الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
نلاحظ أن الانتقال من المقطع الثاني إلى الثالث كان في غاية الربط إلى درجة أن أكثر المفسرين اعتبروا أن بداية المقطع الثالث كانت استمرارا لنهاية المقطع الثاني.
4 - [إبراز التشابه بين سورتي يوسف والزخرف]
نلاحظ أن المقطع الأول بدأ بقوله تعالى: وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ثمّ جاءت تتمة المقطع الأول فكانت نموذجا على علو القرآن وحكمته.
ونلاحظ أن المقطع الثاني بدأ بقوله تعالى: وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وكان في المقطع تذكير. فهو نموذج على كون القرآن ذكرا، ونلاحظ أن المقطع الثالث بدأ بقوله تعالى: وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ونلاحظ أن الحديث عن الساعة يستغرق أكثره، ومن ثم يأتي بعد الآيات السابقة مباشرة قوله تعالى: هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ ولو تذكرنا سورة يوسف فإننا نجد أن في خاتمتها هذه الآية أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ مما يشير إلى التشابه بين السورتين ويؤكد على وحدة محوريهما بالتالي، فلنمض في التفسير ..
هَلْ يَنْظُرُونَ أي: هؤلاء المشركون المكذبون للرسل إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً أي: فجأة أي: هل ينظرون إلا إتيان الساعة فجأة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ أي:
وهم غافلون لاشتغالهم بأمور دنياهم قال ابن كثير: أي: فإنها كائنة لا محالة وواقعة، وهؤلاء غافلون عنها غير مستعدين، فإذا جاءت إنما تجئ وهم لا يشعرون بها، فحينئذ يندمون كل الندم حيث لا ينفعهم ولا يدفع عنهم
الْأَخِلَّاءُ أي: الأصحاب والأصدقاء والرفقاء والمتعاشرون يَوْمَئِذٍ أي: يوم القيامة بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ أي: المؤمنين. قال النسفي: أي: تتقطّع في ذلك اليوم كل
خلة بين المتخالّين في غير ذات الله، وتنقلب عداوة ومقتا إلا خلة المتصادقين في الله، فإنها الخلة الباقية
يا عِبادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ هذه الآية حكاية لما ينادى به المتقون المتحابون في الله يومئذ
الَّذِينَ آمَنُوا أي: صدّقوا بِآياتِنا أي: القرآن وَكانُوا مُسْلِمِينَ لله أي: منقادين له.
كلمة في السياق:
في هذه الآيات وما بعدها يعطينا الله صورة عن الساعة، وعما يكون فيها، وصلة
ذلك بسياق المقطع واضحة. فلنر الآن صلة ما مرّ كله وما يمرّ بمحور السورة:
إنّ الربط بين السورة ومحورها- والله أعلم- على الشكل التالي:
وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا من هذا القرآن الذي لا شكّ فيه لأنه مبين وعليّ وحكيم وذكر وعلم للساعة. فإن كنتم في ريب منه بعد هذا كله فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ* وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ .. وهذا السياق يحدّثنا أن المتقين وحدهم هم الذين لا يعادي بعضهم بعضا يوم القيامة. وهم الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وهم الذين آمنوا بالقرآن فلم يرتابوا وكانوا مسلمين أي: منقادين لآياته مستسلمين لله فيها، وها هي ذي سورة الزخرف تبشّرهم، ثمّ تعود للحديث عن عذاب الكافرين.
ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أي: يقال لهم ادخلوا الجنة أَنْتُمْ وَأَزْواجُكُمْ المؤمنات في الدنيا تُحْبَرُونَ أي: تسرون سرورا يظهر حباره، أي: أثره على وجوهكم، هذا تفسير النسفي. وفسّر ابن كثير الأزواج بالنظراء والله أعلم
يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ جمع صحفة. وهي نوع من أنواع أواني الطعام. مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوابٍ من ذهب أيضا والكوب نوع من أنواع آنية الشراب. قال النسفي:
والكوب الكوز لا عروة له. وقال ابن كثير: وهي آنية الشراب أي: من ذهب لا خراطيم لها ولا عرى وَفِيها أي: وفي الجنة ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ قال ابن كثير: أي: طيب الطعم والريح وحسن المنظر، وقال النسفي: وهذا حصر لأنواع النعم؛ لأنها إما مشتهيات في القلوب أو مستلذة في العيون. وَأَنْتُمْ فِيها أي:
في الجنة خالِدُونَ أي: لا تخرجون منها ولا تبغون عنها حولا، تم قيل لهم على وجه التفضل والامتنان
وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ قال ابن كثير:
أي: أعمالكم الصالحة كانت سببا لشمول رحمة الله إياكم، فإنه لا يدخل أحدا عمله الجنة ولكن برحمة الله وفضله، وإنّما الدرجات ينال تفاوتها بحسب الأعمال الصالحات
لَكُمْ فِيها فاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ أي: من جميع الأنواع. مِنْها تَأْكُلُونَ أي: مهما اخترتم وأردتم و (من) في الآية للتبعيض. قال النسفي: (أي: لا تأكلون إلا بعضها وأعقابها باقية في شجرها. فهي مزيّنة بالثمار أبدا .. ) وقال ابن كثير: (ولما ذكر الطعام