الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من قبل قعيقعان، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال إنما سعى النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت وبالصفا والمروة ليرى المشركون قوته. ورواه في مواضع أخر ومسلم والنسائي من طرق عن سفيان بن عيينة به. وروى أيضا عن إسماعيل بن أبي خالد أنه سمع ابن أبي أوفى يقول: لما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم سترناه من غلمان المشركين ومنهم أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم انفرد به البخاري دون مسلم، وروى البخاري أيضا: عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا فحال كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية، وقاضاهم على أن يعتمر العام المقبل، ولا يحمل سلاحا عليهم إلا سيوفا، ولا يقيم بها إلا ما أحبوا. فاعتمر صلى الله عليه وسلم من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم، فلما أن أقام بها ثلاثا أمروه أن يخرج فخرج
صلى الله عليه وسلم، وهو في صحيح مسلم أيضا. وروى البخاري عن البراء رضي الله عنه قال: اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيموا بها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله، قالوا:
لا نقرّ بهذا ولو نعلم أنك رسول الله ما منعناك شيئا، ولكن اكتب محمد بن عبد الله قال صلى الله عليه وسلم «أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله» ثم قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه «امح رسول الله» قال رضي الله عنه: لا والله لا أمحوك أبدا، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب، فكتب «هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله أن لا يدخل مكة بالسلاح إلا بالسيف في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع من أصحابه أحدا إن أراد أن يقيم بها» فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليّا فقالوا:
قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعته ابنة حمزة رضي الله عنه، تنادي: يا عم يا عم، فتناولها علي رضي الله عنه فأخذ بيدها وقال لفاطمة رضي الله عنها: دونك ابنة عمك فحملتها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر رضي الله عنهم، فقال علي رضي الله عنه: أنا أخذتها وهي ابنة عمي، وقال جعفر رضي الله عنه: ابنة عمي وخالتها تحتي، وقال زيد رضي الله عنه: ابنة أخي فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال: «الخالة بمنزلة الأم» وقال لعلي رضي الله عنه: «أنت مني وأنا منك» وقال لجعفر رضي الله عنه «أشبهت خلقي وخلقي» وقال صلى الله عليه وسلم لزيد رضي الله عنه: «أنت أخونا ومولانا» قال علي رضي الله عنه: ألا تتزوج ابنة حمزة رضي الله عنه؟ قال صلى الله عليه وسلم «إنها ابنة أخي من الرضاعة» تفرد به من هذا الوجه.
9 - [كلام صاحب الظلال بمناسبة آية هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ
.. ]
بمناسبة قوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً قال صاحب الظلال: (فلقد ظهر دين الحق، لا في الجزيرة وحدها، بل ظهر في المعمور من الأرض كلها قبل مضي نصف قرن من الزمان. ظهر في إمبراطورية كسرى كلها، وفي قسم كبير من إمبراطورية قيصر، وظهر في الهند وفي الصين، ثم في جنوب آسيا في الملايو وغيرها، وفي جزر الهند الشرقية (أندونسيا) .. وكان هذا هو معظم المعمور من الأرض في القرن السادس ومنتصف القرن السابع الميلادي. وما يزال دين الحق ظاهرا على الدين كله- حتى بعد انحساره السياسي عن جزء كبير من الأرض التي فتحها، وبخاصة في أوربا وجزر البحر الأبيض. وانحسار قوة أهله في الأرض كلها بالقياس إلى القوى التي ظهرت في الشرق والغرب في هذا الزمان. أجل ما يزال دين الحق ظاهرا على الدين كله، من حيث هو دين. فهو الدين القوي بذاته، القوي بطبيعته، الزاحف بلا سيف ولا مدفع من أهله! لما في طبيعته من استقامة مع الفطرة ومع نواميس الوجود الأصيلة؛ ولما فيه من تلبية بسيطة عميقة لحاجات العقل والروح، وحاجات العمران والتقدم، وحاجات البيئات المتنوعة، من ساكني الأكواخ إلى سكان ناطحات السحاب! وما من صاحب دين غير الإسلام ينظر في الإسلام نظرة مجردة من التعصب والهوى حتى يقر باستقامة هذا الدين وقوته الكامنة، وقدرته على قيادة البشرية قيادة رشيدة، وتلبية حاجاتها النامية المتطورة في يسر واستقامة .. وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً .. فوعد الله قد تحقق في الصور السياسية الظاهرة قبل مضي قرن من الزمان بعد البعثة المحمدية. ووعد الله ما يزال متحققا في الصورة الموضوعية الثابتة؛ وما يزال هذا الدين ظاهرا على الدين كله في حقيقته. بل إنه هو الدين الوحيد الباقي قادرا على العمل والقيادة، وفي جميع الأحوال.
ولعل أهل هذا الدين هم وحدهم الذين لا يدركون هذه الحقيقة اليوم! فغير أهله يدركونها ويخشونها، ويحسبون لها في سياساتهم كل حساب!).
أقول: لقد جاءت نصوص كثيرة تدلّ على انتصار سياسي عالمي للإسلام ستصبح فيه أزمة العالم كله بيد المسلمين، ولقد نقلنا بعض هذه النصوص في تفسير سورة براءة، وهذا الانتصار كائن قبل نزول المسيح عليه السلام بزمن كثير، كما يبدو- والله أعلم- والتحقيق الواسع لهذا الموضوع سيكون في كتابنا (الأساس في السنة وفقهها) وما يجري الآن في العالم يدل على أننا أصبحنا قريبين من مرحلة تشبه مرحلة المدّ الأول، وفي الحديث الشريف «أمتي كالمطر لا يدرى أوله خير أم آخره» .