المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الأول: في جوازهما وأحكامهما - جامع الأصول - جـ ٢

[ابن الأثير، مجد الدين أبو السعادات]

فهرس الكتاب

- ‌حرف التاء

- ‌الكتاب الأول: في تفسير القرآن، وأسباب نزوله

- ‌فاتحة الكتاب

- ‌سورة البقرة

- ‌سورة آل عمران

- ‌سورة النساء

- ‌سورة المائدة

- ‌سورة الأنعام

- ‌سورة الأعراف

- ‌سورة الأنفال

- ‌سورة براءة

- ‌سورة يونس

- ‌سورة هود

- ‌سورة يوسف

- ‌سورة الرعد

- ‌سورة إبراهيم

- ‌سورة الحجر

- ‌سورة النحل

- ‌سورة بني إسرائيل

- ‌سورة الكهف

- ‌سورة مريم

- ‌سورة الحج

- ‌سورة قد أفلح المؤمنون

- ‌سورة النور

- ‌سورة الفرقان

- ‌سورة الشعراء

- ‌سورة النمل

- ‌سورة القصص

- ‌سورة العنكبوت

- ‌سورة الروم

- ‌سورة لقمان

- ‌سورة السجدة

- ‌سورة الأحزاب

- ‌سورة سبأ

- ‌سورة فاطر

- ‌سورة يس

- ‌سورة الصافات

- ‌سورة ص

- ‌سورة الزمر

- ‌سورة حم: المؤمن

- ‌سورة حم: السجدة

- ‌سورة حم عسق

- ‌سورة حم: الزخرف

- ‌سورة حم: الدخان

- ‌سورة الفتح

- ‌سورة الحجرات

- ‌سورة ق

- ‌الذاريات

- ‌سورة الطور

- ‌سورة النجم

- ‌سورة القمر

- ‌سورة الرحمن

- ‌سورة الواقعة

- ‌سورة الحديد

- ‌سورة الحشر

- ‌سورة الممتحنة

- ‌سورة الصف

- ‌سورة المنافقين

- ‌سورة التغابن

- ‌سورة الطلاق

- ‌سورة التحريم

- ‌سورة ن

- ‌سورة نوح

- ‌سورة الجن

- ‌سورة المزمل

- ‌سورة القيامة

- ‌سورة المرسلات

- ‌سورة عم يتساءلون

- ‌سورة عبس

- ‌سورة إذا الشمس كورت

- ‌سورة المطففين

- ‌سورة إذا السماء انشقت

- ‌سورة البروج

- ‌سورة سبح اسم ربك الأعلى

- ‌سورة الفجر

- ‌سورة الشمس

- ‌سورة والضحى

- ‌سورة أقرأ

- ‌سورة القدر

- ‌سورة إذا زلزلت

- ‌سورة التكاثر

- ‌سورة أرأيت

- ‌سورة الكوثر

- ‌سورة النصر

- ‌سورة الإخلاص

- ‌سورة المعوذتين

- ‌الكتاب الثاني: في تلاوة القرآن وقراءته

- ‌الباب الأول: في التلاوة

- ‌الفصل الأول: في الحث عليها

- ‌الفصل الثاني: في آداب التلاوة

- ‌الفرع الأول: في تحسين القراءة والتغني بها

- ‌الفرع الثاني: في الجهر بالقراءة

- ‌الفرع الثالث: في كيفية قراءة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الرابع: في الخشوع والبكاء عند القراءة

- ‌الفرع الخامس: في آداب متفرقة

- ‌الفصل الثالث: في تحزيب القرآن وأوراده

- ‌الباب الثاني: في القراءات

- ‌الفصل الأول: في جواز اختلاف القراءة

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من القراءات مفصلاً

- ‌الكتاب الثالث: في ترتيب القرآن وتأليفه وجمعه

- ‌الكتاب الرابع: في التوبة

- ‌الكتاب الخامس: في تعبير الرؤيا

- ‌الفصل الأول: في ذكر الرؤيا وآدابها

- ‌الفصل الثاني: فيما جاء من الرؤيا المفسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم

- ‌الكتاب السادس: في التفليس

- ‌الكتاب السابع: في تمني الموت

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها تاءٌ، ولم ترد في حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌كتاب الثناء والشكر

- ‌حرف الجيم

- ‌الكتاب الأول: في الجهاد وما يتعلق به من الأحكام واللوازم

- ‌الباب الأول: في الجهاد وما يختص به

- ‌الفصل الأول: في وجوبه، والحث عليه

- ‌الفصل الثاني: في آدابه

- ‌الفصل الثالث: في صدق النية والإخلاص

- ‌الفصل الرابع: في أحكام القتال والغزو

- ‌الفصل الخامس: في أسباب تتعلق بالجهاد متفرقة

- ‌الباب الثاني: في فروع الجهاد

- ‌الفصل الأول: في الأمانة والهدنة

- ‌الفرع الأول: في جوازهما وأحكامهما

- ‌الفرع الثاني: في الوفاء بالعهد والذمة والأمان

- ‌الفصل الثاني: في الجزية وأحكامها

- ‌الفصل الثالث: في الغنائم والفيء

- ‌الفرع الأول: في القسمة بين الغانمين

- ‌الفرع الثاني: في النفل

- ‌الفرع الثالث: في الخمس ومصارفه

- ‌الفرع الرابع: في الفيء، وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الفرع الخامس: في الغلول

- ‌الفرع السادس: في أحاديث متفرقة تتعلق بالغنائم والفي

- ‌الفصل الرابع: من الباب الثاني من كتاب الجهاد في الشهداء

- ‌الكتاب الثاني من حرف الجيم في الجدال والمراء

- ‌ترجمة الأبواب التي أولها جيم ولم تَرِدْ في حرف الجيم

الفصل: ‌الفرع الأول: في جوازهما وأحكامهما

‌الباب الثاني: في فروع الجهاد

، وما يترتب عليه، وفيه أربعة فصول

‌الفصل الأول: في الأمانة والهدنة

، وفيه فرعان

‌الفرع الأول: في جوازهما وأحكامهما

1119 -

(د) عثمان بن أبي حازم رحمه الله: عن أبيه، عن جده صخر: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم غزا ثَقِيفاً، فلما أنْ سمع ذلك صَخْرٌ ركب في خيلٍ يُمِدُّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فوجد رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قد انصرف ولم يفتحْ، فجعَلَ صخرٌ يومئذ عهدَ الله وذِمَّتهُ: أن لا يفارق هذا القصر، حتى ينزلوا على حُكْمِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فلم يُفارِقْهُمْ حتى نزلوا على حُكمِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم. فكتب إليه صخرٌ: أما بعدُ؛ فإنَّ ثَقيفاً قد نزلَت على حُكْمِكَ يا رسول الله، وإني مُقبِلٌ بهم، وهم في خيلٍ، فأمر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم «بالصلاةُ جامعةٌ» ، فَدعَا لأحمسَ عشرَ دعواتِ: اللهم بارك لأحمس في خيلها، ورجالها، وأتاه القومُ، فتكَلَّم المغيرةُ بن شعبة فقال: يا نبي الله، إن صخراً أخذ عمَّتي، وقد دخلتْ

⦗ص: 632⦘

فيما دخل فيه المسلمون، فدعاهم، فقال: يا صخرُ؛ إن القومَ إذا أسلموا فقد أحرزوا دماءهم وأموالهم، فادفع إلى المغيرة عمَّتَهُ، فدفعها إليه، وسأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم ماء كان لبني سُلَيمُ، قد هربوا عن الإسلام، وتركوا ذلك الماء: - أنزل فيه أنا وقومي؟ فأنزله، وأسلموا - يعني السُّلَمِييِّن- فأَتوا صخراً وسألوه: أن يدفع إليهم الماء فأَبَى فأتوا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبيَّ الله، أسْلَمْنا، وأتينا صخراً ليدْفَعَ إِلَيْنَا ماءنا، فأبى علينا، فدعاه، فال: يا صَخْرُ، إن القوم إذا أسلموا فقد أحرزوا أموالهم ودِماءهُمْ، فادفع إلى القوم مَاءهُمْ، قال: نعم يا نبيَّ الله، قال: ورأيتُ وجَه رسولِ الله صلى الله عليه وسلم يتغيَّرُ عند ذلك حُمْرَة، حياء من أخذه الجارية، وأخذه الماء. أخرجه أبو داود (1) .

قال الخطابي: يُشبه أن يكونَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم إنما أمرَهُ بردِّ الماء، على معنى الاستطابةِ والسؤال، ولذلك كان يظهرُ في وجهه أثرُ الحياء.

والأصل: أنَّ الكافرَ إذا هربَ عن مالهِ، فإنِّه يكونُ فيئاً لرسولِ الله،

⦗ص: 633⦘

ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم جعله لِصَخْرٍ، وحيث ملكهُ صخراً، فإنما ينتقلُ مِلْكُهُ عنه برضاهُ.

وإنما ردَّهُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إليهم تأَلُّفاً لهم على الإسلام.

وأما ردُهُ المرأةَ: فيحتمل أن يكون ذلك، كما فعله في سَبْيِ هَوازِنَ، بعد أنِ استطَابَ أنْفُسَ الغانمينَ عنها.

وقد يحتمل: أن ذلك لأنهم نزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأَى أنْ يَرُدَّ المرأةَ، وأن لا تُسبَى؛ لأن أموالهم ودماءهم وسَبْيَهُم كان موقوفاً على ما يريه الله فيهم، فكان ذلك حكمه. والله أعلم.

(1) رقم (3067) في الخراج والإمارة، باب في إقطاع الأرضين، وفي سنده عثمان بن أبي حازم بن صخر بن العيلة، لم يوثقه غير ابن حبان، وأبوه مجهول - هو أبو حازم: صخر بن العيلة الهذلي الأحمسي، عداده في الكوفيين - له صحبة. والعيلة: اسم أمه - وهي بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف، وبعدها لام مفتوحة وتاء تأنيث - وقال أبو القاسم البغوي: وليس لصخر بن العيلة غير هذا الحديث فيما أعلم.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

ضعيف: أخرجه الدارمي (1681) . وأبو داود (3067) قال: حدثنا عمر بن الخطاب، أبو حفص.

كلاهما - الدارمي، وعمر بن الخطاب أو حفص - عن محمد بن يوسفالفريابي، قال: حدثنا أبان بن عبد الله بن أي حازم، قال: حدثني عثمان بن أي حازم، عن أبيه، فذكره.

* أخرجه الدارمي (1680 و 2483) قال: أخبرنا أبو نعيم، قال: حدثنا أبان ببن عبد الله البجلي، قال: حدثنا عثمان بن أبي حازم، عن صخر بن العَيْلَة، فذكره «ليس فيه أبو حازم» .

قلت: فيه عثمان بن أبي حاتم، صدوق، وأبيه، قال عنه ابن القطان: لا يعرف حاله.

ص: 631

1120 -

(د س) يزيد بن عبد الله - وهو ابن الشِّخِّير رضي الله عنه قال: كنا بالْمِرْبَدِ بالبَصْرة، فإذا رَجُلٌ أشعثُ الرأس، بيدهِ قِطعةُ أديمٍ أحمرَ، فقلنا، كأَنَّك من أهل البادية؟ فقال: أجل، قلنا: ناوِلْنا هذه القطعةَ الأدِيم التي في يدِكَ، فنَاوَلْنَاها، فإذا فيها: مِنْ محمَّدٍ رسولِ اللهِ، إلى بني زُهَيرٍ بن أُقَيْش، إنكم إن شهدتم أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأقمتُم الصلاة، وآتيتم الزكاة، وأَدَّيْتُم الخُمْسَ من المغنم، وسهمَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وسهمَ الصَّفيِّ: أنتم آمِنُونَ بأمانِ الله ورسولِه، فقلنا: مَنْ كتبَ لك هذا الكتاب؟ قال: رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. أخرجه أبو داود، والنسائي (1) .

(1) أبو داود رقم (2999) في الخراج والإمارة، باب ما جاء في سهم الصفي، والنسائي 7 / 134 في الفيء، وأخرجه أحمد في مسنده 5 / 77 و 78 و 363 ورجاله ثقات، وقال المنذري في

⦗ص: 634⦘

" مختصر السنن " 4 / 231: ورواه بعضهم عن يزيد عن عبد الله، وسمى الرجل: النمر بن تولب الشاعر، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقال: إنه ما مدح أحداً ولا هجا أحداً، وكان جواداً، لا يكاد يمسك شيئاً، وأدرك الإسلام وهو كبير. والمربد: محلة بالبصرة، من أشهر محالها وأطيبها.

وقوله: " وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم الصفي " السهم في الأصل: واحد السهام التي يضرب بها في الميسر، وهي القداح. ثم سمي ما يفوز به الفالج سهما، ثم كثر حتى سمي كل نصيب سهماً. قيل: كان للنبي صلى الله عليه وسلم سهم رجل شهد الوقعة أو غاب عنها.

والصفي: هو ما اصطفاه من عرض المغنم قبل القسمة: من فرس، أو غلام، أو سيف، أو ما أحب، وخمس الخمس، خص بهذه الثلاثة عوضاً من الصدقة التي حرمت عليه.

وأُقيش - بضم الهمزة وفتح القاف، وسكون الياء آخر الحروف وشين معجمة -: حي من عكل.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود (2999) حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا قرة قال: سمعت يزيد بن عبد الله قال: كنا بالمربد، فذكره.

وأخرجه النسائى (7/134) أخبرنا عمرو بن يحيى، قال: حدثنا محبوب، قال: أنبأنا أبو إسحاق عن سعيد الجريري عن يزيد بن الشخير، قال، فذكره.

ص: 633

1121 -

(د) عامر بن شهر (1) رضي الله عنه: قال: لمَّا خرجَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قالت لي هَمْدَان: هل أنتَ آتٍ هذا الرجل، ومُرتْادٌ لنا، فإن رضِيتَ لنا شيئاً قَبِلْناهُ، وإن كَرِهْتَ شيئاً كَرِهْناه؟ قلت: نعم، فجئتُ، حتَّى قَدِمْتُ على رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فرضِيتُ أمْرَهُ، وأسلَمَ قومِي، وكَتبَ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتابَ إلى عمير ذي مُرَّان، قال: وبعثَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مالك بن مرارة الرهاويّ إلى اليمن جميعاً، فأسلم عَكُّ ذو خَيْوان (2)، قال: فقيل لعَكٍّ: انطِلقْ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وخُذْ منه الأمانَ على بلدكَ ومالك، فقدمَ فكتبَ له رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «بسم الله الرحمن الرحيم، من مُحمَّدٍ رسولِ الله، لِعَكٍّ ذِي خَيْوان (2) ، إن كان صادقاً، في أَرْضِهِ ومالِهِ ورَقيقِهِ، فَلهُ الأمانُ، وذمَّة

⦗ص: 635⦘

الله، وذمَّةُ محمدٍ رسولِ الله، وكتب خالد بن سعيد بن العاص» . أخرجه أبو داود (3) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(مُرتاداً) : المرتاد طالب الكلأ في الأصل، ثم نُقل إلى متطلب أمراً، من راد يرود، فهو رائد.

(الرهاوي) بفتح الراء: منسوب إلى قبيلة، كذا ذكر عبد الغني بن سعيد المصري، وسيجيء مُبَيّناً في كتاب الأنساب.

(1) قال المنذري في " مختصر السنن " 4 / 245: في إسناده مجالد - وهو ابن سعيد - وفيه مقال. وعامر بن شهر: له صحبة، وعداده في أهل الكوفة، ولم يرو عنه غير الشعبي. وشهر: بفتح الشين المعجمة وسكون الهاء، وبعدها راء مهملة.

(2)

في الأصل: ذي خيران، والتصحيح أبي داود.

(3)

رقم (3027) في الخراج والإمارة، باب ما جاء في حكم أرض اليمن.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

ضعيف: أخرجه أبو داود (3027) قال: ثنا هناد بن السرى، عن أبي أسامة، عن مجالد، عن الشعبي، فذكره.

ص: 634

1122 -

(د) كعب بن مالك رضي الله عنه: أنَّ كعب بن الأشرف، كان يَهْجُو رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، ويُحَرِّضُ عليه كُفَّارَ قُرَيْشٍ، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حينَ قدِمَ المدينة، وكان أَهْلُها أَخْلاطاً، منهم المُسْلمون، والمشركون يعبدونَ الأوثانَ، واليهودُ، فكانوا يُؤْذُونَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأمَرَ اللهُ عز وجل نبيَّهُ بالصَّبْرِ والعَفْوِ، ففيهم أنزل الله {ولَتَسْمَعُنَّ من الَّذين أُوتُوا الكتابَ من قَبْلِكم ومِنَ الَّذينَ أشْركُوا أَذًى كثيراً} [آل عمران: 186] ، فأبَى كعب بن الأشرف أنْ ينْزِعَ عن أذَى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأمَرَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سعْدَ بن معاذٍ أنْ يَبعثَ إليه من يقْتُلُهُ فقتله محمد بن مسلمة - وذكر قصَّةَ قتله - فَلمَّا قتلوهُ فَزِعتِ اليهودُ والمشركونَ، فَغَدَوْا على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: طُرِقَ صاحبُنا وَقُتِلَ، فذكرَ لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يقولُ، ثم دعاهم

⦗ص: 636⦘

إلى أن يَكتُبَ بينه وبينهم كتاباً، ينتهون إلى ما فيه، فكتبَ بينه وبينهم وبين المسلمين عَامَّة صَحيفَة. أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(أخلاطاً) الأخلاط: المختلطون من أقوام شتى متفرقين.

(الأوثان) جمع وثن، وهو الصنم، وقيل: الصنم: الصورة، والوثن: يكون صورة وغير صورة.

(طرق) طرقت الرجل: إذا أتيته ليلاً.

(1) رقم (3000) في الخراج والإمارة، باب كيف كان إخراج اليهود من المدينة: من حديث شعيب عن الزهري، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه، ورجاله ثقات، وقال المنذري: قوله " عن أبيه " فيه نظر، فإن أباه عبد الله بن كعب ليست له صحبة ولا هو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم، ويكون الحديث على هذا مرسلاً، ويحتمل أن يكون أراد بأبيه جده، وهو كعب بن مالك، وقد سمع عبد الرحمن من جده كعب بن مالك فيكون الحديث على هذا مسنداً، وكعب هو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم. وقد وقع مثل هذا في الأسانيد في غير موضع يقول فيه " عن أبيه " وهو يريد به الجد، وقد أخرج البخاري 7 / 259 - 261، ومسلم وأبو داود والنسائي حديث قتل كعب بن الأشرف من حديث جابر أتم من هذا.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود (3000) قال: حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن الحكم بن نافع حدثهم قال: أخبرنا شعيب عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، فذكره.

ص: 635

1123 -

(د) ابن عباس رضي الله عنهما: قال: صالحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهْلَ نَجْرانَ على ألفَيْ حُلَّةٍ: النصفُ في صفر، والنصفُ في رجَبٍ، يُؤدُّونَها إلى المسلمين، وعارية ثلاثين دِرْعاً، وثلاثين فَرَساً، وثلاثين بعيراً، وثلاثين من كل صِنفٍ من أصنافِ السلاح يغزُونَ بِها، والمسلمونَ ضامنونَ لها حتى يَرُدَّوها عليهم، وإن كان باليمن كَيْدٌ أو غدرةٌ (1) ، على أن لا يُهْدَمَ لهم

⦗ص: 637⦘

بِيعَةٌ، ولا يُخرجَ لهم قَسٌّ، ولا يُفْتَنُونَ عن دينهم، ما لم يُحْدِثُوا حَدَثاً، أو يأكلُوا الرِّبا. أخرجه أبو داود (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(حدثاً) الحدث: الأمر الحادث الذي ينكر فعله.

(1) في الأصل: كيد إذاً يعذره.

(2)

رقم (3041) في الخراج والإمارة، باب في أخذ الجزية، من حديث يونس بن بكير عن أسباط بن نصر الهمداني عن إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي عن ابن عباس، وإسناده ضعيف، وفي سماع إسماعيل من عبد الله بن عباس نظر.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

ضعيف: أخرجه أبو داود (3041) قال: ثنا مصرف بن عمرو اليامي، قال: ثنا يونس - يعني ابن بكير -، قال: نثا أسباط بن نصر الهمداني، عن إسماعيل بن عبد الرحمن القرشي، فذكره.

وقال الحافظ في «التهذيب» : وأخرج هذا الحديث الذي ذكره أبو داود الحافظ ضياء الدين في «المختارة» من طريق أبي داود.

قلت: وإسماعيل بن عبد الرحمن القرشي هذا قال عنه الحافظ في «التقريب» : صدوق يهم، وكذلك أسباط بن نصر، صدوق كثير الخطأ، وكذلك يونس بن بكير يخطئ.

ص: 636

1124 -

(د) زياد بن حدير رحمه الله (1) : قال: قال عليٌّ: لِئنْ بقِيتُ لنَصارَى بني تغْلِبَ لأقْتُلَنَّ المُقَاتِلَةَ، ولأسْبِينَّ الذُّرِّيَّة، فإني كتبتُ الكتابَ بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يُنَصِّرُوا أولادَهم. قال أبو داود: هذا حديث منكر.

كذا ذكره رزين، ولم أجده في كتاب أبي داود (2) .

(1) زياد بن حدير - بضم الحاء المهملة وفتح الدال - الأسدي، أبو المغيرة. ويقال: أبوه. روى عن عمر وعلي وابن مسعود، والعلاء بن الحضرمي. وعنه: إبراهيم بن مهاجر، وأبو صخرة ابن شداد وغيرهم. قال أبو حاتم: ثقة.

(2)

بل هو موجود في " سنن أبي داود " رقم (3040) في الإمارة، باب في أخذ الجزية. قال المنذري 4 / 250: قال أبو داود: هذا حديث منكر، بلغني عن أحمد - يعني ابن حنبل - أنه كان ينكر هذا الحديث إنكاراً شديداً. قال أبو علي - يعني اللؤلؤي -: ولم يقرأه أبو داود في العرضة الثانية. هذا آخر كلامه، وفي إسناده: إبراهيم بن مهاجر البجلي الكوفي، وشريك بن عبد الله النخعي. وقد تكلم فيهما غير واحد من الأئمة. وفيه أيضاً: عبد الرحمن بن هانئ النخعي. قال الإمام أحمد: ليس بشيء، وقال ابن معين: كذاب.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود (3040) قال: حدثنا العباس بن عبد العظيم قال: حدثنا عبد الرحمن بن هانئ أبو نعيم النخعي، قال: أخبنا شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن زياد بن حدير،فذكره.

قال أبو داود: هذا حديث منكر بلغني عن أحمد أنه كان ينكر هذا الحديث إنكارا شديدا.

قال أبو علي اللؤلؤي «راوي السنن عن أبي داود» : ولم يقرأه أبو داود في العرضة الثانية.

ص: 637

1125 -

(د) العرباض بن سارية [السلمي]رضي الله عنه: قال: نَزَلْنَا

⦗ص: 638⦘

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ - ومعه من معه من أصحابهِ - وكان صاحبُ خَيبرَ رَجلاً مارداً مُنْكراً، فأقبل إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، ألكم أن تَذْبَحُوا حُمُرَنا، وتأكلوا ثَمرَنا، وتضربوا نساءنا؟ فَغَضِبَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وقال:«يا ابْن عوف، اركبْ فرسَكَ، ثم نَادِ: إنَّ الجنَّةَ لا تَحلُّ إلا لِمُؤمِنٍ، وإنِ اجتمِعوا للصلاة» قال: فاجتمعوا، ثم صلَّى بهم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قام فقال: أيَحسِبُ أحدُكم - مُتَّكئاً على أريكتِهِ - قد يظن أن اللهَ لم يُحرِّمْ شيئاً إلا ما في هذا القرآن؟ ألا إنِّي والله، لقد وعظْتُ وأمرتُ ونهَيْتُ عن أشياء، إنها لَمِثْلُ القرآنِ أو أكثر، وإنَّ الله لم يُحِلَّ لكم أن تدخلوا بيوت أهل الكتاب إلا بإذْنٍ (1) ، ولا ضربَ نسائهم، ولا أكل ثمارهم، إذا أعْطَوُا الذي عليهم. أخرجه أبو داود (2) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(مارداً) المارد من الرجال: العاتي الشديد.

(أريكته) السرير في الحجلة.

(1) في الأصل: لم يحل لكم ضرب أهل الكتاب إلا بإذن، والتصحيح من أبي داود.

(2)

في الخراج والإمارة، باب في تفسير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات، وفي سنده أشعث بن شعبة المصيصي لم يوثقه غير ابن حبان، وبقية رجاله ثقات. ولبعضه شاهد من حديث المقدام بن معد يكرب بإسناد صحيح، وقد تقدم برقم (68) .

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

ضعيف: أخرجه أبو داود (0051) قال: ثنا محمد بن عيسى، قال: ثنا أشعث بن شعبة، قال: ثنا أرطأة بن المنذر، قال: سمعت حكيم بن عمير الأحوص يحدث، فذكره.

قلت: فيه حكيم بن عمير الأحوص، قال عنه الحافظ في «التقريب» : صدوق يهم، وأشعب بن شعبة، قال عنه الحافظ: مقبول.

ص: 637

1126 -

(د) رجل من جهينة: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «لعلكم تُقاتِلونَ قوماً فتظْهرونَ عليهم، فَيتَّقُونَكم بأموالهم دونَ أنفسهم وذرَارِيهِمْ،

⦗ص: 639⦘

فيُصَالحونَكُمْ على صُلحٍ، فلا تُصيِبوا منهم فوق ذلك، فإنه لا يَصْلُحُ لكم» . أخرجه أبو داود (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فَيَتَّقُونكم) أي: يجعلون أموالهم لدمائهم وقاية.

(1) رقم (3051) في الخراج والإمارة، باب في تفسير أهل الذمة إذا اختلفوا بالتجارات، وفي سنده رجل مجهول.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود (3051) حدثنا مسدد وسعيد بن منصور عن هلال عن رجل من ثقيف عن رجل من جهينة، فذكره.

ص: 638

1127 -

(ت د) أبو هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: «الصُّلْحُ جائزٌ بين المسلمين، إلا صُلْحاً حرَّمَ حلالاً، أو حلَّل حراماً، قال: والمسلمونَ على شُروطِهِمْ، إلا شرطاً حرَّمَ حلالاً، أو حلَّل حراماً» . أخرجه الترمذي، وأبو داود.

إلا أن أبا داود انتهت روايته عند قوله " شروطهم "(1) .

(1) أبو داود رقم (3594) في الأقضية، باب في الصلح، وسنده حسن، وصححه ابن حبان رقم (1199) ، وأخرجه الترمذي رقم (1352) في الأحكام، باب ما ذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلح بين الناس من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وقد نوقش الترمذي في تصحيح هذا الحديث، لأن كثير بن عبد الله المزني ضعيف جداً، وقد اتهمه بعضهم.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أحمد (2/366) قال: حدثني الخزاعي. وأبو داود (3594) قال: حدثنا سليمان بن داود المهري. قال: أخبرنا ابن وهب.

كلاهما - أبو سلمة الخزاعي، وابن وهب -عن سليمان بن بلال، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، فذكره.

* أخرجه أبو داود (3594) قال: حدثنا أحمد بن عبد الواحد الدمشقي. قال: حدثنا سليمان بن بلال، أو عبد العزيز بن محمد، شك الشيخ، عن كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، فذكره.

* زاد أحمد بن عبد الواحد: «.......إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا» .

وزاد سليمان بن داود: «............. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» .

وأخرجه الترمذي (1352) قال: حدثنا الحسن بن علي الخلال، قال: حدثنا أبو عامر العقدي، فذكره.

قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 639

1128 -

(ط) سعيد بن المسيب رحمه الله: أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: ليهود خيبرَ - يوم افتتح خَيْبَرَ -: «أقِرُّكُمْ ما أقرَّكم اللهُ، عَلَى أن الثَّمرَ بيننا وبينكم، قال: فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يبعثُ عبدَ الله بنَ رَوَاحةَ الأَنْصَارِيَّ،

⦗ص: 640⦘

فيخرِصُ بَيْنَهُ وبينهم، ثم يقول: إنْ شئتُم فلكم، وإن شئتم فلي، فكانوا يأخُذُونَهُ» . أخرجه الموطأ (1) .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فيخرص) خرص الرطب: حزر ما فيه تخميناً وتقديراً.

(1) 2 / 73 في المساقاة، باب ما جاء في المساقاة، وإسناده صحيح، لكنه مرسل.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه مالك في «الموطأ» (3/458) بشرح الزرقاني، قال ابن عبد البر: أرسله جميع رواة «الموطأ» وأكثر أصحاب ابن شهاب ووصله منهم طائفة منهم صالح بن أبي الأخضر، أي وهو ضعيف فزاد أبي هريرة.

ص: 639

1129 -

(خ) نافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما: قال: لما فَدَع أهلُ خيبر عبد الله بن عمر، قام عمر خطيباً، فقال: إن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كان عامَلَ يهودَ خيبر على أموالهِمْ، وقال: نُقِرُّكُمْ ما أقرَّكم اللهُ، وإِنَّ عبد اللهِ بن عمر: خرج إلى مالِه هناك، فعُدِيَ عليه من الليل، فَفُدِعَتْ يداهُ ورِجْلاهُ، وليسَ له هناك عدُوٌّ غيرهم، هُمْ عدُوُّنا وتُهْمَتُنا (1) ، وقد رأيتُ إجلاءهم، فلما أجمع عمر على ذلك، أتاه أحد بني أبي الحقَيْقِ، فقال: يا أمير المؤمنين، أتخْرِجُنا وقد أقرَّنا محمدٌ، وعامَلَنا على الأموالِ، وشرطَ ذلك لنا؟ فقال عمر: أظنَنْتَ أني نسِيتُ قولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لك: كيف بك إذا أُخرِجْتَ من خيبر، تعدو بك قَلُوصُكَ ليلة بَعْدَ لَيْلةٍ؟ فقال: كان

⦗ص: 641⦘

ذلك هزيلة من أبي القاسم، قال: كذَبْتَ يا عدوَّ الله {إِنه لقَوْلٌ فصلٌ. وما هو بالهزل} [الطارق: 13، 14] ، فأجلاهم عُمرُ، وأعطاهم قيمةَ ما كان لهم من الثَّمَر: مالاً وإبلاً وعَرُوضاً من أقْتابٍ وحبالٍ وغير ذلك. أخرجه البخاري (2) .

ولم أجد في كتاب الحميدي قول عمر: «كذبتَ يا عدوَّ الله» ، إلى قوله:«بالهزل» .

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(فُدِع) رجل أفدع: بين الفدع، وهو المعوج الرسغ من اليد أو الرِّجل، فيكون منقلب الكف أو القدم إلى ما يلي الإبهام، وذلك الموضع هو الفدعة.

(فعُدِيَ عليه) عُدِيَ عليه، أي: ظلم، والعدوان: الظلم المجاوز للحد.

(هُزَيْلة) تصغير هَزْلة، وهو المرة الواحدة من الهزل ضد الجِد.

(قول فصل) أي: قاطع، لا تردد فيه.

(أجلاهم) الإجلاء: الإخراج من الوطن كُرْهاً.

(قَلوصَك) القلوص: الناقة الشابة، وقيل: القوية على السير، ولا يسمى الذكر قلوصاً.

(1) قوله: " تهمتنا " بفتح الهاء. وقيل: بسكونها. وأصله: وهمتنا، فقلبت الواو تاء، نحو التكلان. وقوله:" أجمع " أي: عزم.

وأبو الحقيق: بضم المهملة وفتح القاف الأولى وسكون الياء، و " أخرجت " بصيغة المجهول.

(2)

5 / 240 في الشروط، باب إذا اشترط في المزارعة: إذا شئت أخرجتك.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (1/15)(90) قال: ثنا يعقوب، قال: ثنا أبي، عن ابن إسحاق. والبخاري (3/252) قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا محمد بن يحيى أبو غسان الكناني، قال: نا مالك. وأبو داود (3007) قال: ثنا أحمد بن حنبل، قال: ثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا أبي، عن ابن إسحاق.

كلاهما (محمد بن إسحاق، ومالك) غن نافع، عن ابن عمر، فذكره.

ص: 640

1130 -

(خ د) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: قال: أتَى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أهلَ خيبر، فقاتلهم حتى ألجأَهُمْ إلى قَصرِهِمْ، وغلبَهُم على الأرض والزَّرْعِ والنخل، فصالحوه على أن يُجْلَوْا منها، ولهم ما حملتْ رِكابهم، ولرسول الله صلى الله عليه وسلم الصفراءُ والبيضاءُ والحلقةُ، وهي السلاح، ويخرُجون منها. واشترط عليهم أن لا يكتموا ولا يُغيِّبوا شيئاً، فإن فعلوا فلا ذِمَّة لهم ولا عهد، فغيَّبوا مَسْكاً فيه مالٌ وحُليٌّ لحييِّ بن أخطب، كان احتمله معه إلى خيبر حين أجليت النَّضيرُ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لعمِّ حُيَيّ - واسمه سعية -: ما فعل مَسْكُ حُيىٍّ الذي جاء به من بني النَّضير؟ فقال: أذْهَبَتْهُ النفقاتُ والحروبُ، فقال: العهدُ قريبٌ، والمال أكثر من ذلك، وقد كان حُيَيٌّ قُتِل قبل ذلك، فدفع رسولُ الله صلى الله عليه وسلم سعْيَةَ إلى الزُّبيرِ، فمسَّه بعذابٍ، فقال: قد رأيتُ حُيَيّاً يطوفُ في خَرِبةٍ ها هنا، فذهبوا فطافوا، فوجدُوا المسكَ في الخربة، فقتلَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ابني أبي الحقيق، أحدهما زوج صفية بنت حيي بن أخطب، وسبى رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءهم وذراريَّهُم، وقَسم أموالهم بالنَّكْثِ الذي نَكثوا، وأراد أن يجليَهم منها، فقالوا: يا محمد، دعْنا نكون في هذه الأرض نُصْلحُها ونقوم عليها، ولم يكن لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمانٌ يقومون عليها، وكانوا لا يفْرُغون أن يقوموا عليها، فأعطاهُمْ خيبر، على أنَّ لهم الشَّطْرَ من كلِّ زرع وشيءٍ، ما بدا لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وكان عبد الله بن رواحة يأتيهم في كل عامٍ فيخْرصُها

⦗ص: 643⦘

عليهم، ثم يضمِّنُهُمُ الشَّطْرَ، فشكوا إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم شِدَّةَ خرصه، وأرادوا أن يرْشُوهُ، فقال عبد الله: تطعمونني السُّحْتَ، والله لقد جئتكم من أحبِّ الناس إليَّ، ولأنتم أبْغَضُ إليَّ من عدَّتِكُمْ من القِردَةِ والخنازير، ولا يحْمِلُني بُغضي إياكم على أن لا أعدل عليكم، فقالُوا: بهذا قامت السماوات والأرض، وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يُعطي كلَّ امرأةٍ من نسائه ثمانين وَسْقاً من تَمْرٍ كلَّ عامٍ، وعشرين وَسْقاً من شعير، فلما كان زمنُ عمر بن الخطاب غشُّوا المسلمين، وألقوْا ابنَ عُمر من فوْقِ بيتٍ، ففدعوا يدَيْه، فقال عمرُ بنُ الخطاب: من كان له سهمٌ بخيبر فليحْضُرْ، حتى نقْسِمها بينهم، فقسمها عمرُ بينهم، فقال رئيسُهُم: لا تُخرِجْنا، دعنا نكونُ فيها كما أقرَّنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكرٍ، فقال عمر رضي الله عنه لرئيسهم: أتراهُ سقط عليَّ قولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، كيف بك إذا رقصت بك راحلتُك نحو الشام يوماً ثم يوماً، ثم يوماً؟ وقسمها عمرُ بين من كان شهِدَ خيبر من أهل الحديبية. أخرجه البخاري (1) .

وأخرجه أبو داود (2) ، ولم يذكر حديثَ ابن رواحة، ولا حديث فدع

⦗ص: 644⦘

ابن عمر وإجلائهم، ولفظ البخاري أتَمُّ.

وفي أخرى لأبي داود (3) قال: إنَّ عمر قال: أيها الناسُ، إنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كان عامَلَ يهود خَيْبرَ على أن يُخْرجَهُم إذا شَاءَ، فمن كان له مالٌ فلْيَلْحَقْ به، فإني مُخرِجٌ يهودَ، فأخرجهم.

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(الصفراء والبيضاء) الصفراء: الذهب، والبيضاء: الفضة.

(الحلقة) بسكون اللام: الدروع. وقيل: هو اسم للسلاح جميعه.

(مَسكاً) المسك: الجلد، والمراد به هاهنا: ذخيرة من صامت وحلي كانت لحُيَيِّ بن أخطب، وكانت تدُعى مَسك الجمل، ذكروا أنها قُوِّمت عشرة آلاف دينار، وكانت لا تُزف امرأة إلا استعير لها ذلك الحلي. قيل: إنها كانت في مسك جمل، ثم في مسك ثور، ثم في مسك حمل.

(فمسه) بعذاب، أي: عاقبه.

(يرشوه) الرشوة: البِرطيل.

(وَسْقاً) الوسق: ستون صاعاً، والصاع قد تقدم ذكره.

(1) لم يذكره البخاري بنصه، وإنما أشار إليه عقب رواية الحديث المتقدم 5 / 241 بقوله: رواه حماد بن سلمة، عن عبيد الله، أحسبه عن نافع عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم اختصره. وقد قال الحافظ ابن حجر: إنه وقع للحميدي نسبة رواية حماد بن سلمة مطولة جداً إلى البخاري، فكأنة نقل السياق من مستخرج البرقاني كعادته، وذهل عن عزوه إليه، وقد نبه الإسماعيلي على أن حماداً كان يطوله تارة، ويرويه تارة مختصراً.

(2)

رقم (3006) في الإمارة، باب ما جاء في حكم أرض خيبر، وإسناده قوي.

(3)

رقم (3007) ، وإسناده صحيح.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه البخاري (2730) حدثنا أبو أحمد حدثنا محمد بن يحيى أبو غسان الكناني أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر، وأخرجه أبو داود (3006) قال: حدثنا هارون بن زيد بن أي الززرقاء، قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن عمر، قال: أحسبه عن نافع، فذكره.

ولم يذكره البخاري بنصه وإنما أشار إليه عقب رواية الحديث المتقدم (5/385) بقوله رواه حماد بن سلمة عن عبيد الله أحسبه عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم اختصره وقد قال الحافظ ابن حجر: إنه وقع الحميدي نسبه رواية حماد بن سلمة مطولة جدا إلى البخاري وكأنه نقل السياق من «مستخرج البرقاني» كعادته وذهل عن عزوه إليه وقد نبه الإسماعيلي على أن حمادا كان يطوله تارة ويرويه تارة مختصرا.

ص: 642

1131 -

(خ م) عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: قال: إنَّ عمر أجْلَى اليهُودَ والنَّصَارَى من أرضِ الحجازِ، وإنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لمَّا ظَهرَ على

⦗ص: 645⦘

خيْبرَ أرادَ إخراجَ اليَهُودِ منها، وكانت الأرضُ لمَّا ظهرَ عليها للهِ ولرسوله وللمسلمين، فَأرَادَ إخْراجَ اليهود منها، فسألتِ اليهودُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أَنْ يُقِرَّهُمْ بها، على أنْ يَكفُوا العملَ، ولهم نِصْفُ الثَّمَرِ، فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لهم:«نُقِرُّكم بها على ذلك ما شِئْنَا (1) » فقُرُّوا بها، حتى أجلاهم عمرُ في إمارته إلى تَيْمَاءَ وأَرِيحاءَ (2) . أخرجه البخاري، ومسلم.

وفي رواية لمسلم نحوه، وفي آخره قال: وكانَ الثَّمَرُ يُقسَمُ على السُّهْمان من نِصفِ خَيْبَرَ، فيأْخُذُ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الْخُمُسَ.

وفي رواية لَهُ: أَنَّهُ دَفَعَ إلى يَهُود خيْبَرَ نَخلَ خَيْبَرَ وأرضها، على أنَ يعْتَمِلُوهَا من أموالهم، ولرسولِ الله صلى الله عليه وسلم شَطْرُ ثَمرِها، لمْ يَزِدْ (3) .

⦗ص: 646⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(يعتملونها) الاعتمال: افتعال من العمل، يعني: أنهم يقومون بما تحتاج إليه من عمارة وحراسة وتلقيح وزراعة، ونحو ذلك.

(1) قال النووي: قال العلماء: هو عائد إلى مدة العهد، والمراد: إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا، ثم نخرجكم إذا شئنا؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان عازماً على إخراج الكفار من جزيرة العرب، كما قام به في آخر عمره.

(2)

تيماء: بلدة معروفة بين الشام والمدينة على سبع أو ثمان مراحل من المدينة.

وأريحا: مدينة الجبارين في الغور من أرض الأردن بالشام، بينها وبين بيت المقدس يوم للفارس في جبال صعبة المسالك.

(3)

البخاري 6 / 181 في المغازي، باب ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطي المؤلفة قلوبهم، وفي الإجارة، باب إذا استأجر أرضاً فمات أحدهما، وفي المزارعة، باب المزارعة بالشطر ونحوه، وباب إذا لم يشترط السنين في المزارعة، وباب المزارعة مع اليهود، وفي الشركة، باب مشاركة الذمي والمشركين في المزارعة، وفي الشروط، باب الشروط في المعاملة، وفي المغازي، باب معاملة النبي صلى الله عليه وسلم أهل خيبر، ومسلم رقم (1551) في المساقاة، باب المساقاة والمعاملة بجزء من الثمر والزرع. قال الحافظ في " الفتح ": هذا الحديث هو عمدة من أجاز المزارعة والمخابرة لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم لذلك، واستمراره على عهد أبي بكر إلى أن أجلاهم عمر. واستدل

⦗ص: 646⦘

به على جواز المساقاة في النخل والكرم وجميع الشجر الذي من شأنه أن يثمر بجزء معلوم يجعل للعامل من الثمرة، وبه قال الجمهور.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

صحيح: أخرجه أحمد (2/149)(6368) قال: ثنا عبد الرزاق، قال: نا ابن جريج. والبخاري (3/140) و (4/116) قال: ثنا أحمد بن المقدام، قال: ثنا فضيل بن سليمان. ومسلم (5/27) قال: ثني محمد بن رافع، وإسحاق بن منصور، قالا: ثنا عبد الرزاق، قال: نا ابن جريج.

كلاهما - ابن جريج، وفضيل - عن موسى بن عقبة، قال: نا نافع، فذكره.

ص: 644

1132 -

(د) محمد بن شهاب الزهري وعبَدُ الله بنُ أبي بكرِ، وبعضُ ولد محمد بن مسلمة رحمهم الله – قالوا: بِقِيَتْ بقيَّةٌ من أهل خيْبَر، فتحصَّنُوا، فسألُوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أنْ يَحْقِنَ دماءهُمْ ويُسَيِّرَهُم، فَفَعَلَ، فَسَمِعَ بذلك أَهلُ فَدَكَ، فنزلُوا على مِثْلِ ذلك، فكانت فَدَكُ لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم خَاصَّة؛ لأنَّهُ لم يُوجَفْ عليها بِخَيْلٍ ولا ركابٍ. أخرجه أبو داود (1) .

(1) رقم (3016) في الخراج والإمارة، باب ما جاء في حكم أرض خيبر، وهو حديث مرسل، وفي سنده الحسين بن علي العجلي، قال الحافظ في " التقريب ": وهو صدوق يخطئ كثيراً، فيه أيضاً عنعنة ابن أبي زائدة وابن إسحاق وكلاهما موصوف بالتدليس، وله شاهد بمعناه عند أبي داود رقم (2971) عن الزهري مرسلاً أيضاً.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

أخرجه أبو داود (3016) حدثنا حسين بن علي العجلي، ثنا يحيى - يعني ابن آدم ثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن الزهري، وعبد الله بن أبي بكر، وبعض ولد محمد بن مسلمة، فذكره.

ص: 646

1133 -

(د) محمد بن شهاب الزهري رحمه الله: أزَّ بعض خيْبَرَ مِمَّا فُتِحَ عَنْوَة، وبعضاً صُلْحاً، والكَتيبَة: أكْثَرُها عَنْوَة، وفيها صُلْحٌ، قيل لمالك: ما الْكَتِيبَةُ؟ قال: أرض خيبر، وهي أربعون ألفَ عَذْقٍ. أخرجه أبو داود (1) .

⦗ص: 647⦘

[شَرْحُ الْغَرِيبِ]

(عنوة) العنوة: أن تؤخذ البلاد من أهلها عن ذل وخضوع، من عنا يعنو: إذا ذل وخضع، ومنه قوله تعالى:{وعَنَتِ الوجُوهُ} [طه: 111] . (عَذق) العذق بفتح العين: النخلة نفسها، وبكسر العين: مجمع الشماريخ التي يكون فيها الرطب مع العُرجون.

(1) رقم (3017) في الخراج والإمارة، باب ما جاء في حكم أرض خيبر من رواية ابن المسيب مرسلاً، وفيه انقطاع.

⦗ص: 647⦘

قال أبو داود: وقرئ على الحارث بن مسكين وأنا شاهد: أخبركم ابن وهب قال: حدثني مالك عن ابن شهاب أن خيبر كان بعضها عنوة، وبعضها سلماً، والكتيبة أكثرها عنوة، وفيها صلح. قلت لمالك: وما الكتيبة؟ قال: أرض خيبر، وهي أربعون ألف عذق.

[تعليق أيمن صالح شعبان - ط دار الكتب العلمية]

مرسل: أخرجه أبو داود (3017) قال: ثنا محمد بن يحيى بن فارس، ثنا عبد الله بن محمد، عن جويرية، عن مالك، عن الزهري، فذكره.

ص: 646