الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أكرمك؟ ألم أسخّر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع؟ فيقول: بلى يا رب، فيقول: أفظننت أنك ملاقيّ؟ فيقول: لا فيقول الله تعالى: فاليوم أنساك كما نسيتني»).
9 - [كلام ابن كثير حول آية وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
.. ]
بمناسبة قوله تعالى: وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ .. قال ابن كثير: (وقد ورد في الحديث الصحيح: «يقول الله تعالى: العظمة إزاري، والكبرياء ردائي فمن نازعني واحدا منهما أسكنته ناري» رواه مسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه).
كلمة أخيرة في سورة الجاثية:
1 -
فصّلت السورة في الآيات السبع الأولى من سورة البقرة، أي: في موضوع المتقين والكافرين، فعرفنا كثيرا مما أجمل في أول سورة البقرة، وعرفنا كثيرا عن بعض الأمور التي ذكرت هناك بشكل تقريري.
2 -
عرفنا بشكل دقيق أن ما سوى شريعة الله هو الهوى. جاء ذلك بعد ذكر اختلاف بني إسرائيل من بعد ما جاءهم العلم. مما يشير إلى أن كل خلاف في هذه الأمة سببه البغى، وسببه اتباع الهوى، وأن الحكم العدل هو في شريعة الله عز وجل، وفي ذلك درس كبير لمسلمي عصرنا الذين اختلفوا كثيرا وأهملوا كثيرا.
3 -
عرفنا من السورة أن من خصائص هذا القرآن أنه بصائر للناس، أي: أنه عيون لقلوبهم يرون بها الأشياء على حقائقها، وبأحجامها، وفي ذلك درس كبير للمسلم ألّا يرى شيئا في هذا الوجود إلا بعين القرآن، وإن الذي لا يرى الناس والأشياء والأمور وكل شئ بهذه العين أعمى. إن كثيرين من الناس لا يرون الأمور السياسية بهذه العين، وإن كثيرين لا يرون الأمور الاقتصادية بهذه العين، وإن كثيرين لا يرون الأمور الاجتماعية بهذه العين، هؤلاء كلهم عميان على الحقيقة، إن المسلم الحق هو الذي يرى الأشياء كلها بنور القرآن.
4 -
رأينا أن محور السورة هو الآيات السبع من أول سورة البقرة، وقد رأينا أن التفصيل انصب على قضية الاهتداء بالقرآن والكفر به، أكثر مما انصب على أي شئ آخر. ومن ثم فإن السورة بدأت بقوله تعالى: تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ
الْحَكِيمِ ثم ختمت المجموعة الأولى منها بقوله تعالى: هذا هُدىً وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ ثم ختمت المجموعة الثانية بقوله تعالى: هذا بَصائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ورأينا في المجموعة الأولى: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ* يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ* وَإِذا عَلِمَ مِنْ آياتِنا شَيْئاً اتَّخَذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ ورأينا في المقطع الثاني: وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ ورأينا كذلك في المقطع الثاني ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللَّهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا
…
5 -
مع أن السورة فصّلت في محورها كما رأينا، إلا أن سياقها الخاص ووحدتها كانا على غاية من التسلسل والوحدة، فبعد أن أوصلتنا المجموعة الأولى إلى حقيقة من خصائص القرآن، ثم أوصلتنا المجموعة الثانية إلى خصائص أخرى، وعرفتنا المجموعتان على المواقف الكافرة من هذا القرآن، انصبّ الكلام في المقطع الثاني على بيان عدم المساواة بين أهل الإيمان وأهل الكفر، وهكذا أدّت السورة دورها في السياق العام للقرآن الكريم، كما أدّت دورها في محلّها من مجموعتها وكلّ ذلك ضمن سياقها الخاص بها.
***