليوشكنَّ اللهُ أن يُسخِطَكَ عليَّ، ولئَن حَدَّثتُكَ حديثَ صِدقٍ تَجِدُ عليَّ فيه، إِني لأرجو فيه عُقْبى الله عز وجل وفي رواية: عفو الله -[والله] ما كان لي من عُذْرٍ، والله ما كنتُ قَطُّ أَقْوَى ولا أيْسرَ منِّي حين تَخَلَّفْتُ عنك، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا هَذا فقد صدق، فَقُمْ حتى يَقْضيَ اللهُ فيك» ، فقمتُ، وثارَ رجالٌ من بني سَلِمةَ، فاتَّبعوني، فقالوا لي: واللهِ ما علمناكَ أَذنبتَ ذنباً قَبلَ هذا، لقد عَجَزتَ في أن لا تكونَ اعتَذَرْتَ

⦗ص: 176⦘

إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذَرَ إِليه المُخَلَّفون، فقد كان كافِيَكَ (13) ذَنْبَكَ استغفارُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لك، قال: فَوَ الله ما زالوا يُؤنِّبُونَني حتى أردتُ أَنْ أرجعَ إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأُكَذِّبُ نَفسي، قال: ثم قُلتُ لهم: هل لَقِي هذا مَعي من أحَدٍ؟ قالوا: نعم، لَقِيهُ مَعَكَ رَجُلانِ، قالا مِثلَ ما قُلتَ، وقيل لهما مثلَ ما قِيلَ لكَ، قال: قلتُ: مَن هما؟ قالوا: مُرارةُ بن الرَّبيع العامِريُّ (14) ، وهِلالُ ابنُ أُمَيَّة الواقِفيُّ (15)، قال: فذكروا لي رجُلين صالحَيْنِ قد شَهِدا بَدراً، ففيهما أُسْوَةٌ، قال: فمضيتُ حين ذكروهما لي، قال: ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أَيُّها الثلاثةُ (16) من بينِ من تَخَلَّفَ عنه، قال: فَاجْتَنَبَنَا

⦗ص: 177⦘

الناسُ - أو قال: تغيَّرُوا لنا - حتى تنكَّرَتْ ليَ في نفسي الأرضُ، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبِثْنَا على ذلك خمسين ليلة، فأمَّا صاحِبايَ فاستكانا، وقَعَدَا في بيوتهما يَبكيان، وأَما أَنا فكنتُ أَشَبَّ القومِ وأَجلَدَهُمْ، فكنتُ أخرُجُ، فأَشهَدُ الصلاةَ، وأطوفُ في الأسواق، فلا يكلِّمُني أحدٌ، وآتِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فَأُسَلِّمُ عليه - وهو في مجلِسِهِ - بعدَ الصلاةِ، فأقولُ في نفسي: هل حرَّكَ شَفَتَيْهِ بِردِّ السلام، أمْ لا؟ ثُمَّ أُصَلِّي قريباً منه، وأُسَارِقُهُ النَّظَرَ، فإِذا أَقْبَلْتُ على صَلاتِي نَظَرَ إِليَّ، وإِذا الْتَفَتُّ نحوه أَعْرَضَ عنّي، حتى إِذا طَالَ عليَّ ذلكَ مِن جَفْوَةِ المُسلمينَ، مَشَيْتُ حتَّى تَسَوَّرْتُ جِدارَ حائِطِ أَبي قتادة - وهو ابنُ عَمِّي، وأحَبُّ النَّاس إِليَّ - فسلَّمْتُ عليه، فو اللهِ ما رَدَّ عليَّ السلام، فقُلْتُ له: يا أَبَا قتادة، أَنشُدُكَ بالله، هل تَعْلَمَنَّ أَنِّي أُحِبُّ اللهَ ورَسولَه؟ قال: فسكتَ، فعُدتُ فناشَدْتُهُ، فسكتَ، فعدتُ فناشدْتُهُ، فقال: اللهُ ورسولُهُ أعلم (17) ، ففاضت عَيْنَايَ، وتوَّليتُ حتى تَسوَّرتُ الجدارَ، فبينا أَنا أَمْشي في سُوقِ المدينة، إِذا نَبَطِيٌّ من نَبَطِ أَهل الشام (18) ، مِمَّنْ قَدِمَ بِطعامٍ يبيعه بالمدينةِ، يقول: مَنْ يَدَلُّ على كعبِ بنِ مالكٍ؟ قال: فَطَفِقَ النَّاسُ يُشيرونَ له إِليَّ، حتى جاءني، فدفعَ إِليَّ كتاباً من ملك غسانَ، وكنتُ كاتباً، فقرأتُهُ، فإِذا فيه:

⦗ص: 178⦘

أَما بعد، فإِنَّهُ قد بلغنا أن صاحبك قد جَفاك، ولم يجعلك اللهُ بدارِ هوانٍ، ولا مَضيَعةٍ، فالْحَقْ بنا نُوَاسِكَ (19)، قال: فقلتُ حين قرأتُها (20) : وهذه أَيضاً من البلاءِ، فَتَيَمَّمْتُ بها التَّنُّورَ، فسَجَرْتُها، حتى إِذا مَضتْ أَربعون من الخمسين، واسْتَلْبَثَ الوَحْيُ، فَإِذا رسولُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال:«إِنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يأمْرُكَ أَنْ تَعْتَزِلَ امرأَتكَ» ، قال: فقلتُ: أُطَلِّقُها، أمْ ماذا أفعلُ؟ قال:«لا، بل اعتَزِلها فلا تقرَبَنَّها» ، قال: وأَرسل إِلى صَاحِبيَّ بمثل ذلك، قال: فقلتُ لامرأتي: الْحَقِي بأَهلِك، فكوني عندهم حتى يَقْضِيَ اللهُ في هذا الأمرِ، قال: فجاءَتْ امرأةُ هلال بنِ أُميةَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إِنَّ هِلالَ بن أُمَيَّةَ شيخٌ ضائِعٌ، ليس له خادمٌ، فهل تكرهُ أَن أَخْدُمَه؟ قال:«لا، ولكن لا يَقْرَبنَّكِ» ، فقالت: إِنَّهُ واللهِ ما به حَرَكةٌ إِلى شيءٍ، ووَاللهِ ما زال يبكي، منذُ كان من أَمرِهِ ما كان إِلى يومه هذا، قال: فقال لي بعْضُ أَهلي: لو اسْتَأْذَنتَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في امرأَتِكَ، فقد أذِنَ لامْرَأةِ هلالِ بن أُمَيَّةَ أنْ تَخْدُمَه؟ قال: فقلتُ: لا أَسْتَأْذِن فيها رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، وما يُدْريني ما يقولُ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذا استأذْنتُهُ فيها، وأنا رجلٌ شابٌّ؟ قال: فَلبِثْتُ بذلك عَشْرَ ليالٍ، فكَمُل لنا خمسونَ ليلة من حين نُهي عن كلامنا، قال:

⦗ص: 179⦘

ثم صليتُ صلاةَ الفجر صَبَاحَ خمسين ليلة، على ظَهْرِ بيتٍ من بُيُوتنا، فَبَيْنما أنا جالسٌ على الحالِ التي ذكرَ اللهُ عز وجل منَّا: قد ضاقَتْ عَليَّ نَفْسي، وضاقَتْ عليَّ الأرضُ بما رَحُبَتْ، سمعتُ صوتَ صارخٍ أَوْفَى على سَلْعٍ (21) يقول بأعلى صوتِهِ: يا كَعْبَ بنَ مالِكٍ، أَبْشِرْ، قال: فَخَرَرْتُ ساجداً، وعلمتُ أَنْ قد جاءَ فَرَجٌ، قال: وآذَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بتوبَةِ اللهِ علينا حين صلَّى صلاةَ الفجر، فذهب النَّاسُ يُبَشِّرُونَنا، فذهبَ قِبَلَ صاحِبيَّ مُبَشِّرون، وركَضَ رَجلٌ إِليَّ فرساً، وسعَى ساعٍ من أَسْلَمَ قِبَلي، وأوْفَى على الجبل، وكانَ الصوتُ أَسرعَ من الفرسِ، فلما جاءني الذي سمعتُ صوتَهُ يُبَشِّرُني، نَزَعتُ له ثَوْبَيَّ، فَكَسَوْتُهُما إِيَّاهُ بِبِشَارَتِهِ، والله ما أَمْلِكُ غيرَهُما يومئذٍ، واستَعَرْتُ ثوبين فلَبِسْتُهُما، وانْطَلَقْتُ أَتَأمَّمُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، يَتَلَقَّاني النَّاسُ فَوْجاً فَوْجاً، يُهَنِّؤوني بالتَّوْبةِ، ويقولون: لِتَهْنِئْكَ توبةُ الله عليك، حتَّى دخلتُ المسجد، فإِذا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حَوْلَهُ النَّاسُ، فقام طَلْحَةُ بنُ عُبيْدِ اللهِ (22) يُهَرْوِلُ، حتى صافَحَني وهَنَّأَنِي، والله ما قام رجلٌ من المهاجرين غيرُهُ، قال: فكان كعبٌ لا يَنْسَاها لِطَلْحةَ، قال كعبٌ: فلما سلَّمتُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال- وهو يَبْرُقُ وجْهُهُ من السرور -: «أَبْشِر بِخَيْرِ يومٍ مرَّ عليك منذُ وَلَدتْكَ أُمُّكَ»

⦗ص: 180⦘

، قال: فقلتُ: أمِن عندِكَ يا رسولَ اللهِ، أَم من عنْدِ الله؟ فقال:«بلْ مِن عِنْدِ اللهِ» ، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إِذا سُرَّ اسْتَنَارَ وجهُهُ، حتى كأنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمرٍ، قال: وكُنَّا نَعْرِفُ ذلك، قال: فلمَّا جلستُ بين يديه، قلتُ: يا رسولَ الله، إِنَّ من تَوْبَتي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مالي صَدَقَة إِلى الله وإِلى رسول الله، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«أَمْسِكْ بعْضَ مَالِكَ، فهو خيرٌ لك» ، قال: فقلتُ: فإني أُمْسِكُ سَهْمي الذي بِخَيْبَرَ، قال: وقلت: يا رسول الله، إِن الله إِنَّمَا أَنجاني بالصِّدق، وإِن من توبتي أَن لا أُحَدِّثُ إِلا صِدْقاً ما بَقِيتُ، قال: فوالله ما علمتُ أَحداً من المسلمين أَبْلاهُ الله في صِدق الحديث منذُ ذكرْتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أَحْسَنَ مما أبلاني الله (23) ، وَوَاللهِ ما تَعَمَّدْتُ كَذْبَة مُنْذُ قلت ذلك لِرَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم إِلى يومي هذا، وإِني لأرْجو أن يَحْفَظَنِيَ اللهُ فيما بَقِيَ، قال: فأنزل الله عز وجل: {لَقَد تابَ اللهُ على النبيِّ والمُهَاجرينَ والأَنصارِ الذينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ العُسْرَةِ مِن بعدِ ما كَادَ يَزِيغُ قُلوبُ فريق منهم ثم تابَ عليهم إِنَّهُ بهم رؤوفٌ رَحيمٌ. وعلى الثلاثة الذين خُلِّفُوا حتى إِذَا ضَاقَتْ عليهمُ الأرضُ بِمَا رَحُبَتْ وضاقَتْ عليهم أَنفُسُهُم وظنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلا إِليه ثم تابَ عليهم ليتوبوا إِنَّ اللهَ هو التَّوابُ الرحيم. يا أيُّها الذين آمنوا اتقوا اللهَ وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 117 - 119]، قال كعبٌ: واللهِ ما أَنعمَ اللهُ عليَّ

⦗ص: 181⦘

من نِعْمَةٍ قَطُّ - بعدَ إِذْ هداني للإِسلام - أعْظَمَ في نفسي من صِدْقِي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم: أَنْ لا أكونَ (24) كَذَبْتُهُ فأهْلِكَ كما هَلَكَ الذين كَذَبُوا، إِنَّ اللهَ قال للذينَ كَذَبوا حين أَنْزَلَ الوْحيَ شَرَّ ما قال لأَحَدٍ، فقال الله:{سَيَحْلِفُونَ باللهِ لكم إِذا انقَلَبْتُم إِليهم لِتُعْرِضُوا عنهم فأَعْرِضُوا عنهم إِنَّهُم رِجْسٌ ومأْواهم جهنَّمُ جزاءً بِمَا كانوا يكسبون. يحلفون لكم لتَرْضَوْا عنهم فإِن تَرْضَوْا عنهم فَإِنَّ اللهَ لا يَرضَى عن القومِ الفاسقين} [التوبة: 95 - 96]، قال كعب: كُنَّا خُلِّفْنا - أَيُّها الثلاثةَ - عن أمْرِ أُولئِكَ الذين قَبِلَ منهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حين حَلفُوا له، فبايَعَهُم واستغفر لهم، وأَرجأ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أمْرَنا، حتى قَضَى اللهُ تعالى فيه بذلك، قال اللهُ عز وجل:{وَعلى الثلاثةِ الذين خُلِّفُوا} [التوبة: 118] ، وليس الذي ذُكِرَ مما خُلِّفْنا عن الغَزْو، وإِنَّمَا هو تَخْلِيفه إِيَّانا، وإِرجاؤه أَمْرَنا عَمَّن حَلَفَ له، واعتذر إِليه فَقَبِلَ منه.

وفي رواية: ونهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن كلامي وكلام صاحبَيَّ، ولم يَنْهَ عن كلامِ أَحدٍ من المتخلِّفين غيرِنا، فاجْتَنَبَ الناسُ كلامَنَا، فَلَبِثْتُ كذلك، حتى طال عليَّ الأمْرُ، وما من شيءٍ أَهَمُّ إِليَّ مِنْ أَنْ أَمُوتَ، فلا يُصَلِّي عليَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أو يموتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فأَكون من النَّاسِ بتلكَ المنزلَةِ، فلا يكلِّمني أَحَدٌ

⦗ص: 182⦘

منهم، ولا يُسَلِّمُ عليَّ، ولا يُصَلِّي عليَّ، قال: فأَنزل الله تَوْبَتنا على نبيِّهِ صلى الله عليه وسلم، حين بقي الثلثُ الأَخيرُ من الليل، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند أُمِّ سَلَمَةَ، وكانتْ أُمُّ سَلَمَةَ مُحْسِنَة في شأني مَعْنيَّة (25) بأمري، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم:«يا أُمَّ سَلَمَةَ، تِيبَ على كَعْبٍ» ، قالت: أَفلا أُرْسِلُ إِليه فأُبَشِّرُهُ؟ قال: إِذاً يَحْطِمُكُمُ الناسُ، فيمنعونكم النوْمَ سائرَ الليْلِ، حتى إِذا صَلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاةَ الفجر، آذَنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بتوبةِ الله علينا.

وفي رواية: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرجَ يومَ الخميس في غزوة تبوك، وكان يحبُّ أن يخرجَ يومَ الخميس. وفي رواية طَرَفٌ من هذا الحديث، وفيها زيادة معنى: أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان لا يَقْدَمُ من سَفَرٍ إِلا نهاراً في الضُّحَى، فإِذا قَدِمَ بدأَ بالمسجد فصلى فيه ركعتين، ثم جلس فيه. هذه روايات البخاري ومسلم (26) .

⦗ص: 183⦘

وأَخرج الترمذي طَرَفاً من أوَّلِهِ قليلاً: ثم قال

وذكر الحديث بطوله، ولم يذكر لفظه

ثم أَعادَ ذِكْر دُخُولِ كعبٍ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم في المسجد، بعد نزول القرآن في شأنه

إِلى آخر الحديث.

وأَخرجه أبو داود مُجْمَلاً، وهذا لفظُهُ: أَنَّ عبد الله بن كعبٍ - وكان قائدَ كعبٍ من بَنيه حين عَمِيَ - قال: سمعتُ كعبَ بن مالك - وذكر ابنُ السَّرحِ قِصَّةَ تَخَلُّفِهِ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةِ تبوك - قال: ونهى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيُّهَا الثلاثةُ، حتى إِذا طالَ عليَّ تَسَوَّرْتُ جِدَارَ حائط أبي قتادة - وهو ابنُ عَمي- فسلَّمتُ عليه، فو الله ما ردَّ عليَّ السلامَ - ثم ساق خبر تنزيل تَوْبته، هذا لفظ أبي داود. وأَخرج أيضاً منه فصلاً في كتاب الطلاق، وهذا لفظه: أنَّ عبد اللهِ بن كعب - وكان قائدَ كعب من بَنِيهِ حين عَميَ - قال: سمعتُ كعب بن مالك - وساق قصته في تبوك - قال: حتى إذا مَضَتْ أربعون من الخمسين إذا رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يَأْتِيني، فقال: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يأْمُركَ أن

⦗ص: 184⦘

تعتزل امرأَتَك، قال: فقلتُ: أُطَلِّقها، أم ماذا أَفْعَلُ؟ قال: لا، بل اْعتَزِْلها فلا تَقْرَبَنَّها، فقلتُ لامرأَتي: الحقي بأهلك، وكوني عندهم حتى يَقْضيَ الله في هذا الأمر.

وأخرج أيضاً منه فصلاً في كتاب الجهاد، في باب إعطاء البشير، قال: سمعتُ كعبَ بن مالك يقول: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا قَدِمَ مّنْ سَفَرٍ بدأَ بالمسجد فركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس، - قال أبو داود: وقَصَّ ابنُ السَّرْح الحديثَ - قال: ونهى النبيُّ صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أَيُّها الثلاثةُ، حتى إذا طالَ علي، تَسَوَّرْتُ جدار حائط أبي قتادة - وهو ابن عَمِّي - فسَّلمتُ عليه، فو الله ما رَدَّ عليَّ السلامَ، ثم صلَّيتُ الصبْح صباحَ خمسين ليلة، على ظَهْر بيتٍ من بيوتنا، سَمعْتُ صارخاً: يا كعبَ بن مالكٍ، أبْشِرْ، فلما جاء الذي سَمِعْتُ صوتهُ يُبشِّرُني نزَعْتُ له ثوبَيَّ، فكَسَوْتُهُما إيِّاهُ، فانطلقتُ، حتى إذا دخلتُ المسجدَ، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، فقام إليَّ طَلْحَةُ بنُ عبيد الله يُهَرْوِلُ، حتى صافحني وهنَّأني.

وأخرج أيضاً منه فصلاً آخر في كتاب النذُور، قال: فقلتُ: يا رسول الله، إِنِّي أَنْخَلِعُ من مالي صدَقة إلى الله عز وجل، وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَمْسك عليك بعض مالك فهو خَيْرٌ لك، قال: فقلتُ: إني مُمْسِكٌ سَهْمِي الذي بخَيْبَرَ. وفي أخرى له قال: قال كعب للنبي صلى الله عليه وسلم أوْ أبُو لُبَابَةَ، أو مَنْ

⦗ص: 185⦘

شاء الله -: إِنَّ من توبتي: أَن أهجُر دارَ قَوْمي التي أصبتُ فيها الذَّنْبَ، وأن أَنْخَلِعَ من مالي كُلِّهِ صدَقة، قال: ويُجْزئُ عنك الثُّلُثُ.

وأخرج النسائي منه فصلاً، قال: عبدُ اللهِ بنُ كعبٍ: سمعت كعبَ بن مالك يحدِّثُ حديثه، حين تَخلَّفَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزْوة تبُوكَ، قال: وصَبَّحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قادماً - وكان إذا قَدِمَ من سفرٍ بَدأَ بالمسجد فركعَ فيه ركعتين، ثم جلس للناس - فلما فعل ذلك: جاءهُ المُخلَّفُونَ، فَطَفِقُوا يعتذرون إليه، ويَحلِفُونَ له، وكانوا بِضْعاً وثمانين رجلاً، فقبل رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عَلانيتَهم، وبايعهم، واسْتَغْفَرَ لهم، وَوَكَلَ سَرائرهم إلى الله تعالى، فجئُت حتى جلستُ بين يديه، فقال: مَا خَلَّفكَ؟ أَلم تكنِ ابْتَعْتَ ظَهْرَكَ؟ قلتُ: يا رسولَ اللهِ، واللهِ لو جلستُ

وذكر الحديث إلى قوله: قُمْ، حتى يقْضِي اللهُ فيك، فَقُمْتُ فَمضيْتُ.

وأخرج منه أيضاً: أمْرَه باعتزال امرأته. وأخرج منه فصلاً في كتاب النذور، مثلَ ما أخرجَ أبو داود (27) .

⦗ص: 186⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(عير) العير: الإبل والحمير تحمل الميرة والتجارة، ونحو ذلك.

(تواثقنا) التواثق: تفاعل من الميثاق، وهو العهد والحلف.

(راحلتين) الراحلة: الجمل والناقة القويان على الأسفار والأحمال، والهاء فيه للمبالغة. كداهية (28) ، وراوية، وقيل: إنما سميت راحلة، لأنها تُرَحَّل، أي: تحمّل، فهي فاعلة بمعنى مفعولة، كقوله تعالى {في عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] أي: مرضية.

(ورّى) عن الشيء: إذا أخفاه وذكر غيره.

(مفازاً) المفاز والمفازة: البرية القفر، سميت بذلك تفاؤلاً بالفوز والنجاة، وقيل: بل هو من قولهم: فوَّز: إذا مات.

(فجلا) جلا الشيء: إذا كشفه، أي: أظهر للناس مقصده.

(بوجههم) وجه كل شيء: مستقبله، ووجههم: جهتهم التي يستقبلونها ومقصدهم.

(أصعر) : أميل.

(فتهجّر) التهجير: معناه: المبادرة إلى الشيء في أول وقته، ويجوز أن

⦗ص: 187⦘

يريد به وقت الهاجرة.

(استمر الجد) أي تتابع الاجتهاد في السير.

(يتمادى) التمادي: التطاول والتأخر.

(تفارط) الغزو: تقدم وتباعد: أي بعد ما بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المسافة.

(طفقت) مثل جعلت.

(أسوة) الأسوة - بكسر الهمزة وضمها-: القدوة.

(مغموصاً) المغموص: المعيب المشار إليه بالعيب.

(والنظر في عِطْفيه) يقال: فلان ينظر في عطفيه. إذا كان معجباً بنفسه.

(يزول به السراب) زال به السراب يزول: إذا ظهر شخصه خيالاً فيه.

(لمزه) اللمز: العيب، وقد ذُكر.

(قافلاً) القافل: الراجع من سفره إلى وطنه.

(بثي) البث: أشد الحزن، كأنه من شدته يبثه صاحبه: أي يظهره.

(أظل) الإظلال: الدنو، وأظلك فلان: أي دنا منك، كأنه ألقى عليك ظله.

(زاح) عني الأمر: زال وذهب.

⦗ص: 188⦘

(فأجمعت) أجمعت على الشيء: إذا عزمت على فعله.

(المخلَّفون) جمع مخلَّف، وهم المتأخرون عن الغزو، خلفهم أصحابهم بعدهم فتخلَّفوهم.

(بضعة) البضع: ما بين الثلاث إلى التسع من العدد. (ووكل سرائرهم) وكلت الشيء إليك: أي رددته إليك، وجعلته إليك. والمراد به: أنه صرف بواطنهم إلى علم الله تعالى.

(ظهرك) الظهر هنا: عبارة عما يركب.

(ليوشكن) أوشك يوشك: إذا أسرع.

(تجد) تجد من الموجدة: الغضب.

(يؤنبونني) التأنيب: الملامة والتوبيخ.

(فاستكانا) الاستكانة: الخضوع.

(تسوَّرت) الجدار: إذا ارتفعت فوقه وعلوته.

(مَضِيعَة) المضيعة: مفعلة من الضياع: الاطراح والهوان، كذا أصله، فلما كانت عين الكلمة ياء، وهي مكسورة، نقلت حركتها إلى الفاء وسكنت الياء، فصارت بوزن معيشة، والتقدير فيهما سواء، لأنهما من ضاع وعاش.

(نُواسِك) المواساة: المشاركة والمساهمة في المعاش والرزق ونحو ذلك.

⦗ص: 189⦘

(فتيممت) التيمم: القصد.

(استلبث) : استفعل، من لبث: إذا قام وأبطأ.

(رحب) الرحب: السعة.

(أوفى) على الشيء: إذا أشرف عليه.

(سَلع) : جبل في أرض المدينة.

(ركض) الركض: ضرب الراكب الفرس برجليه ليسرع في العدو.

(آذن) : أعلم.

(أتأمم) بمعنى: أتيمم: أي أقصد.

(فوجاً) الفوج: الجماعة من الناس.

(يبرق) برق وجهه: إذا لمع وظهر عليه أمارات السرور والفرح.

(أنخلع) أنخلع من مالي: أي أخرج من جميعه، كما يخلع الإنسان قميصه.

(ساعة العسرة) سمي جيش تبوك جيش العسرة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب الناس إلى الغزو في شدة الحر، فعسر عليهم. وكان وقت إدراك الثمار.

(رِجْس) الرجس: النجس.

(إرجاء) الإرجاء: التأخير.

⦗ص: 190⦘

(يحطمكم) الناس: أي يطؤونكم ويزدحمون عليكم، وأصل الحطم: الكسر.

(1)" ليلة العقبة " هي الليلة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الأنصار على الإسلام والإيواء والنصر، وذلك قبيل الهجرة، والعقبة هي التي في طرف منى من ناحية مكة، التي تضاف إليها جمرة العقبة، وكانت بيعة العقبة مرتين، كانوا في السنة الأولى: اثني عشر، وفي الثانية: سبعين، كلهم من الأنصار.

(2)

أي: تعاقدنا وتعاهدنا.

(3)

أي: بدلها ومقابلها، وذلك لأنها كانت سبب قوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظهور الإسلام، وإعلاء الكلمة.

(4)

بضم الهمزة وإسكان الهاء - أي: ليستعدوا بما يحتاجون إليه في سفرهم ذلك.

(5)

وفي رواية لمسلم " وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بناس كثير يزيدون على عشرة آلاف، ولا يجمعهم ديوان حافظ ".

(6)

قال النووي: هو بكسر الدال على المشهور، وحكي فتحها. وهو فارسي، وقيل: عربي.

(7)

في رواية للبخاري ومسلم: فتجهز.

(8)

قال النووي: " حتى بلغ تبوكاً " هكذا هو في أكثر النسخ: تبوكاً بالنصب، وكذا هو في نسخ البخاري، وكأنه صرفها لإرادة الموضع دون البقعة.

(9)

قال النووي: هذا دليل لرد غيبة المسلم الذي ليس بمنهمك في الباطل، وهو من مهمات الآداب، وحقوق الإسلام.

(10)

قال النووي: المبيض بكسر الياء: هو اللابس الأبيض، ويقال: هم المبيضة والمسودة، بالكسر فيهما: أي لابسوا البيض والسود. وقوله يزول به السراب، أي: يتحرك وينهض، والسراب: هو ما يظهر للإنسان في الهواجر في البراري كأنه ماء.

(11)

قال النووي: قيل: معناه: أنت أبو خيثمة، قال ثعلب: العرب تقول: كن زيداً، أي: أنت زيد، قال القاضي عياض: والأشبه أن " كن " هنا للتحقيق والوجود، أي: يوجد هذا الشخص أبا خيثمة حقيقة، وهذا الذي قاله القاضي هو الصواب، وهو معنى قول صاحب التحرير، تقديره: اللهم اجعله أبا خيثمة، وليس في الصحابة من يكنى أبا خيثمة إلا اثنان. أحدهما: هذا. والثاني: عبد الرحمن بن أبي سبرة الجعفي.

(12)

قال النووي: أي: عزمت عليه، يقال: أجمع أمره وعلى أمره وعزم عليه بمعنى.

(13)

بنصب الياء من " كافيك " خبر كان، واسمها " استغفار " و " ذنبك " منصوب بإسقاط الخافض، قاله الزركشي.

(14)

قال النووي: مرارة بن الربيع العامري، هكذا هو في جميع نسخ مسلم " العامري " وأنكره العلماء، وقالوا: هو غلط، إنما صوابه العمري - بفتح العين وإسكان الميم - من بني عمرو بن عوف، وكذا ذكره البخاري، وكذا نسبه محمد بن إسحاق، وابن عبد البر وغيرهما من الأئمة، قال القاضي: هذا هو الصواب، وان كان القابسي قد قال، لا أعرفه إلا العامري، فالذي ذكره الجمهور أصح.

وأما قوله: مرارة بن الربيع، فهو رواية البخاري، ووقع في نسخ مسلم، وكذا نقله القاضي عن نسخ مسلم: مرارة بن ربيعة، قال ابن عبد البر: يقال بالوجهين، و " مرارة " بضم الميم وتخفيف الراء المكررة.

(15)

قال النووي: هو بقاف ثم فاء، منسوب إلى بني واقف، بطن من الأنصار، وهو هلال بن أمية بن عامر بن كعب بن واقف، واسم واقف: مالك بن امرئ القيس بن مالك بن أوس الأنصاري.

(16)

قال النووي: بالرفع، وموضعه نصب على الاختصاص، قال سيبويه نقلاً عن العرب:" اللهم اغفر لنا أيتها العصابة " وهذا مثله، وفي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا، دليل على لزوم هجران أهل البدع والمعاصي.

(17)

قال القاضي: لعل أبا قتادة لم يقصد بهذا تكليمه، لأنه منهي عن كلامه، وإنما قال ذلك لنفسه، لما ناشده الله، فقال أبو قتادة: مظهراً لاعتقاده، لا لسمعه، ولو حلف رجل لا يكلم رجلاً، فسأله عن شيء؟ فقال: الله أعلم، يريد إسماعه وجوابه: حنث.

(18)

يقال: النبط والأنباط والنبيط، وهم فلاحو العجم.

(19)

قال النووي: في بعض النسخ " نواسيك " بزيادة ياء، وهو صحيح. أي: ونحن نواسيك، وقطعه عن جواب الأمر، ومعناه: نشاركك فيما عندنا.

(20)

أنث الضمير الراجع إلى الكتاب: على معنى الصحيفة، قاله الزركشي.

(21)

أي: صعد على جبل سلع الذي يشرف على دار كعب. والصارخ: هو أبو بكر رضي الله عنه، تعجل ذلك ليكون أسبق بالبشارة ممن ركض الفرس.

(22)

وكعب وطلحة أخوين في الله، آخى بينهما صلى الله عليه وسلم.

(23)

قال النووي: أي: أنعم عليه، والبلاء والإبلاء: يكون في الخير والشر، لكن إذا أطلق كان للشر غالباً، وإذا كان في الخير قيد كما قيده هنا، فقال: أحسن مما أبلاني.

(24)

قال النووي: هكذا هو في جميع نسخ مسلم، وكثير من روايات البخاري، قال العلماء: لفظة " لا " في قوله " أن لا أكون " زائدة، ومعناه: أن أكون كذبته، كقوله تعالى:{ما منعك ألّا تسجد إذ أمرتك} [الأعراف: 12] وقوله: " فأهلك " هو بكسر على الفصيح المشهور، وحكى فتحها، وهو شاذ.

(25)

بفتح الميم وسكون العين، أي: ذات اعتناء بي، كذا عند الأصيلي. ولغيره بضم الميم وكسر العين من العون، والأول أليق بالحديث، قاله الزركشي.

(26)

في هذا الحديث فوائد كثيرة منها: إباحة الغنيمة لهذه الأمة، إذ قال: يريدون عيراً لقريش، وفضيلة أهل بدر والعقبة، والمبايعة مع الإمام، وجواز الحلف من غير استحلاف، وتورية المقصد إذا دعت إليه ضرورة، والتأسف على ما فات من الخير، وتمني المتأسف عليه، ورد الغيبة، وهجران أهل البدعة، وأن للإمام أن يؤدب بعض أصحابه بإمساك الكلام عنه، واستحباب صلاة القادم، ودخوله المسجد أولاً، وتوجه الناس إليه عند قدومه، والحكم بالظاهر وقبول المعاذير، واستحباب البكاء على نفسه، وأن مسارقة النظر في الصلاة لا تبطلها، وفضيلة الصدق، وأن السلام ورده كلام، وجواز دخول بستان صديقه بغير إذنه، وأن الكتابة لا يقع بها الطلاق ما لم ينوه، وإيثار طاعة

⦗ص: 183⦘

الله ورسوله على مودة القريب، وخدمة المرأة لزوجها، والاحتياط بمجانبة ما يخاف منه الوقوع في منهي عنه، إذ كعب لم يستأذن في خدمة امرأته لذلك، وجواز إحراق ورقة فيها ذكر الله تعالى إذا كان لمصلحة، واستحباب التبشير عند تجدد النعمة واندفاع الكربة، واجتماع الناس عند الإمام في الأمور المهمة، وسروره بما يسر أصحابه، والتصدق بشيء عند ارتفاع الحزن، والنهي عن التصدق بكل المال عند خوف عدم الصبر، وإجازة التبشير بخلعة، وتخصيص اليمين بالنية، وجواز العارية ومصافحة القادم، والقيام له، واستحباب سجدة الشكر، والتزام مداومة الخير الذي انتفع به، وانظر " فتح الباري " 8 / 293 - 295 و " دليل الفالحين " لابن علان 1 / 121، 122.

(27)

البخاري 5 / 289 في الوصايا، باب إذا تصدق ووقف بعض ماله، وفي الجهاد، باب من أراد غزوة فورى بغيرها، وفي الأنبياء، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة، وفي المغازي، باب قصة غزوة بدر، وباب غزوة تبوك، وفي تفسير سورة براءة، باب {لقد تاب الله على النبي} ، وباب {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} ، وباب {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} ، وفي الاستئذان، باب من لم يسلم على من اقترف ذنباً، وفي الأيمان والنذور، باب إذا أهدى ماله على وجه النذر والمثوبة، وفي الأحكام، باب هل للإمام أن يمنع المجرمين وأهل المعصية من الكلام معه والزيارة، ومسلم رقم (2769) في التوبة، باب حديث توبة كعب بن مالك، والترمذي رقم (3101)

⦗ص: 186⦘

في التفسير، باب ومن سورة براءة، وأبو داود رقم (2202) في الطلاق، باب فيما عني به الطلاق والنيات، وفي الجهاد، باب إعطاء البشير، وفي النذور، باب من نذر أن يتصدق بماله، والنسائي 6 / 152 في الطلاق، باب الحقي بأهلك، وفي النذور، باب إذا أهدى ماله على وجه النذر، وأخرجه أحمد 3 / 459، 460، والطبري رقم (17447) .

(28)

في المطبوع: ككراهية، وهو تحريف.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (3/456) قال: حدثنا عتاب بن زياد، قال: حدثنا عبد الله، قال: أخبرنا يونس. وفي (3/456) قال: حدثنا يعقوب بن إبرهيم، قال: حدثنا ابن أخي الزهري محمد بن عبد الله. وفي (3/459) قال: حدثنا حجاج. قال: حدثنا ليث بن سعد. قال: حدثني عقيل بن خالد. و «البخاري» (4/9) و (58) و (529) و (5/69) و (92) و (6/3) و (86) و (89) و (8/70) و (9/102) قال: حدثنا يحيى ابن بكير. قال: حدثنا الليث، عن عقيل. وفي (5/96) قال: حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عنبسة. قال: حدثنا يونس. وفي (6/87) قال: حدثنا أحمد بن صالح. قال: حدثني ابن وهب. قال: أخبرني يونس. (ح) قال أحمد (بن صالح) : وحدثنا عنبسة. قال: حدثنا يونس. وفي (6/88) قال: حدثني محمد قال: حدثنا أحمد بن أبي شعيب. قال: حدثنا موسى بن أعين. قال: حدثنا إسحاق بن راشد. وفي (8/175) قال: حدثنا أحمد بن صالح. قال: حدثنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس. وفي «الأدب المفرد» (944) قال البخاري: حدثنا عبد الله بن صالح. قال: حدثني الليث. قال: حدثني عقيل. و «مسلم» (8/105) قال: حدثني أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن سرح مولى بني أمية. قال: أخبرني ابن وهب. قال: أخرني يونس. وفي (8/112) قال: وحدثنيه محمد بن رافع. قال: حدثنا حجين بن المثنى. قال: حدثنا الليث، عن عقيل. و «أبو داود» (2202) و (3317) قال: حدثنا أحمد بن عمرو ابن السرح، وسليمان بن داود. قالا: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس. وفي (2773 و4600) قال: حدثنا ابن السرح. قال: أخبرنا ابن وهب. قال: أخبرني يونس. وفي (3321) قال: حدثنا محمد بن يحيى. قال: حدثنا حسن بن الربيع. قال: حدثنا ابن إدريس. قال: قال ابن إسحاق. و «النسائي» (2/53) و (6/152) و (7/22) . وفي الكبرى (721) قال: أخبرنا سليمان بن داود. قال: حدثنا ابن وهب، عن يونس. وفي (6/153) قال: أخبرني محمد بن جبلة ومحمد بن يحيى بن محمد. قالا: حدثنا محمد بن موسى بن أعين. قال: حدثنا أبي، عن إسحاق بن راشد. وفي (6/153) و (7/23) قال: أخبرنا يوسف بن سعيد. قال: حدثنا حجاج بن محمد. قال: حدثنا الليث بن سعد. قال: حدثني عقيل.

خمستهم (يونس، وابن أخي الزهري، وعقيل، وإسحاق بن راشد، ومحمد بن إسحاق) عن ابن شهاب الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه عبد الله بن كعب، فذكره.

* أخرجه أحمد (3/455) و (6/386) قال: حدثنا عبد الرزاق وابن بكر. و «الدارمي» (1528) قال: حدثنا أبو الوليد الطيالسي. قال: أخبرنا أبو عاصم. و «البخاري» (4/94) قال: حدثنا أبو عاصم. و «مسلم» (2/156) قال: حدثنا محمد بن المثنى. قال: حدثنا الضحاك، يعني أبا عاصم (ح) وحدثني محمود بن غيلان. قال: حدثنا عبد الرزاق. و «أبو داود» (2781) قال: حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني والحسن بن علي. قالا: حدثنا عبد الرزاق. و «النسائي» في الكبرى (الورقة 118) قال: أخبرنا عمرو بن علي. قال: حدثنا أبو عاصم.

ثلاثتهم - عبد الرزاق، ومحمد بن بكر، وأبو عاصم- قالوا: أخبرنا ابن جريج. قال: أخبرني ابن شهاب، أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أخبره عن أبيه عبد الله بن كعب. وعن عمه عبيد الله بن كعب، عن عبد الله بن كعب، فذكره.

* في مسند أحمد (3/455) قال ابن بكر في حديثه: (عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب) عن أبيه عبد الله بن كعب بن مالك، عن عمه.

* وأخرجه أبو داود (3318) قال: حدثنا أحمد بن صالح. و «النسائي» (7/22) قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى. و «ابن خزيمة» (2442) قال أخبرني: محمد بن عبد الله بن عبد الحكم. (ح) وأخبرنا يونس.

ثلاثتهم -أحمد، ويونس، ومحمد-عن عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب. قال: أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكره. ليس فيه (عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب) .

* قال أبو عبد الرحمن النسائي: يُشبه أن يكون الزهري سمع هذا الحديث من (عبد الله بن كعب) ومن (عبد الرحمن) عنه.

* وأخرجه أحمد (3/454) قال: حدثنا روح. قال: حدثنا ابن جريج. وفي (6/390) قال: حدثنا يحيى ابن آدم. قال: حدثنا ابن المبارك، عن معمر ويونس. و «البخاري» (4/95) قال: حدثني أحمد بن محمد. قال: أخبرنا عبد الله. قال: أخبرنا يونس. و «النسائي» (6/152) قال: أخبرنا محمد بن حاتم بن نعيم. قال: حدثنا محمد بن مكي بن عيسى. قال: حدثنا عبد الله. قال: حدثنا يونس. وفي الكبرى (الورقة 118) قال: أخبرني إبراهيم بن الحسن. قال: حدثنا الحجاج. قال: قال ابن جريج: أخبرني معمر.

ثلاثتهم -ابن جريج، ويونس، ومعمر - عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن جده كعب بن مالك. فذكره. ليس فيه (عبد الله بن كعب) .

* وأخرجه أحمد (3/455) و (6/387) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر. (ح) حدثنا علي بن إسحاق. قال: أخبرنا عبد الله. قال: أخبرنا معمر. وفي (3/456) قال: حدثنا عثمان بن عمر. قال: حدثنا يونس. وفي (3/456) قال: حدثنا عامر بن صالح. قال: حدثني يونس بن يزيد. وفي (6/386) قال: حدثنا أبو أسامة. قال: أخبرنا ابن جريج. و «عبد بن جميد» (375) قال: أخبرنا عثمان بن عمر. قال: أخبرنا يونس. و «الدارمي» (2454) قال: أخبرنا محمد بن يزيد الحزامي. قال: حدثنا ابن المبارك، عن معمر. وفي (2441) قال: حدثنا عثمان بن عمر. قال: أخبرنا يونس. و «البخاري» (4/59) قال: حدثني عبد الله بن محمد. قال: حدثنا هشام. قال: أخبرنا معمر. و «أبو داود» (2605) قال: حدثنا سعيد بن منصور. قال: حدثنا عبد الله بن المبارك. عن يونس بن يزيد. و «ابن ماجة» (1393) قال: حدثنا محمد بن يحيى. قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر. و «الترمذي» (3102) قال: حدثنا عبد بن حميد. قال: أخبرنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. و «النسائي» (6/154) قال: أخبرني محمد بن عبد الأعلى. قال: حدثنا محمد، وهو ابن نور، عن معمر، وفي الكبرى (الورقة 118) قال: أخبرنا أخبرنا سليمان بن داود، عن ابن وهب، قال: أخبرني يونس.

ثلاثتهم -معمر، ويونس، وابن جريج - عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكره.

* وأخرجه أحمد (3/455) قال: حدثنا حجاج. قال: حدثنا ليث. قال: حدثني عقيل. وفي (3/455) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر. وفي (6/390) قال: حدثنا إسحاق، يعني ابن الطباع. قال: حدثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب.

ثلاثتهم - عقيل، ومعمر، ويزيد- عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه، فذكره.

* وأخرجه مسلم (8/112) قال: حدثني عبد بن حميد. قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم ابن أخي الزهري. (ح) وحدثني سلمة بن شبيب، قال: حدثنا الحسن بن أعين. قال: حدثنا معقل، وهو ابن عبيد الله. و «النسائي» (6/153) و (7/23) قال: أخبرنا محمد بن معدان بن عيسى. قال: حدثنا الحسن بن أعين. قال: حدثنا معقل. كلاهما -ابن أخي الزهري، ومعقل- عن الزهري. قال: أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك، عن عمه عبيد الله بن كعب. قال: سمعت أبي كعبا. فذكره.

* جميع روايات هذا الحديث جاءت مطولة ومختصرة، ومنها من اقتصر على جملة منه.

* وأخرجه أبو داود (3319) قال: حدثني عبيد الله بن عمر. قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن كعب بن مالك، عن أبيه؛ أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أو أبو لبابة، أو من شاء الله: إن من توبتي أن أهجر دار قومي التي أصبت فيها الذنب، وأن أنخلع من مالي كله صدقة. قال: يجزئ عنك الثلث.

ص: 171

(1) رقم (2505) في الجهاد، باب نسخ تفسير العامة بالخاصة، وفي سنده علي بن الحسين، وقد قالوا فيه: ثقة له أوهام، وقد جنح غير ابن عباس، إلى أن الآيتين محكمتان، وأن قوله سبحانه:{إلا تنفروا يعذبكم} معناه: إذا احتيج إليكم، وهذا مما لا ينسخ، وقوله:{وما كان المؤمنون لينفروا كافة} محكم أيضاً، لأنه لابد أن يبقى بعض المؤمنين لئلا تخلو دار الإسلام من المؤمنين فيلحقهم مكيدة، قال الإمام الطبري في تفسيره 14 / 563، 564 بعد أن ذكر قول من قال بالنسخ، وقول من قال بالإحكام: والصواب من القول في ذلك عندي أن الله عنى بها الذين وصفهم بقوله: {وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم} ثم قال جل ثناؤه: {ما كان لأهل المدينة} الذين تخلفوا عن رسول الله ولا لمن حولهم من الأعراب الذين قعدوا عن الجهاد معه أن يتخلفوا خلافه، ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ندب في غزوته تلك كل من أطاق النهوض معه إلى الشخوص، إلا من أذن له، أو أمره بالمقام بعده، فلم يكن لمن قدر على الشخوص التخلف، فعدد جل ثناؤه من تخلف منهم، فأظهر نفاق من كان تخلفه منهم نفاقاً، وعذر من كان تخلفه لعذر، وتاب على من كان تخلفه تفريطاً من غير شك ولا ارتياب في أمر الله، أو تاب من خطأ ما كان منه من الفعل، فأما التخلف عنه في حال استغنائه فلم يكن محظوراً، إذا لم يكن عن كراهة منه صلى الله عليه وسلم ذلك، وكذلك حكم المسلمين اليوم إزاء إمامهم، فليس بفرض على جميعهم النهوض معه، إلا في حال حاجته إليهم، لما لا بد للإسلام وأهله من حضورهم واجتماعهم واستنهاضه إياهم، فيلزمهم حينئذ طاعته، وإذا كان ذلك معنى الآية، لم تكن إحدى الآيتين اللتين ذكرنا ناسخة للأخرى، إذ لم تكن إحداهما نافية حكم الأخرى من كل وجوهه، ولا جاء خبر يوجه الحجة بأن إحداهما ناسخة للأخرى.

وانظر " زاد المسير " لابن الجوزي 3 / 515، 516 طبع المكتب الإسلامي، و " نواسخ القرآن " له أيضاً ورقة 97، 98.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود في الجهاد (19:1) عن أحمد بن ثابت المروزي، عن علي بن حسين بن واقد عن أبيه، تحفة الأشراف (5/176) .

ص: 190