الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه قال في قوله عز وجل: وَعَمِلَ صالِحاً يعني: صلاة ركعتين بين الأذان والإقامة. ثم أورد البغوي حديث عبد الله بن المغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بين كل أذانين صلاة- ثم قال في الثالثة- لمن شاء» وقد أخرجه الجماعة في كتبهم من حديث عبد الله بن بريدة عنه، وحديث الثوري المروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال الثوري: لا أراه إلا قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم «الدعاء لا يردّ بين الأذان والإقامة» ورواه أبو داود والترمذي والنسائي في اليوم والليلة كلهم من حديث الثوري به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن، ورواه النسائي أيضا من حديث سليمان التيمي عن قتادة عن أنس به، والصحيح أن الآية عامة في المؤذنين وفي غيرهم، فأما حال نزول هذه الآية فإنه لم يكن الأذان مشروعا بالكلية لأنها مكية، والأذان إنما شرع بالمدينة بعد الهجرة حين أريه عبد الله بن عبد ربه الأنصاري رضي الله عنه في منامه، فقصّه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يلقيه على بلال رضي الله عنه فإنه أندى صوتا كما هو مقرر في موضعه، فالصحيح إذا أنها عامة كما قال عبد الرزاق عن معمر عن الحسن البصري أنه تلا هذه الآية وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صالِحاً وَقالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ فقال: هذا حبيب الله، هذا ولي الله، هذا صفوة الله، هذا خيرة الله، هذا أحب أهل الأرض إلى الله، أجاب الله في دعوته، ودعا الناس إلى ما أجاب الله فيه من دعوته، وعمل صالحا في إجابته، وقال: إنني من المسلمين، هذا خليفة الله).
12 - [كلام ابن كثير عن سعة عفو الله بمناسبة آية إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ]
بمناسبة قوله تعالى إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ قال ابن كثير: (روى ابن أبي حاتم
…
عن سعيد بن المسيّب قال: نزلت هذه الآية إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ أحدا العيش، ولولا وعيده وعقابه لاتّكل كل أحد» ).
13 - [كلام صاحب الظلال حول آية سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ
.. ]
وبمناسبة قوله تعالى: سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ قال صاحب الظلال: (إنه وعد الله لعباده- بني الإنسان- أن يطلعهم على شئ من خفايا هذا الكون، ومن خفايا أنفسهم على السواء. وعدهم أن يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم، حتى يتبيّن لهم أنه الحق. هذا الدين. وهذا الكتاب.
وهذا المنهج. وهذا القول الذي يقوله لهم. ومن أصدق من الله حديثا؟.
ولقد صدقهم الله وعده، فكشف لهم عن آياته في الآفاق خلال القرون الأربعة عشر
التي تلت هذا الوعد، وكشف لهم عن آياته في أنفسهم. وما يزال يكشف لهم في كل يوم عن جديد.
وينظر الإنسان فيرى البشر قد كشفوا كثيرا جدا منذ ذلك الحين. فقد تفتّحت لهم الآفاق. وتفتّحت لهم مغاليق النفوس بالقدر الذي شاءه الله.
لقد عرفوا أشياء كثيرة. لو أدركوا كيف عرفوها وشكروا لكان لهم فيها خير كثير.
عرفوا منذ ذلك الحين أن أرضهم التي كانوا يظنونها مركز الكون .. إن هي إلا ذرة صغيرة تابعة للشمس. وعرفوا أن الشمس كرة صغيرة منها في الكون مئات الملايين.
وعرفوا طبيعة أرضهم وطبيعة شمسهم- وربما طبيعة كونهم، إن صح ما عرفوه!.
وعرفوا الكثير عن مادة هذا الكون الذي يعيشون فيه. إن صح أن هناك مادة.
عرفوا أن أساس بناء هذا الكون هو الذرة. وعرفوا أن الذرة تتحول إلى إشعاع.
وعرفوا إذن أن الكون كله من إشعاع .. في صور شتى: هي التي تجعل منه هذه الأشكال والأحجام!.
وعرفوا الكثير عن كوكبهم الأرضي الصغير. عرفوا أنه كرة أو كالكرة. وعرفوا أنه يدور حول نفسه وحول الشمس. وعرفوا قاراته ومحيطاته وأنهاره. وكشفوا عن شئ من باطنه. وعرفوا الكثير من المخبوء في جوف هذا الكوكب من الأقوات. والمنثور في جوه من هذه الأقوات أيضا!.
وعرفوا وحدة النواميس التي تربط كوكبهم بالكون الكبير، وتصرف هذا الكون الكبير. ومنهم من اهتدى فارتقى من معرفة النواميس إلى معرفة خالق النواميس. ومنهم من انحرف فوقف عند ظاهر العلم لا يتعداه. ولكن البشرية بعد الضلال والشرود من جراء العلم، قد أخذت عن طريق العلم تثوب، وتعرف أنه الحق عن هذا الطريق.
ولم تكن فتوح العلم والمعرفة في أغوار النفس بأقل منها في جسم الكون. فقد عرفوا عن الجسم البشري وتركيبه وخصائصه وأسراره الشئ الكثير. عرفوا عن تكوينه وتركيبه ووظائفه وأمراضه، وغذائه وتمثيله، وعرفوا عن أسرار عمله وحركته، ما يكشف عن خوارق لا يصنعها إلا الله.
وعرفوا عن النفس البشرية شيئا .. إنه لا يبلغ ما عرفوه عن الجسم؛ لأن العناية