الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعالى: وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا ولذلك صلاته بقوله تعالى من مقدمة سورة البقرة هُدىً لِلْمُتَّقِينَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ.
فالصلة واضحة بين المقطع ومحور السورة في سورة البقرة. فهي تفصّل وتوضّح وتشرح ما استكنّ هناك، وكل ذلك ضمن السياق الخاصّ بها ..
قلنا من قبل إن هناك تشابها بين سورة (طه) وسورة (الشورى)، وكان ذلك من العلامات التي دلتنا على محور سورة الشورى، وكتأكيد لهذا نقول: إن من مظاهر التشابه بين السورتين ما ختمت به كل من السورتين، فسورة (طه) ختمت بقوله تعالى فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى وسورة (الشورى) ختمت بقوله تعالى: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ* صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ.
فائدة: [حول الأمور التي تجتمع في المسلم الكامل]
قال تعالى في سورة الروم وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ ومن هنا نفهم أن المسلم الكامل هو الذي اجتمع له علم صحيح وإيمان صادق. وقال تعالى في سورة الشورى: ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ دلّ ذلك على أن معرفة الكتاب، ومعرفة الإيمان، فضل من الله. ومن الجمع بين الآيتين نعلم أن المسلم مطالب بمعرفة الكتاب، وبمعرفة الإيمان، ومطالب بالعلم الواسع، وبالتحقق بالإيمان، وعلى المربين والدعاة أن يلاحظوا ذلك فيعلموا الكتاب، ويعلّموا العلوم التي تخدم فهم الكتاب، ويعلّموا الإيمان ويحققوا به، ففي ذلك صلاح النفس وفلاحها في الدنيا والآخرة.
كلمة أخيرة في سورة الشورى:
رأينا أنّ سورة الشورى تتألف من ثلاثة مقاطع متشابهة البدايات، ولو قلنا إنّ السورة تألفت من مقدمة ومقطع وخاتمة متشابهة البدايات والمعاني لم يكن ذلك بعيدا.
فكل من المقدمة والمقطع والخاتمة تحدّث عن إنزال القرآن، وتحدث عن ملك الله للسماوات والأرض، وفي ذكر هذين المعنيين في المقاطع الثلاثة إشارة إلى ارتباط الوحي
بموضوع الملك، فالمالك الحق يأمر وينهى ويوجّه ويبيّن، فكيف إذا كانت مصلحة خلقه ومصلحة ملكه في ذلك، والله عز وجل منزّه أن يكون له مصلحة أو غرض أو منفعة في خلقه أو في أمره.
ونلاحظ أن المقطع الأول في السورة بدئ بقوله تعالى: حم عسق* كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وأن المقطعين الآخرين بدئا بقوله تعالى: وَكَذلِكَ* مما يشير إلى أن بدايتي المقطعين الآخرين معطوفتان على بداية المقطع الأول، وذلك مظهر من مظاهر وحدة السورة.
وفي هذه الكلمة الأخيرة عن السورة نحبّ أن نذكّر ببعض معانيها:
1 -
إن من حكم إنزال القرآن الكبرى الإنذار بيوم القيامة وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ ومن ثم فعلينا أن نلاحظ هذا المعنى في التعليم والوعظ والتربية؛ لأن القرآن ذكره وكأنه الحكمة الوحيدة. أقول هذا لأن الإنذار باليوم الآخر يكاد يكون معدوما في تعليم العلماء وخطب الخطباء، على حساب مواضيع أخرى لا ننكر أهميتها، ولكن يجب أن نعطي كل قضية حجمها.
2 -
إن إقامة الإسلام وعدم التفرق فيه هو القاسم المشترك بين رسالات الله عز وجل، ومن ثم فهو أهم شئ في هذا الدين، فإقامة الإسلام والتجمع عليه ينبغي أن يكون شغلنا الشاغل، والتعاون على تحقيق معنى إسلامي واجب وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ.
3 -
إنّه لا حقّ ولا عدل ولا حياة إلا بهذا الإسلام. فالإسلام وكتابه القرآن هو الصيغة الوحيدة للحق وللعدل، وبه وحده تكون حياة الإنسان الحقيقية.
4 -
إنّ الإيمان والكتاب هما اللذان عليهما مدار السير، وحول ذلك وفي ذلك ينبغي أن تبذل الجهود.
5 -
الخصائص المذكورة في السورة للجماعة المسلمة يجب أن نعطيها صيغتها العملية في حياتنا، لأنه لا جماعة للمسلمين بدونها، ولا إقامة للإسلام بدونها. هذه معان في السورة علينا أن ننتبه إليها انتباها كبيرا لتأثير ذلك على الفهم العام للمسلم، وعلى سلوكه وعلى تصوراته.
ونظن أن التصور العام عن السورة في سياقها الخاص والعام، وفي صلتها بمحورها وكيفية تفصيلها لهذا المحور كل ذلك أصبح واضحا. فلننتقل إلى سورة الزخرف والله المستعان وعليه الاتكال.
***