الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملتبس، قال ابن كثير:(أي وهذا حال كل من خرج عن الحق مهما قال بعد ذلك فهو باطل) أقول: وقد دلّت الآية على أن الله عز وجل يعاقب المكذبين بالحق بجعلهم في اضطراب يشمل المواقف والآراء والفرد والجماعة، فهو عقاب تلقائي آني دنيوي ينزل بالمكذبين بالحق.
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها قال ابن كثير: يقول تعالى منبها على قدرته العظيمة التي أظهر بها ما هو أعظم مما تعجبوا مستبعدين لوقوعه:
أَفَلَمْ يَنْظُرُوا
…
وقال النسفي: (دلّهم على قدرته على البعث فقال أَفَلَمْ يَنْظُرُوا حين كفروا بالبعث إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ إلى آثار قدرة الله تعالى في خلق العالم كَيْفَ بَنَيْناها رفعناها بغير عمد وَزَيَّنَّاها بالنيّرات وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ من فتوق وشقوق أي: إنها سليمة من العيوب لا فتق فيها ولا صدع ولا خلل).
ثم قال تعالى وَالْأَرْضَ مَدَدْناها قال ابن كثير: وسّعناها وفرشناها وقال النسفي: أي دحوناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ قال ابن كثير: (وهي الجبال لئلا تميد وتضطرب) وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ أي: صنف بَهِيجٍ أي: حسن المنظر يبتهج به لحسنه، أي من جميع الزروع والثمار والنبات والأنواع
تَبْصِرَةً وَذِكْرى أي: لتبصروا به وتتذكروا لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ أي: راجع إلى ربه متفكّر في بدائع خلقه، قال ابن كثير: أي ومشاهدة خلق السموات والأرض، وما جعل الله فيهما من الآيات العظيمة تبصرة ودلالة وذكرى لكل عبد منيب، أي: خاضع خائف وجل رجّاع إلى الله عز وجل.
كلمة في السياق:
رأينا من كلام النسفي ومن كلام ابن كثير أن هذه الفقرة لفتت النظر إلى قدرة الله، لتدلل من خلال ذلك على أن استبعاد البعث من قبل الكافرين في غير محله، فإن الله عز وجل الذي هذه آثار قدرته لا يعجزه ما استبعد الكافرون وقوعه وهو البعث، وقد بيّنت الآيات أن هذه المظاهر إنما تبصّر وتذكّر من اجتمع له صفتان:
العبودية لله، والإنابة إلى الله، فهؤلاء هم الذين يرون في ذلك ما يستدلون به استدلالا صحيحا على ما بعث به الرسل من حق، وعلى ما أنذروا به من حساب.
وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ أي: من السحاب ماءً مُبارَكاً قال ابن كثير: أي نافعا، وقال النسفي: أي كثير المنافع فَأَنْبَتْنا بِهِ أي: بهذا المطر جَنَّاتٍ أي:
حدائق من بساتين ونحوها وَحَبَّ الْحَصِيدِ قال ابن كثير: وهو الزروع الذي يراد لحبه وادّخاره، قال النسفي: أي وحبّ الزرع ممّا شأنه أن يحصد كالحنطة والشعير وغيرهما
وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ أي: طوالا شاهقات لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ أي: منضود أي بعضه فوق بعض لكثرة الطلع وتراكمه، أو لكثرة ما فيه من الثمر، والطلع: هو كل ما يطلع من ثمر النخيل
رِزْقاً لِلْعِبادِ أي: للخلق أي أنبتنا هذا كله بالمطر رزقا للعباد وَأَحْيَيْنا بِهِ أي: بذلك الماء بَلْدَةً مَيْتاً أي: قد جف نباتها كَذلِكَ الْخُرُوجُ أي: كما حييت هذه البلدة الميتة كذلك تخرجون أحياء بعد موتكم، لأن إحياء الأموات كإحياء الموات، قال ابن كثير:(هذا مثال البعث بعد الموت والهلاك كذلك يحيي الله الموتى، وهذا شاهد من عظيم قدرته بالحس أعظم مما أنكره الجاحدون للبعث).
أكملت هذه الآيات إقامة الحجة، إذ عرضت نماذج على قدرة الله، ثمّ صبّ ذلك كله في التدليل على البعث، ثمّ عاد السياق عن التكذيب: فلقد ذكرت السورة من قبل: بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ وها هي ذي السّورة تحدّثنا عن أن تكذيبهم ليس بدعا
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ أي: قبل الكافرين المكذّبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم محمد قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ قال النسفي: (هو بئر لم تطو، وهم قوم باليمامة
…
) أي بنجد وفي القصيم من نجد بلدة اسمها الرس فقد تكون هي وَثَمُودُ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وقومه وَإِخْوانُ لُوطٍ وهم أمته الذين بعث إليهم من أهل سدوم ومعاملتها من الغور، وكيف خسف الله تعالى بهم الأرض، وأحال أرضهم بحيرة منتنة خبيثة بكفرهم وطغيانهم، ومخالفتهم الحق
وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ قال ابن كثير: وهم قوم شعيب عليه الصلاة والسلام وَقَوْمُ تُبَّعٍ قال النسفي: هو ملك باليمن أسلم ودعا قومه إلى الإسلام فكذبوه، وسمي به لكثرة تبعه قال ابن كثير: وهو اليماني وقد ذكرنا من شأنه في سورة الدخان ما أغنى من إعادته هاهنا ولله الحمد والشكر كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ قال ابن كثير: أي كل من هذه الأمم وهؤلاء القرون كذّبوا رسولهم، ومن كذّب رسولا فكأنما كذّب جميع الرسل فَحَقَّ وَعِيدِ أي: وجب وحلّ وعيدي. وهذا فيه تسلية