الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كلمة في السياق:
عرفنا ممّا مر أن الله وحده هو الوكيل؛ ولأنّه هو الخالق، ولأنّه هو المالك، ولأن الأرضين قبضته يوم القيامة، والسّماوات مطويات بيمينه يوم القيامة، ومن ثمّ فإنّه وحده المستحق للعبادة، والمستحق للشكر، وأنّ من يشرك به خاسر وحابط عمله، وكون الله عز وجل هو الوكيل فإنه سيحاسب من رفض هدايته ورفض كتابه، ومن ثمّ تبدأ المجموعة تعرض لنا مشهدا من مشاهد يوم القيامة، تذكر فيه كيف سيفعل الله عز وجل بالمتقين الذين اهتدوا بكتابه، والكافرين الذين رفضوا كتابه.
وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ أي: مات مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ قال النسفي: (أي: جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، وقيل هم حملة العرش، أو رضوان والحور العين ومالك والزبانية) وسنرى تحقيق هذا الموضوع في الفوائد، وسنرى في سورة المؤمن القادمة تفصيلا آخر ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى أي:
ثم نفخ في الصور نفخة أخرى فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ قال النسفي: (يقلبون أبصارهم في الجهات، نظر المبهوت إذا فاجأه خطب، أو ينظرون أمر الله فيهم، ودلت الآية على أن هناك نفختين: الأولى للموت، والثانية للبعث، والجمهور على أنها ثلاث: الأولى للفزع، كما قال تعالى: يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ والثانية للموت والثالثة للإعادة).
وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها أي: وأضاءت، وهل المراد بالنور العدل، أو المراد نور يخلقه الله عز وجل يوم القيامة، وأضافه إلى ذاته تشريفا لإضاءة الأرض؟، قولان للمفسرين. قال ابن كثير: (أي: أضاءت يوم القيامة إذا تجلّى الحقّ جلّ وعلا للخلائق لفصل القضاء وَوُضِعَ الْكِتابُ أي: كتاب الأعمال وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ ليسألهم ربهم عن تبليغ الرسالة، وما أجابهم قومهم وَالشُّهَداءِ أي: الحفظة من الملائكة وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ أي: بين العباد بِالْحَقِّ أي: بالعدل وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ شيئا
وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ أي: جزاءه وَهُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ من غير كتاب ولا شاهد
وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ زُمَراً أي: أفواجا متفرقة بعضها في أثر بعض
حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها السبعة قال ابن كثير: (أي: بمجرد وصولهم إليها فتحت أبوابها سريعا، لتعجّل لهم العقوبة، وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أي: قال لهم خزنتها من الزبانية الذين هم غلاظ الأخلاق، شداد القوى، على وجه التقريع والتوبيخ والتنكيل أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ أي: من جنسكم تتمكّنون من مخاطبتهم والأخذ عنهم يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ أي: وحيه، ويقيمون عليكم الحجج والبراهين على صحة ما دعوكم إليه وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أي: ويحذرونكم وقت دخولكم النار، قالُوا أي: الكفار
للخزنة بَلى قد جاءونا وتلوا علينا آيات ربنا وَلكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ أي: ولكن وجبت علينا كلمة الله بأن يملأ جهنم، ذكروا عملهم الموجب لكلمة العذاب وهو الكفر والضلال
قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أي: ماكثين فيها لا خروج لكم منها، ولا زوال لكم عنها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ جهنم، أي: فبئس المصير وبئس المقيل لكم، بسبب تكبركم في الدنيا، وإبائكم عن اتّباع الحق، فهو الذي صيّركم إلى ما أنتم فيه، فبئس الحال، وبئس المآل، ومن القائل لهم هذا؟ قال ابن كثير:(لم يسند هذا القول إلى قائل معيّن، بل أطلقه ليدلّ على أنّ الكون شاهد عليهم بأنهم يستحقون ما هم فيه بما حكم العدل الخبير عليهم)
وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً قال النسفي:
المراد سوق مراكبهم، لأنّه لا يذهب بهم إلا راكبين إلى دار الكرامة والرضوان، قال ابن كثير:(وهذا إخبار عن حال السعداء المؤمنين حين يساقون على النجائب وفدا إلى الجنة زُمَراً أي: جماعة بعد جماعة: المقرّبون، ثم الأبرار، ثم الذين يلونهم، كل طائفة مع من يناسبهم: الأنبياء مع الأنبياء، والصديقون مع أشكالهم، والشهداء مع أضرابهم، والعلماء مع أقرانهم، وكل صنف مع صنف، كل زمرة تناسب بعضها بعضا).
حَتَّى إِذا جاؤُها أي: وصلوا إلى أبواب الجنة وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ من دنس المعاصي، وطهّرتم من خبث الخطايا، وقال الزّجاج: أي: كنتم طيبين في الدنيا، ولم تكونوا خبيثين فَادْخُلُوها خالِدِينَ أشعرت الآية أن دخول الجنة مسبّب عن الطيب والطّهارة، لأنّها دار الطيبين، ومثوى الطاهرين، قد طهّرها الله من كل دنس، وطيّبها من كل قذر، فلا يدخلها إلا مناسب لها، موصوف بصفتها
وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ أي: أنجزنا ما وعدنا في الدنيا من نعم العقبى وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ أي: أرض الجنة، وقد أورثوها أي: