المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

756 - (م) أُبيُّ بن كعب رضي الله عنه: في - جامع الأصول - جـ ٢

[ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات]

فهرس الكتاب

- ‌حرف التاء

- ‌الكتاب الأول: في تفسير القرآن، وأسباب نزوله

- ‌فاتحة الكتاب

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة بني إسرائيل

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة الحج

- ‌سورة قد أفلح المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة حم: المؤمن

- ‌سورة حم: السجدة

- ‌سورة حم عسق

- ‌سورة حم: الزخرف

- ‌سورة حم: الدخان

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة المنافقين

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة ن

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة عم يتساءلون

- ‌سورة عبس

- ‌سورة إذا الشمس كورت

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة إذا السماء انشقت

- ‌سورة البروج

- ‌سورة سبح اسم ربك الأعلى

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة والضحى

- ‌سورة أقرأ

- ‌سورة القدر

- ‌سورة إذا زلزلت

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة أرأيت

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة النصر

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة المعوذتين

- ‌الكتاب الثاني: في تلاوة القرآن وقراءته

- ‌الباب الأول: في التلاوة

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في آداب التلاوة

- ‌الفرع الأول: في تحسين القراءة والتغني بها

- ‌الفرع الثاني: في الجهر بالقراءة

- ‌الفرع الثالث: في كيفية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: في الخشوع والبكاء عند القراءة

- ‌الفرع الخامس: في آداب متفرقة

- ‌الفصل الثالث: في تحزيب القرآن وأوراده

- ‌الباب الثاني: في القراءات

- ‌الفصل الأول: في جواز اختلاف القراءة

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من القراءات مفصلاً

- ‌الكتاب الثالث: في ترتيب القرآن وتأليفه وجمعه

- ‌الكتاب الرابع: في التوبة

- ‌الكتاب الخامس: في تعبير الرؤيا

- ‌الفصل الأول: في ذكر الرؤيا وآدابها

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من الرؤيا المفسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم

- ‌الكتاب السادس: في التفليس

- ‌الكتاب السابع: في تمني الموت

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها تاءٌ، ولم ترد في حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌كتاب الثناء والشكر

- ‌حرف الجيم

- ‌الكتاب الأول: في الجهاد وما يتعلق به من الأحكام واللوازم

- ‌الباب الأول: في الجهاد وما يختص به

- ‌الفصل الأول: في وجوبه، والحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آدابه

- ‌الفصل الثالث: في صدق النية والإخلاص

- ‌الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو

- ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد متفرقة

- ‌الباب الثاني: في فروع الجهاد

- ‌الفصل الأول: في الأمانة والهدنة

- ‌الفرع الأول: في جوازهما وأحكامهما

- ‌الفرع الثاني: في الوفاء بالعهد والذمة والأمان

- ‌الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها

- ‌الفصل الثالث: في الغنائم والفيء

- ‌الفرع الأول: في القسمة بين الغانمين

- ‌الفرع الثاني: في النفل

- ‌الفرع الثالث: في الخمس ومصارفه

- ‌الفرع الرابع: في الفيء، وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الخامس: في الغلول

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة تتعلق بالغنائم والفي

- ‌الفصل الرابع: من الباب الثاني من كتاب الجهاد في الشهداء

- ‌الكتاب الثاني من حرف الجيم في الجدال والمراء

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها جيم ولم تَرِدْ في حرف الجيم

الفصل: 756 - (م) أُبيُّ بن كعب رضي الله عنه: في

756 -

(م) أُبيُّ بن كعب رضي الله عنه: في قوله تعالى: {وَلنُذِيقَنَّهُمْ من العَذابِ الأَدْنَى دُونَ العذابِ الأكْبَر} [السجدة: 21] قال: مصائبُ الدنيا، والرُّوم، والْبَطْشَةُ أَو الدُّخان. شك شعبَةُ في البطشَةِ أو الدُّخان. أخرجه مسلم (1) .

(1) رقم (2799) في صفة القيامة، باب الدخان، فسر العذاب الأدنى، بمصائب الدنيا والروم والبطشة أو الدخان، والعذاب الأكبر، هو عذاب الآخرة.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح:مسلم في التوبة (20) عن أبي بكر وأبي موسى بندار كلهم عن غندر، عن شعبة، عن قتادة، عن عزره العرني عن يحيى بن الجزار عن عبد الرحمن بن أبي ليلى. تحفة الأشراف (1/33) .

ص: 304

‌سورة الأحزاب

757 -

(خ م ت) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: قال: إِنَّ زَيدَ بن حارثَةَ مَوْلَى رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ما كُنَّا ندُعوهُ إِلا زيدَ بنَ محمدٍ، حتَّى نَزَلَ القرآنُ {ادْعُوهُمْ لآبائهم هو أقْسَطُ عند اللَّه

} الآية. أخرجه البخاري، ومسلم، والترمذي (1) .

⦗ص: 305⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(أَقْسَطَ) الرجلُ: إذا عدل، وقسط: إذا جار.

(1) البخاري 8 / 397 في تفسير سورة الأحزاب، باب {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله} ، ومسلم رقم (2425) في فضائل الصحابة، باب فضائل زيد بن حارثة، والترمذي رقم (3207) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب. قال النووي: قال العلماء: كان النبي صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيداً ودعاه ابنه، وكانت العرب تفعل ذلك؛ يتبنى الرجل مولاه أو غيره فيكون ابناً له يورثه، وينتسب إليه، حتى نزلت الآية، فرجع كل إنسان إلى نسبه، إلا من لم يكن له نسب معروف فيضاف إلى مواليه، كما قال تعالى:{فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (2/77)(5479) قال: حدثنا عفان، قال: حدثنا وهيب. والبخاري (6/145) قال: حدثنا معلى بن أسد، قال: حدثنا عبد العزيزبن المختار. ومسلم (7/130) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القاري. وفي (7/131) قال: حدثني أحمد بن سعيد الدارمي. قال: حدثنا حبان، قال: حدثنا وهيب. والترمذي (3209)، (3814) قال: حدثنا قتيبة، قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن. والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف)(7021) عن قتيبة، عن يعقوب بن عبد الرحمن. (ح) وعن الحسن بن محمد، عن حجاج، عن ابن جريج.

أربعتهم -وهيب، وعبد العزيزبن المختار، ويعقوب، وابن جريج- عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله، فذكره.

ص: 304

758 -

(خ م) أبو هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «ما مِن مُؤمنٍِ، إلا وأنا أولَى الناس به في الدنيا والآخرة، اقْرؤُوا إنْ شئتم {النبيُّ أَوْلَى بالمؤمنين من أنفسهم} [الأحزاب: 6] فأيُّما مُؤمنٍ تَركَ مالاً فَلْيَرِثْهُ عَصَبتُه من كانوا، فإِن ترك دَيناً أو ضَياعاً، فَليأتِني فأنا مولاه» أخرجه البخاري، ومسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(عَصَبة) الميت: من يرثُهُ، سوى من له فرض مقدر.

(ضياعاً) الضياع: العيال، وقيل: هو مصدر ضاع يضيع.

(1) البخاري 8 / 397 في تفسير سورة الأحزاب في فاتحتها، وفي الكفالة، باب الدين، وفي الاستقراض، باب الصلاة على من ترك ديناً، وفي النفقات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:" من ترك كلاً أو ضياعاً فإلي "، وفي الفرائض، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:" من ترك مالاً فلأهله "، وباب ابني عم أحدهما أخ للأم والآخر زوج، وباب ميراث الأسير، ومسلم رقم (1619) في الفرائض، باب من ترك مالاً فلورثته، وفي رواية لمسلم " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الميت عليه الدين فيسأل: هل ترك لدينه من قضاء، فإن حدث أنه ترك وفاءاً صلى عليه، وإلا قال: صلوا على صاحبكم، فلما فتح الله عليه الفتوح قال:" أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه، ومن ترك مالاً فهو لورثته " أي إذا لم يترك وفاءاً.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري في التفسير (1:33) عن إبراهيم بن المنذر، عن محمد بن فليح، عن أبيه، عن هلال بن علي، وفي الاستقراض (11:2) عن عبد الله بن محمد، عن أبي عامر العقدي، عن فليح به، تحفة الأشراف (10/4478) .

وأخرجه مسلم في كتاب الفرائض باب من ترك مالا فلورثته رقم (1619) .

ص: 305

759 -

(ت) ابن عباس رضي الله عنهما: في قوله تعالى: {ما جَعلَ الله لِرَجلٍ من قَلبَيْن في جَوْفِهِ} [الأحزاب: 4] قال أبو ظبيان: قُلنا لابنِ

⦗ص: 306⦘

عباسٍ: أرأَيت قولَ الله تعالى {ما جَعلَ اللَّهُ لِرَجلٍ من قَلبَيْن في جَوْفِهِ} ما عَنَى بذلك؟ قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يُصلّي، فَخطَرَ خَطْرَة، فقال المنافقون الذي يُصلون معه: أَلا ترى أنَّ له قلْبَين: قلباً معكم، وقلباً معهم؟ فأنزل الله تعالى:{ما جَعلَ اللَّه لِرَجلٍ من قَلبَيْن في جَوْفِهِ} أخرجه الترمذي (1) .

(1) رقم (3197) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب بسندين، وقال: هذا حديث حسن، أقول: وفي سنده قابوس بن أبي ظبيان، وفيه لين كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب "، ورواه الحاكم 2 / 415 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وتعقبه الذهبي فقال: قلت: قابوس ضعيف. ورواه أيضاً أحمد وابن جرير الطبري وابن أبي حاتم، وذكره السيوطي في " الدر المنثور " وزاد نسبته لابن المنذر، وابن مردويه، والضياء في " المختارة ".

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه الترمذي في التفسير (34 الأحزاب: 1) عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن صاعد الحراني، و (34 الأحزاب: 2) عن عبد بن حميد، عن أحمد بن يونس كلاهما عن زهير، عن قابوس عن أبيه. وقال: حسن. تحفة الأشراف (4/379) .

ص: 305

760 -

(خ م) عائشة رضي الله عنها: في قوله تعالى {إذْ جاءُوكم من فَوْقِكُم ومن أسْفَلَ منكم وإذْ زَاغَتِ الأبْصَارُ وبَلَغَتِ القُلُوبُ الحَناجرَ} [الأحزاب: 10] قالت: كان ذلك يومَ الخَنْدَق. أخرجه البخاري، ومسلم (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(زاغت الأبصار) : مالت عن مكانها، وذلك كما يعرض للإنسان عند الخوف.

(الحناجر) : جمع الحنجرة، وهي الحلقوم.

(1) البخاري 7 / 307 في المغازي، باب غزوة الخندق، ولم نجده في مسلم، وربما يكون وهماً من المؤلف فإن السيوطي أورده في " الدر المنثور " 5 / 185 ولم يعزه إلى مسلم، وزاد نسبته إلى ابن أبي شيبة، والنسائي، وابن جرير، وابن أبي حاتم، والبيهقي في " الدلائل ".

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (5/139) قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة، والنسائي في الكبرى (6/429) (11398) قال: أخبرنا هارون بن إسحاق.

ثلاثتهم -عثمان، وأبو بكر، وهارون- عن عبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره.

ص: 306

761 -

(خ م ت س) أنس بن مالك رضي الله عنه: قال: نَرى هذه الآية نزلت في عَمِّي أنَسِ بن النَّضِر (1){من المؤمنين رجال صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عليه} [الأحزاب: 23] . أخرجه البخاري (2) .

وقد أخرج هو ومسلم، والترمذيُّ هذا الحديثَ بأَطْوَلَ مِنْهُ،وهو مذكورٌ في غزوةِ أُحدٍ، من كتاب الغزَوات، من حرفِ الغين (3) .

(1) قتل أنس بن النضر يوم أحد شهيداً، ووجد في جسده بضع وثمانون ما بين ضربة بسيف ورمية بسهم وطعنه برمح، حتى قالت أخته الربيع بنت النضر: ما عرفت أخي إلا ببنانه.

(2)

8 / 398 في تفسير سورة الأحزاب، باب {فمنهم من قضى نحبه} .

(3)

مسلم رقم (1903) في الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، والترمذي رقم (3198) و (3199) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه البخاري (6/146)، قال: حدثني محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أبي، عن ثمامة فذكره.

ص: 307

762 -

(ت) أمُّ عمارَة الأنصارية رضي الله عنها: قالت: أَتيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: ما أرَى كُلَّ شيءٍ إلا للرجال، وما أرى النساءَ يُذْكرْنَ بشيءٍ، فنزلت {إِن المسلمين والمسلمات - إلى قوله -: أَعدَّ اللَّه لهم مغفرةً وأَجراً عظيماً} [الأحزاب: 35] . أخرجه الترمذي (1) .

(1) رقم (3209) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، وقال: هذا حديث حسن غريب، وإنما نعرف هذا الحديث من هذا الوجه. أقول: وسنده حسن.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه الترمذي (3211) قال: حدثنا عبد بن حميد، قال: حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا سليمان بن كثير عن حصين عن عكرمة، فذكره.

ص: 307

763 -

(ت) عائشة رضي الله عنها: قالت: لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم

⦗ص: 308⦘

كاتماً شيئاً من الوَحْي، لكَتَم هذه الآية:{وإذْ تقولُ للذي أنْعَمَ اللَّه عليه} [الأحزاب: 37] يعني: بالإِسلام {وأنعمتَ عليه} : بالعتق فَأَعْتَقْتَهُ {أمْسِكْ عليك زوجَكَ واتَّقِ اللَّه وتُخفي في نفسك مَا اللَّهُ مُبدِيهِ وتَخْشى النَّاسَ واللَّهُ أحَقُّ أنْ تَخْشاهُ فلما قَضى زيدٌ منها وَطَراً زَوَّجْناكَها لِكَيْلَا يكون على المؤمنين حَرَجٌ في أزواج أَدْعِيائهم إذا قَضَوْا منهن وطَراً وكان أمرُ اللَّهِ مفعولاً} [الأحزاب: 37] فإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما تَزَوَّجَها، قالوا: تَزوَّجَ حَلِيلةَ ابْنِهِ، فأنزل الله تعالى {ما كان محمدٌ أبا أَحدٍ من رجالكم ولكن رسولَ اللَّهِ وخاتَمَ النبيين} [الأحزاب: 40] وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تَبَنَّاهُ وهو صغيرٌ، فَلبِثَ حتى صارَ رَجُلاً، يقالُ له: زَيْدُ بنُ مُحمَّدٍ، فأنزل الله تعالى:{ادْعُوهم لآبائهم هو أقْسَطُ عند اللَّه فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانُكم في الدِّينِ ومَواليكم} فُلانٌ مولى فُلانٍ، وفلانٌ أخو فلانٍ {هو أقْسَطُ عند اللَّه} يعني: أعدلُ عند الله (1) .

وفي رواية مختصراً: لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوَحْي، لكَتَم هذه الآية:{وإذ تقولُ للذي أنْعَمَ اللَّه عليه وأنعمتَ عليه} لم يَزِدْ.

⦗ص: 309⦘

أخرجه الترمذي (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(حَلِيلَة) قد ذكرت في سورة الفرقان.

(1) رواه الترمذي رقم (3205) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، وقال: هذا حديث غريب. أقول: وفي سنده داود بن الزبرقان الرقاشي البصري نزيل بغداد، وهو متروك، وكذبه الأزدي كما قال الحافظ ابن حجر في " التقريب ". وقول عائشة في أول الحديث: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوحي لكتم هذه الآية، هذا القدر ثابت. وقال الحافظ في " الفتح ": وأظن الزائد بعده مدرجاً في الخبر، فإن الراوي له عن داود - يعني بن أبي هند - لم يكن بالحافظ - يريد به داود بن الزبرقان -.

(2)

رقم (3206) وقال: هذا حديث حسن صحيح. ورواه مسلم رقم (177) في الإيمان، باب معنى قول الله عز وجل:{ولقد رآه نزلة أخرى} ، والطبري 22 / 11، ورواه البخاري من حديث أنس 13 / 347 في التوحيد، باب {وكان عرشه على الماء} . قال الحافظ: وفي مسند الفردوس عن عائشة من لفظه صلى الله عليه وسلم: " لو كنت كاتماً شيئاً من الوحي

" الحديث.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (6/241) قال: حدثنا ابن أبي عدي. وفي (6/266) قال: حدثنا عبد الوهاب. والترمذي (3207) قال: حدثنا علي بن حُجْر. قال: أخبرنا داود بن الزبرقان.

ثلاثتهم -ابن أبي عدي، وعبد الوهاب، وداود بن الزبرقان- عن داود بن أبي هند، عن عامر الشعبي، فذكره.

وأخرجه الترمذي (3207) قال: حدثنا عبد الله بن وضاح الكوفي، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس. وفي (3208) قال: حدثنا محمد بن أبان. قال: حدثنا ابن أبي عدي.

كلاهما -عبد الله بن إدريس، وابن أبي عدي- عن داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها مختصرا على أوله. وزاد فيه:«عن مسروق» .

ص: 307

764 -

(خ ت س) أنس بن مالك رضي الله عنه: قال: جاءَ زيدُ بن حارثةَ يشْكُو، فجعل رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: اتقِ اللهَ، وأمْسِكْ عليك زوجكَ، قال أنسٌ لو كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كاتماً شيئاً من الوَحْي، لكَتَم هذه الآية: قال: وكانت تَفْخَرُ على أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم، تقول: زَوَّجَكُنَّ أَهِالِيكنَّ، وزوجني اللهُ من فوق سَبع سمواتِ.

وفي رواية قال: {وتُخفي في نفسك مَا اللَّهُ مُبدِيهِ} نزلت في شأن زينب بنت جَحْشٍ وزيد بن حارثة. أخرجه البخاري.

وفي رواية الترمذي قال: لما نزلت هذه الآية {وتُخفي في نفسك مَا اللَّهُ مُبدِيهِ} في شأن زينب بن جحش، جاء زيدٌ يَشكُو، فهمَّ بِطلَاقِها، فاستأْمَرَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أَمْسِكْ عليك زوجك، واتق الله.

وفي أخرى له قال: لما نزلت هذه الآية في زينب بن جحش {فلما قَضى

⦗ص: 310⦘

زيدٌ مِنهَا وَطَراً زَوَّجْناكَها} قال: فكانت تَفْخرُ على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: زَوَّجَكُنَّ أَهْلوكنَّ، وزوجني اللهُ من فوق سَبع سمواتٍِ.

وفي رواية النسائي قال: كانت زينب تفخر على نساء النبي صلى الله عليه وسلم تقول: أنْكَحَني من السَّمَاءِ، وفيها نزلت آية الحجاب (1) .

(1) البخاري 13 / 347، 348 في التوحيد، باب {وكان عرشه على الماء} ، وفي تفسير سورة الأحزاب، باب {وتخفي في نفسك ما الله مبديه} ، والترمذي رقم (3212) و (3210) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، والنسائي 6 / 80 في النكاح، باب صلاة المرأة إذا خطبت واستخارتها ربها، وأخرجه أحمد، والحاكم 2 / 417 وصححه ووافقه الذهبي، وأورده السيوطي في " الدر المنثور " 5 / 201 وزاد نسبته إلى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، والبيهقي في سننه.

قال الحافظ في " الفتح ": وقد أخرج بن أبي حاتم هذه القصة من طريق السدي فساقها سياقاً واضحاً حسناً، ولفظه: بلغنا أن هذه الآية نزلت في زينب بنت جحش وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يزوجها زيد بن حارثة، فكرهت ذلك، ثم أنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها إياه، ثم أعلم الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أنها من أزواجه فكان يستحي أن يأمر بطلاقها، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب ما يكون من الناس، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه وأن يتقي الله، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ويقولوا: تزوج امرأة ابنه، وكان قد تبنى زيداً، وروى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال: جاء زيد بن حارثة فقال: يا رسول الله إن زينب أشتد علي لسانها، وأنا أريد أن أطلقها، فقال له: اتق الله وأمسك عليك زوجك، قال: والنبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يطلقها ويخشى قالة الناس.

قال الحافظ: ووردت آثار أخرى أخرجها ابن أبي حاتم والطبري ونقلها كثير من المفسرين لا ينبغي التشاغل بها، والذي أوردته منها هو المعتمد.

والحاصل أن الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم هو إخبار الله إياه أنها ستصير زوجته، والذي كان يحمله على إخفاء ذلك خشية قول الناس: تزوج امرأة ابنه، وأراد الله إبطال ما كان أهل الجاهلية عليه من أحكام التبني بأمر لا أبلغ في الإبطال منه، وهو تزوج امرأة الذي يدعى ابناً ووقوع ذلك من إمام المسلمين ليكون أدعى لقبولهم.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (3/149) قال: ثنال مؤمل بن إسماعيل. وعبد بن حميد (1207) وقال: ثنا محمد بن الفضل. و «البخاري» (6/147) قال: ثنا محمد بن عبد الرحيم، قال: ثنا معلي بن منصور وفي (9/152) قال: ثنا أحمد، قال: ثنا محمد بن أبي بكر المقدسي. و «الترمذي» 3212 قال: ثنا عبد بن حميد، قال: ثنا محمد ثنا بن الفضل. و «النسائي» في الكبري «تحفة الأشراف» (296) عن محمد بن سليمان، لوين.

خمستهم - مؤمل، وابن الفضل، ومعلى، والمقدمي، ولوين - قالوا: ثنا حماد بن زيد، عن ثابت، فذكره. والرواية الأخرى أخرجها أحمد (3/226) . و «البخاري» (9/152) . و «النسائي» (6/79) وفي الكبرى تحفة الأشراف (1124) عن عيسى بن طهران فذكره.

ص: 309

765 -

(خ م ت س) أنس بن مالك رضي الله عنه: أَنَّهُ كان ابنَ عَشْرِ سنين مَقْدَمَ (1) رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قال: وَكُنَّ أُمَّهاتِي يُواظِبْنَني (2) على خدمِة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فَخَدْمتُهُ عَشْر سِنينَ، وتُوُفِّيَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، وأنا ابنُ عشرين سنة، وكنتُ أعلَم النَّاسِ بشأنِ الحجاب حين أُنْزِلَ، وكان أول ما نزل في مُبْتَنَى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش: أصْبَحَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَروساً بها فدعا القومَ فأصابوا الطعام، ثم خرجوا وبقي رَهْطٌ منهم عند النبي صلى الله عليه وسلم، فأطالوا المُكْثَ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج وخرجتُ معه لِكَيْ يخرجوا، فمشى النبيُّ صلى الله عليه وسلم ومَشَيْتُ، حتَّى جاءَ عَتَبَةَ حُجْرةِ عائشة، ثم ظَنَّ أنهم خرجوا، فرجع ورجعتُ معه، حتى إذا دخل على زينب فإذا هم جلوس لم يقوموا، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ورجعت معه، حتى إذا بلغ عَتبةَ حُجْرة عائشة ظنَّ أَنهم خرجوا، فرجع ورجعت معه، فإذا هم قد خرجوا، فضربَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بيني وبينه بالسِّتْرِ، وأُنْزِلَ الحِجابُ.

زاد في رواية: أَنا أَعْلَمُ النَّاسِ بالحِجَابِ، وكان أُبَيُّ بن كعب يَسألُني

⦗ص: 312⦘

عنه. هذه رواية البخاري ومسلم.

وللبخاري من رواية الجَعْد عن أنس، قال: مَرَّ بنا أنَسٌ في مسجد بني رِفاعة، فسمعتُه يقولُ: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا مَرَّ بِجَنَبَاتِ أُمِّ سُليم (3) دَخلَ [عليها] فَسَلَّمَ عليها، ثم قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم عَروساً بزينبَ، فقالت لي أُمُّ سُلَيم: لَوْ أَهْدَينا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم هَدِيَّة؟ فقلتُ لها: افْعَلي، فعمَدَتْ إلى تَمرٍ وسَمْنٍ وأَقِطٍ، فاتخذتْ حَيْسَة في بُرْمَةٍ، فأرسلتْ بها مَعي إليه، فانطلقْتُ بها إليه، فقال [لي] : ضَعْها، ثُمَّ أمرني، فقال: ادْعُ لي رجالاً سمَّاهم، وادْعُ لي من لَقِيتَ، قال: ففعلْتُ الذي أَمرني، فرجعتُ، فإذا البيتُ غاصٌّ بأهله، ورأَيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وضَعَ يدَهُ على تِلْكَ الْحَيْسَةِ، وتَكلَّمَ بما شاء اللهُ، ثم جعل يدْعُو عشرة عَشرَة، يأكلونَ منه، ويقولُ لهم: اذكروا اسم الله، وليأكلْ كُلُّ رُجل ممَّا يلِيه، حتى تصدَّعُوا كلُّهم، فخَرجَ مَنْ خَرَجَ، وبَقيَ نَفرٌ يتحدَّثون، ثم خرج النبيُّ صلى الله عليه وسلم نحو الحُجراتِ، وخَرجتُ في إِثْرِهِ، فقلتُ: إنهم قد ذَهبُوا، فرجع فدخل البيتَ وأَرْخَى السِّتْرَ، وإنِّي لَفي الحجرة، وهو يقول:{يا أيُّها الذين آمنوا لا تدخلوا بيُوتَ النبيِّ إِلّا أنْ يُؤذَن لكم إلى طعامٍ غيرَ ناظرين إِناهُ ولكن إِذا دُعِيتُمْ فادخلوا فإِذا طَعِمْتُم فانْتَشِروا ولا مُسْتَأنِسين لحديثٍ إِن ذلكم كان يُؤذي النبيَّ فيستحيي منكم واللَّه لا يستحيِي من الْحَقِّ} [الأَحزاب: 53] .

⦗ص: 313⦘

وقال الجعدُ (4) : قال أنس: إِنَّهُ خدم النبي صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سنين.

ولمسلم من رواية الْجَعْدِ أيضاً قال: تزوج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فدخلَ بأهله، قال: فَصنَعَتْ أُمِّي أُمُّ سُلَيْم حَيْساً، فجعلتْهُ في تَوْرٍ، فقالت: يا أَنسُ، اذْهبْ بهذا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقل: بعَثَتْ بهذا إليك أُمِّي، وهي تُقْرِئُكَ السلام، وتقول: إِنَّ هذا لَكَ منَّا قليلٌ، فقال: ضَعْهُ، ثم قال:«اذهب فادْعُ لي فُلاناً وفُلاناً [وفلاناً] ومَنْ لِقيتَ» ، قال: فدعوتُ من سَمَّى ومن لقيتُ، قال: قُلْتُ لأنسٍ: عَدَدَ (5) كَمْ كانوا؟ قال: زُهاءَ ثَلاثِمائةٍ (6)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أنسُ، هاتِ التَّوْرَ (7)، قال: فدخلوا حتى امتلأتِ الصُّفَّةُ والحُجْرَةُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: لِيتَحلَّقْ عشرةٌ عشرة، وليأكلْ كلُّ إنسانٍ مما يليه، قال: فأكلوا حتى شبعوا، قال: فخرجتْ طائفةٌ، ودخلت طائفة، حتى أكلوا كلُّهم، فقال لي: يا أنسُ، ارفع، فرفعتُ، فما أدري حين وضعتُ كان أكثرَ، أم حين رفعتُ؟ قال: وجلس طوائفُ منهم يتحدَّثون في بيت

⦗ص: 314⦘

رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ، وزوجتُهُ مُوَلِّيَةٌ وجهها (8) إلى الحائطِ، فثقُلوا (9) على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّمَ على نسائه ثم رجع، فلما رأوْا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد رجعَ، ظنُّوا أنهم قد ثقُلوا [عليه]، قال: فابتدروا الباب، فخرجوا كلُّهم، وجاءَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، حتى أرخى السِّترَ، ودخلَ وأنا جالسٌ في الحُجْرة، فلم يلْبَثْ إلا يسيراً، حتى خرج عليَّ، وأُنزلت هذه الآية، فخرج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وقرأَهُنَّ على الناس: {يا أيُّها الذين آمنوا لا تدخلوا بُيوتَ النبيِّ إلا أن يُؤذَنَ لكم

} إلى آخر الآية، قال: الجعد: قال أنس: أنا أَحْدَثُ الناسِ عهداً بهذه الآيات، وحُجِبْنَ نساءُ النبي صلى الله عليه وسلم.

وفي أخرى للبخاري قال: بنى النبيُّ صلى الله عليه وسلم بزينبَ، فأوْلَمَ بخبزٍ ولحمٍ، فأُرْسِلْتُ على الطعام داعياً، فيجيءُ قومٌ فيأكلونَ ويخرجونَ، ثم يجيءُ قومٌ فيأَكلونَ ويخرجونَ، فدعوتُ حتى ما أجِدُ أَحداً أَدْعُو، فقلتُ: يا نبيَّ الله، ما أَجدُ أحداً أَدعو، قال:«ارفعوا طعامكم» وبقي ثلاثةُ رهْطٍ يتحدَّثونَ في البيت، فخرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فانطلق إلى حُجْرة عائشة، فقال:«السلام عليكم أهلَ البيت ورحمةُ الله» ، وقالت: وعليك السَّلامُ ورحمة الله،

⦗ص: 315⦘

كيف وجدتَ أهلكَ؟ باركَ اللهُ لك، فتقرَّى حُجَرَ نسائه (10) كُلِّهِنَّ، يقولُ لهن كما يقولُ لعائشة، ويقُلْنَ له كما قالت عائشةُ، ثمَّ رجعَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم، فإذا رهطٌ ثلاثةٌ في البيتِ يتحدَّثونَ، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم شديدَ الحياء، فخرج مُنْطلقاً نحو حُجرةِ عائشة، فما أدري أخبَرْتُهُ أو أُخْبِرَ أنَّ القومَ قد خرجوا، فرجع حتى وضع رِجْلهُ في أُسْكُفَّةِ البابِ داخلة، وأُخرى خارجة، أَرْخى السِّتر بيني وبينه، وأُنزلَ الحجابُ.

وفي أخرى له قال: أوْلَمَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حينَ بَنَى بزَينَبَ بِنْتِ جحشٍ، فأَشْبَعَ النَّاسَ خُبْزاً ولَحماً، وخرجَ إلى حُجَرِ أُمَّهاتِ المُؤمِنينَ، كما كان يصَنْعُ صَبِيحَة بنائهِ، فَيُسَلِّمُ عليهنَّ ويدْعُو لهنَّ، ويُسَلِّمْنَ عليه ويدعون له، فلما رجع إلى بيْتِهِ، رأى رجلين، جرى بهما الحديث، فلما رآهما رجَعَ عن بيته، فلما رأى الرَّجُلانِ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجع عن بيته وثَبا مُسْرِعيْنِ، فما أدْرِي أَنا أخبرتُه بخُرُوجِهمِا أو أُخْبِر؟ فرجع حتَّى دخلَ الْبيْتَ، وأرْخَى السِّتْرَ بيْني وبينَهُ، وأُنْزِلت آيَةُ الحجابِ.

وأخرج الترمذي من هذه الروايات رواية الجعد التي أخرجها مسلم.

ولَهُ في رواية أُخرى قال: بنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ مِن نسائِهِ، فأرْسَلَني، فدعوتُ له قوماً إلى الطعامِ، فلمَّا أَكلوا وخرجُوا، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مُنْطلقاً قِبَلَ بيت عائشة، فرأى رجلين جالسيْنِ، فانصرفَ راِجعاً، فقام

⦗ص: 316⦘

الرَّجُلانِ فخرجا، فأنزلَ الله {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تدخُلوا بُيُوتَ النبيِّ إلّا أنْ يُؤذَنَ لكم إلى طعامٍ غيْرَ ناظِرينَ إِناهُ (11) } . قال: وفي الحديث قصةٌ. وقد أَخرج البخاري هذه الرواية مختصرة قال: بنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بامرأةٍ، فأرسلني، فدعوتُ رجالاً إلى الطعامِ، لم يَزِدْ على هذا، ولم يُسَمِّها.

وللترمذي من طريق آخر قال: كنتُ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فأتَى بابَ امرأةٍ عَرَّسَ بها، فإذا عندها قومٌ، فانطلق يقضي حاجته واحْتُبِسَ، ثم رجع وعندها قومٌ، فانطلقَ، فقضى حاجتهُ، فرجع وقد خرجوا، قال: فدخلَ وأَرْخى بيني وبينه سِتْراً، قال: فذكرتُه لأبي طلحة، قال: فقال: لئن كان كما تقولُ لِيْنزِلَنَّ في هذا شيءٌ. قال: فنزلت آية الحجاب. وأخرج النسائي من هذه الروايات: رواية مسلم من طريق الجعد (12) .

⦗ص: 317⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(مبتنى) الابتناء بالمرأة: الدخول بها، وكذلك البناء، والأصل فيه: أن الرجل كان إذا تزوج امرأة، بنى عليها قبة ليدخل بها فيها.

قال الجوهري: ولا يقال: بنى بأهله، إنما يقال: بنى على أهله.

(عروساً) العروس: يطلق على الرجل وعلى المرأة أيام دخول أحدهما بالآخر.

(رهط) الرهط: ما بين الثلاث إلى التسع من الرجال.

(بجنبات) جنبات الإنسان: نواحيه.

(أقط) الأقط: لبن مجفف يابس صلب.

(حيسة) الحيسة: خلط من تمر وسمن وأقط.

(برمة) البرمة: القدر من الحجر المعروف بالحجاز، والبرمة: القدر مطلقاً.

(زُهاء) يقال: القوم زهاء مائة، أي: قدر مائة.

(تصدَّعوا) أي: تفرقوا.

(ليتحلق) التحلق: أن يصير القوم حلقة مجتمعة.

(أولم) الوليمة: طعام العرس.

(فتقرَّى) تقرَّى: مثل استقرى، أي: تتبَع شيئاً فشيئاً.

(إناه) الإنا مقصور: النضج.

(1) أي زمان قدومه.

(2)

قال الحافظ في " الفتح ": يواظبنني، كذا للأكثر بظاء مشالة وموحدة ثم نونين من المواظبة، وللكشميهني بطاء مهملة بعدها تحتانية مهموزة بدل الموحدة من المواطأة وهي الموافقة.

وفي رواية الإسماعيلي " يوطنني " بتشديد الطاء المهملة ونونين، الأولى: مشددة بغير ألف بعد الواو، ولا حرف آخر بعد الطاء، من التوطين، وفي لفظ له مثله لكن بهمزة ساكنة بعدها النونان من التوطئة، يقول: وطأته على كذا: أي حرضته عليه.

(3)

" الجنبات " بفتحتين: النواحي، ويحتمل أن يكون مأخوذاً من الجناب، وهو الفناء. وأم سليم: هي أم أنس.

(4)

هو أبو عثمان الجعد بن دينار اليشكري الصيرفي، من أهل البصرة، وهو ثقة مشهور تابعي، روى عن أنس بن مالك وأبي رجاء العطاردي، سمع منه يونس وشعبة وحماد بن زيد، ويقال له: صاحب الحلي. قال ابن حبان في الثقات: يخطئ.

(5)

كلمة " عدد " مقحم.

(6)

قوله: " زهاء " بضم الزاي وفتح الهاء والمد ومعناه: نحن ثلاثمائة، وفيه: أنه يجوز في الدعوة أن يأذن المرسل في ناس معينين وفي مبهمين، لقوله:" من لقيت، من أردت "، وفي هذا الحديث معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لتكثير الطعام، قاله النووي.

(7)

" هات " هو بكسر التاء، كسرت للأمر، كما تكسر الطاء من: أعط، والتور: إناء يشرب فيه.

(8)

قال النووي: هكذا هو في جميع النسخ " وزوجته " بالتاء، وهي لغة قليلة تكررت في الحديث والشعر، والمشهور: حذفها.

(9)

هو بضم القاف المخففة.

(10)

أي: تتبعهن واحدة واحدة، يقال منه: قروت الأرض: إذا تتبعتها أرضاً بعد أرض، وناساً بعد ناس، قاله الزركشي.

(11)

" إناه " أي إدراكه ووقت نضجه. يقال: أنى الحميم: إذا انتهى حره، وأنى أن يفعل ذلك: إذا حان، إنى - بكسر الهمزة مقصورة - فإذا فتحتها مددت، فقلت: الأناء. وفيه لغتان: أنى يأني وآن يئين، مثل حان يحين.

(12)

البخاري 8 / 405 - 407 في تفسير سورة الأحزاب، باب قوله:{لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} ، وفي النكاح، باب الوليمة حق، وباب الهدية للعروس، وفي الأطعمة، باب قول الله تعالى:{فإذا طعمتم فانتشروا} ، وفي الاستئذان، باب آية الحجاب، وباب من قام من مجلسه أو بيته ولم يستأذن أصحابه، وفي التوحيد، باب {وكان عرشه على الماء} ، ومسلم رقم (1428) في النكاح، باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب، والترمذي رقم (3215) و (3216) و (3217) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح:

1-

أخرجه أحمد (3/168) قال: ثنا حجاج بن محمد. و «البخارى» (7/30) قال: ثنا يحيى بن بكير. وفي «الأدب المفرد» . (105) قال البخاري، ثنا عبد الله بن صالح. ثلاثتهم - حجاج، وابن بكير، وعبد الله بن صالح - قالوا: ثنا الليث بن سعد عن عقيل.

2-

وأخرجه أحمد (3/236) . و «البخاري « (7/107) قال: ثني عبد الله بن محمد. و «مسلم» (4/105) قال: ثني عمرو الناقد. و «النسائى» في الكبرى «تحفة الأشراف» (1505) عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم.

أربعتهم- أحمد، وعبد الله بن محمد، وعمرو الناقد، وعبيد الله- عن يعقوب بن إبراهيم قال: ثنا أبي، عن صالح بن كيسان.

3-

وأخرجه البخاري 8/65 قال: ثنا يحيى بن سليمان، قال: ثنا ابن وهب، قال: عن يونس.

ثلاثتهم - عقيل، وصالح بن كيسان، ويونس - عن الزهري، فذكره.

والرواية الأخرى. أخرجها أحمد (3/163) ، ومسلم (4/152، 151) ، «والترمذي» (3218) ، «والنسائى» 6/، 136وفي «الكبرى» «تحفة الأشراف» (513، 1721) عن الجعد، فذكره.

والرواية الأخرى أخرجها أحمد (3/868، 236) و «البخاري» (307، 82107 / 65) وفي «الأدب المفرد» 1061 و «مسلم» 4/، 150و «النسائي» في الكبرى تحفة الأشراف1505» عن الزهري، فذكره.

ص: 311

766 -

(خ م د س) عائشة رضي الله عنها: قال عروةُ: كانت خولةُ بنتُ حكيمٍ من اللاتي وهبْنَ أنفَسهُنَّ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقالت عائشةُ: أما تستحي المرأةُ أن تهبَ نفسها للرجلِ، فلما نزلت:{تُرْجي من تشاءُ مِنْهُنَّ} قلت: يا رسولَ اللهِ، ما أرى ربَّكَ إِلا يُسارِعُ في هواكَ (1) . وفي أخرى، قالت: كنتُ أغارُ على اللاتي وهبْنَ أنفسَهُنَّ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم (2) ، وذكر نحوه. وفي أخرى، قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يسْتأْذِنُنَا إذا كان في يومِ المرأةِ مِنَّا، بعد أنْ نزلت هذه الآية:{تُرْجي منْ تشاءُ مِنْهُنَّ وتُؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممَّنْ عزلتَ فلا جُناح عليك} فقلتُ لها: ما كنتِ تقولين؟ قالت: كنتُ أقول لهُ: إن كان ذلك إليَّ، فإنِّي لا أُريدُ يا رسولَ الله

⦗ص: 319⦘

أنْ أُوثِرَ عليك أحداً. وفي رواية: لم أُوثِرْ على نفسي أحداً. أخرجه البخاري، ومسلم، والنسائي، ووافقهم على الرواية الثالثة، أبو داود (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(ترجي) الإرجاء: التأخير.

(1) أي: ما أرى الله إلا موجداً لما تريد بلا تأخير، منزلاً لما تحب وتختار.

(2)

قال الحافظ: ووقع عند الإسماعيلي من طريق محمد بن بشر عن هشام بن عروة بلفظ: كانت تعير اللاتي وهبن أنفسهن، بعين مهملة وتشديد.

قال النووي: هذا من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو زواج من وهبت نفسها له بلا مهر، قال الله تعالى:{خالصة لك من دون المؤمنين} واختلف العلماء في هذه الآية، وهي قوله:{ترجي من تشاء} فقيل: ناسخة لقوله تعالى: {لا يحل لك النساء من بعد} ومبيحة له أن يتزوج ما شاء. وقيل: بل نسخت تلك الآية بالسنة، قال زيد بن أرقم:" تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه الآية ميمونة، ومليكة، وصفية، وجويرية "، وقالت عائشة رضي الله عنها:" ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء "، وقيل: عكس هذا، وأن قوله تعالى:{لا يحل لك النساء} ناسخة لقوله {ترجي من تشاء} والأول: أصح. قال أصحابنا: الأصح: أنه صلى الله عليه وسلم ما توفي حتى أبيح له النساء مع أزواجه.

(3)

البخاري 8 / 404 في تفسير سورة الأحزاب، باب قوله {ترجي من تشاء منهن} ، وفي النكاح، باب هل للمرأة أن تهب نفسها لأحد، ومسلم رقم (1464) في الرضاع، باب جواز هبتها نوبتها لضرتها، وأبو داود رقم (2136) في النكاح، باب في القسم بين النساء، والنسائي 6 / 54 في النكاح، باب ذكر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في النكاح وأزواجه.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (6/134) قال: حدثنا عفان. قال: حدثنا حماد بن سلمة. وفي (6/158) قال: حدثنا محمد بن بشر. وفي (6 /261) قال: حدثنا يونس. قال: حدثنا حماد بن سلمة. و «البخاري» (6/147) قال: حدثنا زكريا بن يحيى. وقال: حدثنا أبو أسامة. وفي (7/15) قال: حدثنا محمد بن سلام. قال: حدثنا ابن فضيل. و «مسلم» (4/174) قال: حدثنا أبو كريب محمد بن العباس.

قال: حدثنا أبو أسامة. (ح) وحدثناه أبو بكر بن أبي شبيب. قال: حدثناه عبدة بن سليمان. و «ابن ماجة» (2000) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. قال: حدثنا عبدة بن سليمان. و «النسائي» (6/54) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك المخرمي. قال: حدثنا أبو أسامة.

خمستهم -حماد بن سلمة، ومحمد بن بشر، وأبو أسامة، ومحمد بن فضيل، وعبدة بن سليمان - عن هشام بن عروة، عن أبيه، فذكره.

- والرواية الأخرى: أخرجها أحمد (6/76) . و «البخارى» (6/147) . و «مسلم» (4/186) . و «أبو داود» (2136) . و «النسائى» في الكبرى تحفة الأشراف (12 / 17665) عن معاذه، فذكرته.

ص: 318

767 -

(ت) أم هانئ رضي الله عنها: قالت: خطَبني رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، فاعتذَرْتُ إليه، فعذرَني، ثم أَنزل الله: {إِنا أحْلَلْنا لك أزواجَكَ اللَّاتي آتيْتَ أجُورهُنَّ وما ملكتْ يمينُكَ ممَّا أفاءَ اللَّه عليك وبناتِ عَمِّكَ وبناتِ عمَّاتك وبناتِ خالك وبنات خالاتك اللَّاتي هاجَرْنَ معك

} الآية [الأحزاب: 50] فلم أكُنْ لأحِلَّ له؛ لأني لما هاجرتُ كنتُ من الطُّلقاءِ. أخرجه الترمذي (1) .

⦗ص: 320⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الطلقاء) جمع طليق: وهم أهل مكة الذين عفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة، فقال لهم:«اذهبوا فأنتم الطلقاء» والطليق: الأسير إذا خلي سبيله.

(1) رقم (3211) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، وقال: هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث السدي، أقول: والسدي هذا، هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السدي الكبير أبو محمد الكوفي، وهو صدوق يهم كما قال الحافظ في " التقريب "، وفي سنده أيضاً أبو صالح باذام مولى أم هانئ، وهو ضعيف مدلس، ومع ذلك فقد صححه الحاكم 2 / 420 ووافقه الذهبي، قال الحافظ في " تخريج الكشاف ": رواه الترمذي، والحاكم، وابن أبي شيبة، وإسحاق، والطبري، والطبراني، وابن أبي حاتم، كلهم من رواية السدي عن أبي صالح عن أم هانئ.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه الترمذي (3214) قال: ثنا عبد بن حميد. قال: ثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل عن السدي، وعن أبي صالح، فذكره.

ص: 319

768 -

(ت) ابن عباس رضي الله عنهما: قال: نُهيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عن أَصنافِ النِّساءِ، إلا ما كان من المؤمناتِ المهاجرَاتِ بقوله:{لا يحل لك النِّساءُ من بعدُ ولا أَن تَبَدَّلَ بِهنَّ مِنْ أزواجٍ ولو أَعْجَبكَ حُسْنُهُنَّ إلا ما ملكتْ يمينُك} فأحلَّ اللهُ فتياتِكم المؤمناتِ {وامرأَةً مؤمِنَةً إِنْ وهبَتْ نفسها للنبيِّ} وحرَّم كُلَّ ذات دِينٍ غير الإسلام، قال:{ومن يَكْفُرْ بالإيمانِ فقد حبط عملُهُ وهو في الآخرةِ من الخاسرين} [المائدة: 5] وقال: {يا أَيُّها النبيُّ إنا أحللنا لك أَزواجَكَ اللَّاتي آتيتَ أُجورَهنَّ وما ملكت يمينك مِمَّا أفاءَ اللَّه عليك - إلى قوله - خالصةً لك من دون المؤمنين} وحرَّم ما سِوى ذلك من أصنافِ النِّساءِ. أخرجه الترمذي (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(حبط عمله) أي: بطل.

(1) رقم (3213) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب وقال: هذا حديث حسن، إنما نعرفه من حديث عبد الحميد بن بهرام قال: سمعت أحمد بن الحسن يقول: قال أحمد بن حنبل: لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب. أقول: وشهر بن حوشب صدوق كثير الإرسال والأوهام، ومع ذلك فقد حسن حديثه بعضهم.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (1/318)(25 29) و (4/164) قال: ثنا أبو النضر..و «الترمذي» (3215) قال: ثنا عبد، قال: ثنا روح. كلاهما - أبو النضر، وروح- عن عبد الحميد بن بهرام، قال: ثني شهر ابن حوشب، فذكره.

ص: 320

769 -

(ت س (1) - عائشة رضي الله عنها: قالت: ما ماتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى أُحِلَّ له النساء. أخرجه الترمذي والنسائي.

وللنسائي أيضاً: حتَّى أُحِلَّ له أَنْ يَتَزوَّجَ من النساء ما شاءَ (2) .

(1) في الأصل: خ م، وهو خطأ.

(2)

الترمذي رقم (3214) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب، والنسائي 6 / 56 في النكاح، باب ما افترض الله عز وجل على رسوله عليه السلام وحرمه على خلقه من حديث سفيان، عن عمرو عن عطاء عن عائشة، وإسناده صحيح. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وصححه ابن خزيمة وابن حبان، والحاكم من طريق ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة، وله شاهد عند ابن أبي حاتم كما نقله عنه ابن كثير 6 / 512 من حديث أم سلمة أنها قالت: لم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم

.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

حسن: أخرجه أحمد 6/180 قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي. و «الدارمي» 2247 قال: أخبرنا المعلى. و «النسائي» 6/56 قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن المبارك قال: حدثنا أبو هشام، وهوالمغيرة بن سلمة المخزومي.

ثلاثتهم - عبد الرحمن بن مهدي، والمعلى، وأبو هشام - قالوا: حدثنا وهيب، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، فذكره.

وأخرجه الحميدي (25) قال: حدثنا سفيان. قال: حدثنا عمرو. و «أحمد» (6/14) قال: حدثنا سفيان. قال: حدثنا عمرو. وفي (6 /201) قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج. و «الترمذي» (3216) قال: حدثنا ابن أبي عمر. قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو. و «النسائى» (6/56) قال: أخبرنا محمد بن منصور، عن سفيان. قال: حفظناه من عمرو. كلاهما - عمرو بن دينار، وابن جريج- عن عطاء، قال: قالت عائشة مثله، وليس فيه - عبيد بن عمير - وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

ص: 321

770 -

(خ م) عائشة رضي الله عنها: أنَّ أزواجَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كُنَّ يَخْرُجْنَ باللَّيلِ قِبَلَ الْمَناصِع - وهو صَعيدٌ أَفيح - وكان عمرُ يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: احْجُبْ نِساءك، فلم يكن رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجتْ سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ زوجُ النبي صلى الله عليه وسلم، ليلة من الليالي عِشاءاً - وكانت امرأَة طويلة - فناداها عمر: ألَا قد عَرفْناكِ يا سودةُ، حِرْصاً على أن ينزلَ الحجابُ.

وفي رواية: كان أَزواجُ النبي صلى الله عليه وسلم يَخْرُجْنَ ليلاً إلى ليْلٍ قِبَلَ المناصع، وذكر نحوه.

وفي أخرى قالت: خرَجتْ سودةُ بعد ما ضُرِبَ الحجَابُ (1) لحاجَتِها

⦗ص: 322⦘

وكانَت امرأَة جسيمة تفرَعُ النِّساءَ جِسْماً (2) ، لا تَخْفَى على مَنْ يعْرِفُها (3) - فرآها عمرُ بنُ الخطاب، فقال: يا سَوْدةُ، [أما وَاللهِ] ما تَخْفَيْنَ علينا، فانظُري كيفَ تخرُجينَ؟ قالت: فانْكَفَأتْ راِجعة ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وإنه ليتَعَشَّى وفي يدِهِ عَرْقٌ، فدَخلَتْ، فقالتْ: يا رسول اللهِ، إني خَرَجْتُ، فقال لي عمرُ كذا وكذا، قالت: فأُوحِي إليه، ثُمَّ رُفِعَ عنه وإنَّ العَرْق في يَدِهِ ما وضَعهُ، فقال: إِنهُ قد أُذِنَ لكُنَّ أَن تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ، قال هشامٌ: يعني: البَراز (4) . أخرجه البخاري، ومسلم (5) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(المناصع) : المواضع الخالية لقضاء الحاجة من الغائط والبول، وقد ذكرت.

⦗ص: 323⦘

(صعيد) الصعيد: وجه الأرض.

(أفيح) الأفيح: الواسع.

(جسيمة) امرأة جسيمة: عظيمة الجسم.

(تفرع) النساء طولاً، أي: تطولهن.

(فانكفأت) الانكفاء: الرجوع.

(عَرْق) العَرْق: العظم الذي يقشر عنه معظم اللحم، ويبقى [عليه] منه بقية.

(1) قال الحافظ 8 / 408 قوله: " بعد ما ضرب الحجاب " وقد تقدم في كتاب الطهارة من طريق هشام بن عروة عن أبيه ما يخالف ظاهره رواية الزهري هذه عن عروة.

قال الكرماني: فإن قلت: وقع هنا " أنه كان بعد ما ضرب الحجاب " وتقدم في الوضوء " أنه كان قبل الحجاب " فالجواب: لعله وقع مرتين.

قلت: (القائل ابن حجر) بل المراد بالحجاب الأول غير الحجاب الثاني.

والحاصل: أن عمر رضي الله عنه وقع في قلبه نفرة من اطلاع الأجانب على الحريم النبوي، حتى صرح بقوله له عليه الصلاة والسلام:" احجب نساءك " وأكد ذلك، إلى أن نزلت آية الحجاب، ثم قصد بعد

⦗ص: 322⦘

ذلك أن لا يبدين أشخاصهن أصلاً، ولو كن مستترات، فبالغ في ذلك، فمنع منه، وأذن لهن في الخروج لحاجتهن، دفعاً للمشقة، ورفعاً للحرج.

(2)

أي: تطولهن، فتكون أطول منهن، والفارع: المرتفع العالي.

(3)

أي: إذا كانت متلففة في ثيابها ومرطها، في ظلمة الليل ونحوها، على من قد سبقت له معرفة طولها، لانفرادها بذلك.

(4)

" البراز " بفتح الباء: هو كناية عن قضاء حاجة الإنسان، والبروز لها من البيوت إلى الخلاء.

(5)

البخاري 1 / 218 في الوضوء، باب خروج النساء إلى البراز، وفي التفسير، في تفسير سورة الأحزاب، باب قوله:{لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} ، وفي الاستئذان، باب آية الحجاب، ومسلم رقم (2170) في كتاب السلام، باب إباحة الخروج للنساء لقضاء حاجة الإنسان.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (6/56) قال: حدثنا ابن نمير. قال: حدثنا هشام. وفي (6/223) قال: حدثنا حجاج. قال: حدثنا ليث. قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب ثنا. وفي (6/271) قال: حدثنا يعقوب. قال: حدثنا أبي، عن صالح بن كيسان. قال: قال ابن شهاب. و «البخاري» (1/49) قال: حدثنا يحيى بن بكير. قال: حدثنا الليث. قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب. وفي (1/49) و (6/150) قال: حدثني زكرياء بن يحيى. قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام بن عروة. وفي (7/49) قال حدثنا فروة بن أبي المعراء. قال: حدثنا علي بن مسهر، عن هشام. وفي (8/66)

قال: حدثنا إسحاق. قال: أخبرنا يعمر بن إبراهيم. قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب. و «مسلم» (7/6، 7) قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا: حدثنا أبو أسامة، عن هشام. (ح) وحدثناه أبو كريب. قال: حدثنا بن نمير. قال: حدثنا هشام. (ح) وحدثنيه سويد بن سعد. قال: حدثنا علي بن مسهر، عن هشام. (ح) وحدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث. قال: حدثني أبي، عن جدي. قال: حدثني عقيل بن خالد، عن ابن شهاب. (ح) وحدثنا عمرو الناقد. قال حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد. قال: حدثنا أبي، عن صالح، عن ابن شهاب. و «ابن خزيمة» (54) قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن، عن الطفاوي، قال: حدثنا هشام بن عروة. (ح) وحدثنا أبو بكر قال: حدثنا أبو أسامة، عن هشام. كلاهما -هشام بن عروة، وابن شهاب الزهري - عن عروة بن الزبير.

ص: 321

771 -

(خ م ت) أبو هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «كانت بنو إسرائيل يغتسِلونَ عُراة ينظُر بعضُهُمْ إلى سوْأَةِ بعضٍ، وكان موسى عليه السلام يغتسلُ وحدهُ، فقالوا: واللهِ ما يمْنَعُ موسى أَنْ يغتسلَ معنا إلا أنهُ آدَرُ، قال: فذهبَ مرَّة يغتسلُ، فوضع ثوبهُ على حجرٍ، ففرَّ الحجَرُ بثوْبِه، قال: فجمحَ موسى عليه السلام بإثْره، يقول: ثوْبي حَجَرُ، ثوبي حَجَرُ، حتى نظرتْ بنو إسرائيل إلى سوأَةِ موسى. فقالوا: والله ما بموسى من بأْسٍ. فقام الحجرُ حتى نُظِرَ إليه، قال: فأَخذَ ثوبَهُ، فطفِقَ بالحجر ضرباً (1) ، قال أَبو هريرة: والله إنَّ بالْحَجَر نَدَباً - ستَّة أو سبعة - من ضربِ موسى بالحجرِ» .

⦗ص: 324⦘

هذه رواية البخاري، ومسلم.

وللبخاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ موسى كانَ رجلاً حَييّاً سِتِّيراً، لا يُرى شيءٌ من جلده، استحياء منه، فآذاه مَنْ آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يَسْتَتِرُ هذا السِّتر إلا من عَيبٍ بجِلده: إِمَّا بَرَصٍ، وإِمَّا أُدْرَةٍ، وإِمَّا آفةٍ، وإِنَّ الله أراد أن يُبَرِّئهُ مِمَّا قالوا لموسى، فخَلا يوماً وحده، فوضع ثيابه على الحجر ثم اغْتَسَلَ، فلمَّا فرغ أقبل إلى ثيابه ليأخُذَها، وإنَّ الحجَرَ عدَا بثوبه، فأخذ موسى عصاهُ، وطلب الحجر، وجعل يقول: ثوْبي حَجَرُ، ثوبي حَجَرُ، حتى انتهى إلى مَلإِ بني إسرائيل، فرأوه عُرْياناً أحسنَ ما خلق اللهُ، وأبْرَأَهُ مما يقولون، وقام الحجرُ؛ فأَخذه بثوبه فلبِسَه، وطَفِقَ بالحجرِ ضرباً بعصاهُ، فو اللهِ إنَّ بالحجر لنَدَباً من أَثَرِ ضرْبِه - ثلاثاً أو أَرْبعاً أو خمساً - فذلك قوله تعالى: {يا أَيُّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا موسى فَبرَّأَهُ اللَّهُ مما قالوا وكان عند اللَّه وَجِيهاً} (2) » .

ولمسلم قال: وكان موسى رجلاً حَيِيّاً، قال: فكان لا يُرَى

⦗ص: 325⦘

متجرِّداً، قال: فقالت بنو إسرائيل: إنهُّ آدَرُ، قال: فاغتْسَلَ عند مُوَيْهٍ، فوضع ثوبهُ على حجرٍ، فانطلقَ الحجرُ يَسْعى، واتَّبعَهُ بعصاه يضْرِبه: ثوْبي حَجَرُ، ثوبي حَجَرُ، حتى وقفَ على ملأٍ من بني إسرائيل، فنزلت:{يا أَيُّها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذَوْا موسى فَبرَّأَهُ اللَّهُ مما قالوا وكان عند اللَّه وَجِيهاً} ، وأخرجه الترمذي مثْلَ روايةِ البخاري المفردة (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(سوأة) السوأة: كل ما يستحي الإنسان منه إذا انكشف.

(آدر) الأدرة: نفخة في الخصية، والرجل آدر.

(فجمح) جمح: إذا أسرع.

(ندباً) الندب: أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد، فشبه به أثر الضرب في الحجر.

(ملأ) الملأ: أشراف الناس إذا كانوا مجتمعين.

(1) أي: جعل يضرب، يقال: طفق يفعل كذا، وطفق - بكسر الفاء وفتحها - وجعل وأخذ وأقبل بمعنى واحد.

(2)

قال الحافظ: وقد روى أحمد بن منيع في مسنده، والطبري وابن أبي حاتم بإسناد قوي عن ابن عباس عن علي قال:" صعد موسى وهارون الجبل، فمات هارون، فقال بنو إسرائيل لموسى: أنت قتلته، كان ألين لنا منك، وأشد حياء، فآذوه بذلك، فأمر الله الملائكة فحملته، فمروا به على بني إسرائيل، فعلموا بموته "، قال الطبري: يحتمل أن يكون هذا هو المراد بالأذى في قوله: {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} ، قال الحافظ: وما في الصحيح أصح من هذا، لكن لا مانع أن يكون للشيء سببان فأكثر، كما تقدم تقريره غير مرة.

(3)

البخاري 1 / 330 في الغسل، باب من اغتسل عرياناً وحده، وفي الأنبياء، باب حديث الخضر مع موسى عليهما السلام، وفي تفسير سورة الأحزاب، باب قوله {لا تكونوا كالذين آذوا موسى} ، ومسلم رقم (339) في الحيض، باب جواز الاغتسال عرياناً في الخلوة، ورقم (339) في الفضائل، باب فضائل موسى عليه السلام، والترمذي رقم (3219) في التفسير، باب ومن سورة الأحزاب.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (2/315) . و «البخاري» (781) قال: ثنا إسحاق بن نصر. و «مسلم» (1/183)، (7/99) قال: ثنا محمد بن رافع.

ثلاثتهم - أحمد بن حنبل، وإسحاق، ومحمد بن رافع - عن عبد الرزاق بن همام، قال: ثنا معمر، عن همام بن منبه، فذكره.

والرواية الثانية: أخرجها أحمد (2/492، 514، 535) ، والبخاري (4/190) ، (6/151)«الترمذي» (3221) ، والنسائي في الكبرى «تحفة الأشراف» (9/12302) عن خلاس، عن عمار بن أبي عمار، فذكره.

ص: 323