الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة في المجموعة الثالثة من قسم المثاني:
دلّلنا من قبل على أنّ سورة (ص) نهاية مجموعة، وهذا يعني تلقائيا أن سورة الزمر بداية مجموعة، وسنرى بأكثر من دليل أن سورة الشورى بداية مجموعة أخرى، وهذا يقتضي بالضرورة أن تكون سورتا غافر وفصلت تتمة لمجموعة الزمر، خاصة إذا دلّنا على ذلك المعنى، وإذا لم يكن هناك ما يدلّ على أن واحدة منهما خارجة عن ذلك.
وعند ما ندرس السور الثلاث نلاحظ أن كل شئ فيهن يدلّ على أن السور الثلاث تشكّل وحدة متكاملة.
نلاحظ بشكل واضح أن سورة فصّلت تفصّل في محور سورة هود، لاحظ بدايتي السورتين.
بدأت سورة هود بقوله تعالى: الر* كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ* أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنَّنِي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ ....
وبدأت سورة فصّلت بقوله تعالى: حم* تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ* بَشِيراً وَنَذِيراً ....
ومن المعلوم أن سورة هود فصّلت من سورة البقرة قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ ....
ونلاحظ بشكل واضح أن سورة الزّمر تفصّل في محور سورة يونس، لاحظ بدايتي السورتين:
بدأت سورة يونس بقوله تعالى: الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ* أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ قالَ الْكافِرُونَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ مُبِينٌ.
وبدأت سورة الزمر بقوله تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ* إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ وسنرى التشابه الكبير بين مضمونات سورة الزمر وسورة يونس.
وكان محور سورة يونس قوله تعالى في سورة البقرة: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ
ونلاحظ بشكل واضح أن سورة غافر تفصّل في الكلام عن الكافرين، بدليل أنه بعد مقدمة السورة مباشرة يأتي قوله تعالى: ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلادِ.
ونجد في السورة قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ أَتاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ ....
ونجد في خاتمة السورة قوله تعالى: وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ.
ولذلك نقول: إنّ محور سورة المؤمن (غافر) هو قوله تعالى من سورة البقرة:
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ.
وبناء على ما مرّ نقول: إنّ سورتي الزمر والمؤمن تفصّلان في مقدمة سورة البقرة، ثم تأتي سورة فصّلت لتفصل في حيز الآيات الآتية مباشرة بعد مقدمة سورة البقرة يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ
…
وسنرى تفصيل ذلك كله.
وإذن فأنت تلاحظ أن آيات سورة البقرة الأولى تفصّل في قسم المثاني مرات، وفي كل مرة تجد روحا جديدة، وأسلوبا جديدا، وسياقا جديدا، وعرضا جديدا،
ووحدة في كل سورة، ووحدة في كل مجموعة، إن هذا لمظهر من مظاهر الإعجاز في القرآن، أن تجد المعنى الواحد يعرض بالأساليب الكثيرة وفي السور الكثيرة، وفي كل مرة تجد جديدا وتجد تفريعات وتفصيلات لمعان مستكنة.
ولعلّه يتضح لك في عرضنا لمجموعات هذا القسم لم سمّي هذا القسم بالمثاني؟ إذ تجد المعاني تثنى وتكرّر مرّة بعد مرّة، ويلاحظ أيضا أن سورة الزمر يرد فيها قوله تعالى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلى ذِكْرِ اللَّهِ.
ولنبدأ عرض السور الثلاث.